الإرادة المنفردة

مجموعة مواضيع في النظرية العامة للالتزام في القانون المغربي لإنجازالبحوث والتحضير للمباريات القانونية

الإرادة المنفردة
لا أحد ينكر بأن العقد مصدر من مصادر الالتزام.

ولقد عرفته المادة 1101 من القانون الفرنسي العقد " بأنه اتفاق يلتزم بمقتضاه شخص أو عدة أشخاص نحو شخص أو عدة أشخاص بإعطاء شيء أو بفعله أو بالامتناع عن فعله " وبمعنى أخر توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني معين.

وكما هو معلوم أن جل التشريعات الوضعية قد أقرت بأن العقد مصدر عام للالتزام.

ومن المصادر الأخرى للالتزام في قانون الالتزامات والعقود المغربي: التصريحات الأخرى المعبرة عن الإرادة أو بعبارة أوضح الإرادة المنفردة – أشباه العقود – الجرائم وأشباه الجرائم، وفقا للفصل الأول.

ولئن كان المشرع المغربي اعتد بالإرادة المنفردة كمصدر للالتزام إلى جانب العقد، متفاديا ذلك النقص الملحوظ في النظرية التي اتبعها المشرع الفرنسي إلا أنه يؤاخذ عليه ما كان أخذ على المشرع الفرنسي من حيث اعتداده بشبه العقد وشبه الجرم كمصدرين للالتزام، كما يؤخذ عليه إغفاله ذكر القانون في عداد مصادره للالتزامات مع أن القانون يمكن أن يكون السبب المباشر لنشوء بعض الالتزامات.

وتجدر الإشارة إلى أن إقحام المشرع الإرادة المنفردة بجانب العقد يشكل توجها من التوجهات التي دأبت إليه بعض التشريعات المقارنة كالتشريع الألماني، التشريع العراقي، التشريع السوري، التشريع المصري.

الذي اعتبروا أن الإرادة المنفردة هي فقط حالة استثنائية للالتزام ولا تشكل مصدر عاما للالتزام .

و هذا التوجه في حد ذاته إلى تجنب الانتقادات التي تلقاها التشريع الفرنسي من جهة، وبغية التمسك بالتوجه الذي سلكه الفقه الإسلامي الذي يعد سباقا لاعتبار الإرادة المنفردة مصدر من المصادر العامة للالتزام، إلى الحد الذي جعل البعض يقول أن الإرادة المنفردة هي المصدر الإرادي الوحيد للالتزام من جهة أخرى.

ويترتب على الإرادة المنفردة في الفقه الإسلامي آثار قانونية عديدة، كإنشاء الالتزام أو نقل حق عيني، أو انقضاء حق.

فالإرادة المنفردة تعد عند بعض المذاهب، كالمذهب المالكي ، مصدرا عاما للالتزام بخلاف الفقه الغربي حيث ظهرت نظرتين قانونيتين حول دور الإرادة المنفردة في إنشاء الالتزام إحداهما نظرية تقليدية وأخرى حديثة.

فالأولى يتبنى غالبية هذه النظرية الفقه الفرنسي (أمثال بوتييه) ، وهي تعتبر من مورثات القانون الروماني الذي كان ينظر للالتزام على اعتبار انه رابطة شخصية بين دائن ومدين، وظلت هذه النظرية سائدة إلى أوائل القرن التاسع عشر ، وهي تذهب إلى أن الالتزام الذي يتولد عن عمل قانوني لا يكون مصدره إلا عقدا أي توافق إرادتين.

أما النظرية الحديثة فقد سادت في ألمانيا( أمثال سيجيل- جاكوبي- كونتز) تقضي بأن الإرادة المنفردة تكفي كذلك لإنشاء التزام، وأخذت هذه النظرية تنازع العقد مركزه الذي تبوأه من قبل، فزعم أصحابها أن الآثار القانونية التي كانت مقصورة على توافق إرادتين يمكن أن تترتب إلا على العقد ، تترتب كذلك على الإرادة المنفردة وحدها.

ومن هنا قد يتبين لنا بأن المشرع المغربي قد تبنى طريقا وسطا بين نظريتين متطرفتين، إلا أنه ينبغي الإشارة إلى النظريتين قد اتفقتا على مدى إمكانية الإرادة المنفردة من ترتيب أثار قانونية ( كإنهاء عقد الشغل غير محدد مدة _ عزل الموكل الوكيل_ الاستلحاق المادة 160 من مدونة الأسرة.

.

.

) .

ولما كانت الإرادة المنفردة انصراف إرادة شخص ما إلى إحداث أثر قانوني دون حاجة إلى إرادة ثانية تتوافق معها ، فان أهميتها تكمن في كيفية إنشاء هذا الأثر في ظل تواجد العقد كشريعة المتعاقدين .

.

إلا أنه تماشيا مع إرادة المشرع المغربي الذي جعل من هذه الإرادة حالة استثنائية وردت في أماكن مختلفة في قانون الالتزامات والعقود أو غيره من التقنينات.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0