أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام في موضوع : أراضي الجماعات السلالية بالمغرب ورهان التنمية
أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام في موضوع : أراضي الجماعات السلالية بالمغرب ورهان التنمية

رابط تحميل المقال اسفل التقديم
مقدمة
يتميز المغرب بتعدد وتنوع أنظمته العقارية، سواء من حيث طريقة الاستغلال والانتفاع، أو من حيث التدبير والتسيير، أو الأساس الذي يستمد منه قواعده وأحكامه.
وهذه العقارات باختلاف طبيعتها وتعدد أنظمتها تكتسي أهمية بالغة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتعد عاملا أساسيا من عوامل التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية. ومن هذه الأنظمة نخص بالدراسة أراضي الجماعات السلالية أو ما يطلق عليها أراضي الجموع، ويعتبر هذا النوع من الملكية الموغل في القدم تعبيرا عن نمط سائد في المغرب يجد مظهره الاجتماعي في الجماعة نفسها، حيث ظل الشكل الجماعي سواء اتخذ صورة قبيلة، أو عائلة عماد التنظيم الإداري والاقتصادي تقوم فيه القرابة بدور مهم يحدد الهوية الاجتماعية ويضمن الأمن لأفرادها والتكافل والاستقرار والاستمرارية.
وتشكل أملاك الجماعات السلالية وعاء عقاريا متنوعا من حيث المساحة والنوعية ومرفقا مركزيا للتنمية الفلاحية باعتبارها ثروة لا يستهان بها من الرصيد العقاري حيث تقدر المساحة الإجمالية لهذه الأراضي ب 15 مليون هكتار تستغلها 4563 جماعة سلالية وتتواجد في 48 إقليما أو عمالة، وتكون الأراضي الرعوية نسبة تفوق 85% تشتغل بصفة جماعية من طرف ذوي الحقوق وتوظف أهم المساحات المتبقية في النشاط الفلاحي .
وتتوزع هذه الأراضي بين الأراضي الزراعية والغابوية والرعوية والقاحلة وبعضها أصبح ضمن المدار الحضري وما يعنيه ذلك من قيمة عقارية ومالية، وبعضها الآخر عبارة عن أراضي سقوية، وكذلك مقالع أحجار ورمال ومعادن نفيسة وغالية وغيرها، وهو ما يعطيها أهمية خاصة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
1 محمد مومن، أملاك الجماعات السلالية وأراضي الكيش سلسلة المعارف القانونية والقضائية"، مساهمة في أشغال الحوار الوطني حول الأراضي الجماعية"، مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2014، ص 8 البوابة الالكترونية للجماعات السلالية والأراضي الجماعية مديرية الشؤون القروية، وزارة الداخلية
إن هذه الوضعية سواء من حيث نظامها القانوني المتشعب والمتنوع، أو من حيث طريقة تدبيرها أو كيفية استغلالها والمنازعات المتعلقة بها، لا تتلاءم والتطورات التي تعرفها البلاد ولا تساهم بالشكل المطلوب في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
أولا: الإطار المفاهيمي للموضوع
الجماعات السلالية هي عبارة عن قبائل وفخدات قبائل ودواوير أو كل مجموعة سلالية، وتتوفر هذه الجماعات على الشخصية المعنوية وتخضع للقانون الخاص ولها إطارها القانوني التشريعي والتنظيمي، وتعهد الوصاية على الجماعات السلالية إلى السيد وزير الداخلية.
أما الأراضي الجماعية فملكيتها ترجع للجماعات السلالية، وتتميز هذه الأراضي بكونها غير قابلة للتقادم، ولا للحجز ولا للبيع، باستثناء ما تعلق بالدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والجماعات السلالية. ويتم توزيع حق الانتفاع من الأراضي الجماعية الفلاحية بين ذوي الحقوق من طرف جمعية المندوبين أو النواب طبقا الأعراف والعادات وتعليمات الوصاية.
والتعريفات حول الجماعات السلالية والأراضي الجماعية تستمد مرجعيتها من أراء الفقهاء والباحثين في هذا الموضوع. فهناك من الفقهاء من عرف الأراضي الجماعية بتلك الأراضي المخصصة منفعتها للجماعات للتصرف فيها بالحرث أو رعي المواشي أو الكراء للغير بواسطة مندوبيها تحت وصاية وزارة الداخلية تبعا للأعراف المحلية وعادات القبائل الموجودة بها طبقا لمجموعة من الظهائر المنظمة لها.
كما عرفها البعض على أنها عبارة عن ملكيات تعود لفائدة الجماعات القبلية التي تجمع بينها عدة قواسم مشتركة كالدين والعرق والدم والعائلة، وكل قبيلة من هذه القبائل تتوزع إلى عشائر ودواوير وفخدات وعائلات تسعى إلى الاستغلال الجماعي لمجموع الملكيات الموضوعة تحت تصرفها.
ما تم تعريفها كذلك بتلك الأراضي التي تنتفع بها جماعات بصورة جماعية وفقا الأساليب الانتفاع المتعارف عليها منذ القدم، في كل مجموعة دون تعيين لحق الفرد فيها.
وفي نفس السياق تم تعريفها بأنها تلك الأراضي التي تملكها جماعات من السكان منتمية لنفس الأصل أو السلالة قبيلة أو فخدة أو دوار أو فئة وتسير من أرباب العائلات المكونة للجماعات ومن طرف نائب أو عدة نواب أو نوابها.
وهناك من يرى بان التعاريف التي وضعت حول الأراضي الجماعية ، نابعة إما من روح التشريع المطبق وخصوصا ظهير 27 ابريل 1919، أو من الفقه الفرنسي ونتيجة لذلك، وفي ظل السياق السياسي لتلك الفترة من التاريخ، تبقى تلك التعاريف " رهينة أهداف السلطة أو الطبقات النخبوية 5. ويلاحظ أن هذه التعاريف بالرغم من اختلاف
1 Paul Decraux, "Droit foncier Marocain" imprimerie Elmaarif Aljadida, édition la porte, Rabat 2000, p463. 2 محمد الحياني، أنظمة الشهر العقاري في العالم طبع مؤسسة النخلة للكتاب ، وجدة، الطبعة الأولى 1425هـ / 2004م
19 محمد مهدي الجم، التحفيظ العقاري في المغرب مكتبة الطالب الرباط الطبعة الثانية، 1980، ص 139 *Albert Guillaume, la propriété collective au Maroc, Série de la langue française, 8 édition la
porte, Rabat librairie de Médicis 1960. P11 Najib BAUDERBALA, La terre collective au Maroc, droit et fait, Ed. BOURGOUZE et R.Rubino-Itali, 1992. P 28
التعريف الإداري الوارد في بوابة الجماعات السلالسة والأراضي الجماعية، هو ما يلي: استلهاما من تعريفات الأساتذة الباحثين واستنادا إلى تعامل مصالح الوصاية من هذه الإشكالية يمكن تعريف الجماعات الأصلية بالتعريف القريب المتداول حاليا وهو كالآتي: "الجماعة الأصلية هي مجموعة بشرية تنحدر من سلالة عرقية
واحدة وتجمعها مصالح مشتركة "
إن الانتماء إلى سلف واحد - ancetre communوان ظل ذلك السلف أو الأب الروحي وهميا وفي هذه الحالة تنعت بالجماعة السلالية هو الرابط الأساسي بينها حيث تبقى بعد ذلك ملتحمة ومجتمعة حول نواة أصلية noyau originel . تشكل الخلية الأساسية agnatique lignée التي يتفرع عنها مجموع مكونات القبيلة فخذة - مدشر - دوار - عظم -
صياغتها، إلا أن حمولتها تقضي بأنها الأراضي التي تعود للدولة حق رقبتها، ولا يبقى للجماعات الأصلية إلا حق الانتفاع سواء كانت هذه الجماعات في شكل قبائل أو عشائر أو دواوير أو جماعات سلالية تتمتع بشخصية معنوية تمكنها من تدبير شؤونها المتعلقة بالأرض التي تملك حق استغلالها تحت وصاية الدولة ممثلة في وزارة الداخلية.
وتتميز الأراضي الجماعية بسمات خاصة تختلف عن وضعية بعض الأراضي التابعة للدولة ومنها نظام الملك العام لدولة الذي حسب ظهير فاتح يوليوز 21914 ، تعود ملكيته إلى الدولة من خلال وظيفة المنفعة العامة ، والمشرع المغربي لم يحدد هذا النظام بشكل حصري، بل اكتفى بإعطاء أمثلة لها على سبيل المثال لا الحصر ، فالملك العام هو الذي تملكه الدولة وتعتبره ضروريا للمصلحة العامة كشواطئ البحار والموانئ وما يتصل بها من الانهار والبحيرات والطرق والسدود والقنوات والأشغال العمومية. 4
ويرى جانب من الفقه، أنه من الصعب تمييز الأملاك العامة للدولة بسبب تنوع مكوناتها، غير أنه يمكن أن يصنف ضمنها كل ما لا يقبل التملك الخاص، ويمكن استعماله من طرف العموم. وهناك نظام أملاك الدولة الخاصة وهي عبارة عن مجموعة من الأملاك تملكها الدولة باعتبارها شخص كباقي الأشخاص الطبيعية أو المعنوية، ويعهد بيرها إلى مديرية أملاك الدولة ويمكن تفويتها للخواص كلما تحققت الشروط اللازمة عت الضرورة إلى ذلك.
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1Dt3kWAGRRGeWt0JRneNkZLHNoCEAiC_i/view?usp=drivesdk