عقد التسيير الحر للأصل التجاري

مواضيع متنوعة في القانون التجاري و قانون الشركات و مساطر صعوبات المقاولة بما يمثل قانون الاعمال في المغرب

jpg" class="img-responsive center-image" alt="عقد التسيير الحر للأصل التجاري"/>

عرض حول موضوع: عقد التسيير الحر للأصل التجاري

 

مقدمة:

 

 يعتبر القانون التجاري مجموع القواعد القانونية الراصدة للدينامية المجتمعية للبشرية، وتعد التجارة من أقدم الحرف التي عرفها الإنسان، كما أن حاجة المجتمع إليها بشتى أنواعها وأشكالها وطرق ممارستها ترجع إلى عهد بعيد وبالرغم من ذلك فإن فكرة الأصل التجاري لم تظهر إلا في أواخر القرن التاسع عشر، حيث يعتبر المشرع الفرنسي أول من ادخل مصطلح الأصل التجاري في التشريع؛ فالأحكام المنظمة للأصل التجاري لم تسن بناء على رؤية تشريعية سابقة بل تم الاتيان بتصور قانوني جديد يتأسس وينبني على قاعدة الصفر، فالتصور القانوني المنظم لقواعد الأصل التجاري تتقاطع مع مسألتين؛ المرجعيات القانونية (les références juridiques ) ، وتعريف المال (définition du bien)، فالأصل التجاري هو مال احدث بتوافق إرادة اقتصادية وسياسية وجبائيه.

ويرجع السبب في تأخر ظهور مؤسسة الأصل التجاري للوجود إلى أن المشروعات التجارية كانت محدودة الأهمية، وأن التجارة كانت تباشر في الساحات العمومية والميادين القريبة من المساكن، وذلك على غرار ما نشاهده اليوم في الأسواق التي تعقد بضواحي المدن، لذلك لم يكن للمتجر دور هام في حياة التاجر والتجارة، بل كانت ذاتية التاجر وأهمية شخصيته، وما يتمتع به من ثقة وحسن معاملة مع الزبناء، من العناصر الأساسية المهيمنة في تحديد قيمة مشروعه التجاري، وفي ارتباط زبنائه به الأمر الذي ما فتئ يتضاءل بالتدريج بفعل تظاهر عدة عوامل منها: ممارسة التجارة في محلات قارة، والتطور الذي عرفته وسائل التجارة وتقنياتها، بالإضافة إلى ظهور عناصر مهمة لصيقة بالاستغلال التجاري لم يكن لها وجود في الماضي، مثل العلامات التجارية، وبراءة الاختراع، والرسوم الصناعية وغيرها.

وقد ترتب على ذلك ازدهار التجارة واتساع دائرة المنافسة، وبروز عناصر معنوية أخرى، كالاسم التجاري ومن ثمة بدأ المتجر أو المصنع يتفرد بقيمة مستقلة عن قيمة الشخص الذاتي الذي يستغله وبذلك تضاءلت أهمية شخص التاجر وذاتيته بينما زادت أهمية عناصر المتجر[1] منما ساعد على التقريب بين العناصر المختلفة الموجهة لاستغلال التجاري والربط بينهما وإنتاجها لمال أخر له ذاتية خاصة وكيان مستقل مختلف أو متميز عن كل عنصر من العناصر التي تتكون منها.

وفي هذا الإطار، أصدر المشرع المغربي بتاريخ 31 دجنبر 1914 ظهير شريف يتعلق ببيع الأصل التجاري ورهنه، اقتصر في تنظيمه للتصرفات القانونية التي ترد على الأصل التجاري على البيع والرهن فقط، ولم ينظم غيرها من التصرفات خصوصا تلك التي تهم استغلال الأصل التجاري، وتعدد صورها التي تتخذ عدة أشكال أهمها: استغلال الأصل التجاري بواسطة مالكه الذي يقوم بنفسه في هذه الحالة بممارسة التجارة أو الصناعة باسمه ولحسابه الخاص، لجوء مالك الأصل التجاري إلى كراء أصله لمسير حر يستقل باستغلاله باسمه ولحسابه الخاص مقابل أجرة متفق عليها، حيث تنفصل ملكية الأصل التجاري عن استغلاله.

.

.

، و يهمنا من هذه الأشكال عقد التسيير الحر الذي لم ينظمه ظهير 31 دجنبر 1914 حيث بقي خاضعا في إنشائه، وتنفيذه وإنهائه إلى القواعد العامة

 

[2] ، مع الإشارة إلى أن المجتمع المغربي قد عرف أسلوب إدارة الأصول التجارية بواسطة الغير عن طريق اعتراف الأعراف المغربية لصاحب الجلسة بالحق في التصرف فيها تصرف المالك في ما يملك ويشمل ذلك حقه في أن يضع غيره محله في تسيير الجلسة بعد أن يقوم بتجهيز العين التي اكتراها بالمعدات والأدوات التي يحتاج إليه لممارسة حرفته أو تجارته، فيعتبر إجرائه هذا مثيلا للإجراء المتعلق بالتسيير الحر للأصل التجاري إلى أن صدرت مدونة التجارة التي حملت معها العديد من التعديلات وضمت بين دفتيها أحكام بيع ورهن الأصل التجاري وعقد التسيير الحر الذي كان خاضعا للقواعد العامة فيما سبق وهكذا عمد المشرع المغربي على وضع أحكام قانونية خاصة بالتسيير الحر للأصل التجاري ضمن الأحكام التي نظم بها الأصل التجاري والعقود التي ترد عليه، حيث أفرد له سبع مواد من 152 إلى 158 من مدونة التجارة.

ومن هنا تبرز الأهمية الكبرى لهذا الموضوع سواء من الناحية العملية والتي تتجلى في قلة الدراسات العلمية التي تناولت عقد التسيير بالتفصيل، ويمكن اعتبار أن هذا الموضوع يعتبر تجديدا في التشريع المغربي حيث نظمه لأول مرة في مدونة التجارة الصادرة سنة 1996، والتي أفردت له سبع مواد من 152 إلى 158، بالإضافة إلى وجود خلط في ذهن المتعاملين بين كراء المحل التجاري وكراء الأصل التجاري وخصوصا وأن التسيير الحر يؤذي إلى لبس عند المتعاملين مع الأصل التجاري، خاصة الدائنين منهم حول صفة المسير باعتقادهم، من خلال طريقة استغلاله للأصل بملكيته له وهو ما يخلق مظهر أحادي حول يسار المسير الحر، أما من الناحية العملية؛ تتجلى في غنى الموضوع وخصوصيته بحيث يلعب دورا مهما في حل العديد من المشاكل والصعوبات.

ومن هذا المنطلق يمكن طرح الإشكالية التالية: الى أي حد تمكن المشرع المغربي من خلال عقد التسيير الحر تحقيق التنمية الاقتصادية؟

للإجابة عن هاته الإشكالية سيتم تقسيم الموضوع الى مطلبين:

المطلب الأول: الضوابط الشكلية لعقد التسيير الحر

المطلب الثاني: منازعات عقد التسيير الحر

 

المطلب الأول: الضوابط الشكلية لعقد التسيير الحر

 

عرفت المادة 152 من مدونة التجارة عقد التسيير الحر: ".

.

.

كل عقد يوافق بمقتضاه مالك الأصل التجاري أو مستغله على اكرائه كلا أو بعضا لمسير يستغله تحت مسؤوليته".

يبقى عقد التسيير الحر عقدا رضائيا رغم اشتراط المشرع لإجراءات تتعلق بإشهاره، بحيث إنه بالرجوع الى مدونة التجارة يتبين أنها لم تستلزم توفر شروط خاصة لا بالنسبة لمالك الأصل التجاري، ولا بالنسبة لمكتريه باستثناء شروط شكلية نصت عليها المواد 152 الى 158 تتعلق بإجراءات الاشهار [3]

وبالتالي سيتم الحديث عن الكتابة والتقييد في السجل التجاري من خلال (الفقرة الأولى)، النشر واثاره (الفقرة الثانية).

   الفقرة الأولى: الكتابة والتقييد في السجل التجاري

 

تعتبر الكتابة (أولا) والتقييد في السجل التجاري (ثانيا) من بين شروط انشاء عقد التسيير الحر.

أولا: الكتابة

 

تنص المادة 153 من مدونة التجارة على: " يكتسب المسير الحر صفة التاجر ويخضع لجميع الالتزامات التي تخولها هذه الصفة.

ينشر عقد التسيير الحر في أجل خمسة عشر يوما من تاريخه على شكل مستخرج في الجريدة الرسمية وفي جريدة مخول لها نشر الإعلانات القانونية.

يجب على المكري اما أن يطلب شطب اسمه من السجل التجاري واما أن يغير تقييده الشخصي بالتنصيص صراحة على وضع الأصل في التسيير الح.

يخضع انتهاء التسيير الحر لإجراءات الشهر ذاتها.

"

من خلال منطوق المادة أعلاه يستنتج أن المشرع المغربي لم يستلزم شرط الكتابة في ابرام عقد التسيير الحر.

ويرى بعض الفقه[4] ان كان  الاتفاق تجاريا فيخضع لأحكام المادة 334 من مدونة التجارة والتي تنص على: " تخضع المادة التجارية لحرية الاثبات غير أنه يتعين الاثبات بالكتابة اذا نص القانون أو الاتفاق على ذلك".

أما إذا كان اتفاق التسيير تجاريا من جانب أحد الأطراف ومدنيا من جانب الطرف الأخر، طبقت المادة 4 من مدونة التجارة.

وبناء عليه فالاتفاق على التسيير الحر الشفوي يعد اتفاقا صحيحا، وينتج أثاره بين أطرافه، وحتى وان تعذر القيام بإجراءات الشهر، والتي تعد إجراءات مستقلة وتخضع لأثار مستقلة وجزاءات مستقلة ( المواد 153و154و 155 من مدونة التجارة).

ولا يوجد أي تناقض بين هذه المبادئ والفقرة الثانية من المادة 153من مدونة التجارة، التي تفرض نشر عقد التسيير الحر في أجل خمسة عشر يوما من تاريخه، على شكل مستخرج في الجريدة الرسمية وفي جريدة مخول لها نشر الإعلانات القانونية، لأن النشر مقرر لحماية الغير وليس لحماية المتعاقدين، الا أنه لمصلحة المتعاقدين  وتفاديا للانعكاسات السلبية أن يعمدوا طواعية الى كتابة عقد التسيير الحر وتسجيله ضرائبيا، ولهم الخيار في أن تكون هذه الكتابة رسمية أو عرفية أو الكترونية عملا بالقانون رقم 53.

05 لسنة 2007 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية.

فان تم هذا الاتفاق كان ملزما للمتعاقدين عملا بالمواد 230 و402 من ق. ل.ع، على أن يتدخل المشرع ويحدد الموقف بصورة مستقلة عن القانون الفرنسي، سواء فيما يتعلق بطبيعة العقد والاثار المترتبة عن تخلف الكتابة.

[5]

والملاحظ أن عقد التسيير الحر حافظ على طابعه الرضائي، فالمشرع المغربي لم يجعل من الكتابة شرط انعقاد بالنسبة له، لكن ذلك لم يمنع المشرع من تنظيمه واحاطته بقواعد اشهارية. من خلال نص المادة 153 من مدونة التجارة يتضح أن المشرع المغربي قد أغفل شرط الكتابة في إبرام عقد التسيير الحر، ولم يجعل منها شرط صحة أو على الأقل كشرط من شروط إثباته سواء في عقد رسمي أو عرفي بل ترك ذلك موقوف على إرادة طرفيه، وذلك بالرغم من أهمية هذا العقد المالية والاقتصادية والقانونية وكذا انتشاره الواسع.

وبالرجوع للإجراءات التي يجب القيام بها بعد إبرام عقد التسيير الحر، من تسجيل والنشر وتشطيب وإعادة استئجار الأصل التجاري من طرف المسير الحر، يتضح بأن عقد التسيير الحر لابد وأن يكون كتابيا سواء كان ذلك في عقد رسمي أو عرفي، وذلك حسب ما يفهم من نص المادة 153 من مدونة التجارة السالفة الذكر، حيث يتبادر إلى الذهن عند قراءة هذا النص بأن عقد التسيير الحر لا يمكن أن يكون إلا كتابيا لأن نشره في الجريدة الرسمية أو الجرائد المخول لها ذلك تتطلب بالضرورة أن يكون العقد مكتوبا.

وتلزم المادة 76 من مدونة التجارة كاتب الضبط بعدم قبول أي طلب يرمي إلى تسجيل تاجر في السجل التجاري إلا بعد الإدلاء بشهادة التقييد في جدول الضريبة المهنية، وعند الاقتضاء عقد تفويت الأصل التجاري، أو عقد التسيير الحر.

ويودع طلب التسجيل، حسب المادة 75 من مدونة التجارة، لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية الموجود في دائرة اختصاصها مقر الأصل التجاري المعني بالأمر، داخل أجل ثلاثة أشهر الموالية لإبرام عقد التسيير الحر.

ويجب أن يقدم هذا التصريح بالتقييد في ثلاثة نظائر محررة وفقا للنموذج رقم  من النماذج المعتمدة لدى مصلحة التسجيل التجاري، بموجب قرار وزير العدل رقم 97-106 [6] .

كما يجب أن يحمل هذا التصريح توقيع المسير الحر، أو وكيله المزود قانونا بتوقيع الموكل المصادق عليه، وأن يكون مشفوعا بالوثائق المثبتة المنصوص عليها صراحة في المادة الخامسة من قرار وزير العدل المشار إليه سابقا والمتمثلة في:

  • عقد التسيير الحر؛
  • نظير من الجريدة الرسمية، ومن جريدة الإعلانات القانونية المنشور فيها مستخرج عقد التسيير الحر؛
  • صورة لبطاقة التعريف الوطنية بالنسبة للتاجر، أو صورة لبطاقة التسجيل بالنسبة إلى الأجانب المقيمين، أو صورة لجواز السفر أو ما يقوم مقامه لإثبات الهوية بالنسبة إلى الأجانب غير المقيمين؛
  • نسخة من التقييدات (النموذج رقم 7) يسلمها في اسم المكري كاتب ضبط المحكمة المختصة عند الاقتضاء؛ ويجب على المسير الحر، عملا بالمادة 76 من مدونة التجارة أن يدلي أيضا بشهادة التقييد في جدول الضريبة المهنية، كوثيقة خامسة لا يجوز لكاتب الضبط قبول الطلب بدونها.

ثانيا: التقييد في السجل التجاري

 

نصت المادة 153 من مدونة التجارة في فقرتها الأخيرة على أن المسير يكتسب صفة التاجر ويخضع لجميع الالتزامات التي تخولها له هاته الصفة وهذا ما يفيد أن المسير الحر ملزم بالتسجيل في السجل التجاري، ويجب على مكري الأصل التجاري التشطيب على اسمه من السجل التجاري أو اجراء تقييد تعديلي إذا كانت له تجارة أخرى (حسب منطوق المادة 153)، وذلك تحت طائلة المسؤولية التضامنية إزاء الأغيار لكل من المكري والمسير الحر بشأن الديون المتعلقة بنشاط الأصل التجاري ( المادة 60 مدونة التجارة).

وتبدو الغاية من هذا التعديل والتشطيب الذي يقوم به المكري هي اعلام الدائنين على وجه الخصوص بالوضعية الجديدة للأصل التجاري.

لكن يستشف من ذلك أن المشرع المغربي لم يلزم صراحة تسجيل عقد التسيير الحر في حد ذاته، كما أنه لم يلزم طرفيه بإيداع نسخة منه بكتابة الضبط حتى يتمكن الأغيار من الاطلاع عليها.

كما فعل بالنسبة لعقد بيع الأصل التجاري.

فبالنسبة للمكري فقد منحه المشرع في الفقرة الثالثة من المادة 153 خيارين اثنين تحت مسؤوليته.

الخيار الأول: طلب شطب اسمه من السجل التجاري، وهو مجرد تطبيق لمقتضيات المادة 52 من مدونة التجارة التي تنص على:" في حالة تملك، اكتراء أصل تجاري، يتم القيام بشطب تقييد الأصل التجاري المفوت أو المكري من السجل التجاري للمالك أو المكري السابقين".

[7]

وفي هذه الحالة يتقدم مالك الأصل التجاري المكري بثلاث تصاريح بالتشطيب معبأة بالألة الكاتبة ومصادق عليها يطلب من خلالها التشطيب على الأصل التجاري لا كراءه على سبيل التسيير الحر.

الخيار الثاني: تغيير تقييده الشخصي بالتنصيص صراحة على وضع الأصل التجاري في التسيير الحر، أما الوثائق التي يجب الادلاء بها في هذه الحالة فهي: ثلاث تصاريح بالتعديل والتشطيب نموذج 4 معبأة بالألة الكاتبة ومصادق عليها مرفقة بصورة من عقد التسيير الحر، وللمكري مصلحة كبرى بأن يبادر الى القيام بهذا الاجراء بإحدى هاتين الطريقتين، والا كان مسؤولا بالتضامن عن ديون خلفه أو مكتريه وفق ما تنص عليه المادة 60 من مدونة التجارة والتي جاء فيها أنه".

.

.

في حالة تفويت أو اكراء أصل تجاري يبقى الشخص المسجل مسؤولا على وجه التضامن عن ديون خلفه أو مكتريه، مالم يشطب من السجل التجاري، أو لم يعدل تقييده  مع البيان الصريح للبيع أو الاكراء".

  أما بالنسبة للمسير الحر، فيجب عليه أن يسجل بالسجل التجاري كمسير حر طبقا للمادة 154 من مدونة التجارة، والتي تلزمه بذكر مجموعة من البيانات في الأوراق والمستندات المتعلقة بأصله التجاري منها رقم سجله التجاري، وموقع المحكمة التي سجل بها، وهذا بديهي لأن المسير الحر يكتسب صفة تاجر منذ ابرامه لعقد التسيير الحر، وأن المشرع ألزم كل تاجر بالتسجيل بالسجل التجاري.

وللقيام بذلك يجب على المسير الحر الادلاء لكاتب الضبط المكلف بمسك السجل التجاري طبقا لما هو منصوص عليه قرار وزير العدل رقم 97-106 بثلاث تصاريح لتسجيل المسير الحر نموذج 4 أ معبأة بالألة الكاتبة ومصادق عليها، وشهادة الضريبة المهنية وصورة منها ونسخة من السجل التجاري نموذج 7 في اسم المالك وصورة عقد التسيير الحر، ونظير من الجريدة الرسمية، ومن جريدة الإعلانات القانونية المنشور فيها مستخرج عقد التسيير الحر وصورتين من بطاقة التعريف الوطنية أو ما يقوم مقامها، النظام المالي للزواج اذا كان المسير الحر أجنبيا.

إذا لم يقم المسير الحر بهذه الإجراءات، فانه بالإضافة الى الغرامات المنصوص عليها في المادة 62 من مدونة التجارة، لن يتمكن من الاحتجاج بصفته التجارية في مواجهة الأغيار وان كان سيبقى خاضعا وفقا للمادة 59 للالتزامات التي تفرضها عليه هاته الصفة، كما يجب عليه القيام بشطب تقييده من السجل التجاري عند نهاية العقد والا أصبح مسؤولا بالتضامن عن ديون المسير الحر الجديد الذي سيخلفه، علاوة على أنه لن يتمكن من شطب تقييده من جدول الضريبة المهنية الخاصة بالنشاط الذي سجل من أجله المادة 51 من مدونة التجارة.

هناك آثار قانونية تخص الأغيار وأخرى تخص الأطرافـ، فمن الآثار القانونية للتسجيل على اعتبار أن التسجيل يعتبر شرطا إلزاميا بالنسبة لطرفي عقد التسيير، وهو ما يستفاد من مقتضيات المواد من 42 إلى 158 من مدونة التجارة، وقد رتب المشرع على عدم احترامها البطلان غير أن المتعاقدين لا يحق لهما التمسك بهذا البطلان تجاه الغير.

ويلاحظ أن المشرع المغربي لم يميز بين الغير الحسن النية والغير السيئ النية وعيا منه بأن هذه التفرقة ليست لها أهمية فيما يتعلق بهذه الحالة، مادامت تعتبر في حد ذاتها جزاء لمن سولت له نفسه خرق مقتضيات المواد من 152 إلى 157 من مدونة التجارة.

أما بالنسبة لآثار التسجيل بالنسبة للغير دائني مالك الأصل التجاري فتنص الفقرة الثانية من المادة 153 على أنه: «ينشر عقد التسيير الحر في اجل 15 يوما من تاريخه على شكل مستخرج في الجريدة الرسمية وفي جريدة مخول لها نشر الإعلانات القانونية».

و تنص الفقرتان الثانية والثالثة من المادة 152 من مدونة التجارة، على ما يلي : « وإذا كان من شأن عقد التسيير الحر أن يلحق ضررا بدائني المكري، جاز للمحكمة التي يوجد الأصل التجاري في دائرة نفوذها أن تصرح بحلول آجال الديون التي كان المكري قد التزم بشأنها من أجل استغلال الأصل المراد كراؤه، يجب أن يرفع الطلب الرامي إلى التصريح بحلول آجال الديون المذكورة أعلاه تحت طائلة سقوط الحق داخل أجل ثلاثة أشهر من التاريخ المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 153».

وبهذا يكون المشرع المغربي قد رتب عن تسجيل الأصل التجاري من طرف المكري نشوء حق لدائني المكري، وذلك بتقديم طلب للمحكمة من أجل استصدار حكم بحلول آجال الديون التي كان المكتري قد التزم بها من أجل استصدار حكم بحلول آجال الديون التي كان المكري قد التزم بها من أجل استغلال الأصل التجاري الحر، شريطة أن يكون ذلك داخل 3 أشهر من تاريخ نشر عقد التسيير الحر في أجل 15 يوما على شكل مستخرج في جريدة مختصة لنشر الإعلانات القانونية وفي الجريدة الرسمية، وتمتد آثار التسجيل الى طرفي العقد، فقد نصت المادة 60 من مدونة التجارة على أنه : « في حالة تفويت أو إكراء أصل تجاري يبقى الشخص المسجل مسؤولا على وجه التضامن عن ديون خلفه أو مكتريه، ما لم يشطب من السجل التجاري أو لم يعدل تقييده مع البيان الصريح للبيع أو الاكراء ».

إذن فتسجيل المسير الحر في السجل التجاري بعد إجراء تغيير أو تقييد المكري يعطي للمسير الصفة التجارية، وبالتالي فهذا التسجيل له آثار قانونية في تحديد مسؤوليتهما معا، وأن عدم التسجيل أو التشطيب تترتب عليه مسؤولية من لم يقم بهذا التسجيل تضامنا مع الآخر.

إذا كان المشرع المغربي قد اعتبر في وقت من الأوقات أن التسجيل في السجل التجاري يعد أمرا اختياريا، فإن الغاية من ذلك هو اطمئنان التجار إلى هذه المؤسسة، وفهم المغزى منها.

وبعد ذلك اعتبر المشرع التسجيل أمرا إلزاميا من خلال ظهير فاتح شتنبر 1926 ليعيد تكريس نفس المبدأ من خلال مدونة التجارة.

وكي يتمكن السجل التجاري من لعب الدور المنوط به، فكر المشرع في جزاءات يخضع لها كل ملزم بالتسجيل في السجل التجاري في الحالة التي يتقاعس فيها عن القيام بهذا الأمر أو في حالة الإدلاء ببيانات غير مطابقة للواقع.

وإذا لم يقم المسير الحر بهذا الاجراء فإنه بالإضافة إلى الغرامات المالية التي قد تفرض عليه[8]، لن يتمكن من الاحتجاج بصفته التجارية في مواجهة الأغيار وإن كان سيبقى خاضعا، وفقا للمادة 59 من مدونة التجارة، للالتزامات التي تفرضها هذه الصفة كما يلتزم المسير الحر بمقتضى المادة 51 من المدونة نفسها، بالقيام بشطب التسجيل عند توقفه عن مزاولة تجارته، وإلا كان مسؤولا عن الأضرار التي قد تلحق الاغيار نتيجة عدم القيام بذلك ، بل قد يصبح عند الاقتضاء، مسؤولا عن ديون المسير الحر الجديد الذي سيخلفه في تسيير ه للأصل التجاري المعني بالأمر، علاوة على أنه لن يتمكن من شطب تقييده من جداول الضريبة المهنية الخاصة بالنشاط الذي سجل من أجله .

 

  الفقرة الثانية: النشر واثاره

 

سيتم التطرق من خلال هاته الفقرة الى شرط النشر (أولا) والاثار المترتبة عنه (ثانيا).

أولا: النشر

 

للنشر دور هام في المواد التجارية وذلك لحماية حقوق الأغيار وتحقيقا لمبدأ الاستقرار والثقة في المعاملات التجارية بين التجار والأغيار الذين لهم حقوق على الأصول التجارية أو يريدون إنشائها كدائني المستأجر والمؤجر، إذ يمكن هؤلاء من التعرف على الوضعية الحقيقية للأصل التجاري وقيمته الاقتصادية، إضافة إلى المعلومات والبيانات المتعلقة به وبمالكه ومستغله قبل الإقدام على إبرام أي عقد من العقود المتعلقة بالأصل التجاري نظرا لوظيفته الإعلامية.

وهكذا أوجب المشرع المغربي نشر عقد التسيير الحر سواء في بدايته ونهايته حتى يكون الجميع على علم بدلك، وهكذا تنص الفقرة الثانية من المادة 153 من مدونة التجارة على أنه: «ينشر عقد التسيير الحر في أجل 15 يوما من تاريخه على شكل مستخرج مستخرج في الجريدة الرسمية، وفي جريدة مخول لها نشر الإعلانات القانونية».

وبالنسبة للجريدة المخول لها نشر الإعلانات القانونية، فلم تشترط المادة 153 من مدونة التجارة أن يقع النشر في الجريدة التي تصدر في الدائرة القضائية التي يتواجد فيها الأصل التجاري.

ويشترط في هذه الجريدة أن تكون:

  • من الجرائد الاخبارية العامة أو التقنية ذات المصلحة العمومية، ويتوقف تحقيق ذلك على رواج الجريدة نفسها.
  • أن يكون صدورها حصل بانتظام خلال مدة تزيد عن ستة أشهر، أو مرة على الأقل في كل 15 يوما.
  • أن يمتثل أصحابها لمقتضيات النظام الأساسي للصحفيين المحترفين، ولم يوضح المشرع بخصوص عقد التسيير الحر مضمون المستخرج أو الملخص الذي يتم بواسطته النشر على عكس ما بينه بالنسبة لمضمون مستخرج عقدي بيع الأصل التجاري ورهنه [9]، وإن كان يمكن الاستئناس بهذا الأخير رغم غياب الإحالة .

ثانيا: آثار نشر عقد التسيير الحر

 

يترتب عن عملية نشر عقد التسيير الحر للأصل التجاري عدة آثار قانونية هامة سواء بالنسبة لصحة العقد أو بالنسبة للأغيار ودائني مكري الأصل التجاري.

أ-آثار النشر بين أطراف عقد التسيير الحر

 

في حالة عدم احترام المقتضيات التي جاءت بها المادتان 153 و154 من مدونة التجارة والمتعلقة بإجراءات النشر فإن المكتري يبقى مسؤولا على وجه التضامن مع المسير الحر عن الديون المقترضة من طرفه بمناسبة استغلال الأصل التجاري، وذلك إلى تاريخ النشر وخلال مدة ستة أشهر التي تلي تاريخ النشر حسب ما نصت على ذلك المادة 155 من مدونة التجارة.

ونصت المادة 154 من مدونة التجارة على أنه: «يجب على المسير الحر أن يذكر في كل الأوراق المتعلقة بنشاطه التجاري وكذا المستندات الموقعة من طرفه لهذه الغاية وباسمه ورقم تسجيله بالسجل وموقع المحكمة التي سجل فيها وصفته كمسير للأصل التجاري».

ويعتبر هذا الالتزام أسلوب شهر فعال ومتميز بالنظر لاستمراره طول مرحلة تنفيذ العقد [10] ، وقد دعم المشرع إلزامية بفرض غرامة مالية على المخالف تتراوح قيمتها ما بين 2000 إلى 10000 درهم [11] ، تملك صلاحية الحكم بها المحكمة المعروض عليها النزاع ، باعتبارها غرامة مدنية، وليست غرامة جنائية كما هو الشأن بالنسبة للغرامة المقررة بالنسبة للشاهد المنصوص عليه في قانون المسطرة المدنية[12]

بآثار النشر بالنسبة للعقد في حد ذاته

 

نصت المادة 158 من مدونة التجارة على ما يلي: «يعد باطلا كل عقد تسيير حر مبرم مع المالك أو المستغل للأصل التجاري لا يتوفر على الشروط المنصوص عليها في المواد أعلاه (أي المواد من 152 إلى 157)، غير أن المتـعاقدين لا يحق لهم التمسك بهذا البطلان تجاه الغير».

نلاحظ هنا عدم دقة المشرع المغربي في تنظيم الجراء المترتب على مخالفة الشروط التي وضعها بخصوص عقد التسيير الحر، حيث رتب بطلان العقد «الذي لا يتوفر على الشروط المنصوص عليها في المواد أعلاه».

على اعتبار أن أغلب المواد تنظم المسائل المتعلقة بإشهار العقد ويتبين ذلك من خلال استعراض مضمونها:

  1. فالمادة 152، بعد تعريفها للعقد اقتصرت على منح دائني مالك الأصل التجاري الذين تضرروا من وضعه في التسيير الحر، إمكانية مطالبة المحكمة المختصة داخل أجل ثلاثة أشهر من نشر العقد، التصريح بحلول آجال ديونهم.

    ويترتب على عدم تقديمهم لهذا الطلب داخل الأجل المذكور سقوط حقهم في الاستفادة من هذا الامتياز، دون أن يمس ذلك صحة العقد أو سريانه؛

  2. أما المادة 153، فتبين ما ينبغي على الأطراف القيام به من إجراءات الشهر؛
  3. والمادة 154، تبين ما ينبغي على المسير أن يدرجه من بيانات في الوثائق المتعلقة بنشاطه التجاري؛
  4. والمادة 155، تحدد مسؤولية المالك التضامنية، ومدة سريانها حسب إجراءات الشهر؛
  5. وتعتبر المادة 156، مجرد تكملة للمادة السابقة لعلاقتها بنظام المسؤولية التضامنية؛
  6. أما المادة 157، فتهم فقط مرحلة ما بعد نهاية العقد، ولا تتضمن أي شرط يمكن أن يِؤذي الإخلال به إلى بطلان العقد.
 

  المطلب الثاني: منازعات عقد التسيير الحر

 

ظهرت للمشرع المغربي الحاجة الى التدخل لوضع نظام خاص بالتسيير للأصل التجاري، بعدما ازدادت أهميته كحل قانوني وواقعي في نفس الوقت لاستمرار الأصل التجاري، وكذلك من أجل تطويره في مواجهة التعامل به.

وعقد التسيير الحر يحقق مصلحة مالك الأصل التجاري الذي تقوم حاجته في الالتجاء الى هذا العقد، عندما يتعذر عليه استغلاله بنفسه لأسباب واقعية أو قانونية، وكذلك يحقق مصلحة المسير الحر بحيث يمكنه من ممارسة التجارة على الرغم من عدم توفره على أصل تجاري، وأنه يتيح له الفرصة من اجل الاحتكاك بالتجارة والتجار من اجل امتلاك أصل تجاري في المستقبل لما يوفره له هذا العقد من مزايا الاستقلال في ممارسة التجارة، والاحتفاظ بأرباح الأصل التجاري لحسابه الخاص.

وكذلك يستفيد الأصل التجاري من هذا العقد باعتباره وسيلة ناجعة لتطوير، فالمشرع يهدف من خلال هذا العقد الحفاظ على الأصول التجارية وزيادة قيمتها وكذلك زيادة الأموال المادية.

 

والمشرع المغربي عرف عقد التسيير الحر في الفقرة الأولى من المادة 152 من القانون التجاري كل عقد يوافق مالك الأصل التجاري أو مستغله على اكرائه كلا أو بعضا لمسير يستغله تحت مسؤوليته  وبالتالي فان المشرع حدد طبيعة هدا العقد بأنه عقد كراء ينشئ في ذمة المتعاقدين حقوقا والتزامات متقابلة[13][14] .

وتتار بشأنه العديد من المنازعات ومن أبرزها: عدم التزام مكري الأصل التجاري بأداء الوجيبة الكرائية ( الفقرة الأولى) وعدم المنافسة للمسير الحر بعد إبرام العقد (الفقرة الثانية).

  الفقرة الأولى: عدم التزام مكري الأصل التجاري بأداء الوجيبة الكرائية

 

  من المنازعات المثارة بشأن عقد التسيير الحر نجد عدم التزام مكري الأصل التجاري بأداء الوجيبة الكرائية التي تربطه علاقة كرائية ينظمها ظهير 1955 وإلا فان من حق مالك العقار المطالبة بالإفراغ دون ان يؤدي أي تعويض، وهذا ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف التجارية بمراكش[15]، وكذلك من الالتزامات الملقاة  على عاتق المكري تجديد كراء المحل التجاري الذي يستغل فيه الأصل التجاري، باعتبار تجديد عقد الكراء من بين الالتزامات الملقاة على عاتق مالك الأصل التجاري، بحيث أنه ملزم أن يبادر عند توصله بإنذار من قبل مالك العقار في إطار ظهير 24 ماي 1955 الى سلوك الإجراءات المنصوص عليها في هذا الظهير، وذلك لاستمرار المسير الحر في استغلال الأصل التجاري، وبمفهوم المخالفة فان عدم تجديد عقد الكراء يعني اختفاء الأصل التجاري، وبالتالي انقضاء التسيير الحر.

وقد أعطى المشرع للمسير الحر في إطار هذا العقد الحق في تقديم  الطلب لمالك الأصل التجاري لتجديد عقد الكراء الذي يربطه بمالك العقار الذي يستغل فيه الأصل التجاري، من دون تطبيق مقتضيات ظهير 24 ماي 1955، على عقد التسيير الحر لكون المسير الحر لا يحق له طلب تجديد عقد الكراء لمالك الأصل التجاري، لأنه ليس بمالك الأصل التجاري، كما أن هذا العقد لا يخلق أي علاقة قانونية بين المسير الحر ومالك العقار، وبالتالي فان المكري مسؤول عند الإخلال بهذا الالتزام، ويحق للمسير الحر المطالبة بالتعويض عن باقي المدة المحددة في عقد التسيير الحر.

الفقرة الثانية: عدم المنافسة للمسير الحر بعد ابرام العقد 

 

من بين المنازعات التي يمكن ان تثار بسبب هذا العقد، أو الإخلال بأحد الالتزامات الملقاة على المكري وهي عدم المنافسة للمسير الحر بعد إبرام العقد.

وتعتبر المنافسة إحدى مقومات العمل التجاري القائم على حرية التجارة التي يحق لكل تاجر إتباع الوسائل الناجحة لاجتذاب الزبناء، ولو أدى ذلك بالإضرار بالغير، شريطة أن تكون المنافسة مشروعة، لأن إقرار حرية المنافسة بدون ضوابط يؤدي حتما الى نتائج عكسية، خصوصا أمام تطور التجارة وهو ما جعل المشرع يتدخل من أجل تنظيم هذه المنافسة.

أما بالنسبة لعقد التسيير الحر، فان مكري الأصل التجاري يلتزم تجاه المسير الحر بعدم ممارسته لأي نشاط تجاري، أو صناعي، أو حرفي مماثل لما هو مستغل في الأصل التجاري المؤجر، تفاديا لمنافسة بكيفية أو بأخرى، لجلب زبناء الأصل التجاري المؤجر مما يؤدي الى اندثار عنصر الزبناء والذي يعتبر من بين أهم العناصر المكونة للأصل التجاري.

 وهذا الالتزام يجد مصدره حسب بعض الفقه.

  في طبيعة العقد نفسه، وينشأ بالتبعية له دون الحاجة للتنصيص عليه صراحة في العقد، ولا يمكن التنازل عنه لفائدة مالك الأصل التجاري، لأن عقد التسيير الحر ينصب على تمكين المسير الحر من حق الاستفادة في استغلال الزبائن، وكذلك لباقي العناصر الأخرى المكونة للأصل التجاري.

وكذلك من بين النزاعات التي يمكن أن تتار بين طرفي عقد التسيير الحر نجد عدم تحمل المكري لالتزاماته المترتبة على هذا العقد ومن بينها أداء الضرائب المحلية ومنها رسم النظافة، حيث نجد الفصل 26 من القانون المتعلق بجبايات الجماعات المحلية وهيئاتها يسري على العقارات المبنية والبنايات كيفما كانت طبيعتها أي أن هذه الضريبة مفروضة على العقار سواء تم اكرائه أم لا، وهي ليست مفروضة على النشاط التجاري الممارس، وبالتالي فان مالك العقار هو ملزم بأداء هذه الضريبة، وهذه القاعدة ثم التنصيص عليها في الفصل 642 من ق.

ل.

ع الذي أعتبر أن الملزم بأداء الضرائب وغيرها من التكاليف المفروضة على العين المكتراة وهو المكري ما لم يقضي العقد أو العرف بخلاف ذلك [16] .

إن المسير الحر حر في تجارته بعد إبرام العقد، لأنه يمارسها بكل استقلالية ولحسابه الخاص، ولا يحق لدائنيه الرجوع على مكري الأصل التجاري بدعوة أنه المالك الحقيقي للأصل التجاري موضوع التسيير الحر، لكن هناك استثناء يسأل فيه مكري الأصل التجاري عن هذه الديون في حالات استثنائية ويجب التمييز بينها حالتين:

  الحالة الأولى: الديون الناشئة قبل القيام بإجراءات الشهر:

وفقا لما نصت عليه المادة 60 من مدونة التجارة التي جاء فيها: "في حالة تفويت، أو اكراء أصل تجاري، يبقى الشخص المسجل مسؤولا على وجه التضامن عن ديون خلفه، أو مكتريه، ما لم يشطب من السجل التجاري، أو لم يعدل تقييده مع البيان الصريح للبيع أو الإكراء"

يتبين من خلال النص أن مكري الأصل التجاري يسأل شخصيا عن ديون المسير الحر، متى التزم بها هذا الأخير قبل استيفاء جميع الشروط الشكلية المنصوص عليها في المادة 158 من مدونة التجار، ولا يجوز له الاحتجاج بالعقد اتجاه دائني المسير الحر.

   ومرد ذلك إلى أن عدم القيام بإجراءات الشهر القانونية لإزالة الغموض حول الوضعية القانونية للمكري، قد يؤدي بالغير حسن النية الى الاعتقاد بأنه هو الذي يستغل الأصل التجاري لحسابه الشخصي، وهذا ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء.

  الحالة الثانية: الديون الناشئة بعد القيام بإجراءات الشهر

في هذه الحالة نميز بين وضعين:

 الوضع الأول: ألا يقوم المكري بالتشطيب على اسمه من السجل التجاري، أو تعديل القيد فيه مع البيان الصريح للكراء:

  طبقا للمادة 52 من مدونة التجارة، حيث يكون في هذه الحالة مسؤولا عن وجه التضامن عن ديون المسير الحر، بمقتضى المادة 60 من القانون نفسه، التي تنص على أنه: "في حالة تفويت أو كراء أصل تجاري يبقى الشخص المسجل مسؤولا على وجه التضامن عن ديون خلفه أو مكتريه ما لم يشطب من السجل التجاري، أو لم يعدل تقييده مع البيان الصريح للبيع أو الكراء"، وبالتالي تبقى مسؤوليته مستمرة تستغرق كل المدة التي لم يقم فيها يشطب قيده في السجل التجاري أو تعديله.

[17]

  أما الوضع الثاني: فيبدأ من تاريخ إبرام عقد التسيير الحر إلى غاية نشره، وخلال 6 أشهر التي تلي تاريخ النشر، يكون قبل انقضاء هذه الستة أشهر، مسؤولا على وجه التضامن مع المسير الحر عن الديون التي يقترضها هذا الأخير سواء قام بتغير القيد في السجل التجاري أم لا، وذلك طبقا للمادة 155 من مدونة التجارة.

  وقد تثار عدة منازعات أثناء انتهاء عقد التسيير الحر بانقضاء المدة المحددة له، حيت نجد الفصل 687 من ق ل ع  ينص على أن كراء الأشياء ينقضي بقوة القانون عند انتهاء المدة التي حددها له المتعاقدان من غير ضرورة تنبيه المكتري بالإخلاء، وذلك ما لم يقضي الاتفاق خلاف ذلك، وبالتالي فإن عقد التسيير الحر هو عقد كراء فإنه ينتهي بانتهاء المدة المتفق عليها من طرف المتعاقدين، وبالتالي فإن المسير الحر ملزم بترك الأصل التجاري عند حلول الأجل المتفق عليه، وإعادته لمالكه، وأنه إذا لم يستجيب المسير الحر لما طلب منه ، فإن تواجده بالأصل التجاري بعد مرور الأجل الممنوح له غير مبرر قانونا.

كما يمكن لطرفي العقد أن يتفق على أن يوجه المكري للمسير الحر تنبيها بالإخلاء قبل مدة معينة من انتهاء العقد، فإن المكري ملزم بهذا الإجراء.

  كما يمكن للأطراف الاتفاق مقدما على إنهاء عقد التسيير الحر بتحقق شرط معين، كبيع الأصل التجاري مثلا فهذا العقد يعتبر مفسوخا إذا تحقق الشرط المتفق عليه، لكن ما يثير المنازعة هو أن هذا البند لا يكون واضحا في العقد، مما يستدعي التدخل القضائي من اجل إعمال سلطته التقديرية لفهم هذا البند[18] .

  والقضاء أقر الشرط الفاسخ الذي تتضمنه عقود التسيير الحر، كما أنه اعتبر بمجرد تحقق هذا الشرط فالعقد يعتبر مفسوخا بقوة القانون، وبالتالي فإن تماطل المسير الحر وعدم تقديمه للأصل التجاري لمالكه القيام بتسيير الأصل يصبح معه المسير الحر محتلا له دون سند قانوني.

 

 

 

 

خاتمة

 

عقد التسيير الحر للأصل التجاري من العقود الجديدة التي نظمتها مدونة التجارة لسنة 1996، في إطار التطور الاقتصادي والتشريعي الذي عرفه المغرب في السنوات الأخيرة، وبالرغم من أهمية هذا العقد، بالنظر لدوره، وطبيعة محله، وخصوصية آثاره، وتميزها عن آثار عقود الكراء الأخرى، وخصوصياته النابعة من جهة، من طبيعته نفسها، باعتباره كراء لمنقول معنوي، إلا أنه ليس كراء عاديا، لأنه يعطي المكتري حق استغلال محل العقد، وليس فقط مجرد الاستعمال.

ومن جهة أخرى، من وضعية المسير الحر، كتحكم الاعتبار الشخصي في العلاقة التعاقدية من جانبه، واكتسابه الصفة التجارية بمقتضى هذا العقد، والاستقلالية، وحرية التصرف اللتان يتمتع بهما عند استغلاله للأصل التجاري والتزامه بتنفيذ بعض العقود التي أبرمها المكري كعقود الشغل.

 

لائحة منابع العرض

المراجع:

  • المراجع الخاصة:
  • الكتب المتخصصة باللغة العربية:
  • محمد الكشبور، الكراء التجاري، عنصر في الأصل التجاري، سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة، الطبعة الأولى 1998
  • نور الدين العسري، بيع الأصل التجاري بين الفقه والقضاء، الطبعة الأولى، مطبعة دار الكتاب، سنة 2002.
  • محمد مومن، التسيير الحر للأصل التجاري في القانون المغربي، الطبعة الأولى 2005، د.ذ.م
  • أحمد شكري السباعي، الوسيط في الأصل التجاري، الجزء الثالث، الطبعة الأولى، 2013.
  • نور الدين العسري، بيع الأصل التجاري بين الفقه والقضاء، الطبعة الأولى، مطبعة دار الكتاب، سنة 2002.
  • محمد الكشبور، الكراء التجاري، عنصر في الأصل التجاري، سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة، الطبعة الأولى 1998

 

  • الكتب العامة:

 

  • محمد لفروجي: التاجر وقانون التجارة بالمغرب-الطبعة الثانية-مطبعة النجاح الجديدة-الدار بيضاء 1999

 

 

 

  • المجلات:
  • الأصل التجاري بين القانون والعمل القضائي: منشورات المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، العدد 6 سنة 2005.

 

 

  • الاجتهاد القضائي:

 

  •  قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 21 نونبر 2000 عدد 2000/2468 في الملف 9/99/9287
  •  قرار محكمة الاستئناف التجارية بمراكش تاريخ القرار 13-03-2007 رقم القرار 262 رقم الملف 589 سنته 2006.

 

 

  • المواقع الإلكترونية:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة:.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.3

المطلب الأول: الضوابط الشكلية لعقد التسيير الحر. 6

الفقرة الأولى: الكتابة والتقييد في السجل التجاري. 6

أولا: الكتابة 6

ثانيا: التقييد في السجل التجاري. 9

الفقرة الثانية: النشر واثاره 12

أولا: النشر.

13

ثانيا: آثار نشر عقد التسيير الحر.

14

المطلب الثاني: منازعات عقد التسيير الحر  16

الفقرة الأولى: عدم التزام مكري الأصل التجاري بأداء الوجيبة الكرائية. 16

الفقرة الثانية: عدم المنافسة للمسير الحر بعد ابرام العقد. 17

خاتمة:.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

.

21

 

 

 


[1]- محمد لفروجي : التاجر وقانون التجارة بالمغرب-الطبعة الثانية-مطبعة النجاح الحديدة-الدار بيضاء 1999- ص : 142

[2]راجع الفصول من 627 إلى 699 من قانون الالتزامات والعقود

[3] محمد مومن، التسيير الحر للأصل التجاري في القانون المغربي، الطبعة الأولى 2005، د. ذ.م، ص: 155.

[4] أحمد شكري السباعي، الوسيط في الأصل التجاري، الجزء الثالث، الطبعة الأولى، 2013.

[5] أحمد شكري السباعي، مرجع سابق، ص: 500

[6]  قرار أورده محمد مومن: المرجع السابق، ص : 165

 [7] مقال منشور على  الموقع الالكتروني ma/2018/10/%D8%25/" st-yle="color:blue; text-decoration:underline">https://satv.

ma/2018/10/ %D8%/ تم الاطلاع عليه يوم 2021/12/14 على الساعة 00:38

[8]- تنص المادة 62 من مدونة التجارة على أنه : « بعد انصرام شهر واحد عن إنذار موجه من لدن الإدارة، يعاقب بغرامة تتراوح ما بين 1000 درهم و 5000 درهم كل تاجر .

.

.

ملزم بالتسجيل في السجل التجاري طبقا لمقتضيات هذا القانون، إن لم يطلب التقييدات الواجبة في الآجال المنصوص عليها ».

[9]- تنص الفقرة الثالثة من المادة 83 من مدونة التجارة على أنه: «يتضمن المستخرج تاريخ العقد، والأسماء الشخصية والعائلية للمالك الجديد والمالك القديم، وموطنهما وكذا نوع الأصل التجاري ومقره، والثمن المحدد، وبيان الفروع التي قد يشملها البيع ومقر كل منها.

.

.

»

[10]- تجدر الإشارة إلى أن القانون الفرنسي، قد ألغى المرسوم رقم 465-86 المؤرخ في 14 مارس 1986 الذي ألزم المسير الحر بذكر صفته في الأوراق الخاصة بنشاطه التجاري، المنصوص عليه في المادة الثالثة من قانون 20 مارس 1956، إلا أن الغموض لازال يحيط بإلغاء هذا الالتزام نهائيا، مادامت المادة 72 من المرسوم رقم 406-84 المؤرخ في 30 ماي 1984 المتعلق بالتسجيل في السجل التجاري، لا زالت تلزم المسير الحر بذكر صفته في الأوراق والمستندات المتعلقة بنشاطه التجاري، كما أن المرسوم رقم 497-97 بتاريخ 16 ماي 1997 المتعلق بهذا الالتزام، بل أكد عليها في فصله الرابع .

[11] الفقرة الثانية من المادة 154 من مدونة التجارة.

[12] نص الفصل 77 من قانون المسطرة المدنية في فقراته الثانية والثالثة والرابعة على أنه «…يمكن الحكم على الشهود المتخلفين بحكم قابل للتنفيذ رغم التعرض والاستئناف بغرامة لا تتعدى خمسين درهما.

يجوز استدعاؤهم من جديد، فإن تخلفوا مرة ثانية حكم عليهم بغرامة لا تتعدى مائة درهم».

[14]هذا ما ذهبت اليه محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 21 نونبر 2000 في قرار عدد 2000/2468 في الملف 9/99/9287.

بخصوص ما يدعيه من أن كراء المحل التجاري يستشف من خلال عدم وجود أي ذكر لكلمة التسيير، فإن المشرع نفسه وهو يعرف عقد التسيير الحر من خلال الفصل 152 من مدونة التجارة نص على أنه كل عقد يوافق بمقتضاه مالك الأصل التجاري أو مستغله على اكرائه كلا أو بعضا لمسير يستغله تحت مسؤوليته، مما يفيد بشكل لا يدع مجالا للشك ان كلمة كراء تستعمل في حالة كراء الأصل التجاري*أورده محمد بونبات، م س: ص :41.

[15] تاريخ القرار 13-03-2007 رقم القرار 262 رقم الملف 589 سنته 2006.

[16] نور الدين العسري، بيع الأصل التجاري بين الفقه والقضاء، الطبعة الأولى، مطبعة دار الكتاب، سنة 2002.

[17] محمد الكشبور، الكراء التجاري، عنصر في الأصل التجاري، سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة، الطبعة الأولى1998.

[18] الأصل التجاري بين القانون والعمل القضائي: منشورات المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، العدد 6 سنة 2005.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0