مقال بعنوان أي نموذج تنموي جديد في المغرب في ظل أزمة نظام الحكامة ؟

أي نموذج تنموي جديد في المغرب في ظل أزمة نظام الحكامة ؟

مقال بعنوان أي نموذج تنموي جديد في المغرب في ظل أزمة نظام الحكامة ؟

رابط تحميل المقال اسفل التقديم

كلما ارتأى الملك محمد السادس إحداث لجنة خاصة يعهد إليها النظر في موضوع معين، إلا وكانت هذه الخطرة الملكية مؤشر على وجود أزمة حقيقة في تدبير الشأن العام المغربي، وعدم رضاه بأداء الحكومة لاسيما إذا لجأ إلى تعديلها بعد تعيينها ومنحها ثقته في أن تعمل على بلورة رؤية مندمجة للتنمية بهدف الاستجابة للمطالب المتزايدة والحاجيات الملحة للمواطنين كما ليه جلالته جليا إلى ذلك في خطابه بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية العاشرة 2016-2021. ولأن الماضي لا يرحم، فأغلب الحكومات المغربية تشتغل بمنطق قديم، لا تجديد فيه ولا يتوفر على رؤية واضحة وملموسة النتائج، ولا حتى على آفاق مستقبلية بعيدة أو متوسطة المدى، ناهيك عن تاريخها الذي لم تسجل فيه إنجازات تحسب لها في الدفع بالدولة المغربية إلى مصاف الدول الصاعدة، بما يعزز الثقة فيها بشكل متواصل وينوه بأدائها الذي يقتضي أن يتذكره المغاربة لكونه مواكب لكل التطورات المجتمعية، غير أن الواقع المغربي أكد أكثر من مرة عجز المسؤولين الحكوميين عن بلوغ التنمية التي يتطلع إليها المواطن المغربي في القرن الواحد والعشرين، لاسيما فيما يتعلق بالقضايا المستعجلة التي لم تعد تقبل الانتظار، من قبيل التربية والتعليم والتشغيل والصحة والدعم الاجتماعي ومختلف قضايا الشباب

وعندما يتكرر فشل الحكومة في تقديم تصور المنموذج التنموي، ويصبح التطبيع مع هذا الفشل من بديهيات تدبير الشأن العام في المغرب خصوصا ذو الصلة بقضايا الاستدامة، الأمر الذي لا يستحسنه المغاربة وحدهم فقط، وإنما المؤسسات الدولية أيضا، كالبنك الدولي مثلا والذي يعتبر التدبير الرشيد من أدبياته منذ الخمسينيات من القرن الماضي، وهو يتبع موضوع التنمية واللاتنمية أينما كان لينشر تقاريرا

(1) طالبة باحثة في بنية البحث وحكامة إفريقيا والشرق الأوسط، جامعة محمد الخامس، الرباط.

خديجة بنادا

حوله، التعتمد عليها بعد ذلك مختلف الفواعل الدولية بطبيعة الحال، فيما يخص تحديد علاقاتها الثنائية والمتعددة الأطراف بما يمكنها من مراجعة حساباتها وفق ما تقتضيه مصالحها الاقتصادية والسياسية والأمنية وغيرها. في هذا السياق جاء إحداث لجنة خاصة بالنموذج التنموي لاسيما بعد النتائج الإيجابية التي حققتها لجان خاصة سابقا في قضايا ذات البعد الوطني والمرتبطة بالجهوية والدستور ومدونة الأسرة وهيئة الإنصاف والمصالحة.

غير أن الإشكالية التي تطرح نفسها في هذا الموضوع تكمن في الأسئلة الآتية :

هل النظام الحالي للحكامة بالمغرب يساعد على ! إخراج النموذ ذج تنموي . جديد بالمواصفات يتطلع إليها كل المغاربة؟ التي

ألم يكن من الأفضل للجنة الملكية كأول خطوة لها أن تبحث في كيفية وضع أسس ومبادئ وأهداف نظام الحكامة في المغرب، وفي كيفية تنزيله من أجل تكييف أي نموذج تنموي اقتنعت به مكوناتها معه؟ لماذا لجأت اللجنة إلى التشاور مع الأحزاب السياسية التي لم تسجل برامجها الانتخابية أي مرجع يذكر على مستوى العمل التنموي، حيث المزايدات السياسية والبعد عن الواقعية والجدية والرؤية الواضحة من أكبر مميزاتها ؟

ألم يحن الوقت بعد التقوية ترسانتنا القانونية من حيث النفاذ لا من حيث الإنتاج، بما تحمى المغرب والمغاربة من كل الممارسات الفاسدة التي تفوت عليهم فرص التنمية الحقيقية وذلك على سبيل المثال من خلال تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وتقوية نظام المساءلة والتتبع الذي يعتبر ضعفه عائقا أمام كل الطموحات والآمال التنموية المغربية؟

المعالجة هذه الإشكالية سيتم تقسيم هذا الموضوع إلى قسمين اثنين:

القسم الأول: نظام الحكامة في المغرب.

القسم الثاني: النموذج التنموي الجديد في المغرب.

القسم الأول: نظام الحكامة في المغرب

تميز المغرب في الفترة ما بعد الاستقلال بصراع كبير على السلطة، الأمر الذي جعل في ظله موضوع التنمية الاقتصادية والاجتماعية مرتبط بالحسابات الضيقة لمختلف المكونات السياسية، وبالرهانات الأيديولوجية ذات البعد الوطني والإقليمي والدولي، فكان دور المؤسسة الملكية والأحزاب السياسية هو البحث عن تصور معين للمجتمع المنشود:

المجلة المغربية التدقيق والتنمية، عدد 31، 2000-2011

أي نموذج تنموي جديد في المغرب في ظل أزمة نظام الحكامة ؟

15

فهل حرص هذا التصور على احترام المشروعية؟ ووفر كل ما تتطلبه المرحلة من وسائل قانونية وسياسية واقتصادية ناجعة ... من أجل تحقيق التنمية المنشودة وعدم المساس بمصالح الوطن والمواطنين؟ وكيف شق المغرب طريقه في اتجاه هذا النظام، هل سار على المفهوم الدولي للحكامة بما يقترب من المفهوم الفرنسي والإنجليزي والأمريكي أم انتهج لنفسه منحى خاصا وفق معايير تخدم أجندته الوطنية والإقليمية والدولية؟ على اعتبار أن الحكامة نظام يتشكل من مؤسسات وقواعد وعلاقات وسلوكيات وهو مختلف عن نظام حكومة الدولة (1).

فيعدها تيه البنك الدولي سنة 1989 على أن أزمة أفريقيا هي أزمة حكم وتدبير بالنظر إلى الاختلالات المرتبطة بقضايا حقوق الانسان والفساد المالي والإداري، كانت بمثابة الصيحة التي أيقظت دول هذه القارة المعاودة النظر في أشكال التدبير التي تعتمدها في إدارة الاعمال والتخطيط الاستراتيجي (2)، فكان المغرب كأحد المعنيين بهذا الموضوع، لا بد له من أن يعمق أبحاثه ودراساته حول شكل التدبير الملائم الإشكالياته وخصوصياته المجتمعية، الذي بذل مجهودات كبيرة لتحصيله، كمؤشر للإصلاح والفعالية والمردودية (3)، غير أن هذا التوجه للدولة المغربية تزامن مع التغيير الذي من طبيعة دور الدولة حديثا، فلم تعد الفاعل الرئيسي الذي يحسم في القرارات بحكم تزايد أهمية العامل الخارجي، مما جعلها غير قادرة على مواجهة الضغوط الدولية، ناهيك عن بروز متدخلين جدد لهم تأثير في رسم السياسات العامة التي تؤثر في الاختيارات والانشغالات الحيوية للدولة، والتي تصبح فيما بعد إكراهات داخلية تعيق أحيانا تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في مختلف تدبير الشأن العام سواء قطاعيا أو ترابيا.

لذلك اخذ الملك محمد السادس على عاتقه هم تنزيل المشروع التنموي الكبير، حيث ثار على كل أوضاء ١٠٠ على المغرب عهد الاستبداد، ويتلمس طريقه إلى التنمية والدمقرطة وإرساء دعائم دولة ن 6/22 حدات لجنة خاصة تعنى بالنموذج التنموي حلقة من مسلسل الإصلاح الذي رفع هاره مند تونیه مسؤولية الدولة المغربية، فهل ستكون هذه اللجنة في الموعد مع التنمية ويسجل التاريخ المغربي تفوقها على كل الممارسات الفاشلة في مجال تدبير الشأن العام المغربي ؟ أم ستواجه عراقيل من قبيل عدم وجود نظام قوي للحكامة والمساءلة القانونية، بما يساعد على ترجمة تصورها التنموي وإظهار مدى نجاعته وقدرته على جعل المواطن المغربي والدولة المغربية وجهان لعملة تنموية واحدة؟

(1) Mohammi Haralust, Le soncept de gouvemsace on Marc: sigalfsation et pertinence, REMA, 5, 2004, الم محمد غربي (مفهوم الحكم الصالح بين مثالية الخطاب الدولي وإكراهات الدولة في الجنوب منشورات المجلة المغربية للتدقيق والتنمية سلسلة والتدبير الاستراتيجي، العدد الخامس 2004، ص 11 (3) عصام خربوش المحة حول ظهور مفهوم الحكامة وتطوره، بتاريخ 21 يونيو 2018، جريدة حدث الإخبارية.

16 خديجة بنادا

المجلة المغربية التدقيق والتنمية عدد 151 2000-2001

التأصيل الدستوري لنظام الحكامة

جاء دستور 2011 بمقتضيات واضحة المعالجة إشكالية الحكامة الجيدة بمعناها الواسع، حيث حدد معالم نظام الحكم بالمغرب ووصفه بالملكية الدستورية الديمقراطية والبرلمانية والاجتماعية، التي تتأسس على فصل السلط وتوازنها وتعاونها ..... فيتأكد من خلال القراءة المتأنية لمضامين هذه المرجعية أن التأصيل الدستوري القواعد الحكامة الجيدة يشمل عدة جوانب يمكن بسطها في فرعين اثنين.

على مستوى الدولة

شمل دستور 2011 مقتضيات وفصول تؤكد علاوة على التكريس الدستوري المسألة الفصل بين السلط كأساس النظام الحكم في المغرب على وجوب التنسيق والتعاون فيما بينها بالرغم من اختلاف تخصصاتها، وذلك من أجل بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون ترتكز على المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة والتضامن والأمن والحرية والمساواة وتكافؤ الفرص وحقوق وواجبات المواطنة (4)) وفي هذا السياق تم التأكيد بقوة على مبدأ المساواة أمام القانون والتزام جميع الأشخاص والسلطات العمومية بالامتثال له، مع التزام هذه الأخيرة بالعمل على توفير الظروف الملائمة لتفعيل حرية المواطنين والمساواة بينهم ومشاركتهم في الحياة العامة واعتبار دستورية ونشر القواعد القانونية كمبادئ ملزمة (5)) من خلال ضمان عدد من الحقوق والحريات الأساسية التي تعتبر بمثابة أجرأة فعلية المقاصد الحكامة الجيدة والتنمية البشرية المأمولة.

وحرصا على احترام القانون نص دستور 2011 على استقلالية السلطة القضائية عن باقي السلط الأخرى مو كلا مهمة ضمانها للملك بما يمتنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء وعدم السماح للقاضي

رابط التحميل

https://drive.google.com/file/d/1898Ue3fZAXRolUOf_xO41gVEaGtadgZ_/view?usp=drivesdk

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0