اطروحة بعنوان الشروط التعسفية في عقد القرض الاستهلاكي

وتعتبر القروض الاستهلاكية في شكلها المعاصر حديثة النشأة بالمغرب، ويرجع تاريخ ظهورها إلى الثلاثينات، بحيث برزت كالية الثمان مكملة لوظيفة القطاع البنكي، وكوسيلة تحقق إشباع الحاجيات الاستهلاكية لفئات كبيرة من المجتمع دون الأداء الفوري لثمن المنتجات المقتناة، وفي نفس الوقت تمكن المهنيين من تصريف السلع والخدمات عبر استعمال القروض الاستهلاكية كالية للإشهار اللازم لجذب الزبناء".

اطروحة بعنوان الشروط التعسفية في عقد القرض الاستهلاكي

رابط التحميل اسفل التقديم

_______________________

مقدمة

تشكل القروض الاستهلاكية مكونا أساسيا الافتراضات الأسر المغربية، فهي تشكل المنبع الثاني للاقتراض بعد القروض من أجل السكن، ونتيجة لذلك فهي تشكل رافعة أساسية التطور الاستهلاك وتنوعه .

وتعتبر القروض الاستهلاكية في شكلها المعاصر حديثة النشأة بالمغرب، ويرجع تاريخ ظهورها إلى الثلاثينات، بحيث برزت كالية الثمان مكملة لوظيفة القطاع البنكي، وكوسيلة تحقق إشباع الحاجيات الاستهلاكية لفئات كبيرة من المجتمع دون الأداء الفوري لثمن المنتجات المقتناة، وفي نفس الوقت تمكن المهنيين من تصريف السلع والخدمات عبر استعمال القروض الاستهلاكية كالية للإشهار اللازم لجذب الزبناء".

وقد لعب التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي شهده المغرب منذ أواسط القرن الماضي دورا هاما في ارتفاع الطلب على هذه القروض، ونتيجة لذلك عرف قطاع القروض الاستهلاكية توسعا ونموا في عدد الممارسين له. وهكذا ظهرت شركات متخصصة في توزيعها إلى جانب البنوك تعرف بشركات التمويل، وقد كان نشاطها في البداية موجها نحو قطاع السيارات إلى حدود السبعينات من القرن الماضي، ثم بدأ الاهتمام بالتجهيز المنزلي الذي عرف نجاحا كبيرا نتج عنه ظهور

شركات جديدة، وقد العكس هذا التطور على التوزيع الجغرافي لهذه الشركات حيث كانت متمركزة في

المدن الكبيرة، ثم أصبح لها فروع في كل التراب الوطني.

كما ساهم الحاح هذا القطاع في ظهور أشكال وأنواع جديدة للقروض الاستهلاكية، فقد برزت القروض المخصصة للحصول على منتجات أو خدمات معينة ، كالبيع بالقرض أو بالتقسيط والإيجار المقضى إلى البيع والإيجار مع خيار الشراء، إلى جانب القروض من غيد تخصيص، وهي القروض التي تمنح للمستفيدين مع : إعطائهم الحرية في استعمالها دون تقييدهم باستعمال معين، وتشمل عدة أنواع، مثل تسهيلات الصندوق، والقرض الشخصي، وفتح اعتماد أما أنواع القروض الأكثر انتشارا فهي القرض الشخصي وفرض التجهيز المنزلي وتمويل شراء

السيارات".

ونتيجة للتطور الذي عرفه قطاع القروض الاستهلاكية، خلال السنوات الأخيرة وما رافق ذلك من ضبط وتنظيم وتوجيه تشريعي لهذه المؤسسات، تم تبني سياسة عدم تأطير القروض منذ سنة 1901، وتحرير نسب الفائدة التي كانت مرتفعة في البداية، كما أن إصدار القانون المنظم المؤسسات الائتمان سنة 1993 ساهم بدوره في تكريس هذا التطور حيث اعتبر شركات التمويل مؤسسات الثمان"، أضف إلى ذلك أن ارتفاع حدة المنافسة داخل القطاع والانخفاض الفعلي في نسب الفائدة

تقاليد الاستهلاك في المجتمع المغربي ساهم بدوره في تحكم حضور القروض الاستهلاكية، حيث أصبح

إشباع الحاجيات الاستهلاكية بواسطة الائتمان سمة من سمات الحياة المدنية الحديثة 15. ومما عزز هذا الانتشار الواسع للقروض الاستهلاكية، قيام مؤسسات الائتمان خاصة شركات التمويل بحملات ترويجية لهذه القروض، من خلال وسائل الدعاية والإشهار بإبراز مزاياها وإظهار القرض على أنه وسيلة فعالة وسريعة لتلبية حاجات المستهلك وتحقيق الرفاهية له، حتى أصبح هناك إفراط في الاقتراض من طرف فئات كبيرة من الأشخاص أمام إغراءات تلك الإعلانات، خاصة وأن القرض يقضي على مفهوم الثمن بعدم حاجز الأداء الفوري، مما يضعف من مقاومة المستهلك الجاذبية المنتوج أو الخدمة الممنوحة، ويؤجج الاتجاه نحو التلبية الفورية .

ولا غرو، فإن الضمانة الوحيدة بالنسبة لفئات كثيرة من الأشخاص المتعاملين بهذا الصنف من القروض تكمن أساسا في الاقتطاع من الدخل، وإذا انضاف إلى ذلك سرعة حصول هؤلاء على القرض فإننا نجد أنفسنا أمام مشاكل معقدة لا حصر لها، هذا إذا علمنا أن سرعة اكتتاب هذه القروض والحاجة الملحة في الحصول عليها لا تسمح في الغالب للكثيرين ببحث شروط العقد ومعرفة النسبة الحقيقية للفائدة وكافة المصاريف التي سيتحملونها بل تحول حتى دون التفكير في مدى ملاءمةالقرض لقدراتهم المالية.

ومما لا شك فيه، فإن استفحال ظاهرة الاستدانة المفرطة في المجتمع المغربي ساهم بل وعمق جملة من المشاكل الاجتماعية الحادة التي مست عددا كبيرا من مستهلكي هذه القروض خاصة صغار الموظفين والأجراء ذوي الدخل المحدود الذين يجدون أنفسهم بعد تسلم المبالغ وإنفاقها قد وقعوا في أزمة مالية خانقة تهدد استقرار أسرهم لا محالة، وهذا بطبيعة الحال مع استمرار مؤسسات الائتمان في الاقتطاع من أجورهم الشهرية لوجود اتفاقيات بين مؤسسات الائتمان ووزارة المالية بهذا الشأن.

ومما يزيد من خطورة هذا المشكل ممارسات بعض شركات التمويل التي تقرض المستهلكين مبالغ في الغالب ترهقهم دون مراعاة لظروفهم الاجتماعية، ومما لا شك فيه فإن للقانون 18 دور كبير في تحذر هذه الممارسات غير المسؤولة من قبل شركات التمويل، لأنه لا يلزم هذه الشركات إلا يترك مبلغ 522 درهم من أجر المستفيد من القرض، وهو كما يظهر مبلغ زهيد لا يغطي ولن يغطي حتى المصاريف الضرورية.

وإلى جانب المشاكل السالفة الذكر، فإن القرض الاستهلاكي "يتميز بخطورة خاصة بالنسبة للمستهلك، فإرادته في هذا الإطار مهددة أكثر، في ظل ضغط الإكراهات الاقتصادية، خاصة يتحول الكثير من السلع والخدمات الكمالية إلى ضرورة ملحة في مجتمع يغلب عليه الطابع الاستهلاكي، والإذعان للمهني في كافة جوانب التعاقد مما يشكل تهديدا حقيقيا لإرادة المستهلك الذي يواجه إكراهات متعددة، فإلى جانب كونه مستهلكا يتعرض لجميع التأثيرات المذكورة أعلاه، فهو مستهلك بالاقتراض، وهو ما يعني أن وسائل الضغط بالنسبة إليه تصبح مضاعفة 19...

كما أن انفراد مؤسسات الائتمان بصياغة عقد القرض الاستهلاكي وتحديد محتواه بشكل

مسبق وما يتيح لها ذلك من فرصة تضمين العقد مجموعة من الشروط المتعلقة بتكوينه وتنفيذه، بشكل لا تراعي فيه إلا مصلحتها، يجعل العقد في مجمله غير متوازن ومتضمن الشروط تعسفية لاتخدم مصلحة المقترض بأي حال من الأحوال.

وهكذا، وفي ظل عالم يسيطر عليه هاجس الربح، حيث لا يتم تقديم القرض بدون مقابل 20، يجد المستهلك نفسه مضطرا لدفع المبلغ المقترض والفوائد المترتبة عنه، مع ضرورة تقيده بالتزامات أخرى لا يتم إخباره بها إلا عند التوقيع على العقد، بل إن شروطا أخرى لا يطلع عليهاإلا لاحقا عند قراءته المضمون العقد، فيفاجاً بحجم الشروط التعسفية الواردة فيه.

ومعلوم أن العقود البنكية بصفة عامة والقروض الاستهلاكية بصفة خاصة تحرر مسبقا من طرف مختصين في المجال المالي والقانوني، ويكتفي المتعاقد مع مؤسسات الائتمان بالتوقيع عليها، وإذا كان الطرف المحرر لهذا العقد عالما بكل جزئياته وتفاصيله، فإن المستهلك غالبا ما يضطر تحت وطأة

وهكذا قام المشرع المغربي، وإن متأخراء بإصدار القانون رقم 21.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك الذي مكن من ملائمة منظومتنا القانونية مع المعايير الدولية المتعلقة بحماية المستهلك، ذلك أن هذه الحماية تحتل مكانة هامة في سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول، خصوصا مع بزوغ العولمة وفتح الحدود ورفع القيود على حرية تداول البضائع والخدمات في

السوق العالمي. وغني عن البيان أن القانون رقم 08-31 المذكور جاء ليتمم المنظومة القانونية في مجال حماية المستهلك ويعالج الجوانب الأساسية المتعلقة بحقوقه وبضع الإطار الملائم للنهوض بدور الجمعيات الممثلة له، قلم بعد ممكنا للمستهلك اليوم أن يلعب دوره تفاعل اقتصادي مهم في تنظيم السوق وتفعيل آليات المنافسة الحرة بين الشركات المنتجة إذا لم يتم إخباره بطريقة صحيحة وحمايته بفعالية. ومن هذا المنطلق فقد أرسى القانون رقم 08-31 الأسس القانونية التي تتيح للمستهلك الاستفادة من حقوقه والاعتراف بدوره تفاعل اقتصادي مهم من خلال تسخير آليات حقيقية الإعلامة بطريقة حيدة وحمايته من الممارسات المضرة لمصلحته وخصوصا ما يتعلق منها بالبنود التعسفية، ناهيك عن وضع العديد من المقتضيات القانونية المنظمة للقروض الاستهلاكية والتي تضمن حقوق المقترض موضوع هذه الدراسة والعديد من الأحكام التي تهدف إلى دعم وتطوير جمعيات حماية المستهلك كإنشاء صندوق وطني الحماية المستهلك الذي يختص بدعم الأنشطة والمشاريع الهادفة

إلى تطوير مستوى حماية المستهلك والعال ثقافة الاستهلاك 32

إن الهدف من إقرار القانون رقم 08-21 هو إعادة التوازن إلى العقود المختلة التي فرضت فيها إرادة الطرف القوي على الطرف الضعيف بسبب مبدأ سلطان الإرادة، وذلك من خلال تمكين القضاء من مراجعة العقاد واستبعاد الشروط التعسفية التحقيق التوازن بين حقوق والتزامات الأطراف. ولا شك أن ما سلف ذكرة بعكس في حقيقة الأمر الأهمية التي تنطوي عليها هذه

الدراسة سواء على المستوى النظري أو على المستوى العملي.

فعلى المستوى النظري:

فإن أهمية هذه الدراسة تكمن من ناحية، في راهنية التفكير حول موضوع حماية مستهلك القروض الاستهلاكية، حيث يتم إنجاز هذا العمل في فترة تشهد اهتماما تشريعيا منقطع النظير، في تاريخنا القانوني بالمستهلك وضمن ظرفية مماثلة، فمن دون شك أن هذا العمل سيساهم ولو بقدر قليل في تأطير وتأصيل العديد من المفاهيم المحيطة بهذا الموضوع وخصوصا ما يتعلق منها بالشروط التعسفية، كشرط لازم لتنال النصوص القانونية الجديدة في هذا المجال حفلها من التطبيق الصحيح النابع من الفهم الدقيق والعميل للبنية المفاهيمية لهذه النصوص، خصوصا إذا علمنا أن الشد والجذب بين الاقتصادي والقانوني في موضوع حماية المستهلك حاضر بشكل ملفت للنظر، حتى أنه ليحيل للباحث أحيانا أنه يدرس موضوعا اقتصاديا صرفا بنأى باقتصاديته من كل تأصيل قانوني ومن ناحية أخرى إن هذه الدراسة ستمكن لا محالة من تشريح وتفصيل وضعية مستهلك القروض الاستهلاكية والوقوف على مكامن الخلل التي تنتاب العقود التي يومها مع مؤسساتالائتمان

أما على المستوى العملي:

فإن أهمية دراسة حماية مستهلك الفروض الاستهلاكية تنبع من أهمية القروض الاستهلاكية فائها كأداة لتمويل الأسر، وكمصدر دخل، ومركز ثروة مهم يدور حوله جانب مهم من الاقتصاد المغربي المعاصر، ففضلا عن الأهمية الاجتماعية لهذه القروض، فهي تلعب دورا اقتصاديا أيضا مهما بالنظر إلى مساهمتها في الرفع من إنتاج وتداول السلع ومختلف الآليات والتجهيزات الممولة بهذه القروض، وتظهر الإحصائيات المسجلة في السنوات الماضية مساهمتها القوية في الاقتصاد الوطني من

خلال المقارنة بين الفروض الاستهلاكية الموزعة من طرف شركات التمويل في السنوات 1995 .

2000 و 2010، فقد بلغت قيمة هذه القروض له مليار درهم سنة 1900 وانتقلت سنة 2000 إلى

20,0 مليار درهم ، وارتفعت سنة 2010 إلى 41.1 مليار درهم .

3.3

وجدير بالذكر، فإن أهمية هذه الدراسة تنبع أيضا من كونها ترمى إلى تسهيل عمليةالتحكم في المنظومة القانونية الصلة بالموضوع خصوصا إذا علمنا أن عقد القرض مقتن

لمقتضيات متفرقة بين عدة نصوص قانونية وتنظيمية وكذا بواسطة دوريات بنك المغرب، ويصعب على أي شخص الإحاطة بكافة مضامينها. ولذلك فإن هذه الدراسة متساهم في الم خيوط هذه

المنظومة المتناثرة بما يسهل التحكم فيها وبالتالي تيسير سبل نشر ثقافة الاستهلاك في بلادنا.

وما يقوي الأهمية العملية لهذه الدراسة، أنها تروم طرح ومناقشة إشكالية جوهرية تتعلق بوضعية مستهلك القروض الاستهلاكية في علاقته مع مؤسسات الائتمان، خصوصا فيما يتعلق بالشروط التعسفية التي لا يكاد يخلو منها عقد قرض استهلاكي، قإلى أي حد وفقت منظومتنا القانونية في خلق توازن بين طرفي عقد القرض الاستهلاكي؟ وهل يمتلك المقترض الوسائل اللازمة حماية مصالحه في مواجهة شروط تعسفية أفرغت فكرة التوازن التعاقدي والحرية التعاقدية من كل مدلول قانوني لهما؟ وهل توفر هذه المنظومة القانونية للمقترض حماية فعالة ضد هذه الشروط ما يضمن حدا أدق من العدالة والإنصاف وبالتالي يحقق الأمن القانوني والاقتصادي؟

أسئلة عديدة وغيرها كثير منعالجها ضمن صفحات هذا العمل التي فرضت علينا التأمل في أركان هذه الإشكالية من خلال بابين الدين

متخصص الباب الأول من هذا العمل الدراسة المقتضيات القانونية المنظمة للقرض الواردة

في ظهر الالتزامات والعقود وفي القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان ونصوصه التطبيقية لحماية المستهلك من الشروط التعسفية، وقد اصطلحا على تسمية هذه المقتضيات القانونية بين القواعد العامة وهكذا يمكن اختصار مضمون هذا الباب في العنوان التالي: "حماية المفترضين من الشروط التعسفية وفقا للقواعد العامة".

أما الباب الثاني متخصصة لرصد مختلف الأساليب التي انتهجها القانون رقم 08-21

المذكور المواجهة الشروط التعسفية وذلك على ضوء تجربة كل من فرنسا ومصر والتخليرا والولايات

المتحدة الأمريكية وغيرها من التجارب المقارنة الناجعة، سواء أكانت آليات مباشرة كإعطاء القضاء سلطة إيطال الشروط التصفية، أم وسائل وقائية مثل دراسة القواعد المقننة للمقرض الاستهلاكي التي نرى أنها تساعد بطريقة غير مباشرة على تفادي إدراج الشروط التصفية هذه العقود، فضلا عن إعطاء تحة عن المؤسسات التي تلعب دورا هاما في تكوين المقترضين وإعلامهم والدفاع عن مصالحهم لجمعيات حماية المستهلكين. وقد اخترنا لهذا الباب العنوان التالي: الحماية المقترضين من الشروط

التصفية وفقا للقواعد الخاصة.

وتفصيلا لما تقدم ستوزع هذا العمل على النحو التالي:

الباب الأول: حماية المقترضين من الشروط التعسفية وفقا للقواعد العامة

الباب الثاني: حماية المقترضين من الشروط التعسفية وفقا للقواعد الخاصة.

___________________ 

رابط التحميل

https://drive.google.com/file/d/1Qib6TXISkHVghodRuWGo45XZfeNsGBbE/view?usp=drivesdk

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0