الجنس كعامل من عوامل الإجرام

مجموعة دروس و بحوث في علم الاجرام للتحضير للمباريات و امتحانات السداسي الخامس شعبة القانون و التعمق في المادة الجنائية

الجنس كعامل من عوامل الإجرام
أولا : الإحصاءات الجنائية عن إجرام كل من الرجل والمرأة دلت الإحصاءات الجنائية اختلاف إجرام المرأة عن إجرام الرجل كما ونوعا ووسيلة .

1-فمن حيث الكم : ثبت أن إجرام الرجل يفوق خمسة أمثال إجرام المرأة وفي بعض الأحيان يصل إلي عشرة أمثال إجرامها أو أكثر فقد أشار " جرانيه " أن الإحصاء الجنائي الفرنسي لعام 1902 أظهر أن نسبة إجرام المرأة تعادل 13 % تقريبا من مجموع الجرائم التي ارتكبت في هذا العام .

بلغت نسبة إجرام المرأة في ألمانيا الغربية 16 % وفي الولايات المتحدة الأمريكية 15 % إذ دلت الإحصاءات دائما على انخفاض إجرام المرأة عن إجرام الرجل .

2- ومن حيث النوع : فقد دلت الإحصاءات على أنه هناك جرائم لا تقع إلا من النساء أو يكون خطها منه كبير بالنسبة للرجال وجرائم أخرى يقل وقوعها من النساء أو يكون حظها منه كبير بالنسبة للرجال وجرائم أخري يقل وقوعها من النساء فالمرأة تتفوق على الرجل في جرائم الإجهاض بينما يتفوق عليها الرجل في جرائم العنف والسرقة بالإكراه وجميع الجرائم التي يتطلب تنفيذها قوة عضلية من حيث وسيلة ارتكاب الجريمة : فيغلب على إجرام النساء استخدام الحيلة والخديعة بينما على إجرام الرجال استخدام العنف ثانيا : تفسير اختلاف إجرام المرأة عن إجرام الرجل : حاول بعض العلماء إنكار وجود اختلاف كمي بين إجرام كل من الرجل والمرأة فعلي الرغم من أن الإحصائيات يؤكد هذا الاختلاف الكمي إلا أنهم يرون أن السبب في ذلك يرجع إلي ما يأتي : 1- الإحصاءات السابقة تسقط من حسابها ما تمارسه النساء من دعارة إذ لا يعتبر هذا النشاط جريمة في بعض الدول وأنه إذا أضيفت جرائم الدعارة لتساوي إجرام المرأة مع إجرام الرجل ولكن مثل هذا القول لا يستقيم لسببين : الأول : أنه ثبت دائما انخفاض إجرام المرأة عن الرجل حتى في البلاد التي تعتبر فيها الدعارة جريمة والثاني : أنه طالما لا يجرم المشرع في بعض الدول هذا النشاط فإن محالة إدخاله ضمن السلوك غير المشروع يعتبر عملا غير قانوني ولهذا ذهب البعض إلي القول بأن دلالة الإحصائيات عن ارتفاع إجرام الرجل عن إجرام المرأة يرجع إلي ما تنطوي عليه هذه الإحصائيات من عيوب وبصفة خاصة ما يتعلق منها " بالرقم الأسود " أو " الرقم المطموس " في كثير من الجرائم التي ترتكبها المرأة لا تعلم بها السلطات المختصة بسبب قدرتها على إخفائها .

ولكن هذه الحقيقية لا يجب أن تحجب عنا أن نسبة هذه الجرائم ضئيلة إذا كما قورنت بالجرائم التي يبلغ عنها 2- حاول البعض كذلك إرجاع الفارق بين إجرام الرجل والمرأة إلي أن كثيرا من الجرائم التي يرتكبها الرجال سببها النساء فقد دلت الإحصائيات على أن المرأة تكون السبب في 40 % من جرائم الأخلاق 20 % من جرائم القتل ، 10 % من جرائم السرقة فإذا أضيفت هذه النسب إلي مجموع جرائم النساء لتغيرت النسبة بين إجرام الرجال والنساء لكن يلاحظ أن هذا القول يفتقر إلي السند القانوني فطالما أنه لا يمكن أن يسند إلي المرأة فعل يعده القانون جريمة فلا يجوز الاعتداد به عند بيان حجم إجرام النساء .

3- وقد قيل كذلك أن المرأة أكثر تدينا وأفضل خلقا من الرجل لكن هذا القول أيضا لا يسنده أي أساس علمي فالمرأة كثيرا ما ترتكب جريمة شهادة الزور وهي جريمة ضد الدين في المقام الأول 4- وفسر البعض قلة إجرام المرأة على أساس وضعها الاجتماعي غالبا ما تكون في كنف أحد أقربائها ( والدها – أخوها – زوجها ) فلا تنزل إلي معترك الحياة كالرجل .

لا تتعرض بالتالي للعوامل الخارجية التي قد تدفعها إلي الإجرام يتضمن هذا الرأي قدرا من الصحة ولكنه ليس صحيحا على إطلاقه إذ أنه ثبت أن إجرام المرأة ما زال أقل من إجرام الرجل حتى في الدول التي نزلت فيها المرأة ميدان الحياة العامة وزاحمت الرجل في تحمل أعباء المعيشة كما أن منطق هذا الرأي يؤدي إلي نتيجة مؤداة أن إجرام النساء المتزوجات أقل من إجرام النساء غير المتزوجات ومع ذلك فإن الإحصاءات قد دلت على أن إجرام المتزوجات أكثر من إجرام غير المتزوجات 5- ذهب رأي أخير إلي القول بأن اختلاف إجرام الرجال عن إجرام النساء يرجع إلي الاختلاف في التكوين العضوي والنفسي لكل منهما فالمرأة من حيث التكوين العضوي أضعف من الرجل ومن ثم إجرامها يختلف كما نوعا عنه .

كما أنه من الناحية النفسية تمر المرأة بأطوار تؤثر على نفسيتها وتدفعها إلي ارتكاب الجرائم وذلك في فترات الحيض والحمل والوضع والرضاعة وبلوغ سن اليأس ينطوي هذا الرأي على قدر كبير من الصحة فالثابت من الإحصائيات إجرام المرأة يختلف من ناحية النوع عن إجرام الرجل كما أن الوسائل التي تلجأ إليها المرأة في تنفيذ جرائمها تختلف عن تلك التي يستخدمها الرجل في تنفيذ جرائمه وهذا يفسره اختلاف التكوين العضوي والنفسي لدي كل منهم .

ومع ذلك فإن هذا التكوين لا يفسر الاختلاف في الحجم بين إجرام المرأة وإجرام الرجل .

بل أن هناك من العلماء من ذهب إلي القول بأن المرأة ليست أضعف من الرجل فلقد أكدت الإحصائيات أن متوسط العمر لدي المرأة أطول منه لدي الرجل كما أن المرأة تقاوم الأوبئة والأمراض أكثر من الرجل وأن نسبة وفاة المواليد من الإناث أقل منها لدي الذكور .

حصيلة القول : أن القول أن الجنس لا يعد عاملا أصليا ومباشرا للإجرام أما الاختلاف في إجرام النساء عن الرجال من حيث الكم والنوع والوسيلة فيفسره الاختلاف في التكوين بينهما من ناحية والاختلاف في المركز الاجتماعي من ناحية أخري .

فالمرأة أكثر تأثرا من الرجل بالعوامل الاجتماعية المحيطة بها فقد وجدنا أن المرأة تكثر جرائمها في فترات الحروب وكذلك في الأزمات الاقتصادية

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0