الإجراءات الإدارية و الشكلية لإبرام عقد الزواج في القانون المغربي

مجموعة مواضيع في قانون الأسرة للإستعانة بها في البجوث التحضير للمباريات القانونية

الإجراءات الإدارية و الشكلية لإبرام عقد الزواج في القانون المغربي

الإجراءات الإدارية و الشكلية لإبرام عقد الزواج.

جعل المشرع انعقاد عقد الزواج تحت إشراف القضاء. و قد استحدث لهذه الغاية مؤسسة قاضي الأسرة المكلف بالزواج، إلى جانب قاضي التوثيق و شؤون القاصرين و قضاة الأحكام، كما أخضعه لعدة إجراءات منها الإدارية فيما يخص إعداد ملف الزواج، و الشكلية فيما يرتبط بتوثيق عقد الزواج و الشروط المطلوبة فيه.

الفقرة الأولى: الإجراءات الإدارية لإبرام عقد الزواج.

  إن إبرام عقد الزواج أصبح يستلزم القيام بمجموعة من الإجراءات السابقة على إبرامه تتم بالتتابعن و التي سمكن اختزالها في تقديم طلب الإذن بتوثيق عقد الزواج، و فتح ملف لهذا العقد بقسم قضاء الأسرة لمحل إبرامه، و هذا الملف يتضمن مجموعة من الوثائق و المستندات التي عددتها المادة 65 من مدونة الأسرة، و التي ينبغي التأشير عليها من طرف قاضي الأسرة المكلف بالزواج، و الذي يمارس من خلاله رقابة قبلية فعالة على الزواج قبل أن يأذن للعدلين بتوثيق العقد.

أولا: ملف عقد الزواج :

تبدأ الإجراءات الإدارية لإبرام عقد الزواج بتقديم طلب الإذن بتوثيق عقد الزواج و إرفاقه بمجموعة من الوثائق التي يؤشر عليها قاضي الأسرة المكلف بالزواج.

- 1 : تقديم طلب الإذن يتوثيق الزواج.

يتطلب من المقبلين على الزواج تقديم طلب الإذن بتوثيق عقد الزواج إلى السيد قاضي الأسرة المكلف بالزواج بالمحكمة الابتدائية لمحل إبرام العقد[1]، وقد نص المشرع على هذا الطلب في المادة 65 من مدونة الأسرة، واعتبره من وثائق ملف الزواج.

و كما تم تعديل مطبوع خاص بقرار من وزير العدل[2] تم بموجبه تحديد شكل ومضمون هذا الطلب، والذي يجب أن يتضمن معلومات عن الخاطب والمخطوبة تتمثل في الاسم الشخصي والعائلي لكل منهما، وتاريخ ميلادهما، وجنسيتهما، ورقم بطاقتهما الوطنية أو ما يقوم مقامها، والحالة العائلية والصحية لكل منهما، ومهنة ومحل سكنى أو إقامة كل منهما، بالإضافة إلى معلومات عن نوع الزواج المرغوب فيه، هل هو زواج أول أو عقد جديد بين نفس الطرفين، أو زواج التعدد ؟

ويملأ هذا الطلب ويؤرخ ويجب أن يحمل توقيع طالبه، سواء كان أحد الخاطبين أو كلاهما، أو وكيلهما عند وجوده.

ولا يؤدي إغفال أحد تلك البيانات إلى رفض طلب الإذن بتوثيق عقد الزواج، بل يمكن مطالبة الطرف الذي قدم الطلب بتحديد البيانات غير التامة، أو تكملة التي وقع إغفالها.

ويكتسي هذا الطلب أهمية خاصة لكل من الخاطب والمخطوبة حيث يمكنهما من الاطلاع مسبقا على المعلومات الأساسية المتعلقة بكل واحد منهما والواردة في الطلب، لتجنب ما يمكن أن يقع فيه أحد الطرفين من تدليس الطرف الأخر في بعض البيانات التي تكتسي أهمية عنده كالمهنة، أوتاريخ الازدياد، وغيرهما.

 - 2 : فتح ملف لعقد الزواج.

يحدث ملف لعقد الزواج يحفظ بكتابة الضبط لدى قسم قضاء الأسرة لمحل إبرام العقد، ويضم، بالإضافة إلى طلب الإذن بتوثيق الزواج، مجموعة من الوثائق، منها ما هو مشترك بين جميع أنواع عقود الزواج، ومنها ما هو خاص ببعض عقود الزواج بالنظر إلى طبيعتها الاستثنائية.

وتتم جميع الإجراءات المرتبطة بتوثيق الزواج في نفس الدائرة القضائية التي رفع إليها طلب الإذن بالزواج.

ولعل الغاية التي يهدف إلها المشرع من وراء إحداث ملف خاص بالزواج وحفظه لدى كتابة الضبط بقضاء الأسرة تظهر في الرجوع إليه عند الحاجة، إما للتثبت من كل أمر يمكن أن بثار بشأن خلاف، أولأجل التحقق من توفر شروط تنص عليها مدونة  الأسرة[3].

- 3: تأشير فاضي الأسرة المكلف بالزواج على ملف مستندات الزواج.

تحال ملفات طلبات الزواج على قاضي الأسرة المكلف بالزواج بمجرد فتحها، ونظر للطبيعة الاستعجالية والاجتماعية لهذه الطلبات من جهة، ولكثرتها من جهة أخرى، فإنه يتعين النظر فيها طيلة أيام العمل، وعدم تخصيص جلسات محددة لها في أوقات أو أيام معينة حتى يمكن تصفيتها جميعا.

ينظر القاضي في هذه الطلبات في إطار وظيفته الولائية وليس في إطار الوظيفة القضائية بمقتضى مسطرة استثنائية، ولا يشترط حضور الطرفين أمام القاضي، ولا يستوجب عليه الاستماع اليها قبل إصدار الإذن إلا عند الاقتضاء[4]، فالأمر يتعلق فقط بالإطلاع على مختلف وثائق الملف، ومراقبة مدى صحتها وسلامتها وتوفرها على الشروط المطلوبة، من حيث تاريخ صلاحيتها، والجهة المصدرة لها، ومدى احترامها للشكليات والبيانات المطلوبة، والتأكد من خلالها من هوية الخاطيين طالبي إبرام الزواج و استجماعهما للشروط المتطلبة قانونا، فإذا تبين له أن الملف مستجمع لجميع شروطه ووثائقه، فحينئذ يقوم بالتأشير عليه قبل الإذن للعدلين بتوثيق عقد الزواج، ويحفظ بعد ذلك ملف الزواج برقمه الترتيبي في كتابة الضبط.

يتم الإحتفاط في بالملف بجميع الوثائق المدلى بها، وكذلك بنسخة من الإذن المسلم للمعني بالأمر، وهي موقع عليها من طرف قاضي الأسرة المكلف بالزواج.

- 4 : إصدار الإذن تتوثيق عقد الزواج.

 بعد تأكد قاضي الأسرة المكلف بالزواج من اكتمال وثائق ملف الزواج، ومن صحتها وسلامتها، والتأشير عليها، يصدر إذنه بتوثيق عقد الزواج، ويوجه هذا الإذن لعدلين منتصبين للإشهاد بدائرة المحكمة التي يعمل بها لتوثيق عقد الزواج المذكور، طبقا للقواعد المنصوص عليها في مدونة الأسرة.

وهذا الإذن الذي يصدر عن قاضي الأسرة المكلف بالزواج بصفة انفرادية، وفي إطار سلطته الولائية، ومن غير حضور كاتب الضبط، هو إذن قضائي، وهذا يقتضي أن لا يتسلمه إلا من له الصفة.

 ولا يمكن للطرفين التوجه إلى العدلين للإشهاد عليهما بإبرام الزواج، إلا بعد الحصول على إذن بذلك من قاضي الأسرة المكلف بالزواج، إلا أن العلاقة الزوجية لا تقوم بمجرد صدور هذا الإذن، فهو لا يعدو أن يكون مجرد رخصة تسلم لصاحبها، تسمح له بتوثيق زواجه لذى عدلين، إن شاء استعملها، وإن تراجع عن رغبته في الزواج، فإنها تصبح عديمة الأثر[5]، لكن قد يتعذر على المستفيد من هذا الإذن الحصول من جديد على شهادة إدارية تتعلق بالخطوبة إذا رغب في إبرام عقد زواج مع طرف آخر وفي هذه الحالة يتعين تقديم طلب من المعني بالأمر لقاضي الأسرة المكلف بالزواج لتسجيل تراجعه عن توثيق عقد الزواج، ويكون الطلب مرفقا بأصل الإذن المسلم له، ويتم الإستماع إليه من طرف القاضي في محضر رسمي يسجل فيه، بعد التأكد من هويته، تصريحه بأنه لم يقم التوثيق الزواج لدى العدلين، وعند الإقتضاء يمكن استدعاء الطرف الآخر للتأكد من ذلك، وبالتالي ترجع له وثائقه الأصلية التي كان أدلى بها في الملف[6]، مع ضرورة الاحتفاظ في الملف بصور شمسية لهذه الوثائق، مع توقيع المعني بالأمر بالملف على ذلك.  

ثانيا : المقتضيات الخاصة بمستندات عقد الزواج.

ألزم المشرع المقبلين على الزواج بالإدلاء بمجموعة من الوثائق، من أجل الحصول على الإذن، الذي يسمح بتوثيق زواجهما لدى عدلين منتصبين للإشهاد، وهذه الوثائق منها ما هو مشترك بين جميع أنواع عقود الزواج، ومنها ما هو خاص ببعض عقود الزواج بالنظر إلى طبيعتها الاستثنانية [7] .

- 1  : الوثائق المشتركة بين جميع عقود الزواج.

إن جميع الطلبات التي يتم رفعها إلى المحكمة بقصد توثيق عقد الزواج يجب لزوما أن ترفق بثلاثة وثائق أساسية تعتبر عامة بين جميع عقود الزواج.

وتتمثل هذه الوثائق أساسا في نسخة من رسم الولادة والشهادة الإداريةو كذا الشهادة الطبية.

 أ - نسخة من رسم الولادة [8] لكل واحد من الخاطبين : وهي تشمل النسخة الكاملة أو النسخة الموجزة[9] التي تستخرج من سجل الحالة المدنية للمعني بالأمر من طرف ضابط الحالة المدنية الممسك لهذا السجل، ويشير ضابط الحالة المدنية، في هامش العقد بسجل الحالة المدنية، إلى تاريخ منع هذه النسخة، و ينبه على أنها منحت من أجل الزواج، وتحدد مدة صلاحية نسخ رسوم الحالة المدنية في ثلاثة اشهر من تاريخ إصدارها.

ولا تقوم البطاقة الشخصية للحالة المدنية [10] ، وكذلك بطاقة التعريف الوطنية مقام نسخة رسم الولادة كوثيقة من وثائق ملف عقد الزواج[11] .

و هذه الوثيقة تفيد في تفادي بعض حالات التزوير التي قد تقع كانتحال الأسماء المستعارة، والزواج دون السن القانوني، وغيرها

ب - شهادة إدارية لكل واحد من الخاطبين : وقد حدد نموذجها وبياناتها قرار مشترك لوزيري العدل والداخلية[12]، وتتضمن، حسب المادة الثانية من هذا القرار، أساسا البيانات الخاصة بالحالة المدنية للخاطب والمخطوبة، ووضعهما العائلي، ومحل سكناهما ومهنتهما.

 وتسلم الشهادة الإدارية للزواج من طرف رئيس المجلس الجماعي لمحل سكنى طالبها بناء على بحث يتم من طرف عون السلطة ونسخة كاملة من رسم الولادة وعند الاقتضاء التزام كتابي يشهد فيه الخاطب أو المخطوبة بوضعيتهما العائلية.

 وتساعد هذه الشهادة على منع تستر الزوج على زواجه بزوجة أو زوجات أخريات، أو زواج المرأة دون أن تكون حلا للعقد عليها [13] .

ج - شهادة طبية لكل واحد من الخاطبين : تهدف بالأساس إلى المحافظة على ضمان النوع البشري وتحسينه[14]، وحماية الشريك في العلاقة الزوجية من الأمراض المعدية، التي يمكن أن تشكل في المستقبل سببا لهدم الزوجية، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى التقليل من طلبات التطليق للعيب. [15]

وقد حدد قرار مشترك لوزيري العدل والصحة[16] مضمون هذه الشهادة وطريقة إصدارها، والجهات التي يمكن أن تصدر عنها، والمتمثلة في طبيب تابع للقطاع العام أو القطاع الخاص أو القطاع شبه العمومي، الذي يقوم قبل إصدار هذه الشهادة بالفحص السريري لصاحب الطلب، ويمكن له أن يأمر بإجراء فحوصات وتحاليل طبية تكميلية إذا ارتأى ذلك، وتبين له أن الحالة الصحية للمعني بالأمر نستدعيه.

 ويجب أن تتضمن الشهادة الطبية عدة بيانات، أهمها تاريخ إجراء الفحص والفحوصات التكميلية إن اقتضى الحال، والاسم الكامل لطالب الشهادة، ورقم بطاقة تعريفة الوطنية أو ما يقوم مقامها، واستنتاجات الطبيب، وعبارة تثبت أن هذه الشهادة سلمت للإدلاء بها قصد الزواج.

 ولم يحدد هذا القرار الأمراض التي يجب على الطبيب العناية بها أثناء الفحص [17]حيث إن هذه الشهادة غالبا ما تكتفي ببيان أن طالب الشهادة لا تظهر عليه علامة لمرض معد[18] .

ثانيا : الأذونات الخاصة ببعض عقود الزواج.

 بالإضافة إلى الوثائق المشتركة المشار إليها سابقا، التي يلزم الإدلاء بها في جميع عقود الزواج، فإن المشرع المغربي ألزم المقبلين على الزواج، في بعض الأحوال المحددة حصرا، الإدلاء ببعض الأذونات الخاصة نظرا للخصوصية التي ترافق إبرام هذه الزيجات.

 إلا أن استصدار هذه الأذونات لا يتم من جهة موحدة، بل منها ما يصدر عن قاضي الأسرة المكلف بالزواج، ومنها ما يصدر عن المحكمة، ومنها ما يسلم من جهة أخرى غير قضائية.

+ الأذونات الصادرة عن قاضي الأسرة المكلف بالزواج، وهي : الإذن بزواج من هو دون من الأهلية، والإذن بزواج الشخص المصاب بإعاقة ذهنية، والإذن بالزواج عن طريق الوكالة والإذن بزواج معتنقي الإسلام والأجانب +.

- الإذن بزواج القاصر : أجاز المشرع لمن لم يبلغ من ثمانية عشرة سنة شمسية ذكرا كان أو أنتى، أن يتقدم بطلب إلى قاضي الأسرة المكلف بالزواج من أجل الحصول على إذن بذلك، ويجب أن يكون الطلب مكتوبا وموقعا من طرف القاصر ونائبه الشرعي.

يستمع القاضي لأبوي القاصر أو نائبة الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي، ويصدر إذنه بالزواج بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة.

يبصدار هذا المقرر في شكل حكم قضائي من طرف قاضي الأسرة المكلف بالزواج، بعد استنفاذ الإجراءات القانونية، لذلك يجب أن يتضمن ما تشمله عادة الأحكام القضائية من بيانات، وملخص الوقائع، والإجراءات المتحدة، والإشارة إلى إيداع مستنتجات النيابة العامة بالملف أو تلاوتها بالجلسة، والتعليل ثم المنطوق

-  الإذن بزواج المصاب بإعاقة ذهنية : أخضع المشرع في المادة 23 من المدونة زواج المصاب بإعاقة ذهنية لإذن من قاضي الأسرة المكلف بالزواج، ويجب أن يعتمد في ذلك على خبرة طبية ينجزها طبيب خبير أو أكثر، قصد التأكد من نوع الخلل المصاب به وبيان درجته ونسبة تأثيره على تصرفات وإدراك الشخص المصاب به، وأن يطلع الطرف الآخر على تقرير الخبرة، وينص على ذلك في محضر الجلسة.

ويشترط فيمن يرغب في الارتباط مع شخص مصاب بإعاقة ذهنية أن يكون راشدا حتى تكون له القدرة على إدراك ما هو مقدم عليه، وأن تكون موافقته على الزواج بالمصاب بإعاقة ذهنية صريحة ومضمنة في تعهد رسمي بعقد الزواج.

-  الإذن بالزواج عن طريق الوكالة : الأصل أن يتم عقد الزواج بحضور أطراقه، ويتعقد بإيجاب من أحد المتعاقدين وقبول من الآخر لأن طبيعة العلاقة الزوجية التي تقوم على مرتكزات روحية ومعنوية، وخطورة عقد الزواج وأهميته المعنوية و القانونية تفرضان إبرامه من المعني بالأمر شخصيا، فهو أهم عقد يقدم عليه الإنسان في حياته. ويتم غالبا مرة واحدة في العمر، لكن قد تطرأ ظروف تجعل الشخص يحتاج في كثير من الأحوال إلى غيره لينوب عنه في كثير من التصرفات. والقاعدة أن كل عقد يملك الشخص أن يبرمه بنفسه، يمكن له أن يوكل الغير لكي ينوب عنه في إبرامه، وأن عقد الزواج من ضمن العقود التي تصح فيها النيابة [19] لأن الحاجة إليها عامة، والحرج بمنعها شديدا[20].

والزواج بالوكالة هو أن يعمد المقبل على الزواج إلى شخص يقرنه، أو شخص تطمئن نفسه إليه، قصد توكيله في القيام بإجراءات عقد الزواج، حسب ما اتفقا عليه صك الوكالة. ويجوز عقده بطرف واحد كأن يكون العاقد أصيلا عن نفسه ووكيلا عن غيره كان توكل امرأة رجلا بزواجها، فيزوجها من نفسه، أو أن يكون العاقد وكيلا للطرفين.  كان توكل امرأة رجلا بزواجها، ووكل الرجل نفس الوكيل في زواجه، فيقوم الوكيل بتزويج موكلته من موكله[21]، أو أن يكون العاقد وليا على طرف، وأصيلا بالنسبة إلى نفسه كأن يتزوج رجل ابنة عمه التي تحت ولايته، ما عدا إذا كان هذا الولي هو القاضي، فلا يجوز له أن يتولى عقد الزواج على وليته لنفسه، لا من أصوله ولا من فروعه [22].

والوكيل في عقد الزواج يعبر عن إرادة الموكل، ولذلك فهو يضيف العقد إلى موكله، فلا يرجع إليه شيء من حقوق العقد، ولا يتضمن شيئا من ذلك [23].

و قد نظم المشرع أحكام الوكالة في الزواج في المادة 17 من المدونة، وأجازت التوكيل على إبرامه بإذن من قاضي الأسرة المكلف بالزواج وفق شروط، منها ما هو موضوعي جوهري، ومنها ما هو شكلي

 أ -  الشروط الموضوعية للوكالة في الزواج.

 بالإضافة إلى ضرورة توفر أركان عقد الوكالة وشروطه، فإن المادة 17 من المدونة نصت على شروط موضوعية لصحة الوكالة، يمكن تلخيصها في الشروط التالية:

- وجود ظروف خاصة : إذا كان الأصل أن كل من يملك التصرف في أمر يملك أن يوكل غيره فيه، دون حاجة إلى أن تكون هناك ظروف خاصة دفعت إلى هذا التوكيل، فإن المشرع خرج عن هذه القاعدة في إطار تنظيمه للوكالة في الزواج، وأوجب في البند 1 من المادة 17 : " وجود ظروف خاصة، لا يتأتى معها للموكل أن يقوم بإبرام عقد الزواج بنفسه ".

وقد استعمل المشرع عبارة " ظروف خاصة، بدل عبارة " وجود عذر " التي درج الفقه على استعمالها، ولم يبين المشرع المقصود بهذه الظروف الخاصة، وعلاقتها بحالتي الضرورة القصوى والقوة القاهرة[24]، فما يمكن أن يعتبر ظرفا خاصا يبرر إبرام الزواج في غيبة أحد الأطراف، قد لا يعتبر كذلك بالنسبة لطرف آخر، مما يجعل من الصعب وضع ضابط موحد لتحديد مفهوم الظروف الخاصة، لكنها يجب أن تشكل عائقا يمنع الزوج أو الزوجة من الحضور الشخصي لمجلس العقد، كالسفر والسجن وغيرهما، فلا تجوز الوكالة لمن لا عذرله، لأن الحضور الشخصي للزوجين هو الأصل، أما التوكيل في الزواح فهو مجرد استثناء، بملك قاضي الأسرة المكلف بالزواج سلطة واسعة في تقدير الظرف الخاص الذي دفع إلى اللجوء إليه.

 - اشتراط الأهلية في الوكيل، وكذا  شروط الولاية في حالة توكيله من الولي :

اشترط المشرع صراحة في البند 3 من المادة 17 من المدونة أن يكون الوكيل راشدا متمتعا بكامل أهليته المدنية، وقد خرج المشرع عن القواعد العامة في الوكالة في قانون الإلتزامات والعقود التي لا تشترط في الوكيل الأهلية، بل يكفي أن يكون متمتعا بالتمييز وتقواه العقلية، ولو لم تكن له صلاحية إبرام التصرف في حق نفسه[25].

وهذا التوجه من المشرع المغربي ينسجم مع المنطق القانوني السليم، إذ من غير المعقول أن شخصا لا يملك أن يبرم عقد زواجه بنفسه أن يبرمه نيابة عن غيره، كما لا يمكن للقاصر المأذون له بالزواج أن يكون وكيلا عن غيره، لأن الأهلية المدنية التي اكتسبها، بموجب المادة 22 من المدونة، تقتصر فقط على ممارسة حق التقاضي فيما يتعلق بآثار عقد الزواج الذي هو طرف فيه.

 وتشترط الأهلية الكاملة أيضا في الموكل، إذ لابد أن يكون الموكل في وقت الوكالة أهلا لأن يبرم عقد الزواج الذي وكل فيه الغير، والعبرة في توفر الأهلية في الموكل تكون في وقت

الوكالة، وفي الوقت الذي يباشر فيه الوكيل العقد في وقت واحد، فإذا كان الموكل غير أهل لإبرام العقد في وقت إعطاء التوكيل، فلا تصح الوكالة، ولا تصح أيضا إذا كان غير أهل لإبرام العقد في وقت مباشرة العقد.

 ومن جهة أخرى، إذا صدر التوكيل من الولي في حالة وجوبه، كما لو فوضت الراشدة زواجها لأبيها أو أحد أقاربها، أو تعلق الأمر بمن لم تبلغ من الرشد، فإن الوكيل يجب أن تتوفر فيه شروط الولاية.

 ولم تحدد مدونة الأسرة هذه الشروط، بخلاف مدونة الأحوال الشخصية التي كانت تحددها في الفصل 11 منها في العقل والبلوغ والذكورة، لذلك يمكن الإستناد إلى المادة 400 من المدونة للتعرف على شروط الولاية[26]. مع الإشارة إلى أن المشرع أشار إلى شرط الذكورة في المادة 25 من المدونة عندما نص على أنه : " للراشدة أن تعقد زواجها بنفسها، أو تفوض ذلك لأنها أو لأحد أقاربها "، حيث إن الأشخاص الواردين في هذا كلهم من جنس الذكور.

- ب الشروط الشكلية للوكالة في الزواج.

 نصت المادة 17 على بعض الشكليات والإجراءات التي يتعين أن تخضع لها الوكالة في الزواج، وأهمها :

- تحرير عقد الوكالة وتوقيع الموكل عليها، حيث يجب تحرير وكالة عقد الزواج في ورقة رسمية أو عرفية مصادق على توقيع الموكل فيها، مما يجعلها تصرفا شكليا، وشرطا لازما لانعقاد عقد الوكالة في الزواج، بحيث لا يمكن تصورها أو قبولها دون إفراغها في صك مكتوب[27].

أما إذا أنجزت الوكالة خارج الوطن، فإنه إذا كانت صادرة عن السلطات الأجنبية. فإنها تخضع مبدئيا لإجراء التصديق، إلا إذا كانت هناك اتفاقية دولية تقرر الإعفاء من التصديق. وإذا صدرت عن سفارات وقنصليات المغرب بالخارج، فإنه يتعين أن يكون مصادقا عليها من طرف المصالح المختصة بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، دون  الحاجة إلى التصديق عليها من طرف وزارة العدل ولا يستثنى من هذا الإجراء إلا الرسوم العدلية المتلقاة بالمراكز الدبلوماسية والقنصلية بالخارج.

- تضمين عقد الوكالة مجموعة من البيانات الضرورية:

 لم يكتف المشرع باشتراط تحرير الوكالة في ورقة رسمية أو عرفية، بل أوجب تضمنها مجموعة من البيانات الضرورية، من أجل حماية حقوق كل من الموكل والوكيل، بشكل يجعل منها وكالة خاصة مقيدة، وأهم هذه البيانات :

- تعيين اسم الزوج الآخر ومواصفاته، والمعلومات المتعلقة بهويته، وكل المعلومات التي يرى الموكل فائدة في ذكرها، وهو ما يعني أن هناك اتفاقا قبليا بين الزوجين، ولكن حالت ظروف خاصة دون حضور الموكل بنفسه لمجلس العقد، ويجعل الوكيل مجرد معبر عن إرادة موكله [28]، والوكالة مجرد انتداب له لإبرام العقد، دون أن تمكنه من الإختيار والبحث عن الزوج أو الزوجة وفق مواصفات معينة،  فإذا لم يكن الزوج الآخر معلوما ومحددا، فإن القاضي لا يأذن بهذه الوكالة[29].

- تعيين قدر الصداق، باعتباره شرطا لصحة عقد الزواج، لا يجوز الإتفاق على إسقاطه، مع تحديد كيفية أدائه، بحيث يحدد عند الاقتضاء المعجل منه والمؤجل.  لأن تقدير قيمة الصداق، سواء بالزيادة أو النقصان، يخرج عن اختصاص الوكيل، بل يجب النص صراحة على الإذن للوكيل في قيض الصداق، وإلا احتاج إلى توكيل آخر غير توكيل الزواج.

 ويعتبر اشتراط المشرع تضمين مثل هذا الشرط عند التوكيل في الزواج خروجا على ما قرره من إمكانية عدم تحديد الصداق وقت إبرام العقد، سواء في العقود المبرمة في الخارج [30] أم تلك المبرمة في المغرب، واعتباره المسكوت عنه زواج تفويض [31]، تستحق معه المرأة صداق المثل، ويعطي الحق لقاضي الأسرة المكلف بالزواج في الامتناع عن التأشير على الوكالة التي تخلف فيها هذا البيان.  

- تحديد الشروط التي يريد الموكل إدراجها في العقد، والشروط التي يقبلها من الطرف الآخر، وهي الشروط الإرادية أو الاتفاقية التي يمكن أن يكون المستفيد منها هو الزوج أو الزوجة، أوهما معا، على أن لا تنافي العقد أو تخالف الشرع.

الفقرة الثانية : الإجراءات الشكلية لإبرام عقد الزواج.

 بعد اكتمال الإجراءات الإدارية للملف والتأشير عليه، يأذن القاضي للعدلين بتوثيقه، وهو ما يجعل انعقاد الزواج يخضع لمجموعة من الإجراءات التنظيمية الشكلية، تتعلق بتوثيق العقد باعتباره الوسيلة المقبولة قانونا لإثبات الزواج، ومقتضيات تتعلق بمضمونه، حتى يكون وثيقة رسمية، وتكون له حجية قاطعة على صحة البيانات التي تتضمنها ولا يمكن الطعن فيها إلا بالتزوير.

ويتعين لتبيان ذلك دراسة توثيق عقد الزواج (أولا)، ومضمونه (ثانيا).

 أولا : توثيق عقد الزواج.

 لم تكتف المدونة باشتراط الإشهاد على الزواج، بل اشترطت أيضا توثيقه، وذلك بصريح الفقرة الرابعة من المادة 13 التي نصت على سماع العدلين التصريح بالإيجاب والقبول من الزوجين وتوثيقه، وجعل وثيقته المنجزة وفق الشكل المحدد في المواد م ن 65 إلى 68 الوسيلة المقبولة لإثباته، فإذا كان الإشهاد على إبرام عقد الزواج هو شرط شرعي، فتوثيق ما تم الإشهاد عليه، هو شرط تشريعي استدعته المصلحة العامة.

 وتختلف الإجراءات المرتبطة بتوثيق عقد الزواج بحسب ما إذا كان العاقدان مقيمين داخل الوطن أو خارجه، لذلك خصصت المدونة المادتين 14 و 15 لزواج المغاربة المقيمين بالخارج، بينما تعرضت المادة 16 للإجراءات العادية، أي تلك التي يجب أن ترافق توثيق عقد زواج داخل أرض الوطن، وذلك وفق التفصيل التالي :

+  الإذن بتوثيق الزواج داخل المغرب:

إن توثيق عقد الزواج صار ملزما، باعتبار أن وثيقة عقد الزواج، هي حسب المادة 16 " الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج ".

ويتمثل هذا الإجراء في تلقي عقد الزواج من طرف عدلين منتصبين للإشهاد بدائرة نفوذ المحكمة التي يعمل بها قاضي الأسرة المكلفة بالزواج، والذين أعطاهما المشرع وحدهما ودون غيرهما الإختصاص لتوثيق العقد توثيقا رسميا، ويجب أن يكون كل واحد منهما معينا بصفة قانونية بقرار لوزير العدل، ومزاولا لمهامه، ولم يصدر في حقه أي عزل، أو إقصاء مؤقت، أو وقف، أو إعفاء.

 ولا يسوغ توثيق عقد الزواج بواسطة الإشهاد الفردي، بحيث لا يكفي حضور أحد العدلين، واقتصار الثاني على التوقيع في مذكرة الحفظ يوضع شكله فيها، وكذا في الرسم، وإنما لابد من وجوده منذ البداية إلى النهاية. فالإشهاد على الزواج وتوثيقه لا يمكن أن يتم، وفق ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة 13 من المدونة، إلا بحضور الشاهدين العدلين معا، وسماعهما التصريح بالإيجاب والقبول من الزوجين في مجلس العقد.

 وتخضع كتابة عقود الزواج وتحريرها إلى ما هو مضمن بمواد مدونة الأسرة، بالإضافة إلى المقتضيات المنصوص عليها في القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة، والذي يمرفيه توثيق العقد بعد مراحل، يتم بعدها القيام بأعمال أخرى.

+ مراحل توثيق عقد الزواج:

يمر توثيق عقد الزواج بعدة مراحل، أهمها :

1 - مرحلة التلقي، حيث يدلي الزوجان للعدلين بالمستندات الواجبة قانونا لعقد الزواج، ويقوم العدلان، حسب المادة 25 من قانون خطة العدالة بتلقى نص الشهادة

من الزوجين في مذكرة الحفظ أولا[32] ، مع توقيع الزوجين فيها، وتوقيع العدلين معہما.

 2 - مرحلة التحرير، حيث تكتب الشهادة، حسب المادة 33، تحت مسؤولية العدلين في وثيقة واحدة دون انقطاع أو بياض أو بشر أو إصلاح أو إقحام أو إلحاق أو تشطيب أو استعمال حرف إضراب، وذلك بنقل محتواها المدرج بمذكرة الحفظ إلى هذا الصك مع المحافظة على التطابق التام لفظا ومعنى، وبنفس الأسلوب الذي يتعين أن يكون صحيحا، وسالما من اللحن والركاكة كما يدونان فيها كافة المعلومات اللازمة ومراجع المستندات المدلى بها، ويجب تذييل العقد بتوقيعهما مقرونا بإسمهما مع التنصيص دائما على تاريخ التحرير.

3 - مرحلة خطاب القاضي، ويقصد بالخطاب توقيع القاضي على العقد بعد تضمينه والتأكد من خلوه من النقص، وسلامته من الخلل، وذلك بالإعلام بأدائه ومراقبته بوضعه عبارات محددة تفيد الثبوت بخطه وشكله وإسمه وطابعه، مع تاريخ هذا الإجراء.

ولا تكون الوثيقة تامة، حسب المادة 35 من قانون خطة العدالة، إلا إذا كانت مذيلة بالخطاب، وتعتبر حينه وثيقة رسمية، لا يمكن الطعن فيها إلا بالتزوير، وهي حجة قاطعة في مواجهة الكافة، بمضمونها وبتاريخها أيضا.

4 - مرحلة التضمين، يأمر القاضي المكلف بالتوثيق بتضمين عقد الزواج في سجل الزواج. ويمسك هذا السجل من طرف كاتب الضبط، ويسجل فيه مضمون العقد كله، ولا يكتفي بملخصه، تطبيقا للمادة 68 التي أوجبت تسجيل " نص العقد في السجل المعد لذلك لدى قسم قضاء الأسرة. .. ".  

ثانيا : الإجراءات اللاحقة لكتابة عقد الزواج.

 يتعين بعد عقد الزواج القيام بما يلي :

 1 - تسليم أصل رسم الزواج للزوجة، ونظير منه للزوج فور الخطاب عليه ؛ وهو ما نصت عليه المادة 69 من المدونة[33]، لأن في الغالب الأعم أن الزوجة هي التي تضطر إلى إثبات العلاقة الزوجية في حالة التناكر أمام القضاء.

2 - توجيه نظير ثان لقسم قضاء الأسرة، حيث يسهر كاتب الضبط على تسجيل نصه في السجل المعد لذلك[34]، والذي ينظمه قرار وزير العدل رقم 04 – 272 بتاريخ 3 فبراير 2004 المتعلق بتحديد شكل ومضمون السجل الخاص بتضمين نصوص عقود الزواج، ويمسك هذا السجل من طرف كتابة الضبط، وليس من طرف الناسخ، كما يسجل فيه مضمون العقد كله ولا يكتفى بملخصه[35] .

3 - توجيه ملخص[36] من عقد الزواج إلى ضابط الحالة المدنية [37] لمحل ولادة الزوجين[38] مرفقا بشهادة التسليم داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ الخطاب عليه.

 غير أنه إذا لم يكن للزوجين أو لأحدهما محل ولادة بالمغرب، يوجه الملخص إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط.  

4 - تضمين بيانات الملخص بهامش رسم ولادة الزوجين، وهي مهمة أناطها المشرع بضابط الحالة المدنية، علاوة على تلقيه التصاريح المتعلقة بالولادة والوفاة، إذ يجب

 عليه تضمين بيانات الزواج بطرة رسم ولادة كل من الزوجين، ولذلك أوجب المشرع في المادة 14 من مرسوم 9 أكتوبر 2002 المتعلق بتطبيق قانون الحالة المدنية رقم 37 - 99 أن يحتفظ بطرة لكتابة البيانات الهامشية ومنها بيانات الزواج عند تحرير رسوم الحالة المدنية[39].

وحتى تتم إجراءات تضمين هذه البيانات بهامش رسم ولادة الزوجين، فقد قرر المشرع في الفقرة الأولى من المادة 25 من المرسوم السابق أن يتم إرسال نظير من رسم الزواج أو ثبوت الزوجية أو التقارر بها إلى ضابط الحالة المدنية الواقع بدائرته محل ولادة كل من الزوجين[40]، وذلك في أجل لا يتعدى خمسة عشر يوما من تاريخ الخطاب عليها، وهو نفس الأجل الذي حددته المادة 68 من مدونة الأسرة في الفقرة الأولى منها.

 وإذا كان الأصل في الزواج أن يبرم بشأنه عقد مستجمع لجميع أركانه وشروطه.  بحيث يعتبر هذا العقد الوسيلة الوحيدة لإثباته، وهذا ما نصت عليه المادة 16 بأن "وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج"، فإن المدونة كانت قد وضعت استثناء على القاعدة، فقد كانت تسمح. إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، أن تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة. وتأخذ بعين الاعتبار وهي تنظر في دعوى الزوجية، وجود أطفال، أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية، وما إذا رفعت الدعوى في حياة الزوجين[41].

وقد حاول المشرع حصر مدة العمل بهذا المقتضى الاستثنائي في سماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية مدتها عشر سنوات من دخول المدونة حيز التنفيذ بتاريخ 2004/02/05، وانتهت خلال فبراير من سنة 2014، ثم مددت الفترة لخمس سنوات أخرى انتهت بتاريخ 05/02/2019.

وكان هذا المقتضى قد جاء بوضع معكوس لما هو مقرر في الفقه الإسلامي من أن العبرة بإشهار عقد الزواج لا بتوثيقه. بينما هي تجعل التوثيق أولى من الإشهار، كما أنها أحدثت اضطرابا في منظومة الإثبات، إذ رغم إفصاح المدونة عن تطابق الإثبات في الزواج والنسب، لثبوت الأول بما يثبت به الثاني[42]، إلا أنها عادت في فصول لاحقة إلى اختيار إثباته بشتى الوسائل[43]، فكان أحرى أن تبقي المدونة على التوثيق العدلي والحكم القضائي استيعابا للحوادث المستجدة، مع جعل الكتابة أصلا والشهادة استثناء توسعة على المكلفين، وفيه ضمانة أكبر للمرأة وأولادها، كما أنه مقبول شرعا، ومؤيد للتكوين الشرعي للأسرة، وحقوق الأبناء وشرعية بنوتهم.

ومن جهة أخرى، فإن وقف العمل بهذا الاستثناء خلق مفارفة غربية وتناقضا مع المقتضيات المضمنة في المادة 156 من المدونة، إذ كيف سمح المشرع في إطار المادة 150 للمحكمة بسماع الدعوى المثارة بين الخاطبين تأسيسا على حدوث أسباب قاهرة منعتهما من توثيق العقد، ولا تعتد بهذه الأسباب القاهرة عندما يتعلق الأمر بالزواج الذي يفتقد إلى الشكل الرسمي في إثباته.

وبالرغم من ذلك، وفي انتظار تدخل المشرع لحل الإشكالية المترتبة عن استمرار تسجيل قضايا عديدة، وصعوبة القطع مع ثقافة وعادة عدم توثيق الزواج[44]، فإن

القضاء استند إلى عدة مبررات للتصريح بثبوت الزوجية وصحتها، ومنها الاستناد إلى أن العلاقة الزوجية المطلوب الحكم بثبوتها قد نشأت قبل انتهاء الفترة الانتقالية المحددة بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 16 من مدونة الأسرة[45]، أو الإستناد إلى قواعد العدل والإنصاف ووجوب إزالة الضرر[46]، أو الإستناد إلى المادة 400 من مدونة الأسرة[47]، كما هو الحال في الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش[48] بتاريخ 11 / 01 / 2019، والذي جاء في تعليله ما يلي : ".  وحيث إنه استنادا لشهادة الشهود، فإن العلاقة الزوجية بين الطرفين ثابتة بتوفر شروطها من اشتهارها بين الناس وتوافر أركانها.

 وحيث أمام ثبوت قيام العلاقة الزوجية بين الطرفين. ووجود الظرف الإستثنائي الموضوعي المبرر لعدم توثيق عقد الزواج، واعتبارا لكون الشرع الحكيم متشوف للحوق الأنساب، ولأن أحوال الناس محمولة على الصلاح، وإعمالا لمقتضيات المادة 400 من مدونة الأسرة والفقه المالكي، وقيام العلاقة الزوجية أثناء الفترة الانتقالية.

 

[1] لم يقيد المشرع الراغب في إبرام عقد الزواج بتقديم طلبه إلى المحكمة التي يوجد بدائرتها موطن الخاطب أو المخطوبة، وفي المقابل ليس في المدونة ما يمنع قاضي الأسرة المكلف بالزواج من التأشير على مستندات الزواج الوارد على كتابة ضبط قضاء الأسرة من طرف الخاطيين الوافدين من خارج دائرة نفود محكمته.

[2]  قرار لوزير العدل رقم 269,04 صادر في 12 من ذي الحجة 1424 (24 فبراير 2004 ) بتحديد شكل ومضمون المطبوع الخاص بطلب الإذن بتوثيق الزواج - الجريدة الرسمية لعدد 5186 بتاريخ 12 فبراير 2004، ص 520.

 

[3]  محمد الشافعي: " الزواج و انحلاله في مدونة الأسرة"، المرجع السابق، ص 88 .

 

[4] مبدئيا ليس هناك حاجة لحضور الطرفين أما القاضي، إلا أنه ممكن أن تصبح ضرورة في بعض الأحين.

[5] لم يحدد المشرع أجلا معينا لاستعمال الإذن بتوثيق عقد الزواج، مما يجعل من الصعب على القاضي الحسم في مصير ملفات مستندات الزواج التي أذن فيها، ولم يتوصل بنسخ من عقود الزواج المتعلقة ها داخل مدة معينة.

[6] محمد كشبور، مرجع سابقن ص 414.

[7] عبد الحق التغزوتي، "عقد الزواج بين شكلية الكتابة و إشكالية الإثبات"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاصن كلية القانون بطنجة.

[8] للتوضيح فإنه لا يطلق على هذه الوثيقة كما جرت العادة لفظ " عقد ازدياد" وقد صدر في هذا المعنى منشور لوزير الداخلية رقم 1511 المؤرخ في 1977/3/24 منع بموجبه استعمال لفظة ازدياد في عقود الولادة في جميع الوثائق الإدارية وخصوصا منها وثائق الحالة المدنية وقد جاء فيه أنه :

 بعد البحث و التمحيص تبين أن المعنى الدقيق لكبمة ازديادة من الزيادة في الشيء أو التكاثر أو النمو وهو مصدر الفعل اللازم ازداد بتعالی تكاثر.

 ولفظة ازدياد بمعنى ولادة لم ترد في اللغة العربية الفصحى لا في نصوصها، ولا في معاجمها القديمة ولا الحديثة، فاستعمالها بهذا المعنى لا يصح وبعد خطأ .

[9]  تنص المادة 36 من المرسوم التطبيقي لقانون الحالة المدنية ما يلي:  نسخ رسوم الحالة المدنية إما كاملة أو موجزة:

 تتضمن النسخة الكاملة جميع بيانات رسم الحالة المدنية بما في ذلك البيانات المدرجة في هامشه. وتتضمن النسخة الموجزة لرسمى الولادة والوفاة الموجود نمودج منها ضمن ما حق هذا المرسوم ما يلي :

 - رقم الرسم وسنة تسجيله

 -  الاسم الشخصي والعائلي للمعني بالأمر.

 - تاريخ الواقعة بالهجري والميلادي ومكان وقوعها وجنس المولود أو المتوفى و جنسيته إذا كان أجنبيا.

-  بيان الوفاة في موجز رسم الولادة إذا كان صاحب هذا الأخير متوفى.

-  تاريخ تسليم النسخة.

 اسم وصفة ضابط الحالة المدنية وتوقيعه .

 

[10] تم إحداث هذه البطاقة طبقا لمنشور وزير الداخلية رقم 12 المؤرخ في 31 يناير 1958 تخفيفا على المواطنين الذين يسكنون في غير محل ولادتهم من مشاق للحصول على نسخ من عقود ولادة ذويهم.  وتسلم هذه البطاقة من طرف ضابط الحالة المدنية لمحل سكن طالبها بناء على كناش التعريف والحالة المدنية أو نسخة سابقة من رسم ولادته أيا كان تاريخها. ولقد تناول المشرع البطاقة الشخصية في قانون الحالة المدنية، حيث حدد في المادة 37 من المرسوم المتعلق بتطبيق القانون المذكورن مودجها ومشتملاتها، وكيفية الإشهاد بصحتها ومما جاء في هذه المادة ما يلي:

 تسلم البطاقة الشخصية الحالة المدنية المنصوص عليها في المادة 33 من القانون رقم 37-39 المذكورة أعلاه وفقا للنموذج الموجود ضمن ملحق هذا المرسوم.

تتضمن البطاقة الشخصية الاسم الشخصي والعائلي للمعني بالأمر، وتاريخ ومكان ولادته واسم الوالد والوالدة، ومحل سكناه والبيانات الهامشية بالوفاة، وبالقيود المفروضة على الأهلية بالنسبة المتجنسين إن وجدت بالعربية وبالأحرف اللاتينية.

يشهد بصحة المعلومات المضمنة بالبطاقة طالبها، كما يشهد ضابط الحالة المدنية لمطابقة هذه المعلومات للوثيقة المعتمد عليها، وذلك بتوقيع كل واحد منهما عليها.

 للتوسع في الموضوع أنظر . نور الدين بن سعيد، قانون الحالة المدنية الجديد رقم 37.99 في شروح . طبعة 2005، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص61.

[11] عمر لمين، عقد الزواج في المدونة . مقال منشور بالندوة التي نظمها المعهد العالي للقضاء بتطوان أيام 5/6/7/8 دجنبر 2005 بدون مطبعة ولا تاريخ الطبع، ص 3.

[12] قرار مشترك لوزير العدل ووزير الداخلية رقم 321.04 صادر في 10 محرم 1425 ) 2مارس 2004 ) بتحديد بيانات الشهادة الإدارية المتعلقة بالخطيبين، الجريدة الرسمية عدد 5192   بتاريخ 12 محرم 1452 (4 مارس 2004 ص 974.

[13] محمد بن معجوز " أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية وفي مدونة الأحوال الشخصية . الجزء الأول الخطبة والزواج وطرق انحلال ميثاق الزواج والآثار المترتبة على ذلك"، الطبعة الثانية 1994، ص 212.

[14]محمد الشافعي، الشهادة الطبية قبل الزواج في القانون المغربي، مقال منشور بمجلة المحامي، عدد 32 - 31، ص 50.

محمد الكشيور، مركز الخبرة الطبية في مادة الأحوال الشخصية، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية . عدد مزدوج 77 / 78، يناير فبراير / مارس - أبريل 1997، ص 21.

[15] إدريس الفاخوري، قانون الأسرة المغربي , الجزء الأول، أحكام الزواج، الطبعة الأولى 2005، مطبعة الجسور، ص 184.

محمد الشافعي، الزواج في مدونة الأسرة، سلسلة البحوث القانونية عدد 9، الطبعة الأولى 2005 المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش، ص178.

[16] قرار مشترك لوزير العدل ووزير الصحة رقم 347.04 صادر في 10 محرم 1425 (2 مارس 2004 ) بتحديد مضمون وطريقة إصدار الشهادة الطبية الخاصة بإبرام عقد الزواج، الجريدة الرسمية عدد 5192 بتاريخ 12 محرم 1425 (1مارس 2004 ص 975.

[17] نص المشرع التونسي في الفصل الثاني من القانون عدد 46 لسنة 1964 مؤرخ في 3 نوفمبر 1964 تعلق بالشهادة الطبية السابقة للزواج على أنه : " يجب أن توجه بصفة خاصة عناية الطبيب أثناء الفحص المنصوص عليه بالفصل السابق إلى الإصابات المعدية والاضطرابات العصبية ونتائج الإدمان على المشروبات الكحولية وغيرها من الأمراض الخطيرة وخاصة مرض السل ومرض الزهري بالنسبة للقرين والذرية "، ولا يسلم الطييب هذه الشهادة إلا بعد الاطلاع على نتيجة الفحص الطبي العام، وفحص الرئتين بالأشعة وتصويرها إذا اقتضى الحال، وفحص الدم، وتحدد مدة صلاحية الشهادة الطبية في هذا القانون في مدة لا تزيد على الشهرين .

[18] حث منشور سابق لوزارة العدل عدد 1028 بتاريخ 17 / 1 / 1994 على التعامل بمرونة مع هذه الشهادة وأنه يستحسن التعامل بشأنها بنوع من المرونة، وذلك بإمكانية قبولها إلا نصت على أن المعني بالأمر لا تظر عليه بعد الفحص السرسري علامات المرض معد.

[19] تصبح الوكالة في كل العقود التي تقبل النيابة، كالبيع والشراء، والزواج، والرجعة، والطلاق، ولا تصح في الصلاة والصيام واللعان والإشهاد

[20] محمد كمال الدين إمام أحكام الأحوال الشخصية للمسلمين، الجزء الأول - عقد الزواج، مكتبة المعارف الجديدة بالإسكندرية، 2000، من 177

[21] مصطفى السباعي، المرجع السابق، ص89 .

[22] نصت المادة 18 من مدونة الأسرة على أنه " ليس للقاضي أن يتولى بنفسه، ترون من له الولاية عليه من أصوله ولا من فروعه

[23] محمد مصطفى شلبي،" أحكام الأسرة في الاسلام "دار النهضة العربية، لبنان 1977، ص 31.

[24] محمد الشافعي، "قانون الأسرة بين الثبات والتطورة"، سلسلة البحوث القانونية، العدد 8، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى 2004، ص 99.

[25] الفصل 880 من قانون الالتزامات و العقود.

[26] ترى إحدى الباحثات أن كون المشرع استمد المقتضيات المتعلقة بالولاية في الزواج من الفقه الحنفي قد يخلق نوعا من الازدواجية في مقارنة نفس الموضوع، إذ لا يمكن اقتباس المبادئ الأساسية للولاية من المذهب الحنفي، وتنظيم الأحكام الفرعية لنفس الموضوع وفقا للمذهب المالكي.

 جميلة المهوطي، المؤسسات القضائية المرصدة للحماية الأسرة في المدونة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، السنة الجامعية 2005-2006، ص 32.

[27] محمد الشافعي، " الزواج في مدونة الأسرة"، سلسلة البحوث القانونية عدد 9، الطبعة الأول 2005 . المطبعة والوراقه الوطنية بمراكش، ص180.

[28] إدريس الفاخوري، المرجع السابق، ص . 137

[29] محمد الأزهر، شرح مدونة الأسرة، دار النشر المغربية الدار البيضاء، طبعة 2015، ص 57

[30]  المادة 14 من مدونة الأسرة.

[31] المادة 27 من مدونة الأسرة.

[32] مذكرة الحفظ هي عبارة عن كناش متوسط الحجم، يحدد شكله وعدد صفحاته بقرار لوزير العدل ويسكه كل عدل منتصب للشهادة يتولى فيه كتابة ما يتلقاه من شهادات صحبة العدل الآخر، وذلك يوما بيوم وساعة بساعة وبالتتابع، وهو يحضع دائما لمراقبة قاضي التوثيق وكل منفقد قضائي أومفتش مالي أو للتحقيق عند الاقتضاء.

 محمد الربيعي، "محررات الموثقين وحجيتها في الإثبات في التشريع المغربي"، مرجع سابق، في 188.

 

[33] تنص المادة 69 من مدونة الأسرة على ما يلي " يسلم أصل رسم الزواج للزوجة، ونظير منه للزوج فور الخطاب عليه.

[34] تنص المادة 68 من مدونة الأسرة في فقرتها الأولى على ما يلي : " يسجل نص العقد في السجل المعد لذلك لدى قسم قضاء الأسرة، و يوجه ملخصه إلى ضابط الحالة المدنية لمحل ولادة الزوجين، مرفقا بشهادة التسليم داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ الخطاب عليه.

غير أنه إذا لم يكن للزوجين أو لأحدهما محل ولادة بالمغرب، يوجه الملخص إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط.

على ضابط الحالة المدنية تضمين بيانات الملخص بهامش رسم ولادة الزوجين.

يحدد شكل السجل المشار إليه في الفقرة الأولى أعلاه ومضمونه وكذا المعلومات المذكورة، بقرار لوزير العدل "

[35] المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5186 بتاريخ 12 فبراير 2004

[36] تظهر أهمية هذا السجل في حالة الإشهاد بالطلاق لدى عدلين منتصبين للإشهاد، بعد إذن المحكمة به والإدلاء بمستند الزوجية، حيث يلزم العدلان بالإشارة إلى مراجع الزواج بالسجل المذكور، عملا بالفقرة الثالثة من المادة 139 من المدونة التي تنص على أنه " يجب النص في رسم الطلاق على ما يلي ...... - الإشارة إلى تاريخ عقد الزواج، وعدده، وصحيفته، بالسجل المشار إليه في المادة 68 أعلاه.

[37] تنص المادة 68 من المدونة على توجيه ملخص العقد إلى ضابط الحالة المدنية، بينما ينص الفصلان 26 و 28 من قانون الحالة المدنية على توجيه نظير الرسم أو العقد، والمعتبر هو الملخص الذي يلزم توجيه لضباط الحالة المدنية دون النظائر، وذلك بإعمال نص المادة 397 من المدونة التي تنص على أنه تنسخ جميع الأحكام المخالفة لهذه المدونة أو التي قد تكون تكرارا لها "، ولذلك فملخصات الزواج هي

[38] المادة 68 من المدونة وقرار لوزير العدل رقم 271.04 صادر في 12 من ذي الحجة 1424 ( 3 فبراير 2004 ) بتحديد المعلومات الواجب تضمينها في ملخص عقد الزواج، الجريدة الرسمية عدد 5186 بتاريخ 21 دو الحجة 1424 ( 12 فبراير 2004 )، ص . 521

[39] تنص المادة 14 من مرسوم رقم 565 - 99 - 2 الصادر في 9 أكتوبر 2002 المتعلق بتطبيق قانون الحالة المدنية رقم 37 - 99 على ما يلي : " يحتفظ بطرة عند تحرير رسوم الحالة المدنية لكتابة البيانات الهامشية، وذلك بمقدار نصف الصفحة بالنسبة الرسوم الولادة وثلثها فيما يخص رسوم الوفاة".

[40] لم يبين المشرع من هو القاضي الذي يوجه ملخص عقد الزواج إلى ضابط الحالة المدنية، هل هو قاضي الزواج أم قاضي التوثيق باعتبارهما معا معنيين بالأمر ؟ ( المادة 68 من مدونة الأسرة ) وذلك بعكس ما فعل في المادة 87 التي أوجبت – وبكيفية واضحة - على القاضي المكلف بالتوثيق بمجرد خطابه على وثيقة الطلاق، توجيه نسخة منها إلى المحكمة.

 واللافت للنظر أنه حتى القانون رقم 99 – 37 المتعلق بالحالة المدنية، لم يحسم في من يوجه نظير الرسم - أي نسخة منه - وبنى فعل إرسال نظير الرسم للمجهول، وقال في ذلك يرسل نظير الرسم - ( المادة 26 من مرسوم الحالة المدنية )، في حين حسم هو الأخر وبصياغة واضحة في شأن إرسال الطلاق أو الخلع أو التطليق أو الرجعة أو المراجعة وأوجب ذلك على القاضي المكلف بالتوثيق أو رئيس كتابة الضيط بالمحكمة المصدرة للحكم النهائي وذلك بحسب الحالات ( المادة 22 من القانون المتعلق بالحالة المدنية).

 العلمي الحراق : "مدونة الأسرة والتوثيق العدلي"، المرجع السابق، ص، 93 عمر المين، المرجع السابق، ص، 5.

[41] تنص المادة 16 من مدونة الأسرة على ما يلي : " تعتبر وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج.

إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات و كذا الخبرة.

تأخذ المحكمة بعين الاعتبار وهي تنظر في دعوى الزوجية وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية، وما إذا رفعت الدعوى في حياة الزوجين.

يعمل بسماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية لا تتعدى عشر سنوات، ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ .".

[42] جاء في المادة 154 من مدونة الأسرة " يثبت الفراش بما تثبت به الزوجية "

[43] في المادة 151 " يثبت النسب بالظن ولا ينتفي إلا بحكم قضائي ".

وفي المادة 158 " يثبت النسب بالفراش أو بإقرار الأب، أو بشهادة عدلين، أو ببينة السماع، وبكل الوسائل الأخرى المقررة شرعا

[44] تواتر عمل محكمة النقض على اعتبار العادة المستحكمة في نفوس المغاربة مرادفا لوجود السبب القاهر حيث جاء في أحد القرارات " ونظرا إلى أن العرف في بعض مناطق المغرب سار على أن الزواج يتم بالفاتحة والجماعة والشهرة لظروف استثنائية تمنع من الإشهاد على الزواج في حينه، فإن هذا الزواج يكون صحيحا، وبالتالي فإن إقامة حفل الزفاف وإشهاره بين الناس يعتبر دليلا على الإيجاب والقبول " قرار المجلس الأعلى الصادر بتاريخ 8 دجنبر 2004 في الملف عدد 2003/1/2/661 منشور بالمنتقى من عمل القضاء في تطبيق مدونة الأسرة، الجزء الأول، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية . سلسلة الشروح والدلائل، العدد 10 فبراير 2009، ص 8 2019/02/05.

[45] جاء في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش بتاريخ 2070/01/06 أن " البين من شهادة الشاهدين المستمع إليما وجود علاقة زوجية بين الطرفين ترجع وقائعها المدعى بشأنها لما قبل انتهاء سريان الاستثناء موضوع الفقرة الثانية من المادة 16 من مدونة الأسرة التي تسمح للمحكمة بسماع دعوى الزوحية متى حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، معتمدة في ذلك على سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة، مما تبقى معه مقتضيات الفقرة الثانية المذكورة المتعلقة بسماع دعوى الزوجية واجبة التطبيق في نازلة الحال ما دام أنها ( أي النازلة ) قد نشأت قبل انتهاء الفترة الانتقالية المحددة بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 16 من مدونة الأسرة ".

 حکم صادر بتاريخ 2020/01/06 في الملف عدد 2019/1611/1327، غير منشور.

[46] عللت المحكمة الابتدائية بمراكش حكمها الصادر بتاريخ 27 ماي 2019 في الملف عدد 2019/1511/538 غير منشورة بما يلي : "إن واقع الحال أفر استمرار تسجيل القضايا المتعلقة بثبوت الزوجية، مما يستدعي معه الأمر مراعاة للظروف التي جاءت في المادة 16، وهي وجود أبناء أو حمل ناتج عن العلاقة. وأن نظر القضاء هو الحفاظ على مصالح الأبناء، وكذا المرأة المطلوبة في ثبوت الزوجية، يستوجب إعمال قواعد العدل والإنصاف المنصوص عليها شرعا، طبقا للقاعدة القائلة بأن الضرر يزال، وأنه لا ضرر أكبر من عدم قبول علاقة شرعية تامة أركان الزواج بين رجل وامرأة نتج عنها وجود أبناء، وأن من شأن عدم قبولها اعتبار الزوحين في علاقة غير شرعية، مع ما يترتب على ذلك من احتمال متابعتهما بالفساد - زيادة على أن من شأن ذلك اعتبار الأطفال ولدوا خارج إطار العلاقة الشرعية، وهو ما يجعلهم في نظر القانون أبناء غير شرعيين، لانتفاء الفراش المشترط من قبل المشرع، كما أن من شأن ذلك عمل حقوق المرأة والطفل المترتبة عن ذلك من نفقة وبيت للزوجية وتوارث وغيرها من الحقوق الشرعية الواجبة للمرأة والطفل معا، زيادة على الحقوق الشرعية المخولة للرجل بدوره، مما يكون معه ضرر عدم قبول العلاقة الشرعية السالفة الذكر ثابتا".

[47] تنص المادة 400 من مدونة الأسرة على أنه " كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة، يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف. ".

[48] حكم رقم 2019/2401 بتاريخ 2019/11/04 في الملف رقم 2019/1611/1872 غير منشور.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0