ماهي أقسام التشريع

التشريع

ماهي أقسام التشريع
طلق اِصطلاح التشريع على معنيين : عام و خاص .

1- المعنى العام للتشريع التشريع كمصدر للقانون في مفهومه الواسع la législation يقصد به أحد الأمرين : الأمر الأول هو عملية قيام السلطات المختصة في الدولة بوضع قواعد جبرية مكتوبة لتنظيم العلاقات في المجتمع و ذلك في حدود اِختصاصاتها وفقا للاِجراءات المقررة لذلك .

والأمر الثاني هو مجموعة القواعد القانونية المكتوبة ذاتها التي تم وضعها من قبل السلطـات المختصة في الدولة لحكم علاقات الأفراد في المجتمع سواء كانت هذه السلطة هي السلطــة التشريعية أو هي السلطة التنفيذية .

و بذلك يستعمل اِصطلاح التشريع في مفهومـه الواسع تارة بمعنى مصدر القواعد القانونيـة المكتوبة و تارة أخرى بمعنى القواعد المستمدة من هذا المصدر .

2- المعنى الخاص للتشريع ينصرف المعنى الخاص للتشريع la loi اِلى مجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة التشريعية في الدولة في حدود الاِختصاص المخول لها دستوريا .

والتشريع من أكثر مصادر القانون أهمية، وأوسعها انتشارا، ويعده بعض الفقهاء المصدر الأوحد للقواعد القانونية.

ويعود السبب في هذه الأهمية الخاصة للتشريع إلى ما يتمتع به من مزايا عديدة أهمها: - سهولة سنه من قبل السلطة التشريعية المختصة، وسهولة إلغائه، فهذه السلطة تستطيع كلما دعت الضرورة أو المصلحة أن تسن ما تشاء من التشريعات الصالحة، وأن تلغي ما يظهر لها فساده أو عدم صلاحه.

أما العرف فهو ينشأ ويزول ببطىء، ومن الصعب تغييره أو تعدّيله بسرعة لعدم وجود سلطة مختصة بذلك.

- سهولة معرفته والرجوع إليه، وتحديد زمن بدايته وزواله، إذ إنه يصدر في نصوص مكتوبة، بحيث يكون من السهل الرجوع إلى الوثائق والمستندات التي تتضمن هذه النصوص لمعرفته وتحديد تاريخه.

أما العرف فلا بد فيه من إثبات التعامل الجاري بين الناس والعادات السارية فيهم للتأكد من وجوده، كما لا يمكننا تحديد تاريخ دقيق لبدء انتشار العرف أو لزواله.

- يساعد التشريع على حماية حريات الأفراد وحفظ حقوقهم، فهو يحدد حقوقهم و واجباتهم .

- يساعد التشريع على توحيد النظام القانوني في البلد الواحد ،ووضع قواعد قانونية عامة تطبق على جميع المواطنين في مختلف مناطقهم، وذلك خلافا للعرف أو الاجتهاد القضائي اللذين يؤديان لإيجاد قواعد قانونية تختلف في بعض المناطق عن بعضها الآخر.

3- عيوب التشريع: هناك عدة عيوب للتشريع نجملها بالآتي: - بما أن التشريع يصدر عن سلطة عليا مختصة فقد يتحول في بعض الأحيان إلى وسيلة تحكمية في يدها تجعله يخدم مصالحها الخاصة (الشخصية ) على حساب المصالح العامة، وهذا غير ملائم لظروف المجتمع، كما أنه قد يصدر كذلك أحيانًا تحت ضغوط سياسية.

- اتصاف التشريع بالجمود ،ذلك أنه يعتمد على عملية التقنين ، وكذلك سهولة تعديله التي تخل باستقرار المعاملات، وكذلك هناك صعوبة تواجه الأفراد في الاطلاع على كل القوانين مما يؤدي إلى فقدان الثقة بالقانون.

4- عناصر التشريع: أ- العنصر الموضوعي: يجب أن يكون موضوع التشريع قاعدة قانونية، أي أنه يسعى لتنظيم سلوك الأفراد ، فالقواعد القانونية هي قواعد تقويمية تكليفية, وهي عامة ومجرده وملزمة، وهذه الخصائص تميز القاعدة القانونية باعتبارها العنصر الموضوعي في التشريع عن القرارات الفردية التي تصدر عن السلطة المختصة ، وتجدر الإشارة في هذا الشأن إلى التمييز الذي وضعه بعض الفقهاء بين المقصود بالتشريع شكلا والمقصود بالتشريع موضوعا، فالحكم الذي يصدر مكتوبا عن السلطة التشريعية يعد تشريعا من الناحية الشكلية ولو لم تتوافر فيه خصائص القاعدة القانونية ، بينما لا يصدق وصف التشريع من الناحية الموضوعية على الأحكام التي تتخلف فيها خصائص القاعدة القانونية رغم صدورها عن السلطة التشريعية .

ب- العنصر الشكلي: يصدر التشريع في صوره مكتوبة، مما يسمح لنا بتمييزه عن العرف باعتباره أهم مصدر رسمي للقاعدة القانونية، ويجب تفادي الخلط بين تدوين أو كتابة الأعراف في بعض الحالات أو في بعض البلدان، واحترام شكل الكتابة بالنسبة للتشريع.

فالعرف ينشأ تلقائيا عن طريق تكرار وتواتر العمل به، إذ لا يشترط لوجوده الكتابة، بينما لا يوجد التشريع إلا مكتوبا، والمقصود بشكل الكتابة هو مفهومها الواسع، أي مختلف الإجراءات والشكليات الواجب إتباعها من قبل السلطة المختصة لإصدار التشريع.

ج- العنصر العضوي: يصدر التشريع عن السلطة المختصة بوضعه، أي تلك التي يخول لها صلاحية وضع التشريع، وهذه السلطة -من حيث المبدأ بالنسبة للأنظمة التي تعتمد مبدأ فصل السلطات -هي السلطة التشريعية ، ونذكر في هذا الشأن أن مبدأ فصل السلطات الذي هو أحد مظاهر الديمقراطية يقوم على ثلاث سلطات تكون مستقلة عن بعضها البعض، إذ تتولى السلطة التشريعية وضع التشريع والقوانين ، فهي تجسد إرادة الشعب باعتباره مصدر السلطة ، وتقوم السلطة التنفيذية بتنفيذ هذه القوانين، بينما تختص السلطة القضائية بالفصل في النزاعات التي تنشأ في كل المجالات.

3- مراحل سن التشريع لا تكتسب القاعدة العامة الملزمة وصف التشريع إلا باستيفاء شرطين هما: صدور التشريع عن السلطة المختصة، وصدور التشريع مكتوبا.

أ- صدور التشريع عن السلطة المختصة : تختلف السلطة المختصة بوضع التشريع من دولة إلى أخرى بحسب طبيعة النظام السياسي فيها ، ويبين الدستور في كل دولة السلطة المختصة بوضع التشريع ، وتسمى السلطة التشريعية ، ولكل نوع من أنواع التشريع سلطة مختصة بوضعه .

فالتشريع الأساسي (الدستور) يصدر عن السلطة التأسيسية في الدولة، ويصدر التشريع الفرعي عن السلطة التنفيذية ، ويصدر التشريع العادي عن السلطة التشريعية .

وينصرف مصطلح السلطة التشريعية في معناه الأساسي إلى السلطة التي تختص بإصدار التشريع العادي تحديدًا، وهي مؤسسة مستقلة نسبيا يديرها نواب منتخبون أو معينون يباشرون مهمة وضع التشريع.

والأصل أن يتولى أمر التشريعات ومناقشتها والتصويت عليها أفراد الشعب مباشرة، ولكن هذه الطريقة كانت تطبق في بلاد قليلة العدد، كما في المقاطعات السويسرية، ولما كان من المستحيل بالنسبة إلى معظم الدول جمع أفراد الشعب وجعلهم يصوتون على تشريع ما.

فقد عهد بأمر التشريع في الأنظمة الديمقراطية إلى مجلس خاص يتولاه باسم الشعب ونيابة عنه، ويطلق عليه اسم مجلس الشعب، أو البرلمان، أو مجلس الأمة.

ب- صدور التشريع مكتوبا: وهذا هو المعيار المميز بين قواعد التشريع وقواعد العرف، ويقصد بصدور التشريع تدوين التشريع في وثيقة رسمية، وصياغته بشكل فني يضمن دقة ألفاظه ووضوح معانيه، ولا بد للتشريع لكي يصبح نافذا من مروره بأربع مراحل وهي : الاقتراح، الإقرار، الإصدار، النشر.

أولا- الاقتراح: وهو المرحلة الأولى التي يبدأ فيها التشريع يأخذ طريقه إلى الظهور والوجود.

ويعود حق اقتراح التشريع إلى رئيس الجمهورية بصفته ممثلا للسلطة التنفيذية من جهة، وإلى أعضاء مجلس الشعب من جهة ثانية ، ويسمى الاقتراح الصادر عن رئيس الجمهورية في هذا الشأن مشروع قانون، أما الاقتراح الصادر عن أعضاء مجلس الشعب فيسمى اقتراح قانون.

ثانيا- الإقرار: وهو المرحلة الثانية من مراحل ظهور التشريع، ويعود إقرار التشريع أو التصويت عليه إلى مجلس الشعب، وإقرار التشريع هو أهم مرحلة من مراحل تكونه ، لأنه هو الذي يؤدي إلى إيجاده فع لا.

إلا أن التصويت على التشريع وإقراره من قبل مجلس الشعب لا يكفي وحده لجعله نافذا وملزما من الوجهة القانونية إذ لا بد له من أن يمر بمرحلتين إضافيتين هما إصداره من قبل رئيس الجمهورية أو الملك في الأنظمة الملكية ليصبح قابلا للتنفيذ، ونشره في الجريدة الرسمية ليصبح ملزما.

ثالثا- الإصدار: وهو المرحلة الثالثة من مراحل ظهور التشريع، وهو العمل الذي يتم به إثبات وجود التشريع بصورة رسمية، أو هو بمنزلة شهادة الميلاد التي تعطى للتشريع من قبل رئيس السلطة التنفيذية.

رابعا- النشر: وهو المرحلة الأخيرة التي يمر بها التشريع فيصبح بعدها نافذا وواجب التطبيق على الأشخاص الذين تتناولهم أحكامه.

فالقانون لا ينفذ من حيث المبدأ إلا بعد نشره في الجريدة الرسمية، ولا يغني عن النشر في الجريدة الرسمية أي وسيلة أخرى من وسائل الإعلام، كالنشر في الصحف اليومية ،أو الإذاعة ،أو التلفزيون، أو الانترنت.

ولا يغني أيضا عن النشر في الجريدة الرسمية العلم الشخصي بالتشريع، فإن كان التشريع لم ينشر بعد فإنه لا يطبق حتى على الأشخاص الذين يعلمون علما أكيدا بوجوده.

وبعد نشر التشريع ومرور الفترة المحددة لنفاذه، يكون واجب التطبيق، ولو لم يعلم الناس بوجوده، فليس المهم إذا العلم بالتشريع فعلا، وإنما إتاحة الفرصة للعلم به، ولولا ذلك لكان بإمكان الكثير من الناس مخالفة التشريع، ثم التهرب من توقيع الجزاء عليهم بإدعائهم جهلهم إياه، ومن هنا جاءت القاعدة القانونية التي تقضي:" لا يعذر أحد بجهله للقانون".

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0