تعريف الخطأ في القانون المغربي
مجموعة دروس وعروض في قانون المسؤولية المدنية في القانون المغربي للتحضير للمباريات القانونية
وفريق ثان يأخذ بنظرية تحمل التبعة، يرى أن كل فعل ترتب عليه ضرر يوجب مسؤولية فاعله، سواء كان هذا الفعل خطأ أم لا .
ومن أمثلة التعاريف التي أعطيت للخطأ التقصيري ما قال به "بلانيول" بأن الخطأ هو "إخلال بالتزام سابق".
لكن الإشكال الذي يطرحه هذا التعريف هو كيف يتم تحديد هذا الالتزام الذي يعتبر الإخلال به خطأ، مما جعل بلانيول يحاول حصره في أربعة أنواع: الكف عن الغش، الإحجام عن عمل لم تتهيأ له الأسباب من قوة ومهارة، الامتناع عن العنف، اليقظة في تأدية واجب الرقابة عن الأشخاص أو على الأشياء .
فيما يرى اسمان بأن الخطأ هو إخلال بواجب مقترن بادراك المخل إياه.
وعرفه ريبير بانه إخلال بالتزام سابق ينشأ عن العقد أو قواعد الاخلاق.
أما "ديموج" فيعرف الخطأ بأنه عبارة عن اعتداء على حق يدرك المعتدي فيه جانب الاعتداء، ويتضح من هذا التعريف أنه يتطلب توافر شرطين: أولهما مادي، وهو المساس بحق الغير، وثانيهما نفسي ويتمثل في إدراك ما يعتبر مساسا بذلك الحق.
والشرط الأول ينقصه تحديد المدى في حقوق الأغيار، الأمر الذي لاحظ تعذره جوسران فيما يقول به من أن الفكرة في الخطأ هي اعتبارية تتبع كل حالة بعينها، بحيث إن ارتكاب خطأ تقصيري هو المساس بحق الغير دون أن يتمكن المخطئ من التمسك بحق أقوى من حق الغير أو على الأقل يماثله، أما الشرط الثاني فيكمن في أن الخطأ قد يتوافر إما بعدم توقع نتائج الفعل كما في حالة الإهمال وعدم التبصر، وإما بالتمادي فيما أمكن توقعه منها، وذلك هو الفعل العمد، لهذا فإنه يكفي في مسألة محدث الضرر مع عدم توقعه، أن نثبت أنه كان يستطيع بشيء من اليقظة والحزم توقع ما قد يصيب الغير من ضرر بفعله.
وهناك بعض الآراء الأخرى التي تنهج في تعريف الخطأ نهجا ثانيا، وذلك بخلطه مع ركن الضرر، وقد تزعم هذا الرأي "بول لكلير" النائب العام البلجيكي الذي تأثر في تعريفه للخطأ بما ينجم عن السيارات من حوادث، إذ كان الميل السائد في تلك الأيام هو البحث عن وسيلة تمكن من تخليص الضحية في حادث سيارة من عبء إثبات خطأ السائق، تفاديا لما يعانيه من عقبات في هذا الصدد، إذ كانت المحاكم البلجيكية تطبق في هذا السبيل أحكام المسؤولية عن الأعمال الشخصية طبقا للمادة 1382 من القانون المدني الفرنسي.
وكانت هذه المحاكم تلزم المضرور بإثبات خطأ السائق حتى تترتب مسؤوليته.
أما السنهوري فيرى أن الخطأ في المسؤولية التقصيرية هو الإخلال بالتزام قانوني، وهو وجوب أن يصطنع الشخص في سلوكه اليقظة والتبصر حتى لا يضر بالغير، فإذا مال عن هذا السلوك الواجب، وكان من القدرة على التمييز بحيث يدرك أنه انحرف، كان هذا الانحراف خطأ يوجب مسؤوليته التقصيرية.
ويلخص عبد المنعم فرج الصدة ما تقدم من التعاريف بقوله: "إن الذي نخرج به من مجموع هذه الآراء المختلفة أن الخطأ في المسؤولية التقصيرية هو إخلال الشخص بالتزام قانوني مع إدراكه لهذا الإخلال، والالتزام القانوني الذي يقع الإخلال به في المسؤولية التقصيرية هو دائما التزام ببذل عناية، ومقتضى هذه العناية أن يتخذ الشخص سلوكا ينطوي على القدر العادي المألوف من اليقظة والتبصر حتى لا يضر بالغير، فإذا انحرف عن هذا السلوك وكان مدركا لهذا الانحراف كان هذا منه خطأ يستوجب مسؤوليته التقصيرية".
أما بخصوص التعريف القانوني للخطأ فإن المشرع المغربي قد عمل على تعريفه في الفصل 77 من قانون الالتزامات والعقود المغربي كما يلي: "كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار، من غير أن يسمح له به القانون، فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير، ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر، إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر".