الانتقال بالمحضون في القانون المغربي
عرفة مدونة الاسرة المغربية الحضانة ووضعت لها شروط وأحكام يجب على الأبوية الإلنزام بها. الحضانة في القانون المغربي، الحضانة في المغرب، شروط الحضانة في المغرب، نفقة الحضانة، السفر بالمحضون، نفقة المحضون، نفقة الحاضن، أجرة المحضون، انتقال الحضانة في المغرب، سقوط الحضانة
فكيف عالج المشرع أحكام الانتقال بالمحضون؟ وكيف عمل القضاء المغربي على تحقيق المناط التشريعي للقواعد القانونية على النوازل والقضايا الواقعية؟.
أشار المشرع المغربي إلى مسألة الانتقال بالمحضون في المادتين 178 و 179 من مدونة الأسرة حيث تطرق في المادة الأولى للانتقال بالمحضون داخل المغرب وخصص المادة الثانية للانتقال به خارج المغرب، وهذا ما سوف نتناوله في الفقرتين التاليتين: -الفقرة الأولى : الانتقال بالمحضون داخل المغرب تنص المادة 178 من مدونة الأسرة على أنه : " لا تسقط الحضانة بانتقال الحاضنة أو النائب الشرعي للإقامة من مكان لآخر داخل المغرب، إلا إذا ثبت للمحكمة ما يوجب السقوط مراعاة لمصلحة المحضون والظروف الخاصة بالأب أو النائب الشرعي، والمسافة التي تفصل المحضون عن نائبه الشرعي".
لقد اعتبر المشرع المغربي أن انتقال الحاضنة أو النائب الشرعي للإقامة في أي مكان داخل المغرب مهما بعد عن الطرف الآخر غير مسقط للحضانة، إلا إذا ثبت للمحكمة ما يوجب السقوط مراعاة لمصلحة المحضون التي تفرض ترجيح مصلحة هذا الأخير قبل أية مصلحة أخرى ولو تعلق الأمر بالولي أو الحاضنة.
وهكذا فالانتقال بالمحضون في حد ذاته لا يعد موجبا لسقوط الحضانة، لكن إذا ثبت للمحكمة ما يوجب السقوط مراعاة لمصلحة المحضون والظروف الخاصة بالأب أو النائب الشرعي والمسافة التي تفصل المحضون عن نائبه الشرعي فإن هذا الانتقال قد يكون مبررا لإسقاط الحضانة.
فبعد أن قرر المشرع المغربي أن الانتقال بالمحضون لا يسقط الحضانة تراجع وقرر وجوب مراعاة الظروف الخاصة بالأب أو النائب الشرعي والمسافة التي تفصل المحضون عن أبيه أي أنه عاد مجددا لأحكام الفقه المالكي، لهذا يقول أستاذنا محمد الكشبور : " .
.
.
كان على المشرع أن يقرر أن الانتقال في ذاته لا يسقط الحضانة، غير أنه متى أصاب المحضون ضررا من جراء ذلك الانتقال سقطت الحضانة، دون تقييد المحكمة بالظروف الخاصة بالأب أو النائب الشرعي والمسافة التي تفصل المحضون عن ابيه، إذ أن وجود المحضون مع أمه في إطار الظروف الاجتماعية التي يعيشها المغرب، أولى من وجوده مع غيرها ولو تعلق الأمر بأبيه".
-الفقرة الثانية : الانتقال بالمحضون خارج المغرب تنص المادة 179 من مدونة الأسرة على ما يلي : " يمكن للمحكمة بناء على طلب من النيابة العامة، أو النائب الشرعي للمحضون، أن تضمن في قرار إسناد الحضانة، أو في قرار لاحق، منع السفر بالمحضون إلى خارج المغرب، دون موافقة نائبه الشرعي.
تتولى النيابة العامة تبليغ الجهات المختصة مقرر المنع، قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تنفيذ ذلك.
في حالة رفض الموافقة على السفر بالمحضون خارج المغرب، يمكن اللجوء إلى قاضي المستعجلات لاستصدار إذن بذلك.
لا يستجاب لهذا الطلب، إلا بعد التأكد من الصفة العرضية للسفر، ومن عودة المحضون إلى المغرب".
إن هذا النص التشريعي، كما يتضح من مقتضياته، يمثل قيدا على الحاضنة التي تريد الانتقال بالمحضون خارج الوطن، حيث للنيابة العامة، أو لأب المحضون، أو عموما وليه الشرعي، أن يطلب من المحكمة أن تنص في مقرر إسناد الحضانة إلى المرأة أو في مقرر لاحق عليه، أنه ليس للحاضنة أن تنتقل بالمحضون في هذا الإطار إلا بعد حصولها على موافقة مسبقة بذلك من نائبه الشرعي.
والنيابة العامة هي التي تتولى مسؤولية السهر على تبليغ مقرر المنع إلى جميع الجهات المعنية، قصد اتخاذ سائر الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذا المقرر بهدف تحقيق مصلحة الأسرة، والمساواة بين الحاضنة والأب في ممارسة واجباتهم تجاه المحضون ورعاية شؤونه.
وفي حالة رفض النائب الشرعي السفر بالمحضون خارج أرض الوطن، وكانت هنالك ظروف خاصة تحتم ذلك السفر، فإنه يمكن لمن له المصلحة أن يطلب إذنا بذلك من قاضي الأمور المستعجلة بشرط توفر عنصر الاستعجال وتوافر الصفة العرضية للسفر وبالتالي من عودة المحضون إلى أرض الوطن.
والقضاء المغربي طبق المقتضيات السابقة بخصوص ما يعرض عليه من قضايا، حيث جاء في قرار للمجلس الأعلى ما نصه : " .
.
.
وأن استيطان الحاضنة في بلد السودان يجعل من العسير على والد المحضون مراقبة أحواله والقيام بواجباته ذلك لأن المسافـة بين القطر المغربي ونظيره السودانـي لا تساعد الأب على الإطلاع على أحوال ولديه والسهر عليهما".
وجاء في قرار لمحكمة الاستئناف بسطات: " .
.
.
وحيث أن المستأنفتين لم تحضرا لجلسة البحث ولم تحضرا المحضون رغم توصلهما ولم تدليا بما يبرر الاستئناف الذي بقي بدون تبرير خاصة وأنه ثبت من محضر المعاينة المدلى به أن الحاضنة القانونية لا تقيم بالمغرب حيث تقيم بالديار الإسبانية وأن المستأنف عليه هو الأولى بالحضانة على ابنه رغم كل ادعاء مما يبقى معه الحكم الابتدائي في محله .
.
.
".
كما ورد في إحدى حيثيات حكم صدر عن ابتدائية الراشدية ما يلي : " .
.
.
وحيث إنه فضلا عن ذلك، فإن المقتضيات المنصوص عليها في المادة 179 من مدونة الأسرة والتي تنظم الأحكام المتعلقة بمنع الحاضن من السفر بالمحضون إلى الخارج أو منحه الإذن بذلك، فإنه من الواضح أن نية المشرع كانت تنصب على الحالة التي يكون فيها النائب الشرعي يقيم داخل المغرب، حماية لحقه في القيام بواجب العناية بشؤون المحضون في التأديب والتوجيه الدراسي، بخلاف نازلة الحال التي ثبت من خلال الوثائق المدلى بها أن المدعى عليه يقيم هو الآخر بالديار الفرنسية .
.
.
".
وبخصوص دور قاضي الأمور المستعجلة في حماية المحضون نستحضر الأمر الاستعجالي الصادر عن رئيس المحكمة ابتدائية بالعرائش الذي جاء فيه : " .
.
.
وحيث إن الدعوى ترمي إلى إصدار أمر بمنع سفر المدعى عليه خارج الوطن على أن تتولى النيابة العامة تبليغ الجهات المختصة قصد تنفيذ ذلك.
وحيث أجاب بأن الأمر لا يتعلق بتطبيق قواعد القضاء الاستعجالي وإنما بقضاء الأسرة لأن العلاقة الزوجية ما زالت قائمة.
وحيث إن القضاء المستعجل وإن كان يحظر عليه البت في أحقية الحضانة فإن البت في التدابير الوقتية تدخل معه في صميم اختصاصه شريطة عدم المساس بجوهر الحق بهدف حماية الطفلة، وتبعا لذلك تقرر إلزام المدعى عليه بإحضار الطفلة وتسليمها لوالدتها، وبمنع السفر بها خارج الوطن مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل".
وعليه فالقضاء هو المرجع المعول عليه للفصل في هذه المسألة، فلا تملك أية جهة إدارية الإذن للتدخل في مثل هذه القضية التي تقتضي التأكد من المبررات التي تعتمدها الحاضنة للسفر بالمحضون والأسباب الكامنة وراء امتناع الولي عن الموافقة.