مقال بعنوان المغرب وتحديات الجوار

رابط تحميل المقال اسفل التقديم

421

مقدمة

بالرغم من الاعتقاد السائد أن الاقتصاد المعولم سيدفع الدول إلى التعاون بغرض تأمين قيم مشتركة وفرص أكثر للاستجابة لحاجيات المواطنين في الدولة، والتطلع إلى رغد العيش، فإن ذلك لم ينف أن بعض المناطق في العالم لم تستفد بما فيه الكفاية من هذا المعطى، حيث ما زالت علاقات الجوار تتأرجح بين التوتر والصراع وضعف الثقة، من جهة، والسعي نحو بناء الشراكات المثمرة، من جهة أخرى .

وفي الواقع، إذا كان العامل الجغرافي يعتبر من العوامل المؤثرة في ديناميات الجوار، فإن هذا الأخير ليس ثابتا ولا جامدا. فهو يرتبط بتطلعات الدولة وطموحاتها وإدراكها لمركزها. فإلى جانب الجوار المباشر الذي يربط الدولة من خلال الحدود بدول أخرى، فإن محيط تفاعل الدولة قد يتوسع ليمتد إلى جوار أوسع. وتحدد كل دولة مستويات جوارها انطلاقها من مشروعها الجيو سياسي والإمكانيات المتوفرة للسعي إلى تحقيق ذلك.

وتبين كافة الدراسات المتعلقة بالجوار أن هذا الأخير يمكن أن يكون عامل دفع نحو التعاون والتكامل وتبادل المصالح إذا تم استثماره على أسس الثقة والاحترام المتبادل، وقد يتحول على العكس من ذلك إلى عنصر عرقلة وتنافس وتأجيج للصراعات، إذا سادت المناكفات بين أطرافه.

1 المزيد من التفاصيل حول التحليل المتعدد الأبعاد للنظام الدولي الراهن، يمكن الرجوع إلى سورنسون، بورغ (يناير 2020)، إعادة النظر في النظام الدولي الجديد، ترجمة أسامة الغزولي، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة. والفنون والآداب، الكويت عدد 480.

2 من أهم المشاريع المتعلقة بتأطير الجوار، يمكن أن نشير إلى سياسة الجوار التي تبناها الاتحاد الأوربي في سنة 2004، والتي كانت تهدف ضبط علاقاته مع الدول التي تقاسمه القرب الجغرافي من خلال إقرار الأمن والاستقرار والتقدم، وقد همت ستة عشر دولة، والتقييم هذه السياسة، فقد أصدرت اللجنة الأوربية، والمفوضية العليا الخاصة بالسياسة الخارجية والأمن، تقريرا في 18 مايو 2017 يمكن الإطلاع عليه بعنوان Report in the Implementation of the European Neighbourhood Policy Review ecas.europa.eu

Pertusot. V. (2016). La politique وحول الحدود والتحديات التي تواجهها هذه السياسة، يمكن الرجوع إلى Européenne de voisinage un phénix bureaucratique, OCP Policy Center, Notes de l'IFRI, IFRI

مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية الأكاديمية المملكة المغربية - مجلد 1 - العدد 1 - 2022 - 7254-2820 : ISSN

المغرب وتحديات الجوار - الحسين بوقنطار

يمثل المغرب نموذجا واضحا للدولة التي تعيش جوارا مباشرا أقل ما يمكن أن يوصف به، أنه غير مستقر وإشكالي. منذ استقلاله، فإن استكمال وحدته الترابية ظل هاجسا محوريا واستراتيجيا بالنسبة له، وتسعى دول الجوار إلى محاولة الاستفادة من هذا المعطى لتمرير مخططاتها ومعاكسة المشروع الجيو استراتيجي المغربي الذي تبلور بشكل جلي تدريجيا منذ اعتلاء الملك محمد السادس للعرش، والذي يتطلع إلى الخروج من جغرافيته المحلية للتموقع كقوة إقليمية مساهمة بشكل إيجابي في الديناميات التي تعرفها بالخصوص القارة الإفريقية، والعالم بصفة عامة.

تظهر الأحداث المتواترة منذ شهور هذه المعاينة، حيث وجد المغرب نفسه مضطرا إلى التفاعل مع سلوكات لا تستقيم ومتطلبات حسن الجوار الذي يمثل إحدى المبادئ الرئيسة في العلاقات

بين الدول.

وفي الواقع، فإن الموقع الجغرافي الخاص للمغرب جعله في مواجهة جوار متنوع، تمثله من جهة إسبانيا بامتدادها الأرو متوسطي، خاصة عبر الاتحاد الأوربي، وتطبع العلاقات معها حالة من المد والجزر، لكن لا تصل إلى حد القطيعة الدبلوماسية على الضفة الشرقية توجد الجزائر، التي يظل الخط الناظم للعلاقات معها مطبوعا بالتشنج المستمر، والتوجس إلى حد القطيعة الدبلوماسية، رغم بعض الحظات التواصل والتعاون والتلاحم الشعبي دون أن ننسى الحدود مع موريتانيا، الدولة التي تسعى باستمرار إلى ضمان التوازن في ظل المنافسة المغربية الجزائرية. ومن الواضح، أن هناك ارتباط و تأثيرات متبادلة في العلاقات التي تجمع المغرب والجزائر وإسبانيا، فكل قرار يتخذه أحد الأطراف لا يمكن إلا أن تكون له تداعيات بالنسبة للطرفين الآخرين، إيجابا أو سلبا.

يتوخى هذا البحث مقاربة مكانة المغرب في سياق الأزمة الراهنة التي تعرفها العلاقات مع جاريه المباشرين، إسبانيا والجزائر، ليعبر إلى استعراض ممارساتهما التي فجرت هذه الأزمة، قبل أن ينتهي إلى استشراف بعض الآفاق في ظل الوضع المأزوم الذي يعرفه هذا الجوار.

1 في تموقع المغرب كقوة صاعدة

لا يمكن للمتتبع المسار السياسة الخارجية المغربية خلال السنوات الأخيرة، إلا أن يتلمس الحضور البارز للمغرب على الساحة الدولية. فقد بدا واضحا أن هناك سعيا حثيثا لتبويئ المغرب مركزا مؤثراء في النظام الدولي، وفي فضائه القاري على الخصوص، ويستجيب هذا الحضور لتصور مضمنه أن المغرب لا ينبغي أن يبقى محصورا فقط في الدفاع عن وحدته الترابية، بل إن هذا

رابط التحميل

https://drive.google.com/file/d/1waW0G7_gPtp2Owk-Ff7nHoIRx1bd8GQJ/view?usp=drivesdk