الإجراءات الإدارية والشكلية لعقد الزواج وتوثيقه في القانون المغربي

مجموعة مواضيع في قانون الأسرة للإستعانة بها في البجوث التحضير للمباريات القانونية

الإجراءات الإدارية والشكلية لعقد الزواج وتوثيقه في القانون المغربي

تتنوع هذه الإجراءات إلى إدارية وهي ما يختص بإعداد الوثائق المنصوصة ، وأخرى شكلية وهي المتعلقة بالشروط المطلوبة في عقد الزواج .

I - الإجراءات الإدارية لعقد الزواج في القانون المغربي :

أو الوثائق المنصوص عليها في المدونة، وهي التي تنص عليها المادة 65 بضرورة توافر أربعة مقتضيات:

1. إحداث ملف لعقد الزواج يحفظ بكتابة الضبط لدى قسم قضاء الأسرة لمحل إبرام العقد ويضم الوثائق الآتية؛ وهي :

- مطبوع خاص بطلب الإذن بتوثيق الزواج يحدد شكله ومضمونه بقرار من وزير العدل.

- نسخة من رسم الولادة يشير ضابط الحالة المدنية في هامش العقد بسجل الحالة المدنية، إلى تاريخ منح هذه النسخة ومن أجل الزواج.

- شهادة إدارية لكل واحد من الخطيبين تحدد بياناتها بقرار مشترك لوزيري العدل و الداخلية.

- شهادة طبية لكل واحد من الخطيبين يحدد مضمونها وطريقة إصدارها بقرار مشترك لوزيري العدل و الصحة.

- الإذن بالزواج في الحالات الآتية، وهي : الزواج دون سن الأهلية؛ التعدد في حالة توافر شروطه المنصوص عليها في هذه المدونة؛ زواج الشخص المصاب بإعاقة ذهنية؛ زواج معتنقي الإسلام والأجانب.

- شهادة الكفاءة بالنسبة للأجانب أو ما يقوم مقامها.

2. ضرورة تأشير قاضي الأسرة المكلف بالزواج قبل الإذن على ملف المستندات المشار إليه أعلاه، ويحفظ برقمه الترتيبي في كتابة الضبط.

3. يأذن قاضي الأسرة المكلف بالزواج للعدلين بتوثيق عقد الزواج.

4. يضمن العدلان في عقد الزواج، تصريح كل واحد من  الخطيبين هل سبق أن تزوج أم لا ؟ وفي حالة وجود زواج سابق، يرفق التصريح بما يثبت الوضعية القانونية إزاء العقد المزمع إبرامه.

II- الإجراءات الشكلية لعقد الزواج في القانون المغربي:  

ونقسمها إلى مقتضيات يجب توفرها في عقد الزواج، وإجراءات تتعلق بتوثيق العقد باعتباره شرطا شكليا.

- المقتضيات التي يجب أن يتضمنها عقد الزواج؛ وهي التي نصت عليه المادة 67، و هي:

1- الإشارة إلى إذن القاضي ورقمه وتاريخ صدوره ورقم ملف مستندات الزواج والمحكمة المودع بها .

2- اسم الزوجين ونسبهما، وموطن أو محل إقامة كل واحد منهما، ومكان ميلاده وسنه، ورقم بطاقته الوطنية أو ما يقوم مقامها، وجنسيته.

3- اسم الولي عند الاقتضاء .

4- صدور الإيجاب والقبول من المتعاقدين وهما متمتعان بالأهلية والتمييز والاختيار.

5- في حالة التوكيل على العقد، اسم الوكيل ورقم بطاقته الوطنية، وتاريخ ومكان صدور الوكالة في الزواج.

6- الإشارة إلى الوضعية القانونية لمن سبق زواجه من الزوجين.

7- مقدار الصداق في حال تسميته مع بيان المعجل منه والمؤجل، وهل قبض عيانا أو اعترافا.

8- الشروط المتفق عليها بين الطرفين.

9- توقيع الزوجين والولي عند الاقتضاء

10- اسم العدلين وتوقيع كل واحد منهما بعلامته وتاريخ الإشهاد على العقد .

11- خطاب القاضي على رسم الزواج مع طابعه.

على أن لائحة هذه المستندات التي يتكون منها ملف عقد الزواج وكذا محتوياته يمكن أن تكون موضوع تغيير وتتميم بقرار لوزير العدل.

 ولقد أضافت المادة 68 مقتضى آخر يتعلق بتسجيل نص العقد في السجل المعد لذلك لدى قسم قضاء الأسرة، و يوجه ملخصه منه إلى ضابط الحالة المدنية لمحل ولادة الزوجين. أما إذا لم يكن للزوجين أو لأحدهما محل ولادة بالمغرب، فإن ذلك المخلص يوجه إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط.

توثيق عقد الزواج في القانون المغربي :

تختلف الإجراءات المرتبطة بتوثيق عقد الزواج بحسب ما إذا كان العاقدان مقيمين داخل الوطن أو خارجه، لذلك خصصت المدونة المادة 14 و15 لزواج المغاربة المقيمين بالخارج، بينما تعرضت المادة  16 للإجراءات العادية، أي تلك التي يجب أن ترافق توثيق عقد زواج داخل أرض الوطن، وذلك وفق التفصيل التالي:

- بالنسبة للزواج الذي يبرم فوق تراب المملكة، فإن توثيقه صار ملزما، بحيث نصت المادة 16 على اعتبار " وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج"، لكن إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات و كذا الخبرة.تأخذ المحكمة بعين الاعتبار وهي تنظر في دعوى الزوجية وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية، وما إذا رفعت الدعوى في حياة الزوجين. ولقد حاول المشرع حصر مدة العمل بهذا المقتضى الاستثنائي في سماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية لا تتعدى خمس سنوات، ابتداء من تاريخ دخول المدونة حيز التنفيذ"[1]

 و لا يخفى أن مقصد المشرع في ذلك وجيه هو قطع الطريق على الزواج العرفي وتجاوز عيوب ثبوت الزوجية في شكلها الممارس وفق المدونة الملغاة، والتي كانت قد  نصت في مادتها الخامسة على أن العمل بدعوى الزوجية ينبغي أن يكون بمقتضى موجب للعدول عن التوثيق، لكن ذلك التنصيص لم يكن يمنع المحاكم المغربية من تجاهل مقتضيات الفصل المذكور؛ إذ صارت تجيز إثبات الزواج بشهادة اللفيف دون أن تعلل قرارتها و لا أن تبين سبب العدول إليه .

ولقد حاول المجلس الأعلى تصحيح هذه الوضعية خصوصا بصدور قانون توحيد المحاكم سنة 1965 ، الذي استند إليه المجلس الأعلى في إصدار قرار تم التأكيد فيه على أن قانون المسطرة المدنية أصبح يعم جميع القضايا المدنية بما فيها القضايا الشرعية[2] .  لكن رغم ذلك التنبيه فإن المحاكم بقيت مستمرة في العلم بشهادة اللفيف من غير تعليل ، بل إن المجلس الأعلى نفسه وقع في الاضطراب بتوسعه في تفسير حالة الاستثناء؛ إذ غالبا ما يقع منه التناقض، فيعتبر واقعة مبررة للأخذ بحالة الاستثناء، ثم يقرر في واقعة مشابهة عكس ما قرره في غيرها[3].  فهذه باختصار الدواعي التي على ضوئها تفهم مقتضيات المادة 16 الجديدة.

لكن ذلك السياق لا يبرر اقتران هذه المادة الجديدة نفسها بجملة نواقص، أهمها أن العبرة في الشريعة بإشهار عقد الزواج لا بتوثيقه، بينما الوضع معكوس من الوجهة القانونية، بحيث تجعل التوثيق أولى من الإشهار. ثم إن تقرير المادة 16 أن " وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج" يحدث اضطرابا في منظومة الإثبات، وهو ما يمكننا أن نلاحظه  في مواضع كثيرة من المدونة؛ فهي –مثلا- تضطر إلى التخلي عن إثبات النسب بالتوثيق الكتابي؛ إذ رغم إفصاحها عن تطابق الإثبات في الزواج والنسب، لثبوت الأول بما يثبت به الثاني[4]، إلا أنها عادت في فصول لاحقة إلى اختيار إثباته بشتى الوسائل[5].

 فكان أحرى أن تُبقي المدونة على التوثيقين الرسمي و العرفي استيعابا للحوادث المستجدة، مع جعل الكتابة أصلا والشهادة العرفية استثناء توسعة على المكلفين، ليبقى باب الاستثناء مفتوحا للعواقب الممكن أن تنتج عنه، تماما كما وُفِّقت في تيسير تدابير توثيق زواج المغاربة المقيمين بالخارج، التي نشير إليها في الفقرة التالية.

- يمكن للمهاجرين المغاربة بمقتضى المادة 14، أن يبرموا عقود زواجهم وفقا للإجراءات الإدارية المحلية لبلد إقامتهم، إذا توفر الإيجاب والقبول والأهلية والولي عند الاقتضاء، وانتفت الموانع ولم ينص على إسقاط الصداق، وحضره شاهدان مسلمان، شريطة مراعاة أحكام المادة 21 التي تتعلق بشروط زواج القاصرين. غير أنه المادة 15 توجب على هؤلاء المهاجرين الذين أبرموا عقد الزواج طبقا للقانون المحلي لبلد إقامتهم ، أن يودعوا نسخة منه داخل ثلاثة أشهر من تاريخ إبرامه بالمصالح القنصلية المغربية التابع لها محل إبرام العقد. و إذا لم توجد هذه المصالح، ترسل النسخة داخل الأجل نفسه إلى الوزارة المكلفة بالشؤون الخارجية. بحيث تتولى هذه الأخيرة إرسال النسخة المذكورة إلى ضابط الحالة المدنية وإلى قسم قضاء الأسرة لمحل ولادة كل من الزوجين. وإذا لم يكن للزوجين أو لأحدهما محل ولادة بالمغرب، فإن النسخة توجه إلى قسم قضاء الأسرة بالرباط وإلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط . 

 


[1]  و لقد ظهر أن هذه الفترة لم تكن كافية، بحيث بادر المشرع إلى تمديد هذه المدة لخمس سنوات أخرى.
[2] بتاريخ 11/02/1970 تحت عدد 144، و كانت الهيئة مكونة من غرفتين برئاسة الرئيس الأول!
[3]  انظر ذلك في قرارات المجلس الأعلى الكثيرة و التي أورد بعضا منها  الدكتور الخمليشي في " التعليق على مدونة الاحوال الشخصية" ج 1 ص 172-173 .  انظر كذلك عبد الكريم شهبون في " شرح مدونة الأحوال الشخصية" ج 1 ، ص 52.
[4] جاء في المادة  154 من مدونة الاسرة " يثبت الفراش بما تثبت به الزوجية"
[5] في المادة 151  " يثبت النسب بالظن و لاينتفي إلا بحكم قضائي "
وفي المادة 158" يثبت النسب بالفراش أو بإقرار الأب، أو بشهادة عدلين، أو ببينة السماع، وبكل الوسائل الأخرى المقررة شرعا.." 

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0