مسؤولية المخدوم عن فعل الخادم في القانون المغربي
مجموعة دروس وعروض في قانون المسؤولية المدنية في القانون المغربي للتحضير للمباريات القانونية
فمن خلال هذه المقتضيات يتضح أن المشرع المغربي يشترط لقيام مسؤولية المخدوم شرطين : - أولهما: قيام علاقة الخدمة أو التكليف بالمأمورية بين الخادم والمخدوم لمصلحة هذا الأخير.
- ثانيهما: حدوث ضرر من طرف الخادم للغير أثناء قيامه بالوظيفة أو بسببها.
فبالنسبة للشرط الأول والذي يطلق عليه علاقة التبعية والتي لم يعرفها المشرع المغربي، الأمر الذي كان سببا في ظهور خلاف حول مدلولها ومداها، انتقل من القانون والفقه الفرنسيين إلى نظيريهما المغربيين، إذ ظهرت في هذا السياق مدرستان : -المدرسة الأولى وهي المدرسة الكلاسيكية والتي استلزمت شرطين لتحقق علاقة التبعية، وهما أن يكون المخدوم قد اختار تابعه، وأن يوجد هذا الأخير تحت رقابة وتوجيه الثاني فعنصر الاختيار وإن كان الفقه والقضاء الفرنسيين القديمين يعتبر أنه عنصرا أساسيا فيما يقوم من رابطة بين المخدوم والخادم، وأن خطأ الأول يتجلى في سوء اختياره، فإن أغلب الفقه الحديث لا يرى فيه هذه الأهمية إذ ليس كافيا لقيام علاقة التبعية، واعتبر أن عنصر الإشراف والرقابة هو قوام هذه العلاقة.
فحق المخدوم في إصدار الأوامر والتعليمات، والذي يقابله وجوب خضوع الخادم وامتثاله لتلك السلطة، هو في الواقع القوام الذي تتحقق به تلك العلاقة الموجبة لمساءلة المخدوم.
أما المدرسة الثانية فتقرر المسؤولية في حق المخدوم على أساس الغنم الذي يحصل عليه من عمل الخادم، فحيث توجد المنفعة توجد المسؤولية، وانتفاؤها يفيد وجود استقلال اقتصادي وبالتالي انتفاء التبعية، غير أن هذه المدرسة واجهت مجموعة من الانتقادات أهمها عدم تضمنها لأي معيار قانوني محدد صالح للتطبيق، وأنها مجرد تمظهر غير مباشر لمعيار سلطة الإشراف والرقابة .
وبخصوص الشرط الثاني فيجب أن ينتج ضرر للغير نتيجة فعل الخادم وهو أثناء أداء الوظيفة أو بسببها، فيعتبر الفعل الضار واقعا حال تأدية الوظيفة إذا ارتكبه التابع وهو يؤدي عملا من أعمال الوظيفة، أما الفعل الواقع بسبب هذه الأخيرة فهو الذي ارتكبه الخادم خارج أعمال وظيفته، ولكن تكون هي السبب المباشر لوقوعه، وتقوم هذه السببية بين فعل الخادم والوظيفة إما لأن التابع لم يكن ليستطيع أن يرتكب الفعل لولا الوظيفة، وإما لأنه لم يكن ليفكر في ارتكابه لولاها .
كما يسأل المخدوم كذلك عن الضرر الناتج عن فعل الخادم بمناسبة الوظيفة، والذي يقصد به أن هذا الأخير قد أساء استعمال وظيفته أو تجاوز حدودها، ويفترض أن الفعل غير أجنبي عن الوظيفة، غير أنه نتيجة سوء استعمال لها، مستغلين التسهيلات التي توفرها لهم الوظائف الملزمين بأدائها .
وقد تعددت التفسيرات كذلك حول الأساس الذي ترتكز عليه مسؤولية المخدوم عن فعل الخادم، فاتجه بعض الفقه إلى اعتبار أساسها الخطأ المفترض، قولا بأن الشخص المسؤول عن فعل الغير لا يعدو أن يكون مخطئا إما في سوء اختيار الخادم، أو مراقبته أو توجيهه، واتجه البعض الآخر إلى تأسيس هذه المسؤولية على نظرية تحمل التبعة إذ أن المخدوم يتحمل مسؤولية خادمه من أجل مصلحته التي استفادها من نشاط هذا الأخير، إذ القاعدة في هذا الشأن هي الغنم بالغرم.
بينما حاول بعض الفقه تفسير مسؤولية المخدوم عن فعل الخادم طبقا لفكرة الضمان، اعتبارا لأن المشرع راعى ظروفا اجتماعية جعلته ضامنا لهذه الأضرار ، فهي تحمل في طياتها حكم الكفالة إذ يعتبر المخدوم كفيلا مليئا يحل محل الخادم في الأداء.
في حين أسس فقهاء آخرون هذه المسؤولية على النيابة أو التمثيل القانوني، فالخادم حسبهم نائب قانوني عن المخدوم يعمل لحسابه ويأتمر بأوامره .