رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام تحت عنوان : الإثبات في الدعوى الإدارية على ضوء القانون والممارسة القضائية

القانون الإداري كما هو معلوم ، من صنع القضاء : فقها ، استبصاراً واستشعاراً يحاجيات المرفق العمومي وملاءمة العلاقة الدقيقة بين الإدارة والأفراد، مما أضفى عليه صفة الأصالة والاستقلال عن باقي فروع القوانين الأخرى. ولا يعني هذا طبعاً، أن القضاء لا يستعين بأحكام القانون المدني ويستبعدها بصورة كاملة، بل فقد لجأ إليها في غير قليل من المناسبات، وهو في ذلك يتمتع بحرية كاملة في الأخذيها أو استبعادها ، دون

رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام تحت عنوان :  الإثبات في الدعوى الإدارية على ضوء القانون والممارسة القضائية

رابط التحميل اسفل التقديم

______________________

مقدمة

القانون الإداري كما هو معلوم ، من صنع القضاء : فقها ، استبصاراً واستشعاراً يحاجيات المرفق العمومي وملاءمة العلاقة الدقيقة بين الإدارة والأفراد، مما أضفى عليه صفة الأصالة والاستقلال عن باقي فروع القوانين الأخرى. ولا يعني هذا طبعاً، أن القضاء لا يستعين بأحكام القانون المدني ويستبعدها بصورة كاملة، بل فقد لجأ إليها في غير قليل من المناسبات، وهو في ذلك يتمتع بحرية كاملة في الأخذيها أو استبعادها ، دون

أن تؤثر في ذاتية القواعد الإدارية ومبادئها .

والقضاء الإداري عموماً، يتميز عن نظيره المدني في كثير من نقاط الانفصال؛ كونه لا يعتبر مجرد قضاء تطبيقي للنصوص القانونية، بل فهو في الغالب الأعم ، قضاء إنشائي، وبهذا أمرسى القواعد النظام قائم بذاته ينبثق عن مروابط القانون العام ، وأسس لكتلة من النظريات ترمي في مُعظَمُ طُروحاتها إلى تحقيق التوازن

بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة للأفراد .

على إثر ذلك : تجد نظرية الإثبات في الدعاوى الإدارية، باعتبارها أكثر النظريات تطبيقاً في المجال العملي، تكتسي أهمية بالغة على مستوى العلاقات القانونية، لأن الحق يكون عديم الأثر إذا عجز صاحبه عن إثباته وفقاً للقاعدة الفقهية القائلة: "الإثبات قدية الحق" ، هكذا ؛ يكون الحق المعدوم والحق الذي لا دليل عليه، متماثلان في ميزان تقدير الحقوق، وتزداد أهمية الإثبات في الدعاوى الإدارية خطورة في ظل غياب نصوص قانونية تؤطر موضوعاته ومساطره بالشكل الذي يتناسب وخصوصيات المنازعة الإدارية القائمة بين طرفين غير متكافتين وأسباب ووقائع موضوعية ترتبط بالصالح العام .

1

فالإنبات؛ هو معيار تمييز الحق عن الباطل، والحاجز أمام الأقاويل الكاذبة والدعاوى الباطلة، لذلك لا يقبل الادعاء بدون دليل، وإلا تطاول الناس على أعراض بعضهم البعض، واعتدوا على الأنفس والأموال، وفقاً لقوله الباري تعالى : ( ولا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِمَا إِلى الحَكَامِ لَتَأْكُلُوا فَرِيقاً

من أموال الناس بالإسم وانتُمْ تَعْلَمُونَ ) ..

ويفيد الإثبات لغة الاستقرار والسكون والرسوخ، وضده التحول والتبدل والتغير، ويُقال : أثبت حُجتَهُ بمعنى أقامها وأوضحها، ويقصد بالإنبات في القانون؛ إقامة الدليل أمام القضاء على وجود حق متنازع في أمره 3 وذلك هو التعريف السائد للإثبات القضائي تمييزاً له عن الإثبات العلمي أو التاريخي.

وبما أن لكل بحث جدواه وعنايته، يبقى موضوع الإثبات في الدعوى الإدارية على ضوء القانون والممارسة

القضائية، فرصة لدراسة مناهج عمل القاضي الإداري الخاصة بالتحقيق في الدعاوى وتجهيزها ، واقتفاء

المناسبات القضائية التي تعتمد فيها القواعد المدنية المرتبطة بالإثبات وما تثيره من إشكالات على المستوى

العملي، وقياس مدى تأثيرها على استقلال الدعوى الإدارية .

لكل هذه القيمة العلمية التي يكتسيها الموضوع، حاولنا تحديد منطلق منهجي تتفكيك مضامينه وسبر أغواره، يتمثل أساساً في الإشكالية التالية : إلى أي مدى استطاع القاضي الإداري تطويع القواعد العامة للإثبات

بما يتلاءم وخصوصيات الدعوى الإدارية ؟ .

وعليه، تطفو عن إشكالية الموضوع أعلاه، مجموعة من الأسئلة الفرعية الهادفة إلى تفريعها قصد تبسيطها وتيسير تحليلها ، فما هي المذاهب العامة في الإثبات ؟ وأين تبريز خصوصيات الإنبات في القضاء الإداري ؟

وأين تتجلى القيود والعوامل المؤثرة في حرية الإثبات الإداري ؟ وما هي الوسائل الأساسية للقاضي الإداري

في الإثبات ؟ وكيف يوظف الإجراءات المساعدة له في الإثبات ؟ .

وإذا كان المنهج بمثابة ذلك الخيط الناظم لمناقشة الأفكار وربطها بشكل منسجم ، فقد اعتمدنا في دراسة هذا الموضوع على المنهج الاستقرائي القائم على الاستدلال التصاعدي، أي الانطلاق من الجزر إلى الكل في دراسة الموضوعات، فطبيعة الإشكالية تحتم علينا رصد جزئياتها وتحليلها تحليلا دقيقاً حتى يتسنى لنا اصطفاء معالمها الكبرى، كما استندنا أيضاً على المنهج الاستنباطي، عايتنا في ذلك، استنتاج المواقف القضائية المتعلقة بالإنبات، واستخلاص القواعد التي أسستها في هذا المجال، وبما أن النظرة الأحادية قاصرة في فهم الأحداث، حاولنا تطعيم الموضوع بالتجارب المقارنة.

لهذا؛ فإن الضرورة المنهجية، تقتضي منا وضع تصميم متماسك و متراص للموضوع، يسمح بالمعالجة الشاملة للإشكالية، وتناول مختلف عناصرها في إطار من التوازن والتكامل ، لذلك، ارتأينا تقسيم الموضوع

إلى فصلين أساسيين على النحو التالي :

الفصل الأول: الضوابط العامة للإثبات الإداري.

الفصل الثاني: وسائل وإجراءات الإثبات أمام القاضي الإداري.

___________________

رابط التحميل

What's Your Reaction?

like
4
dislike
0
love
1
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0