القواعد القانونية وقواعد الأخلاق
مجموعة دروس في العلوم القانونية للتحضير للمباراة والتعمق في الدراسات القانونية
و بعبارة أخرى هي مجموع القواعد التي تحض على الخصال الحميدة و المتل العليا في عصر من العصور بحيث إن من خالفها يتعرض لتأنيب ضميره أو الازدراء مواطنيه, ومثلها قول الصدق و الإحسان إلى الفقراء و مساعدة الضعفاء والامتناع عن الشر و الاعتداء على نفس الغير أو عرضه أو ماله ,
وتتفق قواعد الأخلاق مع القواعد القانونية في عدة نواحي لعل أهمها : إنها قواعد اجتماعية أي أن كلا منهما لا يوجد إلا إذا وجدت الجماعة , لأن الغاية منهما هي تنظيم سلوك الفرد داخل الجماعة
إنها قواعد عامة و مجردة أي ان الخطاب فيهما موجه إلى كافة أفراد المجتمع
إنها قواعد ملزمة , أي أن هذه القواعد ملزمة لنا وكلها تقترن بجزاء يوقع على من يخالفها , وإن اختلفت طبيعة الجزاء بينهما وكدا السلطة التي توقعه
تهدف كل من قواعد القانون و قواعد الأخلاق إلى خير الفرد و خير الجماعة , فالقواعد الأولى تسمو بالأفراد نحو الكمال وبالتاي تحقق للمجتمع الأمن العام و السكينة العامة والقواعد القانونية تنظم سلوك الفرد في المجتمع بما يحقق مصلحته و مصلحة غيره
-الفوارق بين قواعد الأخلاق والقواعد القانونية- ورغم أوجه الشبه المذكورة بين هذين النوعين من القواعد فهناك فروق واضحة بينهما لعل أهمها :
دائرة الأخلاق أكتر اتساعا من دائرة القانون , فقواعد الأخلاق تنظم علاقة الإنسان بنفسه وعلاقته بغير , بينما قواعد القانون يقتصر فقط على تنظيم جزء من علاقة الإنسان بغيره, وهو الجزء اللازم احترامه لتأمين مصالح المجتمع.
قواعد القانون قواعد واضحة و محددة وهذا ما يجعل معرفتها و تطبيقها أمرا ميسورا في حين أن المبادئ الأخلاق لا توجد إلا مشتتة في ضمير الكافة هناك مجالات مشتركة بين القانون و الأخلاق كتحريم القتل و السرقة مثلا, إلا أن هناك مسائل يهتم بها القانون دون الأخلاق كتنظيم المرور و تحديد طرق الطعن في الأحكام , كما أن الأخلاق تقيم وزنا لبعض المسائل مثل المروءة و الشهامة و عدم النفاق وهذه أمور لا يهتم بها القانون تهتم الأخلاق بالسلوك و النوايا و البواعث الداخلية, أما القانون فيقتصر من حيث المبدأ على المظاهر الخارجية لسلوك الإنسان
التفرقة الأساسية بين قواعد الأخلاق و قواعد القانون هي خاصية الجزاء , فالجزاء القانوني المترتب عن مخالفة القواعد القانونية جزاء مادي توقعه الدولة على المخالف بواسطة محاكمها , أما الجزاء المترتب عن مخالفة القواعد الأخلاقية فهو جزاء معنوي يقتصر على الاستنكار من قبل الناس و تأنيب الضمير .
وتكمن أسباب الاختلاف السابق بيانها في اختلاف الغاية بين القانون و الأخلاق, فالأخلاق غايتها فردية, أي أنها ترمي إلى الارتقاء بالفرد في ذاته, وهي غاية مثالية تصبو إلى السمو بالإنسان نحو الكمال , ومن ثم فهي تراعي في تنظيمها لسلوك الأفراد في المجتمع ما يجب أن يكون عليه السلوك لا ما هو كائن فعلا,
وهذا بعكس القاعدة القانونية التي تأخذ في تنظيمها للمجتمع بما هو كائن فعلا, وبذلك فإن الأخلاق تتخذ من الشخص الكامل نموذجا لها , في حين أن القانون عندما يوضع يكون قد أخد في الاعتبار ما يمكن أن يصدر عن الشخص العادي , فالقانون بهذا هو أكتر واقعية, ومن تم يقتصر على المسائل ذات الأهمية الاجتماعية التي من شأنها حفظ الأمن و الاستقرار في الجماعة .