شكل ومضمون العقد المالي

مجموعة بحوث وعروض ودروس حول النظام المالي للزوجين في القانون المغربي و مدونة الأسرة المغربية

شكل ومضمون العقد المالي
على خلاف باقي التشريعات التي كانت سباقة إلى إدخال مبدأ سلطان الإرادة كآلية لتنظيم الأموال المكتسبة من طرف الزوجين، والتي أحاطته بنظام خاص هم تنظيم جميع جوانبه الشكلية والموضوعية.

جاء المشرع المغربي بنظام تعاقدي ذو مقتضيات عامة وفضفاضة، محددة في بضعة أسطر دون تحديد لمضمون وطبيعة العقد الذي يتمخض عن اتفاقات الزوجين في هذا الشأن.

إلا أن المشرع المغربي بتنصيصه في الفقرة الثانية من الفصل 49 من مدونة الأسرة على أنه: "يضمن هذا الاتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج"، يكون قد نص على شكلية العقد المالي، الذي يجب أن يرد في محرر مستقل عن عقد الزواج، حيث جرت الممارسة العملية على إفراغ مضمونه في شكل عقد نموذجي محرر من قبل عدلين، يضمن فيه كل الشروط ذات الطابع المالي التي يرغب الزوجان في العيش وفقا لها.

ومن بين ما يمكن أن يتضمنه العقد المالي: 1- اتفاق الزوجان على أن ما قامت الزوجة بشرائه من منقولات منزل الزوجية، سواء كان من مالها أو مهرها وكذلك ما اشتراه لها زوجها يكون ملكا للزوجة.

2- اتفاق الزوجان على أن ما قام الزوج بشرائه بعد الزواج أو الدخول بالزوجة ومن ماله الخاص، يكون ملكا للزوج.

ويثبت ذلك بفواتير الشراء وتاريخها.

3- اتفاق الزوجان على أن ما قامت الزوجة بشرائه بعد الزواج أو الدخول بها من منقولات منزل الزوجية ومن مالها الخاص يكون ملكا للزوجة، ويثبت ذلك بفواتير الشراء وتاريخها.

4- اتفاق الزوجان على كيفية تقسيم العائد المتأت من عمل مشترك، وتحديد النسب التي تعود لكل واحد منهما.

إضافة إلى هذا بإمكان الزوجان الاتفاق على توسيع نطاق العقد المالي ليتجاوز مسألة تحديد ملكية الأشياء وتقسيمها إلى تنظيم وتوزيع الأعباء المالية التي تفرضها الحياة الزوجية، كان ترضى الزوجة بتسليم زوجها راتبها الشهري من وظيفتها التي يتفقان على استمرارها فيها، أو أن يتنازل عن نفقتها ونفقة أولادها وتتولى هي ذلك من مالها.

كما أن الزوج قد يرضى بأن يترك لها راتبها الشهري وينفق عليها أو عليها وعلى والديها أو أن يجعلها شريكة له في أمواله .

فهذا العقد عبارة عن إطار يتضمن إحصاء أموال كل واحد من الزوجين، وتوزيع مصاريف الحياة الزوجية وكذا نفقة الأولاد بالإضافة إلى تقرير القواعد التي يمكن أن تطبق عند إنهاء المعاشرة الزوجية .

ولإعطاء العقد المالي حجيته القانونية، فإنه وبعد حصر مضمونه يتم توقيعه من قبل الزوجين قبل أن يسلم لقاضي الأسرة للمخاطبة عليه، ويحتفظ بنسخة منه في ملف عقد الزواج المودع لدى قسم قضاء الأسرة، غير أنه إذا كان أحد الزوجين لم تكتمل أهليته بعد – ما دام المشرع سمح بزواج من هو دون سن الأهلية- فإن العقد لا يكون نافذا إلا بعد حضور نائبه الشرعي وموافقته عليه ، وهذا ما يقرره أيضا القانون التونسي الذي يوقف اختيار الزوج القاصر لنظام الاشتراك في الأملاك على موافقة الولي والأم، وفي حالة امتناعهما عن الموافقة فإنه يرفع الأمر إلى القاضي (الفصل 6 من مجلة الأحوال الشخصية التونسية).

من خلال هذه الدراسة لخصائص العقد المالي يمكن القول –وخلافا لما قد يعتقده البعض من أن تدبير أموال الزوجين بطريق الاتفاق هي فكرة مستقاة من النموذج الغربي الفرنسي –أن المشرع المغربي لما منح للمقبلين على الزواج الحرية الكاملة في تحديد طريقة وكيفية تدبير أموالهما، يكون قد استحدث نظاما تعاقديا مخالفا لما يعرف في القانون المدني الفرنسي بالنظام الإتفاقي، وذلك لكون هذا الأخير جعل الأصل هو اتحاد الذمة المالية للزوجين، وفي مقابل ذلك منح الراغبين في الزواج الاتفاق على اختيار نظام مالي معين من مجموع الأنظمة المالية المحددة في القانون المدني - نظام فصل الأموال، نظام الأموال المشتركة أو نظام المشاركة في المكتسبات - بهذا يكون المشرع الفرنسي قد حدد طبيعة العقد الذي يمكن للزوجين أن يفرغا فيه إرادتهما، وذلك حسب الشروط والأحكام المنصوص عليها في القانون.

أما المشرع المغربي فلم يحدد طبيعة هذا العقد ولم يضع له أية شروط، حيث يمكن للزوجين الاتفاق حسب ما تمليه وتقتضيه مصلحتهما، فإرادتهما حرة في تحديد مضمون العقد ولا تكون ملزمة بصبه تحت عنوان عقد من العقود المسماة.

مما سبق يتضح الاختلاف بين الحرية الممنوحة للزوجين في إطار الفصل 49 م.

أ، وتلك الممنوحة للأزواج الفرنسيين، حيث إنه من الناحية القانونية للزوجين الفرنسيين الحرية في تدبير أموالهما الأسرية، غير أن هذه الحرية مقيدة بنظام مالي معين حدده القانون لا يمكن للزوجين تجاوز أحكامه.

أما حرية الاختيار الممنوحة للزوجين المغاربة فإنها حرية كاملة لا يحد منها إلا النظام العام والأخلاق الحميدة.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0