المبادئ الأساسية و الشروط الجوهرية لإصلاح منظومة العدالة الإصلاح الشامل و العميق

لقد شكلت فكرة العدالة أحد التساؤلات الفلسفية الكبرى التي شغلت الفكر الإنساني منذ الأزل، فرضت نفسها كتحد حقيقي أمام العقل البشري بوصفها مطلبا فلسفيا وسياسيا وأخلاقيا، فكانت بذلك حاضرة في الفكر، وفي الخطاب السياسي والديني عبر مختلف المراحل الكبرى لتطور البشرية، باعتبارها ينبوع كل المبادئ التي يسعى إليها الإنسان في

المبادئ الأساسية و الشروط الجوهرية لإصلاح منظومة العدالة الإصلاح الشامل و العميق

رابط التحميل اسفل التقديم

______________________

تقديم

لقد شكلت فكرة العدالة أحد التساؤلات الفلسفية الكبرى التي شغلت الفكر الإنساني منذ الأزل، فرضت نفسها كتحد حقيقي أمام العقل البشري بوصفها مطلبا فلسفيا وسياسيا وأخلاقيا، فكانت بذلك حاضرة في الفكر، وفي الخطاب السياسي والديني عبر مختلف المراحل الكبرى لتطور البشرية، باعتبارها ينبوع كل المبادئ التي يسعى إليها الإنسان في

إصلاح ذاته والوصول إلى الغايات المثلى من الوجود.

وبالنسبة لوضعية العدالة بالمغرب نجد أنها تتميز بنوع من التعقيد الناتج بالأساس عن موقع المؤسسة الملكية داخل النظام السياسي المغربي، والذي تحتل فيه مساحة شاسعة لاستنادها إلى نسق خاص للشرعية ذو أبعاد تاريخية ودينية يستوي على التربة النظرية المفاهيم الخلافة والبيعة وإمارة المؤمنين في التراث الإسلامي، إلا أن ذلك يعتبر من خصوصيات التنظيم السياسي المغربي والذي لا يشكل تناقضا مع المرجعيات الكونية، ما دام

قادرا على استيعابها وإيجاد التوليف الصعب في تنزيله.

وقد عرف المغرب عبر تاريخه الطويل، العديد من المحاولات الإصلاحية لمنظومة العدالة، من ذلك ما قدمه بعض الفقهاء والعلماء تفاعلا مع واقعهم بغية التمكين للعدل باعتباره قيمة ضامنة لبقاء العمران، خلال القرنين 12 و 14م ، وضمنوه برسائلهم؛ كتلك التي قدمها

كل من أبي الوليد بن الرشد ابن عبدون التيجيني.

وإلى جانب ذلك نجد محاولة إصلاح قام بها السلطان محمد الثالث (1790-1757) والتي شملت مختلف المجالات بما فيها قطاع العدل، بدورها عملت أجهزة الحماية بعد دخولها إلى المغرب سنة 1912 على القيام بمجموعة من التغييرات سواء على منظومة القوانين أو

الأجهزة القضائية، أو على المهن القانونية.

ويمكن القول بأن الاهتمام بأوضاع منظومة العدالة، كان من الأولويات التي سهر المغرب على القيام بها مباشرة بعد نيله لاستقلاله، باعتباره من مشتملات السيادة، من هذا المنطلق عمل على إلغاء المحاكم العرفية ، كما عمل على إزالة المحاكم المخزنية كمظهر لتحقيق الفصل بين السلط، ويبقى تأسيس المجلس الأعلى سنة 1957 الإصلاح الأهم، لما يشكله ذلك من تحرير القضاء المغربي من التبعية لرقابة محكمة النقض الفرنسية على الأحكام

المغربية.

وستشكل مرحلة ما بعد دخول المغرب الحياة الدستورية بإصدار دستور 1962 عهدا جديدا من محاولات إصلاح العدالة من خلال التنصيص على مراجعات عميقة أطرها قانون التوحيد والمغربة والتعريبة، واستمر العمل وفق ذلك إلى حدود سنة 1974، حيث ستعرف منظومة العدالة بالمغرب تحولا جدريا، هم إلغاء قانون المسطرة المدنية لسنة 1913، إصدار قانون جديد لتبسيط قواعد المسطرة، إصدار ظهير المقتضيات الانتقالية في مجال المسطرة الجنائية، والنظام الأساسي لرجال القضاء، وإعادة هندسة التنظيم القضائية.

بغض النظر عن قيمة هذه المراجعات، فقد اعترتها عدة صعوبات، مما أدى إلى الشروع في سلسلة متتالية من التعديلات الجزئية ابتدأت منذ تسعينات القرن المنصرم، ذلك بالعودة إلى نظام القضاء الجماعي إلى حدود سنة 2000، ثم العودة بعده للعمل بالقضاء الفردي بالمحاكم الابتدائية، بالإضافة إلى إحداث المحاكم الإدارية سنة 1993، ومحاكم الاستئناف الإدارية سنة 2006، ثم إحداث المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية

والغرفة التجارية بمحكمة النقض المجلس الأعلى سابق)، سنة 1997، ومن بين المحاولات

الإصلاحية أيضا إصدار قانون المسطرة الجنائية سنة 2002، بالإضافة لإصلاحات أخرى. عموما، فالمغرب منذ بداية القرن 21 عاش على إيقاع إشارات وقرارات ترمي إلى الدخول في مسلسل إصلاحي شمولي يطال مختلف مجالات العدالة، ظهر ذلك بشكل جلي في الخطب الملكية منذ خطاب العرش 30 يوليو 2007، وخطاب افتتاح الدورة البرلمانية 12 أكتوبر 2007، والرسالة الموجهة للمشاركين في الندوة الدولية التي نظمها المجلس الأعلى محكمة النقض حاليا)، في 21 و 22 نونبر 2007، وخطاب 20 غشت 2009

كل ذلك كشف عن إجماع لدى كافة الفاعلين والفرقاء الوطنيين، والشركاء الدوليين بوجوب إدخال إصلاحات عميقة وشاملة"، على النظام القضائي المغربي، فكانت التوجهات الملكية للحكومة بإحداث الهيئة العليا للحوار حول الإصلاح العميق والشمولي لمنظومة العدالة 10 ، التي شرعت في تنظيم جلسات الحوار الوطني عبر عقد 11 ندوة جهوية .

والمقارنة سياسة العدالة بالمغرب مع ما نهجته بلدان أخرى من سياسات في هذا

المجال، نجد تجربة العدالة البلجيكية التي فرضت عدة عوامل لاسيما قضية دوترو 12 AFFAIRE DUTROUX ، إعادة التفكير في النظام القضائي البلجيكي، وإصلاح التنظيم القضائي، وذلك عبر القيام بمجموعة من الإجراءات منها:

إحداث المجلس الأعلى للقضاء

إحداث دور العدالة

إحداث نيابة فيدرالية، وسن مقتضيات متعلقة بأشغال النيابة العامة

مراجعة نظام الضابطة القضائية

تسهيل الولوج إلى العدالة.

أما بالنسبة للجزائر فقد اعتمدت مقاربة وصفتها بالتشاركية لإصلاح أوضاع العدالة

انطلقت مباشرة بعد تنصيب رئيس الجمهورية للجنة الوطنية لإصلاح العدالة بتاريخ 20

أكتوبر 1999 ، التي كلفت بإعداد تشخيص دقيق لأوضاع العدالة واقتراح تدابير وإجراءات

لإرساء قواعد نظام قضائي صلب ودقيق.

وقدمت اللجنة بعد مرور 7 أشهر مجموعة من التوصيات تمت بلورتها في إطار

البرنامج الحكومي على شكل تدابير استعجالية ومشاريع جزء منها على المدى المتوسط

وأخرى على المدى البعيد.

وبتاريخ 29 مارس 2005 تم تنظيم ندوة وطنية حول إصلاح العدالة من أجل تقييم

حصيلة ما تم إنجازه، وتقديم توصيات تكون بمثابة الوعاء لبرنامج عمل وزارة العدل واستمر

الاشتغال على نفس النهج بوضع برنامج خماسي لقطاع العدل 2010-2014 ضمن البرنامج

الحكومي 13.

ويكتسي موضوع عرضنا أهمية بالغة بالنظر إلى ارتباطه بحياة العدالة المغربية التي

عرفت العديد من المبادرات، والتجارب والمحاولات الإصلاحية، وكذا للدور المأمول من

العدالة القيام به في دعم مسار التحول الديمقراطي، وذلك بالمساهمة في تخليق الحياة العامة

وتعزيز الثقة الكفيلة بالتحفيز على المبادرة والاستثمار..

فإلى أي حد ساهمت المبادئ والمرتكزات الأساسية المضمنة بدستور المملكة والخطب الملكية، والتقارير الوطنية، إلى جانب الأهداف الاستراتيجية التي تضمنها الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة في تجاوز الوضع الراهن لمنظومة العدالة وإصلاحها الإصلاح الشامل والعميق؟

...

___________________

رابط التحميل

https://drive.google.com/file/d/1KCzQXANI9VdjUxp0HA4aYDpJ5SOMevo0/view?usp=drivesdk

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0