النتيجة الإجرامية للطبيب في القانون المغربي
مجموعة بحوث وعروض في القانون الجنائي والمسؤولية الجنائية للطبيب
المشرع المغربي نص في الفصل 432 ق.
ج.
م الخطأ الجنائي التي يؤدي إلى قتل غير عمدي أو تسبب فيه عن غير قصد، أما الفصل 433 ق.
ج.
م، فانه ينص عن الخطأ الجنائي الذي يؤدي إلى جرح غير عمدي أو إصابة أو مرض نتج عنه عجز عن الأشغال الشخصية تزيد مدته عن ستة أيام.
وبذلك فإن النتيجة الإجرامية تتحقق من خلال سلوك خاطئ للطبيب ينتج عنه قتل أو إصابة خطأ، وفي هذا الصدد جاء قرار صادر عن المجلس الأعلى نص على أن حصول فقدان بصر العين اليسرى لمريضة من جراء النزيف الدموي الذي أصابها خلال العملية التي أجريت عليها من طرف الطبيب، وذلك ناتج عن عدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة للحد من النزيف.
(1) وفي قرار آخر عن نفس المجلس، قام بتأييد إذانة طبيبين عن الإهمال والتقصير في بذل العناية اللازمة التي حدثت للمريضة بعد دخولها من أجل الولادة، مما نتج عنه مضاعفات خطيرة مست سلامة جسم المريضة.
(2) أما القضاء الفرنسي، فقد أدانت محكمة باريس أحد الأطباء المختصين في علاج الأنف والأذن عن جريمة القتل خطأ نتيجة عدم المتابعة والإشراف الطبي بعد ساعات قليلة من إجراء العملية الجراحية للمريض الذي استؤصلت منه اللوزتان، وقد ترتب على ذلك عدم المتابعة وفاة المريض بعد إصابته بنزيف حاد(1) .
كما قضت محكمة الاتحادية العليا للإمارات بمسؤولية الطبيب الذي قام بإجراء جراحة في عين المريض رغم عدم توافر المعدات الطبية الحديثة اللازمة لإجرائها لديه واعتبرته خطأ يسأل عنه أيا كانت درجة هذا الخطأ والذي أدى إلى تفويت فرصة الشفاء بما يحقق معه الضرر الموجب لمسؤوليته(2).
وتجدر الإشارة إلى أن الجرائم الطبية التي تقع من الناحية الواقعية المغرب يمكن القول بأنها كثيرة، إلا أنه لا يتم التبليغ عنها أو رفع الشكاوي أمام الجهات المختصة سواء كانت هيئة الأطباء الوطنية أو هيئة الأطباء الأسنان الوطنية حول مختلف الأخطاء الطبية التي يتعرض لها المرضى بصفة عامة، وذلك يرجع إلى عدة عوامل منها العوامل الإيديولوجية التي تحكم العلاقات الفردية داخل المجتمع، وكذلك العوامل الاقتصادية والاجتماعية للمريض بالإضافة إلى ما يعانيه قطاع الصحة العمومية بالمغرب من مشاكل سواء كانت تتعلق بالموارد البشرية أو التجهيزات الأساسية، رغم وجود مخطط حكومي للنهوض بقطاع الصحة العامة(3).
ويمكن إثبات النتيجة الإجرامية المترتبة عن الخطأ الطبي بكافة وسائل الإثبات سواء كان الخطأ ماديا أو فنيا أو جسميا أويسيرا، وخاصة عن طريق الخبرة الطبية التي لها دور في تقدير حجم الضرر الذي يعاني منه المريض أو إثبات أن الخطأ الطبي أدى إلى حدوث حالة الوفاة او الإصابة بمرض أو عاهة أو تشوه إلى غير ذلك (2).
كما يمكن أن يترتب على الخطأ الطبي في حالة نقل وزراعة الأعضاء البشرية تعرض الشخص إلى حالة الوفاة أو الإصابة بعاهة نتيجة عدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة، وذلك بالاعتماد على الخبرة الطبية التي تعتبر جوهر قيام المسؤولية الجنائية للطبيب لذلك يجب إعادة تنظيم نظام الخبرة الطبية بنصوص خاصة.
اذن ما هو العنصر الثالث لقيام المسؤولية الجنائية للطبيب !