رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام تحت عنوان : مراقبة مالية المؤسسات العمومية بالمغرب
رابط تحميل الرسالة اسفل التقديم
______________________________
مقدمة عامة:
يشكل المال العام ركيزة أساسية نظرا لأهميته البالغة وحساسيته المفرطة والعمود الفقري في بناء الدولة وتكوينها، تأسيسا وتسييرا، فالدولة بصفة عامة تأسست بالإضافة إلى قواعد أخرى على قاعدة مالية والتي لا يمكن تجاهل تأثيراتها وممكناتها في المجال العام للدولة، وتعد هذه القاعدة أحد المحددات الرئيسية في شروط التنمية الشاملة لأية دولة.
أما تسيير الدولة وضمان سيرورتها واستمرارها وقيام نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فيحتاج إلى المال الذي يتم جمعه عن طريق الجبايات والموارد، ذلك بأن الدولة لكي تقوم وتؤدي وظائفها وأدوارها وتحقق الأهداف المتوخاة منها فإنها تحتاج إلى المال اللازم لإشباع الحاجات العامة بمختلف أنواعها، وتمويل الخدمات العامة المتزايدة.
فتوفير الموارد العامة للدولة اللازمة لإشباع الحاجات العمومية وصرفها بشكل عقلاني يستدعي العمل على حسن التدبير المالي لهذه الموارد، ولهذا السبب أصبحت الرقابة ضرورية الحماية المال العام وذلك لتحقيق أفضل تخصيص للموارد المتاحة وتتحقق الحكمة من وجود المال ولا يتردى من يتصرف به إلى مهاوي الضلال أو ينجرف نحو تيار السلبيات. وقد أجمع علماء وفقهاء الاقتصاد والمالية العامة في جميع الدول على اختلاف نظمها الاقتصادية والاجتماعية على أن كل نظام مالي واقت صادي لا يشتمل على رقابة مالية حازمة فهو نظام ناقص ومبتور .
ويوكل للمال العام اليوم العديد من المهام والمسؤوليات لدرجة أن الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، لا تحيى ولا تستمر إلا بقدر المخصصات المالية التي تعتمدها السلطات العمومية لتلبية حاجياتها، لذا أصبحت للمورد والنفقة أهمية كبرى ازدادت بتدخل الدولة في جميع المجالات، فالأرقام التي تعتمدها السلطات العمومية عند نهاية كل سنة، هي مؤشر حقيقي حول معدل النمو الذي ستعرفه الدولة لفترة لاحقة، وقد ازدادت أهمية دراسة علم المالية العامة، نظرا القدرته على دراسة العلاقة الجدلية بين النفقات والموارد، ولدورهما في التأهيل الشمولي، ولهذا يعرف علم المالية العامة بذلك العلم الذي يدرس الإيرادات العامة والنفقات العامة والميزانية
احميدوش مدني المحاكم المالية في المغرب دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة، الطبعة الأولى، مطبعة فضالة المحمدية
3 سنة 2003، ص
مراقبة مالية المؤسسات العمومية بالمغرب
العامة بكل وسائلها، وتوجيهها واستخدامها لتحقيق أهدافا اقتصادية واجتماعية، وسياسية، تتماشى
وفلسفة الدولة.
وقد راكم المغرب منذ حصوله على الاستقلال تجربة رائدة، غير مكتملة طبعاء ولكنها متقدمة، مقارنة مع الدول التي توجد في نفس مستوى نمو المغرب، وذلك في مجال التشريع
المالي والتدبير العمومي المالي والرقابة المالية وتقييم السياسات العمومية.
فبلادنا تتوفر اليوم على إطار قانوني مرجعي عصري، ثم وضعه بشكل متدرج وتراكمي ينظم ويحكم كافة العمليات الميزانياتية والمحاسبية المرتبطة بدورة الميزانية، من إعداد واعتماد وتنفيذ ورقابة وتقييم وقد تم إخضاع هذا الإطار للمراجعة وإعادة النظر، بشكل دوري ومنتظم، لجعله متوافقا ومنسجما مع النموذج التنموي للمغرب ومشروعه الحداثي الديمقراطي
وكذا مع التحولات التي يشهدها العالم في الميدان الاقتصادي والمالي.
ونظرا لأهمية المال العام وارتباطه بسيرورة الدولة ووجودها، سيبرز علم المالية العامة، باعتباره كان ينصرف في مفهومه التقليدي، إلى دراسة النفقات العامة والايرادات العامة التي تلزم لتغطية هذه النفقات، قبل أن يتطور ويصبح المفهوم الحديث لهذا العلم، ينصرف إلى كونه ذلك العلم الذي يهتم بدراسة القواعد المنظمة للنشاط المالي للهيئات العمومية، وهي بصدد
عبد النبي أشريف قانون ميزانية الدولة على ضوء القانون التنظيمي المالية 130.13 ونصوصه التطبيقية، الطبعة
الرابعة مطبعة بني از ناس سنة 2016، ص 9
عضو منصور قانون الميزانية العامة ورهان الحكامة المالية الجيدة، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط 7 2017، ص
يتحدث شوستر chumpter عن تطور المالية العامة بقوله كان أول تطور المالية العامة وخاصة الضرائب الحديثة خلال القرن الخامس عشر في جمهوريات المدن الإيطالية وخاصة فلورنساء وفي المدن الحرة في المانيا... أما القرن السادس عشر فيتميز بكه قرن قيام الدولة القرية التي سعت بعد أن تعلمت من منازعاتها الداخلية إلى السيطرة الاقتصادية والسياسية، الأمر الذي ميز هذا القرن والقرون التالية عليه بحروب شبه مستمرة، وكل ذلك استدعى أن تكون الحكومات قوية هذه الأخيرة كانت تعاني من طموح سياسي مزمن يتعدى وسائلها الاقتصادية، فوجدت نفسها مدفوعة إلى القيام بمحاولات زيادة قوتها عن طريق تطوير الموارد الموجودة على إقليمها، الأمر الذي يعني اتساعا في نطاق نشاطها المالي ويفسر الأهمية المتزايدة للضرائب والمفهوم الجديد الذي تكتسبه أنظر
J.Schumpter, History of Economic & Analysis, Allen & Unwin: London 1960 1200.
مراقبة مالية المؤسسات العمومية بالمغرب
الحصول على الموارد اللازمة، وإنفاقها من أجل إشباع الحاجيات العامة تحقيقا لأغراض الدولة
الإقتصادية والاجتماعية والسياسية ..
فالنشاط المالي للدولة يرتكز على مفهوم المال العام الذي يعد الفقيه برودون Proudhon أبرز من تناوله في معرض حديثه عن مسألة التفرقة بين الأموال العامة والخاصة وأوجد نظرية متكاملة للتفرقة بينهما، أثناء شرحه لمقتضيات المواد 538 إلى 541 من القانون المدني الفرنسي، وحدد المقصود باصطلاح الدومين Domaine بأنه ينطوي على فكرة السلطة أو السيادة، التي يباشرها الشخص على ما يملكه من أشياء، ثم ميز بين ثلاث أنواع من الدومين الأول يطلق عليه دومين السيادة ويعني به السلطة العليا المقررة للحكم، والثاني يطلق عليه بالدومين العام، ويتضمن إدارة الأشياء المخصصة لاستعمال الكافة والتي لا تكون مملوكة لأحد. والثالث يطلق عليه الدومين الخاص أو دومين الملكية، ويتضمن سلطة كل فرد في الانتفاع والتصرف في أمواله وفقا للقوانين، وعليه يعتبر برودون أن حيازة الدولة للأموال العامة (الدومين
_____________________
رابط التحميل :
https://drive.google.com/file/d/1FuN6_MIuKWg1E1Z-5S7sVUSh448VN4Po/view?usp=drivesdk