حقوق الإدارة في عقد الشغل الإداري
تعتبر الوكالة الوطنية للتأمين الصحي مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي، و شأنها باقي مؤسسات الدولة، فهي تتكون من جهاز إداري يتكون من مجلس إداري بصفته الجهاز التقريري
المطلب الثاني: حقوق الإدارة في مواجهة المتعاقد.
تستمد الإدارة سلطتها من من إمتيازات السلطة العامة المخولة لها، بالإضافة إلى أنها تمثل المصلحة العامة و تتعاقد بهذه الصفة، و بهذا فإن الإدارة تتمتع بسلطات و حقوقف أثناء تعاقدها، الهدف من ورائها فرض سلطتها و تحقيق المصلحة العامة، تظهر هذه الحقوق في حق الإدارة في توجيه العقد (الفقرة الأولى)، و حق الإدراة بتعديل و الإنهاء العقد (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: حق الإدارة توجيه العقد - الرقابة
للإدارة الحق و السلطة في توجيه العقد و ممارسة الرقابة عليه لضمان حسن تنفيذه كونه عقد يمثل المصلحة العامة، و تظهر سلطة الإدارة في الرقابة على العقد، في توجيهها لأوامر تتعلق بتنفيذ العقد[1]، غير أن الإدارة لا تمارس حقها هذا بصفة مطلقة، لكن لذلك في حدود يدخل في إطارها:
- وجوب تقيد الإدارة بمبدأ المشروعية أثناء تنفيذها للعقد.
- وجوب التقيد بهدف تحقيق المصلحة و ممارسة سلطتها فيما يدخل في اختصاصاها.
- وجوب التقيد بموضوع العقد.
و تتجلى سلطة الإشراف و التوجيه التي تمارسها الإدارة على عقد الشغل من خلال الحرص و الوقوف على مدى تنفيذ العقد من المتعاقد الآخر، و توجيهه أثناء تسييره ضمانا لتنفيذه على أحسن وجه، و من الأمثلة على سلطة الإشراف و التوجيه هاته، ممارسة مدير المؤسسة سلطة التوجيه على الاستاذ المتعاقد بصفته المسؤول على الاستاذ، و ممثل الإدارة في هذا الخصوص[2].
و بالتالي فإن سلطة الإدارة في توجيه العقد تظهر في معنيين:
الأول: يمكن أخذ الحق في التوجيه من معناه الضيق، حيث أن الإدارة تشرف على تنفيذ العقد عبر التأكد بأن العقد ينفذ طبقا لما تقتضيه بنود العقد و تصور الإدارة، وتكون الرقابة في هذا النطاق، عبر أعمال مادية تقوم بها الإدارة كدخول أماكن تنفيذ العمل و إجراء المراقبة على المواد المستعملة مثلا و جودتها، أو عندما تكون سلطة التوجيه التي تمارسها الإدارة عبارة عن أعمال قانونية تتجلى في توجيهات و أوامر تنفيذية يجب على المتعاقد تنفيذها.
ثانيا: يمكن اعتبار سلطة التوجيه بالمعنى الواسع عندما يكون للإدارة الحق في التدخل لتعديل العقد، و بهذا فإنها توجهه حسب ما تراه مناسبا عبر تعديل العقد أو تعديل أوضاع تنفيذ الإلتزامات، كما سنرى في الفقرة الثانية.
الفقرة الثانية: حقوق الإدارة في تعديل و إنها العقد
الأصل في العقود أنه لا يمكن إنهاؤها أو تعديلها إلى بإرادة الأطراف حسب ما نصت عليه الفصل 230 من ق.ل.ع التي تنص على مبدأ القوة الملزمة للعقد، و على عدم إمكانية إلغاء العقد إلا باتفاق المتعاقدين[3]، و نفس الأمر يمتد إلى عقود الشغل، فالأطراف في الغالب يكونوا على نفس المستوى فيما يخص تعديل العقد أو إنهاؤه، لكن في بعض الحالات يمكن أن يكون الطرف المتعاقد يتميز بخصوصيات تخول له سلطات خاصة في العقد بعيدا عن ما ينص عليه القانون المدني.
من هذه العقود عقود الشغل التي يكون أحد طرفيها هي الإدارة، فيمكن لهذه الأخيرة التدخل لإنهاء العقد أو تعديله بصفة منفردة، لكن بشرط أن يكون هذا التعديل أو الإنهاء مدفوع بالمصلحة العامة التي تهدف الإدارة لتحقيقها، كما أن هذه السلطة لا يمكن ممارستها بشكل مطلق، لكن طبقا لقواعد و شروط يجب على الإدارة احترامها، و إلا حق للطرف الآخر المطالبة بفسخ العقد[4].
فيما يخص التعديل، فقد نصت المادة 14 من القرار الوزاري[5] 1761.17 التي تنص على أنه 'يمكن مراجعة هذا العقد بموجب ملحق بعقد التشغيل'، بالإضافة إلى أن المادة 15 من نفس القرار تنص على أنه 'إذا دعت الضرورة إلى تجديد العقد، تقوم الإدراة بإخطار الخبير شهرا على الأقل قبل تاريخ نهاية سريان العقد، برغبتها بتجديد العقد، و يتوفر الخبيرعلى ثمانية أيام لإخبار الإدارة بقراره'.
وبالتالي حسب المثال المذكور أعلاه، و الذي يمثل أحد الأمثلة على عقود الشغل الإدارية المنظمة من طرف القانون، و المتعلق بعقود تشغيل الخبراء، يتضح على أن الإدارة تفرض ببند صريح في العقد بحقها في تعديل العقد، كما أعطت للطرف الآخر الحق في شهر كأجل لقبول أو رفض القرار بإرادة الإدارة بعديل العقد، فإن كان للإدراة الحق في تعديل العقد بإرادة منفردة، ففي حالة الخبير له الحق بالقبول أو الرفض[6]، و هذا ما يمكن أن يخلق نوع من التوازن العقدي في العقود الإدارية التي غالبا ما تطغى فيها سلطة الإدارة، بالإضافة إلى أنه تكريس لمبدأ سلطان إرادة الأطراف في إنشاء العقد و تعديله.
أما فيما يخص سلطة الإدرة و حقها في إنها العقد، فإنه يدخل في حرص الإدارة على تضمين العقد بمقتضيات و بنود من شأنها أن تشكل نوع من الرقابة على الطرف الآخر في تنفيذ العقد، و ذلك لارتباط هقد الشغل الإداري بالمصلحة العامة[7]، كمثال على هذه السلطة، ما نصت عليه المادة 11 من القرار الوزاري المتعلق بعقود تشغيل الخبراء و الأعوان بالإدارات العمومية الذي نص 'يحق لرئيس الإدارة إنهاء عقد التشغيل خلال سريانه، بعد إخطار الخبير، كتابة، بقرار فسخ العقد شهرا على لأقل قبل التاريخ المقرر لإنهاء العقد'، و قد حدد القرار المذكور كيفية للتعويض في هذه الحالة، كما يمكن للإدارة إنهاء عقد الشغل الإداري في هذه الحالة و دون إخطار و لا تعويض، وذلك في حالات معينة حددتها نفس المادة كحالة الخطأ الجسيم أو الإخلال بالإلتزامات المهنية مثلا.
فالملاحظ أنه للدور الذي يلعبه عقد الشغل الإداري بصفته يمثل المصلحة العامة، أحاطته الإدارة بمجموعة من الضمانات التي أعطت لها بعض الحقوق و السلطات التي ستستعملها في ضمان تنفيذ العقد.
[1] أيوب سلاوني و آخرون، العقود الإدارية بالمغرب، عرض بماستر القانون العام الداخلي والتحولات المؤسساتية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية، فاس، 2018/2019، ص 16.
[2] حسناء أيت علي و آخرون، إبرام عقد الغل الإداري بين حقوق الأفراد و سلطة الإدارة، عرض بماستر القانون الإجتماعي المعمق، جامعة ابن زهر، كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية بأكادير، 2021، ص 12.
[3] محمد الشرقاني، النظرية العامة للإلتزامات – العقد، المطبعة و الوراقة الوطنية، الطبعة الأولى سحب جديد، 2010-2011، ص 43.
[4] أيوب سلاوني و آخرون، م.س، ص 16.
[5] قرار مشترك لوزير الإقتصاد و المالية و الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإصلاح الإدارة و بالوظيفة العمومية رقم 1761.17 الصادر في 15 شوال 1438 (10 يوليو 2017) بتحديد نموذج عقد تشغيل الخبراء و الأعوان بالإدارات العمومية.
[6] حسناء أيت علي و آخرون، م.س، ص 12.
[7] نفس المرجع السابق