التغطية الصحية بين إشكاليات التطبيق وإكراهات المحيط

رابط التحميل اسفل التقديم

_______________________

تقديم

سأتعرض من خلال هذه المقالة والمتعلقة بمجال دقيق وشائك يُطرح في مغرب اليوم، ألا وهو مجال التغطية الصحية، إلى أهم الإشكاليات التي تواجه تطبيق القانون 65.00 على أرض الواقع، وإلى أسباب التعثر، وإكراهات المحيط في محاولة متواضعة مني للإسهام في رسم آفاق متقدمة لهذا المشروع المجتمعي الحضاري، والذي لا محالة سيحكم مغرب المستقبل خاصة في القطاع الصحي.

وهكذا، سأحاول من خلال هذا البحث الإجابة على كوكبة من الأسئلة التالية، سعيت إلى حصرها

في أربع أساسية، وهي:

1. لماذا تأخر العمل بالمدونة المصادق عليها في أكتوبر 2002 إلى حدود شتنبر 2005 ؟

2. لماذا كان من الضروري التوقيع على ميثاق تفعيل مدونة التغطية الصحية الأساسية في 4 يناير 2005

في حين كان من المفروض بداية العمل بها انطلاقا من فاتح يناير 2005 ؟ 3. لماذا كل هذا التأخير الزمني في صدور المراسيم التطبيقية لم تصدر إلا في 18 يوليوز (2005) ؟ 4. هل كانت المراسيم التطبيقية منسجمة مع روح ونص القانون 65.00 ؟

بعد هذا، سأنتقل لتحليل إكراهات المحيط بحيث لا يمكن التقدم في هذا المشروع دون إيلاء الاهتمام اللازم، لإكراهات المقاولة المغربية والمهنيين والهيآت المديرة علاوة على إكراهات النسيج

الاقتصادي المغربي بحكم طبيعته.

وفي نهاية هذه المقالة، سأحاول رسم الآفاق فيما يتعلق الأول بضرورة تفعيل مقتضيات 65.00 حتى يرتقي إلى مرتكزات السياسة العامة الضرورية، كل هذا في إطار منظور شمولي للإصلاح المرجو في

المجال الصحي، ومجال التغطية الصحية بالخصوص.

132

سعد الركراكي

المبحث الأول

إشكاليات التطبيق

بعد فترة إعداد وتهييء استغرقت خمسة عشر سنة، وبالضبط منذ سنة 1988 ضمن مخطط سنوات 1988 1992 وإلى حدود أكتوبر 2002 تاريخ نشر القانون 65.00 بالجريدة الرسمية، وهي الفترة التي

عرفت حوارا صعبا ومخاضا عسيرا، دخلت مدونة التغطية الصحية صعوبات جديدة.

لقد كان من المفترض أن يبدأ العمل بمقتضيات قانون التأمين الإجباري الأساسي عن المرض في فاتح يناير 2005، إلا أنه تم التأجيل إلى غشت 2005، ومع اقتراب حلول هذا الموعد لا شيء كان يوحي يعزم الحكومة على تفعيله، مما جعل العديد من وسائل الإعلام الوطنية وجمعيات مهنيي الصحة تخرج عن صمتها إزاء هذا التعثر.

وهكذا عبر رئيس الرابطة الوطنية للأطباء والطب الحر في استجواب صحفي على اعتقاده بأن التغطية الصحية لن تكون جاهزة في غشت 2005، إذ أن الوكالة الوطنية للتأمين عن المرض والتي كان يجب أن تكون فاعلة في سنة 2004، لم تكن قد رأت النور بعد (1).

كما أنه وقبل تسعة أشهر من دخول التأمين الإجباري الأساسي عن المرض حيز التنفيذ، فإن أيا من

المراسيم التطبيقية لم تكن قد هيأت بعد، وحينها تساءلت صحيفة وطنية مستقلة: «هل يتعلق الأمر بحلم لن يتحقق وهل بالإمكان الانطلاق في الآجال المقررة ؟ (2). ولاحظت نفس الصحيفة أن لائحة الأدوية لم تحدد، كما هو الشأن بخصوص نسب اشتراك

المنخرطين في التأمين الإجباري عن المرض وأن الدراسات لازالت قيد التهييء، وأن الاقتراحات ستتطلب مزيدا من الوقت للمناقشة في إطار الحوار الاجتماعي، وأن تكاليف التأمين الإجباري وتمويله

لا يمكن تقديرها إلا على وجه التقريب. وبالفعل فقد صدقت التطورات تحليل المهنيين والصحافة، بحيث تم تأجيل العمل بالمدونة إلى حدود شتنبر 2005 كبداية لتحصيل الاشتراكات، ومارس 2006 كموعد لبداية تحصيل التكاليف الصحية

المقررة للمنخرطين الجدد. إلا أن مسلسل التعثر لن يتوقف عند حد التأجيلات المتوالية، ذلك أن النصوص التطبيقية جاءت مع مواد مدونة التغطية الصحية الأساسية ومع المبادئ القائمة عليها.

متناقضة في الكثير من جوانبها ولعل إحدى أبرز الإشكاليات التي يعرفها التشريع في المغرب، ترجع إلى عدم اعتبار واضع القانون للشروط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للبلاد، مما يجعل السلطة التنظيمية في حيرة من أمرها متى

تطلب الأمر منها أجرأة القوانين وصياغتها صياغة عملية. القانون 65.00 لم يسلم بدوره من هذه الإشكالية إذ جاءت العديد من الإجراءات التطبيقية مناقضة

الروح القانون، أو لنصه، أو لهما معا.

(1) مقابلة مع د سعيد بن منصور، رئيس ANMSL، المغرب اليوم، 26/04/2005. (2) بلواس عزيزة، لامو إخفاق قبل أوانه، لا في إيكونوميك، 29 مارس 2004

.....

_______________________

رابط التحميل

https://drive.google.com/file/d/1UhOjOt9Hfpnr-6CbYM5XEic4bTfbVk2F/view?usp=drivesdk