الذكاء الاصطناعي في قطاع التربية والتعليم قراءة في التطبيق والأجرأة من خلال تجارب وطنية ودولية

مواضيع في القانون الرقمي و الدولي Jan 24, 2025 0 188 Add to Reading List

رابط تحميل المقال اسفل التقديم

مقدمة

في إطار تحقيق الهدف الرابع من أهداف الألفية الثالثة الذي ينص على ضرورة ضمان: التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة، نظم في مدينة يكين بين 16 و 18 ماي 2019 مؤتمر دولي حول الذكاء الاصطناعي، رام من خلاله المشاركون من ممثلي الدول الأعضاء بما فيها المغرب تدارس الإمكانيات الكبيرة التي يتيحها هذا الذكاء الذي تنتج عنه الاستفادة القصوى من الآلة في تحقيق جملة من المقتضيات التنموية في عديد المجالات وعلى رأسها مجال التربية والتعليم.

اختتم المؤتمر بالإعلان الجماعي حول آليات وتوصيات وأشكال إدماج الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم، وباعتبار المغرب عضوا في منظمة اليونسكو ومشاركا في إجماع بكين، وباقي المؤتمرات ذات الصلة بما فيها مؤتمر باريس حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، فقد بدأ بشكل فعلي في التنفيذ الرسمي لتوصية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (یونسکو)، تلك المتعلقة بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي التي تم اعتمادها على هامش الدورة 41 للمؤتمر العام لليونسكو المنعقد في نونبر 2021 بباريس، خاصة وأن هذا المجال يندرج في إطار مخرجات النموذج التنموي الجديد الذي يجعل من الانتقال الرقمي رافعة ورهانا رئيسا في برامج الإصلاح القطاعي بما في ذلك قطاع التربية والتعليم.

وهذه الإرادة الرسمية المغربية التي عبر عنها وزراء التربية المتعاقبون خلال العقود الأخيرة، خاصة الوزير السابق سعيد أمزازي والوزير الحالي بنموسى، تجعلنا نطرح التساؤل حول مدى أجرأة توصيات إجماع بيكين في 2019 واتفاق باريس حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في قطاع التربية والتعليم، ولاسيما أن هذا الاختيار يجد شرعيته وحيوته في قدرة الذكاء الاصطناعي بوصفه آلية ووسيلة لمواجهة عدد من التحديات التي برزت مع جائحة كورونا والنقاش الذي أثير حول التعليم عن بعد ومدى إسهامه في تقليص أو توسيع التفاوتات وضمان الحق في تعليم منصف وذي جودة.

1 الإشكالية والأسئلة الفرعية

تتمحور عناصر الإشكالية التي تحاول معالجتها، في الثغرة الموجودة في النظام التعليمي المغربي بين خطاب رسمي وإعلان نيات بشأن أهمية الذكاء الاصطناعي ودوره في تجويد التعلمات والاتقاء بها من جهة وواقع ميداني لا يرقى إلى مستوى التطلعات المعلنة والرهانات المطروحة على المنظومة التربوية المغربية في هذا المجال، خاصة إذا ما قورنت بنماذج لدول صاعدة أو متقدمة استطاعت إلى حد ما إدماج الذكاء الاصطناعي في أنظمتها التعليمية، وبالتالي استطاعت كسب رهان الجودة والإنصاف الذي أكدته مقررات إجماع بيكين وما تلاه من مؤتمرات وإعلانات ذات صلة بالذكاء الاصطناعي، ومن هذا المنطلق يمكننا أن تترجم الإشكالية على الشكل الآتي:

357

حميد عبد الإله - المصطفى العناوي - مولاي مصطفى البرجاوي - محمد أبجي

ما الأهمية التي يكتسبها الذكاء الاصطناعي في المجال التعليمي؟ وما موقع المغرب مقارنة بدول أخرى في هذا المجال؟

المعالجة الإشكالية، تم تفريعها إلى بعض الأسئلة الفرعية على الشكل الآتي:

ما المقصود بالذكاء الاصطناعي، وما جدوره التاريخية؟ ما هي أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في ميدان التربية والتعليم؟

ما هي تجليات بعض التجارب الدولية في مجال تطبيق الذكاء الاصطناعي في المجال التعليمي من خلال النموذج الفرنسي والمغربي؟

ستعتمد في معالجة الموضوع على مقاربة تحليلية، تشمل قراءة لما تضمنه إجماع بيكين حول الذكاء الاصطناعي في التعليم، كما سنعتمد المقاربة المقارنة، بهدف رصد الفروقات بين

المغرب وفرنسا على مستوى إدماج هذه التكنولوجيات الجديدة في المجال التعليمي.

تبرز أهمية الموضوع في مقاربته الموضوع أصبح بشكل موضوع اهتمام لدى المهتمين بتطوير النظام التعليمي والاستفادة القصوى مما توفره تقنيات الذكاء الاصطناعي من إمكانات هائلة لمواجهة التحديات المطروحة على المنظومة التربوية الوطنية، كما تبرز أهميته في الطابع التحليلي والنهج المقارن الذي تم اعتماده. 11. أهم نتائج الدراسة

(1) الذكاء الاصطناعي المفهوم والتجليات الرئيسة

مفهوم الذكاء الاصطناعي ليس مفهوما حديثا، بل إن بروزه يعود إلى سنوات الأربعينيات من القرن الماضي، فقد استعمل حسب الباحثين لأول مرة في مؤتمر دورموت Dartmouth سنة 1956 ، وكان المنطلق في دراسة الموضوع هو مدى إمكانية برمجة الآلة وإقدراها على تحليل اللغة والمفاهيم المجردة وحل المشكلات، وفي هذا المنحى، يشير مينسكي Minsky إلى أن الذكاء الاصطناعي يتوافق مع بناء برامج الكمبيوتر التي تشارك في المهام التي تم إنجازها في الوقت الحالي أكثر إرضاء من قبل البشر، لأنها تتطلب عمليات المهارات العقلية عالية المستوى مثل التعلم الإدراكي وتنظيم الذاكرة والتفكير النقدي (1956)، في حين حدد يونغ وآخرون (2019) الذكاء اصطناعي باعتباره مثيلا لأي نظام خاص يستخدم تقنيات التعلم الآلي لاتخاذ قرارات عقلانية بشأن المهام غير المحددة سلفا في الكتاب الأبيض التعليم والرقمية: القضايا والتحديات (2020,Giraudon et al) يعرف الذكاء الاصطناعي بأنه أتمتة Tautomatisation العمليات والسلوكيات التي تعتبرها

-M. L. Minsky, «Some universal elements for finite automata. Automata studies, edited by C. E. Shannon and J. McCarthy, Annals of Mathematics studies N. 34, Lithoprinted, Princeton University Press, Princeton1956, pp. 117-128.

358

الذكاء الاصطناعي في قطاع التربية والتعليم قراءة في التطبيق والأجرأة

نحن البشر ذكية (ص 32). أما Legifrance فيعرف الذكاء الاصطناعي بأنه "المجال النظري والعملي متعدد التخصصات يهدف إلى فهم آليات الإدراك والتفكير، والتقليد بواسطة جهاز وبرمجيات الأغراض المساعدة أو استبدال الأنشطة البشرية ".

تتعدد مجالات استعمال الذكاء الاصطناعي حيث اخترق كل مجالات الحياة تقريبا

وعموما يمكن التمييز في اتجاهات الباحثين في تعريف مفهوم الذكاء الاصطناعي من خلال تميزهم بين نوعيين رئيسيين هما:

الذكاء الاصطناعي الضعيف Al faible وهو نوع الذكاء الاصطناعي القادر على محاكاة الذكاء البشري في مهام محددة بدقة.

الذكاء الاصطناعي القوي A fort يتميز هذا النوع بنوع من الاستقلالية، تلك التي تمكنه من تطبيق قدراته المعالجة أي نوع من المشاكل غير المحددة سلفا، وهذه القدرة الأخيرة كانت أهم خاصية مميزة للذكاء البشري

بری Hours أن الذكاء الاصطناعي اليوم في المجال التربوي، يشير بشكل أساس إلى مجموع التقنيات التعليمية الأوتوماتيكية machine Learning" التي لا تزال تعتمد في برمجتها على الإنسان، مما يعني حسب الباحث أننا لا نزال في مرحلة الذكاء الاصطناعي الضعيف الذي لا يزال مرتبطا بالتخيل البشري

لا شك أن إمكانية الوصول إلى هذا النوع من الذكاء الاصطناعي، يفترض التوافق حول أخلاقيات معينة تؤطر استخدامات هذا الذكاء، وتوجهه نحو الاستعمالات الآمنة. شكل الأفكار الخمسة الرئيسة في الذكاء الاصطناعي