تكريس مدونة الأسرة لمبدأ استقلال الذمة المالية للزوجين
مجموعة بحوث وعروض ودروس حول النظام المالي للزوجين في القانون المغربي و مدونة الأسرة المغربية
فإذا كان الزواج يجمع بين الرجل والمرأة، فهل يمكن لهذا الاقتران أن يجعل من كلا الزوجين شخصية واحدة، على غرار بعض التشريعات الغربية؟ ما هو مصير أموالهما التي ستصبح جنبا إلى جنب خلال الحياة الزوجية؟ برجوعنا إلى مدونة الأسرة، نجد أن المشرع المغربي قد اعترف للمرأة المتزوجة بشخصيتها المستقلة عن شخصية الزوج واعتبرها عضوا كامل الأهلية داخل مؤسسة الأسرة، دون تمييز بينها وبين الرجل في مباشرة حقوقها وتحمل إلتزاماتها، إلا ما فرضته الخصوصيات الناتجة عن الطبيعة الفزيولوجية والبيولوجية لكلا الجنسين وما ينتج عن ذلك من تمايز بينهما.
فانطلاقا من الصفة الإنسانية التي يتساوى فيها الرجل والمرأة، فإن هذه الأخيرة تبقى شريكة الرجل لكونها إنسانا كاملا مما يحتم أن تتمتع مثله بسائر الحقوق، خصوصا بعدما تأكد علميا أن التفاوت الحاصل بينهما واختلافهما هو اختلاف عضوي بسيط لا تأثير له على الحقوق التي يجب أن يتمتعا بها أو المسؤوليات التي يجب أن يتحملاها داخل الأسرة ، فالمرأة لها كامل الحق في التملك والانفراد بذمتها المالية، التي تبقى مخصصة لمعاملاتها المالية وهي في ذلك تعتبر مستقلة بذاتها غير تابعة أو مكملة لذمة الزوج.
وترتيبا على ذلك فكل ما تشمله الذمة المالية –من عناصر إيجابية وسلبية- تبقى في ملكية صاحبها، وهو وحده المسؤول عنها، فالصداق مثلا حسب الفصل 29 من مدونة الأسرة ملك خالص للمرأة، تتصرف فيه كما تشاء ولا حق للزوج في مطالبتها بأثاث أو غيره مقابل الصداق الذي أصدقه إياها، غير انه بالنسبة للزوج فإن قاعدة استقلاله بذمته المالية تتسم ببعض المرونة والنسبية إذ تستحق عليها النفقة الواجبة للزوجة والأبناء .
وإذا كانت هذه النصوص توحي بشكل ضمني على استقلال كل من الزوجين بأمواله فإن الفصل 49 من مدونة الأسرة نص بشكل صريح على أن لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر، إذن فالذي يتزوج هما الزوجان وليس الأموال .
لكن ما هي مكونات هذه الذمة التي يتمتع بشأنها كل زوج بملكيته الخاصة؟ بالنسبة للزوجة يمكن تحديد مكونات ذمتها المالية في ما يلي: 1- الأموال المنقولة والعقارات التي اكتسبتها قبل إبرام عقد الزواج.
2- الديون المستحقة لها اتجاه الغير والديون التي بذمتها لفائدة الغير.
3- ما قد يؤول إليها عن طريق الهبة أو الإرث أو الوصية أو عن طريق تعويض شخصي.
4- الصداق والهدايا التي يقدمها الزوج أثناء الخطبة وعند إبرام عقد الزواج.
5- ما تحضره لبيت الزوجية من أثاث وأمتعة ومجوهرات ومواد أخرى.
أما بالنسبة للزوج فذمته المالية تتكون من: 1- الأموال المنقولة والعقارات التي اكتسبها قبل إبرام عقد الزواج.
2- الديون المستحقة له اتجاه الغير والديون التي في ذمته لفائدة الغير.
3- ما قد يؤول إليه عن طريق الهبة أو الإرث أو الوصية أو ما في حكمها أو عن طريق تعويض شخصي.
فهل راعى المشرع المغربي في باقي القوانين الأخرى مبدأ استقلال الذمة المالية للزوجين عند تنظيمه للعلاقات المالية بشكل عام؟