أجرة الرضاع في القانون المغربي
عرفة مدونة الاسرة المغربية الحضانة ووضعت لها شروط وأحكام يجب على الأبوية الإلنزام بها. الحضانة في القانون المغربي، الحضانة في المغرب، شروط الحضانة في المغرب، نفقة الحضانة، السفر بالمحضون، نفقة المحضون، نفقة الحاضن، أجرة المحضون، انتقال الحضانة في المغرب، سقوط الحضانة
فقد اتفق الفقهاء على أن الرضاع واجب على الأم ديانة في جميع الحالات سواء كانت زوجيتها قائمة أو انتهت، بمعنى أنها مسؤولة أمام الله تعالى عن ذلك بحيث تأثم لو امتنعت عنه وهي قادرة عليه.
واختلفوا بعد ذلك في وجوبه عليها من الناحية القضائية.
وفي الفقه المالكي هناك تفصيل : - فالأم ملزمة بإرضاع طفلها أثناء الزواج وأثناء العدة من طلاق رجعي، إلا أن تكون مريضة أو غير ذات لبن.
- إذا طلقت طلاقا بائنا أو طلقت طلاقا رجعيا ثم انتهت عدتها فلها أجرة الرضاع، يقول ابن عاصم الغرناطي : ومع طلاق أجرة الإرضاع إلى تمام مدة الرضاع.
والمشرع المغربي لم يخرج عن النسق الفقهي السابق، إذ نصت المادة 54 من مدونة الأسرة على ما يلي : " للأطفال على أبويهم الحقوق التالية : .
.
.
4- إرضاع الأم لأولادها عند الاستطاعة.
.
.
.
" وعلى هذا الأساس تكون الأم مجبرة بإرضاع ابنها ما دامت قادرة على ذلك، بصريح الفقرة الرابعة من المادة السابقة، وهذا يعني أن المشرع المغربي أخذ بعين الاعتبار حالات العجز عن الإرضاع بسبب ضعف الحالة الصحية للأم، أو عجزها وذلك مراعاة لمصلحة المحضون وحماية لحقه في حليب أمه.
وهذا يحيل على أن مسؤولية الزوجة اتجاه أولادها أكثر من مسؤولية الزوج، لارتباطها المستمر نحوهم بالإرضاع والخدمة، وهو ما يعجز عنه الأب.
وما دام الرضاع حقا للمحضون، فإن الزوجة لا تستحق عنه أية أجرة ما دامت الزوجية قائمة بينها وبين أب الطفل، وما دامت في عدة من طلاق رجعي، وهي تستحق تلك الأجرة متى طلقت طلاقا بائنا، ومتى انتهت عدة الطلاق الرجعي.
ونصت المادة 167 من مدونة الأسرة على أن : " أجرة الحضانة ومصاريفها، على المكلف بنفقة المحضون، وهي غير أجرة الرضاعة والنفقة .
.
.
" أما المادة 201 من نفس المدونة فقد نصت على أن : " أجرة رضاع الولد على المكلف بنفقته" وحتى تستحق الأم أجرة الرضاعة يجب أن يتم الإرضاع داخل الحولين الأولين من عمر الرضيع، فإن أرضعت المرأة الطفل بعد ذلك فإنها لا تستحق الأجرة، على أن يبقى للزوجة الحق في أجرة النفقة والحضانة في حالة استحقاقهما.
وقياسا على أجرة الحضانة، فإن أجرة الرضاع يمكن التبرع بها، ويمكنها أن تكون في مقابل الخلع، ما دام أن كل ما صح التزامه شرعا صلح أن يكون بدلا للخلع.
وكما هو الحال بالنسبة لأجرة الحضانة، فالمشرع لم يبين العناصر التي يتم اعتمادها لتقدير وتحديد أجرة الرضاعة، مما يبرر استخدام المحكمة لسلطتها التقديرية ما لم يتفق الطرفان على مقدارها، فالقاضي حال رفع النزاع إليه، وعدم وجود أجر متعارف عليه، يعمد إلى تفعيل سلطته التقديرية مراعيا في ذلك كون الأجرة إنما هي مقابل الالتزام بعمل خلافا لما هو عليه الأمر بالنسبة لتقدير مبلغ النفقة، إذ أن معايير تقدير النفقة لا تصلح دائما لتقدير أجرة الرضاع، فلا يمكن مثلا اعتبار حال الزوجين كأساس لأن المرضع قد لا تكون هي الزوجة.
ومعنى ذلك أنه على قاضي الأسرة استعمال عناصر تقدير النفقة لتقدير أجرة الرضاعة بمرونة ويسر وفيما هو ممكن، فعليه أن يجتهد في هذا التقدير مع مراعاة التوسط، ودخل الملزم بالنفقة ومستوى الأسعار والأعراف والعادات السائدة في الوسط الذي يعيش فيه الرضيع ومرضعته، وذلك قياسا على أحكام الفقرة الثانية من المادة 189 من مدونة الأسرة.
والجدير بالذكر، أنه تمة حالة واحدة ، يتم فيها إعفاء الأب من أداء أجرة الرضاعة وهي تلك المعلقة على ثبوت إعساره ببينة، إذ تكون الأم ملزمة في هذه الحالة بإرضاع ابنها مجانا إن كانت هي مرضعته، أما إذا لم تكن كذلك، فإنه يجب عليها حينها أداء أجرة الرضاعة لمن تتولى إرضاع الطفل بدلا عنها، شريطة أن تكون الأم المذكورة موسرة.
وإذا كانت المادة 54 من مدونة الأسرة تلزم الأم بإرضاع ابنها عند الاستطاعة والمادتين 167 و 201 من نفس المدونة اللتان تجعلان أجرة الحضانة على المكلف بنفقة المحضون فإن المركز القانوني لأجرة الحضانة محمي أيضا بمسؤولية الدولة النيابة العامة.
فبخصوص مسؤولية الدولة، فقد ألزمت المادة 24 من اتفاقية حقوق الطفل، الدول الأطراف باتخاذ كافة التدابير اللازمة لتقليل نسبة الوفيات الرضع والأطفال، وتمتيع الطفل بأعلى مستوى صحي ممكن، ومكافحة سوء التغذية وتوعية الأبوين بفوائد الرضاعة الطبيعية وصحة الطفل وتغذيته.
ونتيجة للالتزام بالمبادئ السابقة، نصت المادة 54 من مدونة الأسرة على مسؤولية الدولة، وذلك في الفقرة ما قبل الأخيرة، التي تقضي بما يلي : " تعتبر الدولة مسؤولة عن اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الأطفال وضمان حقوقهم ورعايتها طبقا للقانون".
وتتجلى مسؤولية الدولة في اتخاذ كل التدابير التي من شأنها حماية الأطفال وكفالة حقوقهم وخاصة الحق في الرضاع، وذلك بنهج سياسة قانونية بهدف رعاية وحماية الأمهات المرضعات التي من شأنها المحافظة على صحة الأطفال ووقايتهم من الأمراض المعدية من خلال التلقيح ضدها، باعتبار ذلك من أهداف مصلحة حماية الأمومة والطفولة التابعة لوزارة الصحة العمومية، إضافة إلى الحرص على توفير الغذاء للأطفال المنتمين إلى أسر فقيرة بهدف ضمان الحماية الناجعة لهم من جميع الأمراض الناتجة عن سوء التغذية بعد الفطام.
وفيما يتعلق بمسؤولية النيابة العامة، فقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة 54 من مدونة الأسرة على أنه : ".
.
.
تسهر النيابة العامة على مراقبة تنفيذ الأحكام السالفة الذكر".
ومعنى ذلك أن النيابة العامة تسهر على تنفيذ المقتضيات المتعلقة بحقوق الطفل كما هي محددة في المادة 54 من نفس المدونة.
فالنيابة العامة تعتبر طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام مدونة الأسرة، بحيث يمكن أن تتقدم بطلباتها مباشرة إلى القضاء قصد إصدار حكم أو قرار وقد تكون مدعى عليها إذا رفعت الدعوى في مواجهتها.
كما أنها تعتبر الجهاز الضامن لحقوق الطفل، ومن أجل تقوية مركزه فإنه يمكن استعمال جميع الوسائل المنصوص عليها قانونا، وفي هذا الصدد يـرى بعض الفقه، أن حقوق الطفل المنصوص عليها في المادة 54 من مدونة الأسرة تدخل كلها في إطار الدور الطبيعـي للنيابة العامة باستثناء حق إرضاع الأم لأولادها الذي تنعدم معه وسيلة التنفيذ.
ولعل هذا ما دفع البعض الآخر إلى التساؤل عن الكيفية التي يمكن للنيابة العامة في إطار المراقبة أن تقوم بها حين يقصر الأب أو الأم في تنفيذ حقوق الطفل قصدا أو عن غير قصد لأسباب اقتصادية، وعن الجزاء المترتب عن ذلك.