أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه بعنوان دولة القانون بين فعلية الأمن القانوني ومقتضيات حوكمة القضاء

تعد ظاهرة الدولة والانقياد لأوامر قياداتها، من حيث المبدأ، من بين المعطيات البديهية التي يتقبلها الإنسان دون نقاش، ودون البحث في فهم الدولة القائمة، فذلك مشابه لقبول هذا الإنسان الخلفته ولحاجاته ولعائلته دون البحث في سبب ذلك، فالأجدر هو الانطلاق من الدولة كواقع مزامن للإنسان الذي تعرفه الآن، فهذا المعنى يسمى بـ الفلوجة الدولة التي تعني وصفها على حالها وقبولها كمعطى أولي، وهو عكس نظرية الدولة المبنية على الفكرة والتساؤل، وبالتالي البحث حول الدولة حتما يؤدي

أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه بعنوان دولة القانون بين فعلية الأمن القانوني ومقتضيات حوكمة القضاء

رابط التحميل اسفل التقديم

______________________

مقدمة

تعد ظاهرة الدولة والانقياد لأوامر قياداتها، من حيث المبدأ، من بين المعطيات البديهية التي يتقبلها الإنسان دون نقاش، ودون البحث في فهم الدولة القائمة، فذلك مشابه لقبول هذا الإنسان الخلفته ولحاجاته ولعائلته دون البحث في سبب ذلك، فالأجدر هو الانطلاق من الدولة كواقع مزامن للإنسان الذي تعرفه الآن، فهذا المعنى يسمى بـ الفلوجة الدولة التي تعني وصفها على حالها وقبولها كمعطى أولي، وهو عكس نظرية الدولة المبنية على الفكرة والتساؤل، وبالتالي البحث حول الدولة حتما يؤدي

إلى نهاية أدلوجة الدولة وبداية نظرية الدولة.

إن ظاهرة الدولة سابقة عن فكرة ونظرية الدولة، ذلك أن الدولة زامنت الفرد والمجتمع، فنتج عن ذلك سلسلة من ثلاث حلقات وهي الفرد المجتمع الدولة، وأي تساؤل حولها بعد تساؤل عن وظائفها ووسائلها، ومن هذا ظهرت فكرة الدولة، وهي تساؤلات مبنية على ظروف زمنية ومكانية في إطار محاور ثلاثة وهي الهدف التطور الوظيفة، وأن كل هذه المحاور تختلف حسب منهج التفكير ومجاله

بين القانوني والتاريخي والاجتماعي والفلسفي .

أن تحقيق التحضر والتمدن والرقي الإنساني لا يكون اعتباطيا دون أن يكون هناك وعاء تنظيمي يحتوي فعاليات الجماعة، وتعد الدولة بأشكالها المتتابعة عبر التاريخ أهم الأوعية التي وصل إليها الفكر

الإنساني باختلاف متغيرات وضروريات الزمن والمكان.

بالتالي، فإن الدولة كفكرة هي ظاهرة اجتماعية مصدرها قطرة التجمع لدى الإنسان، وهي من بين التنظيمات الهادفة إلى تحقيق غاية تنظيمية جماعية ورفاهية الإنسان الفردية في إطار جماعي

تقوم على احتكام عناصرها المختلفة لقواعد عامة ومجردة يختلف مصدرها بين الأخلاق والدين والقانون ا

الوجة الدولة في وصف ظاهرة الدولة على حالها وقبولها كم على أولي وحب بطرة القانون إليها، بمعنى أنها سابقة عن نظرية الدولة الدينية على التساؤلات والدراسات حولها.

التفصيل أكثر راجع العربي عبد الله مفهوم الدولة المركز الثقافي العربي، طبعة 19 الدار البيضاء، 2011 من من 6-2 المرجع اليه من من 8-10

الإنسان ككائن في قطر على الجماعة، رغم أنه مولاته العزيزية بعد إتباعها بصورة قرية، إلا أن حاجاته المرتبطة بالمعرفة والسعادة والرفاهية استلزمت منه التجمع الأمر الذي اللغه إلى اعتقال هذا الأسلوب المعيني منذ المجتمعات البنانية.

2

مقدمة

الوضعي، وذلك في إطار مقاربة الضبط من جهة، وحماية الحقوق والواجبات الفردية والجماعية من

جهة أخرى.

بعد القرن السادس عشر في أوروبا، قرن بداية التجديد ومرحلة التحولات الكبرى في كل مجالات النشاط والفكر بفضل الابتكار والاكتشاف والإصلاح، وأن هذه المرحلة لا تمثل قطيعة عن الأفكار

السابقة لاسيما تلك التي عرفتها إيطاليا القديمة، وإنما استمرار لها لكن في ثوب تجديدي ميزنها أفكار

تنويرية انتشرت في أرجاء أوروبا.

عرفت الأفكار السياسية التقليدية الدائرة حول فكرة الدولة التي بدأت تتضح معالمها منذ القرن

الثالث عشر تجديد وتنوير، بفضل المفاهيم الحديثة التي أتى بها الفقهاء أمثال جون بودان، جون جاك روسو، وتوماس هوبز وجون لوك وفولتير ومونتيسكيو .... الخ، أين نانوا بشكل جديد للدولة يأخذ تسمية الدولة الحديثة والتي تتمثل في كيان مؤسساتي وقانوني مستقل عن الحكام، أين يتمتع هؤلاء بالسلطة

السياسية المستمدة من سيادة الشعب، مع خضوع الجميع في إطارها حاكما أو محكوما للقانون.

لم تكن المجتمعات القديمة إلا حكومات اعتبرها الفلاسفة وعلماء التاريخ أنها عاشت في الحالة الطبيعية، وهي حياة لا يسودها

السلام والونام وفيها يعمل الإنسان على هواه في حدود النفع العام ودون أن يسوده نظام أو قانون مكتوب بل هناك قانون غير مكتوب الله سموه بالقانون الطبيعي، فهذه المرحلة اشتهرت فيه حياة الإنسان بالفضيلة المنسجمة مع الطبيعة، وبعد المذهب الرواقي الذي اسم زينون الأكليومي أهم مذهب اعتق فكرة القانون الطبيعي ونادي بها التفصيل أكثر راجع: فضل الله محمد إسماعيل عثمان، نظرية القانون الطبيعي في الفكر السياسي العربي، مكتبة بستان المعرفة طباعة ونشر وتوزيع الإسكندرية

7 2006ء من

يعود الأصل التاريخي للدولة الحديثة إلى مطلع القرن العشرين في خضم الحقبة الرومانسية التي أعقبت عصير التلوير بفرجها السياسي في فرنسا والفاري - الإيديولوجي في كمانيا، فكان الفضل في ظهورها بأجهزتها التقليدية إلى الاحتكارات التنظيمية التي المخضت عن الثورة الفرنسية التي وضعت حدا المؤسسات الحكم المطلق، وكان لهذه الابتكارات نور للتدخل الدولة بشكل والنيكاني لم يسبق له مثيل في حياة الشعب أين غير بطارية التصور العام للمسائل الاجتماعية وساهم في نشر الاديولوجية التعبوية القائمة على تعبئة السكان المساهمة في الحياة العامة الأمر الذي خلق تميز لدى الشعب سيطرت عليه الروح والعقلية القومية، التي عيات الميلاد الدولة القومية التي تنها ظهور الدولة الحديثة التي زرعت أسباب النهيان إمبراطوريات الحكم المطلق، التفصيل أكثر راجع ملكون حسن التغيب الدولة التسلطية في المشرق العربي المعاصر دراسة بنائية مقارنة - مركز دراسات الوحدة العربية، طبعة 2

25-24 مروت 1991ء ص ص

مقدمة

بدأت الدول التقليدية تجسد هذه الأفكار داخليا من أجل الانتقال إلى الحداثة، وذلك من خلال

استكمال أسباب نموها وقوتها وترسيخ وجدتها الإقليمية وتوفير استقرارها ورخانها الاقتصادي، الوضع الذي خلق لديها فائض من القوة وبلور في سياساتها تفكير عدواني توسعي، من أجل استكمال نقصها من الموارد وفتح أسواق استهلاكية لمنتجاتها الناتجة عن شبكتها الاقتصادية سواء كانت صناعية أو

فلاحية، فظهرت فكرة الاستعمار.

بعد الاستعمار الذي عرفته الكثير من الأقطاب في العالم لاسيما شمال افريقيا، إحدى الأسباب التي أوقفت مسار تحول الدولة فيما من النموذج التقليدي إلى النموذج الحديث القائم على سيادة الشعب والمؤسسات السياسية، الفترة زمنية وصلت في البعض منها إلى أكثر من قرن وربع القرن من الزمن.

مثل الجزائر.

عملت الحركات التحررية في هذه الأقاليم المستعمرة بما فيها الجزائر، على إخراجها من الاستعمار بفضل ثورات شعبية أوقات شعلتها نواة الأمة والوطنية التي استمدت من الأفكار التنويرية التي عرفها عصر التنوير في أوروبا، والتي تحولت بعد الاستقلال إلى دول حديثة فنية، تقوم في البداية على التوجه الدولائي من أجل تجسيد الحق في الدولة، كون أن الدولائية من خلال تركيز السلطات وتوجيه السياسات في مختلف المجالات سواء السياسية، الاقتصادية الاجتماعية والثقافية بعد سدا منيعا لبقاء الدولة ولتفادي زوالها، ومنهج فعال لترتيب الأمور من أجل الانطلاق بسياسات فعالة لتطوير الدولة ورقيها. لكن استمرار النهج الموجه القائم على منهج التركيز في صناعة القرار الذي يقصي الشعب من أدواره السيادية، من شأنه أن يؤثر على بقاء الدولة، فذلك يخلق نظام شمولي يتكئ على الاستبداد في القرار، والتعدي على الحقوق والحريات ومصادرة الإرادة العامة في النشاط، ويعمل على تحقيق مصالح

النخبة الحاكمة على حساب المصلحة العليا المجتمع في الهدف، فيؤدي استمرار هذا الوضع إلى تطور

الشمولية إلى ديكتاتورية صماء، تخلق وجه آخر للاستعمار، أين الحاكم يتحكم في شؤون الناس بإرادته

لا بإرادتهم ويحاكمهم بهواه لا بشريعتهم، ورغم ذلك يعمل على بن أفواه الملايين عن النطق بالحق

مقدمة

والتداعي بمطالبته، فهذه الظروف قد تدفع الأفراد إلى ثورة عارمة، والتي قد تكون نتائجها خطرا على

وجود الدولة نفسها وعلى استمرارها.

التفادي مخاطر التسلط الدولاتي من شمولية واستبداد وثورة هدامة لما تم بناؤه في إطار الدولة

الفتية ما بعد الاستعمار، كان لزاما العمل بعد تحقيق البقاء للدولة، اعتماد منهج تحديثها بصورة فعلية. وذلك بتكريس تحول ديموقراطي يسعى إلى ترسيخ النموذج المتطور للدولة الحديثة القائم على مقومات

دولة القانون.

.....

فيما يخص القانون، يرى بعض المؤلفين والفقهاء أن له عدة غايات أبرزها تحقيق العدالة وضبط المعاملات وتنظيم سير الخصومات، بمعنى أنه يتم صنعه من طرف الدولة فقط من أجل تطبيق فكرة العدالة على التفاعلات الاجتماعية والانتفاع بالحقوق والحريات، وتنظيم الخصومات بين الأشخاص لتجسيد السلم والضبط الاجتماعيين، أين تتدخل الدولة بموجب هذا القانون كحكم من أجل وضع حد

للتجاوزات ، وفي كل الحالات لتحقيق هاتين الغايتين يجب أن يرتبط القانون بفكرة الإكراه.

تكريس فكرتي العدالة والتنظيم والضبط في مضامين النصوص القانونية، وربطهما بفكرة الجزاء والإكراه في حالة الإخلال بهما، حتما سيؤدي إلى تجسيد الطمانينة والأمن والثقة لدى الجماعة في النصوص القانونية، وأن ذلك يعد مطلب أساسي لبقاء الدولة واستمراريتها ككيان بكل أركانها وعناصرها، واستتبابه ضرورة ملحة وعنصر لازم للاستثمار في المقدرات البشرية والاقتصادية والثقافية التي تزخر بها، ومطلب أساسي لتجسيد واقعي المقومات دولة القانون بكل مقتضياتها.

لكن يظهر الإشكال عندما تنحرف النصوص عن هاتين الفكرتين، نتيجة ضعف مضامينها أمام

عدم قدرة الدولة نظريا وواقعيا في استيعاب مختلف الميادين الواجب ضبطها أو حينما يُستغل الإكراه من أجل الوصول إلى غايات غير بريئة خارجة عن المنطق الضبطي والحرياتي للقانون، وهو ما يفتح المجال للتشكيك في المقاربة الدولاتية في صناعة القانون وبالتالي في تجسيد الأمن القانوني.

على هذا الأساس، فإن فعالية دولة القانون لن تتجسد إلا في تحقيق غاياتها، وأن تحقيق ذلك يستلزم التحكم في نشاط مؤسساتها الدستورية لاسيما المؤسسة القضائية حامية الحقوق والحريات بعيدا كل التبعيات المؤثرة على استقلاليتها المؤسساتية والوظيفية وعلى أدوارها الحمائية، والعمل على تحديث نشاطها المرفقي وعصرنته، وإتباع منهج يسمح بوضع نظام قانوني هادف للضبط العام من جهة وحماية حماية الحقوق والحريات من جهة أخرى، حتى ولو كان ذلك خارجا عن المقاربة الدولاتية، وكل هذا تجسيدا للأمن القانوني وتكريسا لمقتضيات الحكامة القضائية.

CHEVALLIER Jacques, Droit et Etats, R.1.E.J., vol. 17, nº 2, 1986, p. 1.

7

مقدمة

إن تميز وتفرد نموذج دولة القانون باختلاف الأنظمة السياسية المقارنة في إطار المقاربة التنويرية، ونظرا للمستجدات التي عرفهما حقلي القانون والعدالة في الخمسين سنة الأخيرة، من خلال تجديد مضامين كل من الخطاب القانوني والممارسة القضائية والمرفقية لمؤسسة القضاء، وباعتبارهما مجالين متكاملين وخصبين لنمو مقاربات حديثة، تجعل الدراسة والبحث حولهما أمر ضروري لتعزيز مقومات دولة القانون بالمفهوم الحديث القائم على مقتضيات التعددية والحكامة والعصرنة، هذا ما يدفع الإثارة إشكالية مدى انسجام وتكامل المتطلبات الواقعية للأمن القانوني كتحدي معياري ومقتضيات حوكمة القضاء كتحدي قضائي في تعزيز دولة القانون؟

للإجابة على هذه الإشكالية، اعتمدنا على المنهج الاستقرائي من خلال تحليل التجارب المقارنة واستنباط الأفكار منها ومن الدراسات الفقهية ذات الصلة، وذلك في بابين، أين ستتمحور الدراسة وتتركز نظرا لأهميتها، أولا حول استقراء وتحليل مدى جودة ونجاعة وتطور المنظومة القانونية وعملية صناعتها في تحقيق الأمن القانوني وفي تفكيك كل المخاطر التي قد تواجهه، وذلك في إطار التحدي والرهان المعياري لدولة القانون في حالة السكون الباب الأول وثانيا في مدى تجسيد فكرة الأمن القضائي في إطار مقتضيات حوكمة القضاء مؤسساتيا ووظيفيا ومرفقيا بخدمة عصرية وحديثة،

وذلك في إطار التحدي والرهان القضائي لدولة القانون في حالة الحركة الباب الثاني).

______________

رابط التحميل

https://drive.google.com/file/d/1VCcrhGYPt-SA3_rR6PC9f_Qy2Hu1YC2P/view?usp=drivesdk

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0