مسطرة الطلاق في القانون المغربي
المساطر و الإجراءات والوثائق الخاصة بالزواج والطلاق في القانون المغربي و الإجراءات الادارية المرافقة لها
حرص المشرع على إدخال مقتضيات مسطرية جديدة في قانون المسطرة المدنية موازاة مع دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق، ولئن كان المشرع قد تناول مسطرتي الطلاق والتطليق ضمن المساطر الخاصة بالأحوال الشخصية في المسطرة المدنية في الفصول من 197 إلى 214، إلا أن المدونة نفسها قد تضمنت العديد من الإجراءات المسطرية المتعلقة بالطلاق والتطليق، و لن نَفصِل بين مسطرة الطلاق و مسطرة التطليق مادامت كلها تحت مراقبة القضاء، كما أن ما تختلفان فيه محدود، وسنشير إليه في محله .
تمر مسطرة الطلاق بمرحلتين : مرحلة ما قبل الإذن بالإشهاد على الطلاق؛ و مرحلة ما بعد صدور الإذن بالطلاق .
1 مرحلة ما قبل الإذن بالإشهاد على الطلاق:
وتتضمن هذه المرحلة جملة إجراءات يلزم القيام بها، وهي بالأساس:
أ- تقديم الطلب : يقدم طلب الإذن بالإشهاد على الطلاق للمحكمة المختصة مكانيا بحسب الترتيب الوارد في المادة 79 :
- المحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها بيت الزوجية
- المحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها موطن الزوجة أو محل إقامتها
- المحكمة التي أبرم العقد في دائرة نفوذها .
و بهذا الترتيب يكون المشرع المغربي قد استثنى بمقتضى نص خاص- المادة79- الإذن بالطلاق من القواعد العامة للاختصاص المحلي، و التي تنص في الفصل 27 من ق م م على أن المحكمة المختصة مكانيا هي التي يوجد بدائرة نفوذها الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه.
إضافة إلى هذا فإن الطلب يجب أن يتضمن :
- الهوية الكاملة للزوجين ومهنتهما وعنوانهما
- عدد الأطفال إن وجدوا، وسنهم ووضعهم الصحي والدراسي.
كما يلزم أن يرفق الطلب بالوثائق التالية:
-مستند الزوجية
-الحجج المثبتة لوضعية الزوج المادية والتزاماته المالية.
ب- استدعاء الزوجين بصفة رسمية:
تستدعي المحكمة الزوجين -طبقا للمادة 81- أساسا لإجراء محاولة الإصلاح، وتتنوع آثار تبليغهما بحسب نوعية الطلاق. فبخصوص الطلاق الرجعي؛ فإن الزوج إذا توصل شخصيا بالاستدعاء ولم يحضر اعتبر ذلك تراجعا منه عن الطلب.أما إذا توصلت الزوجة شخصيا بالاستدعاء ولم تحضر، ولم تقدم ملاحظات مكتوبة، أخطرتها المحكمة عن طريق النيابة العامة بأنها إذا لم تحضر فسيتم البت في الملف. غير أن هذا التبليغ الشخصي ليس شرطا في مسطرة الشقاق بحيث يخضع للقواعد العامة للتبليغ طبقا للمادتين 38-39 من ق م م.
ج- إجراء محاولة الصلح :
هو إجراء جوهري يجريه القاضي لمصلحة الطرفين معا قبل الإجراءات العادية، فهي مرحلة لازمة و لا يمكن للقاضي التغاضي عنها لأنها من النظام العام؛ بحيث إذا لم يفعل اعتُبر مخلا بالقانون وخارقا لحق من حقوق الدفاع .
و يجري هذا الصلح عند حضور الطرفين بغرفة المشورة، بما في ذلك الاستماع إلى الشهود ولمن ترى المحكمة فائدة في الاستماع إليه، و للمحكمة أن تقوم بكل الإجراءات، بما فيها انتداب حكمين أو مجلس العائلة، أو من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين. و في حالة جود أطفال تقوم المحكمة بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوما.
إذا تم الإصلاح بين الزوجين حرر به محضر وتم الإشهاد به من طرف المحكمة، و لا يقبل هذا الصلح أي طعن بمقتضى الفصل 180 من المسطرة المدنية.
أما إذا تعذر الإصلاح بين الزوجين، حددت المحكمة - طبقا للمادة83- مبلغا يودعه الزوج بكتابة ضبط المحكمة داخل أجل أقصاه ثلاثون يوما لأداء مستحقات الزوجة و الأطفال. غير أن المحكمة في مسطرة الشقاق - بحسب المادة 97- تثبت تعذر الصلح في محضر .
كما أن المشرع إن كان قد اقتصر في المادة82 على ذكر المؤسسات المرصودة للصلح دون بيان كيفية قيامها بذلك، فإن الأمر مختلف في مسطرة الشقاق. فقد بين في المادتين 95-96 أن على الحكمين ومجلس العائلة أو من أوكلت إليه المحكمة أمر الإصلاح أن يبذلوا الجهد من أجل استقصاء أسباب الخلاف بين الزوجين لإنهاء النزاع.
د- التدابير المؤقتة :
تنص المادة 121 على المحكمة حين يعرض عليها نزاع بين الزوجين و تبيّن لها تعذر المساكنة بينهم لاستحكام الخلاف أن تتخذ كل التدابير المناسبة بالنسبة للزوجة والأطفال، بما في ذلك أن تختار لهم سكنا مع أحد أقارب الزوجة أو الزوج بما لها من سلطة تقديرية، وهو الأمر الذي تتولى النيابة العامة تنفيذه فورا بجميع الوسائل المتاحة .
2 مرحلة ما بعد صدور الإذن بالطلاق أو التطليق .
بتعذر الإصلاح وتحديد المحكمة للمبالغ المستحقة داخل الأجل المذكور، يكون الزوج أمام حالتين(المواد من 83 إلى 86)؛ إما أنه يودع المبلغ المحدد داخل الأجل، فحينها تأذن المحكمة له بتوثيق الطلاق لدى العدلين داخل دائرة نفوذ المحكمة نفسها. وإما أنه لا يودعه فتعتبره المحكمة متراجعا عن رغبته في الطلاق، ويتم الإشهاد على ذلك من المحكمة.
وتتنوع المسألة نسبيا في حالة دعاوي التطليق، فإن الإصلاح إن تعذر تثبته المحكمة في محضر وتحكم بالتطليق و بالمستحقات طبقا المواد المذكورة أعلاه.
أ- الإذن بتوثيق الطلاق و الإشهاد عليه :
هذه مرحلة تخص أساسا الإذن بالطلاق لأن التطليق – كما في الشقاق مثلا- لا يحتاج إلى الإشهاد عليه أو توثيقه. وعليه فطبقا للمادة 87 فإن المحكمة تأذن بتوثيق الطلاق بمجرد إدلاء الزوج بوصل إيداع المبلغ المحدد للمستحقات بصندوق المحكمة، على أن ينص ذلك الإذن على لزوم الإشهاد لدى العدلين داخل أجل 15 يوما من تاريخ تسلم الإذن.
و يجب أن يتضمن ذلك الرسم -بحسب المادة 138-: تاريخ الإذن بالطلاق ورقمه؛ و هوية كل من المتفارقين ومحل سكناهما وبطاقتي تعريفهما؛ مع الإشارة إلى تاريخ عقد الزواج وعده وصحيفته بالسجل المشار إليه في المادة 68؛ وكذا نوع الطلقة والعدد الذي بلغت إليه، وتاريخ الإشهاد بالطلاق.
وبتوصل المحكمة بوثيقة الطلاق يخاطب عليها القاضي المكلف بالتوثيق بقسم قضاء الأسرة المختص، ويقوم بتوجيه نسخة منها إلى المحكمة التي أذنت بتوثيق الطلاق. وتصدر هذه الأخيرة على ضوء ذلك مقررا معللا يتضمن ما يلي:
-أسماء الزوجين وتاريخ ومكان ولادتهما وزواجهما وموطنهما أو محل إقامتهما .
-ملخص ادعاء الطرفين وطلباتهما، وما قدماه من حجج ودفوع، والإجراءات المنجزة في الملف، ومستنتجات النيابة العامة .
-تاريخ الإشهاد بالطلاق .
- ما إذا كانت الزوجة حاملا أم لا .
- أسماء الأطفال وسنهم ومن أسندت إليه حضانتهم وتنظيم حق الزيارة ؛
- تحديد المستحقات المنصوص عليها في المادتين 84 و85 أعلاه وأجرة الحضانة بعد العدة.
ب- تبليغ ملخص الطلاق إلى ضابط الحالة المدنية:
تقضي أحكام المادة 141 بتبليغ ضابط الحالة المدنية بوضعية الزوجين المتفارقين داخل أجل 15 يوما من تاريخ الإشهاد به أو صدور الحكم بالتطليق أو البطلان أو الفسخ ، وذلك بواسطة ملخص لوثيقة الطلاق، وقد جاء في الدليل العملي أن الهدف من هذا الإجراء هو تجنب حصول البعض على وثائق إدارية لا تعبر عن وضعيتهم العائلية ، وهو ما جعل المشرع يتوخى التعجيل حتى يتسنى تبليغ تلك الملخصات إلى ضباط الحالة المدنية لتضمينها بهامش رسم الولادة.
ج- حق الطعن
يُثار سؤال مشروع بخصوص ما إذا كان قرار الإشهاد على الطلاق قابلا للطعن أم لا، اعتمادا على أن حق الطعن هو الأصل في القرارات التي تصدرها الهيئة القضائية.
و الجواب أن الأحكام والمقررات المتعلقة بمدونة الأسرة الصادرة عن المحاكم الابتدائية – في عمومها- لا تقبل الطعن في جانبها القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية طبقا لمادتين 45 و128 من المدونة، لكنها تقبله في المستحقات المترتبة عنها.
و قد حدد المشرع في القضايا المتعلقة بمدونة الأسرة أجل خمسة عشر(15) يوما، يتعين على الطاعن بالاستئناف احترامه وتقديم طعنه قبل انصرامه.