الاعتقال الاحتياطي في المغرب: أزمة قانون أم أزمة ممارسة؟

ما من شك في كون التدابير الماسة بالحقوق والحريات تعد الإجراءات الأكثر أهمية خلال مرحلة ما قبل المحاكمة. ولا يمكن الحديث عن الإجراءات الأخيرة دون استحضار الاعتقال الاحتياطي باعتباره التدبير الأشد مساسا بالحرية. فمنذ أخذ هذا الأخير وصف العقوبة، غذا اللجوء لاعتقال متهم - مفترض فيه البراءة في غياب حكم قضائي نهائي - امرا محفوفا بالمخاطر، بل أضحى ينظر إليه باعتباره تناقض قضائي فهو عقوبة سابقة لأوانها لأن الأصل براءة المتهم إلى حين ثبوت إدانته 2

الاعتقال الاحتياطي في المغرب: أزمة قانون أم أزمة ممارسة؟

رابط التحميل اسفل التقديم

_______________________

المقدمة

ما من شك في كون التدابير الماسة بالحقوق والحريات تعد الإجراءات الأكثر أهمية خلال مرحلة ما قبل المحاكمة. ولا يمكن الحديث عن الإجراءات الأخيرة دون استحضار الاعتقال الاحتياطي باعتباره التدبير الأشد مساسا بالحرية. فمنذ أخذ هذا الأخير وصف العقوبة، غذا اللجوء لاعتقال متهم - مفترض فيه البراءة في غياب حكم قضائي نهائي - امرا محفوفا بالمخاطر، بل أضحى ينظر إليه باعتباره تناقض قضائي فهو عقوبة سابقة لأوانها لأن الأصل براءة المتهم إلى حين ثبوت إدانته 2

تاريخيا، عرف القانون الروماني مؤسسة الحبس الاحتياطي، حيث كان يطبق في حالتين (1) اعتراف المتهم بقيامه بالجريمة (2) ضبطه متلبسا بها . 3 كما اعتبر فقهاء الشريعة الإسلامية الحبس مباحا ومشروعا ضد كل من وجد في حالة

اتهام، تحقيقا للصالح العام، وحرصا على النظام 4

من الناحية المفاهيمية، يمكن تعريف الاعتقال الاحتياطي باعتباره حرمان للمتهم من حريته عن طريق وضعه في السجن، وذلك لمدة قد تطول أو تقصر - في حدود القانون - خلال الفترة الواقعة بين افتتاح التحقيق الإعدادي وصدور حكم نهائي في حقه 5 بالنسبة لجيري، الاعتقال الاحتياطي تدبير يسمح به بصفة استثنائية، من قبل واحد أو أكثر من قضاة الحكم، يسمح باعتقال شخص مفترض فيه البراءة إلى حين إدانته بشكل نهائي، في الحالات ووفقا للشروط المقررة قانونا .

فالأمر يتعلق إذا باعتقال كما يوصف "احتياطي" يتم تطبيقه كتدبير وقائي في انتظار القرار النهائي في الموضوع، وهو ما يميزه عن باقي العقوبات . 7 هذا، ولم تعرف الإجراءات المنظمة للاعتقال الاحتياطي الاستقرار والثبات بالمطلق منذ نشونه في ظل قانون

التحقيق الجنائي الفرنسي لسنة 1808 على الصعيد الوطني، اقتبس المشرع المغربي إجراءات الاعتقال الاحتياطي من نظيره الفرنسي. ونحت كل التعديلات المدخلة على قانون المسطرة الجنائية ق م ج بعده منذ الاستقلال نحو تحقيق هدف

واحد متمثل في التقليل من مدة وعدد الاعتقال الاحتياطي.

أهمية البحث

استنادا لما مسبق، يتضح أن الاعتقال الاحتياطي يبقى الإجراء الأهم والأكثر حساسية، لما يمثله من تعارض مع قرينة البراءة وحقوق الدفاع . فبينما يتم الإقرار بحماية قرينة البراءة يتم بالمقابل جمع - في نفس المكان ونفس الشروط المادية - أشخاص متهمين لم يتم الحكم عليهم بعد وآخرين مدانين. لذلك، كان تنظيم الاعتقال الاحتياطي ولا زال يطرح إشكالا معقدا مرتبطا بمحاولة خلق التوازن بين المصالح المتعارضة للأطراف، وتوفير الحماية للمصلحة العامة للمجتمع

ومصلحة الفرد الخاصة في الحرية، كل ذلك مع تحديد الحقوق الواجب احترامها، وحدود اللجوء للإجراء الأخير .

مشكلة البحث:

تعد التدابير الماسة بالحرية الوسائل الأبرز التي ترتكز عليها الأجهزة المسطرية في أبحاثها وتحقيقاتها، وهو ما

يجعلها تطرح العديد من الإشكالات والتحديات. فبالرغم من اللجوء المفرط للاعتقال الاحتياطي منذ القدم، وتصاعد الدعوات

المطالبة بعقلنة هذه الممارسة لما لها من انعكاسات سلبية على جميع المستويات، إلا أن الإجراءات المنظمة للتدبير الأخير كانت دائما الأقل حظا من ناحية التعديلات المدخلة على ق م ج، ليظل نظام الاعتقال الاحتياطي مراوحا مكانه، مثقلا

بالأعطاب والنقائص، بالرغم من التنصيص على قرينة البراءة لا على مستوى ق م ج أو على مستوى الدستور. فما هي الأسباب الكامنة وراء اللجوء المفرط من قبل السلطات القضائية لتدبير الاعتقال الاحتياطي بالرغم من الدعوات المطالبة

بعقلنته وترشيده؟

منهج البحث

من أجل مقاربة الإشكالات المثارة، تم الاعتماد على المنهجين التحليلي والمقارن من خلال تحليل نصوص قانون

المسطرة الجنائية المغربية المنظمة للاعتقال الاحتياطي وكذا تشريعات العديد من الدول، وتتبع الإشكالات التي تطرحها ومحاولة مقارنة منسوب الاعتقال في المغرب مع العديد من دول العالم والبحث عن أسباب ومبررات اللجوء للتدبير الأخير

بشكل كبير.

خطة البحث:

إن مقاربة موضوع من طينة تدبير الاعتقال الاحتياطي يفتح المجال للبحث في مدى تحقيق التنظيم المسطري الخاص

به للتوازن بين المصالح المتعارضة الأطراف المحاكمة، وتتبع الأسباب التي تقف وراء اللجوء المفرط له من قبل الأجهزة

المسطرية المختصة، ومن ثم التفكير في الحلول الممكنة لتحقيق تناسب بين اللجوء لتدبير الاعتقال وحقوق المتهمين، كل

ذلك بالاستناد للمنهجين التحليلي والمقارن صحيح، أن قرار الاعتقال تتحكم فيه العديد من المحددات الخفية والظاهرة المرتبطة بالمحيط المهني للقاضي متخذ القرار، وبشكل عام محيطه السياسي والاجتماعي، لكن وبالأخص الإطار القانوني

المنظم لتدبير الاعتقال الاحتياطي وهو ما سيشكل موضوع هذه المقالة.

المبحث الأول: التنظيم القانوني للاعتقال الاحتياطي في التشريع الجنائي المغربي المطلب الأول: شروط إعمال تدبير الاعتقال الاحتياطي

_____________

رابط التحميل

https://drive.google.com/file/d/1UihIw_D_CyzP3uLRDilgZC0oC1UWWiPC/view?usp=drivesdk

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0