حــــق الزوجـــة المطلقــة في المتعــة في الطلاق للشقاق

التطليق للشقاق في القانون المغربي مجموعة مواضيع في قانون الأسرة للإستعانة بها في البحوث التحضير للمباريات القانونية

حــــق الزوجـــة المطلقــة في المتعــة في الطلاق للشقاق
تعد المتعة من الحقوق الماليـة التي تحكم بها المحكمة لفائـدة الزوجة المطلقـة، جبرا لخاطرها و تعويضا لها عما لحقها من ضرر معنوي بسبب انحلال العلاقة الزوجية عن طريق الطلاق أو التطليق ، حيث تجد سندها الشرعي في قولـه تعالـى :  لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنيـن وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ( )، و قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المومنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن مـن عدة تعتدونـها فمتعوهـن وسرحوهن سراحا جميلا ( )، ذلك أنه إذا كان المذهب المالكي بالخصوص يترك للزوج حرية منح المتعة لزوجته المطلقة حسب إرادته، إن شاء تطوع و إن شاء امتنـع على اعتبار أنها مندوبة و ليست واجبـة في حق كل مطلقـة، إلا التي تطلق قبل الدخول وقد سمي لها صداقها لأن نصف الصداق الذي تستحقه يقوم مقام المتعة، فإنها في مدونة الأسرة تكتسي طابعا إلزاميا، باعتبارها من مشتملات مستحقات الزوجة المطلقة طبقا للمادة 84 من مدونة الأسرة، حيث تراعي المحكمة في تقديرها عدة عناصر منها فترة الزواج و أسباب الطلاق وحـال الزوجة إضافة إلى الوضعية المالية للزوج ( )، مع مراعاة مسؤولية الزوج المتسبب في الشقاق الذي أدى إلى تفكك الأسرة، و ذلك تكريسا لطابعها التعويضي لفائدة الزوجة المطلقة، حيث تنص المادة 84 أعلاه على أنه: » .

.

.

و المتعة التي يراعي في تقدرها فترة الزواج و الوضعية المالية للزوج، و أسباب الطلاق ، و مدى تعسف الزوج في توقيعه .

.

.

« كما تنص كذلك المادة 97 من المدونة على أن المحكمة عند حكمها بالمستحقات تراعي مسؤولية كل من الزوجين عن سبب الفراق في تقدر ما يمكن أن تحكم به على المسؤول لفائدة الزوج الآخر، لكن التساؤل الذي يطرح بإلحاح في هذا الصدد : كيف يمكن الحكم بالمتعة لفائدة الزوجة رغم ثبوت مسؤوليتها في الشقاق الذي أفضى إلى الحكم بالتطليق؟ من الإشكاليات العملية التي أسفر عنها التطبيق القضائي لمدونة الأسرة بخصوص التطليق للشقاق، أن الزوجة قد تتقدم بالدعوى وعند إجراء المحكمة لمحاولات الصلح بين طرفي النزاع، يتبين لها أنها هي التي ساهمت بشكل مباشر فيما قد يترتب عنه من آثار تؤدي إلى تفكك الأسرة، ومع ذلك تحكم لها بالمتعة رغم الأضرار المادية و المعنوية التي تصيب الزوج من جراء ذلك، وإن كان القانون بالمقابل يخول له حق المطالبة بالتعويض مما يعكس التناقض الحاصل في مدونة الأسرة على هذا مستوى، حيث كيف يمكن للشخص نفسه أن يكون دائنا ومدينا في نفس الدعوى؟ لذلك يبقى الحل في اعتقادنا تحقيقا للعدل و الإنصاف جعل مبلغ المتعة بسيط جدا يكون له بعد رمزي أكثر منه تعويضي، فقط حفاظا على طابعها الإلزامي الذي يدفع المحكمة إلى الحكم بها في إطار احترام القضاء لمبدأ سيادة القانون.

هذه إذن هي أهم المستحقات التي يحكم بها لفائدة الزوجة المطلقة في دعاوي الشقاق طبقا للمادة 84 من مدونة الأسرة، أما باقي حقوقها الأخرى الغير المنصوص أو المحال عليها في هذه المادة، كأجرة الرضاع أو الحضانة و ما يتبعها من أجـرة ومصاريف( )، فإن عدم الالتفات إليها من طرف المحكمة يرجع إما لطابعها التبرعي أو لكون الحكم بها يتوقف على تقديم طلب بشأنها أمام القضاء، إضافة إلي أن البعض الآخر تستفيد منه المطلقة لارتباط حقها بحق المحضون كما هو الشأن بالنسبة للحق في السكنى، وعموما يبقى للمحكمة المختصة في إطار السلطة المخولـة لها كامل الصلاحية في تحديد و تقدير المستحقات الزوجة المطلقة طبقا للقانون، و في ضوء الوقائع المعروضة عليها و المعطيات المتوفرة لديها.

أما بخصوص مسألـة ضرورة مراعـاة القضاء لحق الكـد والسعاية الواجـب للمرأة كحق من حقوقها المالية الجاري به العمل في بعض المناطق المغربيـة ( )، نشيـر إلي أن التـردد و التضارب الذي انتاب العمـل القضائي بشأنـه، إضافة إلى الغموض الذي يعتريه داخل المجتمع المغربي، و ما تترتب عن ذلك من دعوة بعض المنظمات النسائية إلى وجوب الاعتراف للمرأة المطلقة بحقها في الاستفادة من نصف ما تم اكتسابـه خلال فترة الحياة الزوجيـة ( )، كل هذا دفع المشرع في المادة 49 من مدونة الأسرة إلى تنظيم الذمة المالية للزوجين، حيث يعتبر الأصل فيها طبقا لنظامها القانوني الاستقلال أي : أن لكل منهما ذمته المالية المستقلة عن الآخر إذ لا ولاية للزوج على مال زوجته و العكس صحيح، و استثناء يجوز لهما في إطار النظام التعاقدي للأموال المشتركة المسموح به قانونا، الاتفاق على كيفية تدبير الأموال التي سيكتسبانها أثناء قيام الزوجية عن طريق استثمارها أو توزيعها، و يضمن هذا الاتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج لإضفاء الحجية عليه كوسيلة إثبات، يمكن الرجوع إليها عند الاقتضاء من طرف الزوجين معا أو أحدهما خاصة في حالة قيام نزاع بينهما حول تلك الأموال، و إلا يرجع عند انعدام العقد المالي إلى القواعد العامة للإثبات، مع مراعاة عمل كل واحد منهما و ما قدمه من مجهودات و تحمله من أعباء في سبيل تنمية أموال الأسرة.

ورغم أهمية أحكام هذه المادة فإن المشرع لم ينص على ضرورة مراعاتها من طرف المحكمة عند تحديدها لمستحقات الزوجة.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0