أساليب تنفيذ القرار الإداري في القانون المغربي

مجموعة مواضيع في القانون العام منتقات للتحضير للبحوث و المقالات و المباريات القانونية

أساليب تنفيذ القرار الإداري في القانون المغربي
يكون القرار الإداري قوة تنفيذية فهو يلزم المواطنين ويضع له امتيازات، ويمكن في بعض الحالات أن تنفذ الإدارة قراراتها بواسطة القوة.

 أولا : التنفيذ الاختياري للقرارات الإدارية يتعلق الأمر بتلك القرارات التي تخول لصاحبها امتيازات وحقوق فإذا كان الهدف من القرار الإداري أن يعطي للمواطن حقا، أو يمنحه رخصة لفتح متجر أو استيراد بضائع من الخارج أو بناء مشروع فهذا القرار لا يمكن في مضمونه أي إلزام بالتنفيذ بل يترك للمستفيد منه حق الاختيار حسب إمكانياته وظروفه وإرادته، فإما أن يبادر بتنفيذه وفق المادة القانونية المنصوص عليها، وإما أن يطلب تجديده وإما أن يتنازل عنه .

 ثانيا : التنفيذ الجبري المباشر للقرار الإداري بواسطة الإدارة تعتبر هذه الوسيلة من أهم الامتيازات التي تتمتع بها السلطة الإدارية في مزاولتها لنشاطها، إذ تستطيع الإدارة أن تقوم بتنفيذ قراراتها بشكل مباشر على الأفراد بدون أن تلجأ إلى القضاء للحصول منه على إذن بالتنفيذ، فالإدارة تستطيع أن تستخدم القوة الجبرية عند الاقتضاء لمواجهة عناد الأفراد في تنفيذ القرارات، إذ أن هذا الامتياز له جانبين : أحدهما : يتمثل في امتياز إصدار قرار من جانبها يرتب أثره قبل الأفراد دون مشاركة منهم، وثانيهما : يتمثل في امتياز تنفيذ القرار جبرا عند الاقتضاء ودون إذن من القضاء.

إلا أن حق الإدارة في تنفيذ قرارتها مباشرة وبالقوة إذ لزم الأمر يخضع لمجموعة من الضوابط والقيود التي تضمن عدم تجاوز هذا الاستثناء الخطير لحدوده والمساس وبالتالي بحقوق الأفراد وحرياتهم، وتتمثل هذه الضوابط فيما يلي :  أن يرفض من صدر بحقهم القرار الامتثال له طواعية بعد أن تطلب منهم الجهة المختصة مصدرة القرار تنفيذه، ذلك أن الحرص على الاستجابة السريعة والفعالة لضروريات عدم تعطيل سير العمل الإداري واستقرار الأوضاع والمراكز الناشئة عنها، كلها مبررات تقتضي –عند عدم انصياع الأفراد طواعية واختيارا لقراراتها- تنفيذ قراراتها تنفيذا مباشرا أو جبرا إذا لزم الأمر.

 أن تستخدم الإدارة في تنفيذ قراراتها جبرا إلا القدر اللازم لضمان تنفيذ القرار، وذلك دون المساس بحقوق وحريات الأفراد الذي سينفذ القرار في مواجهتهم وبعد انعدام الوسائل البديلة المتاحة أمام الإدارة لوضع قراراتها موضع التنفيذ، وخاصة في الظروف الاستثنائية الطارئة وحالات الضرورة.

وتنبع أهمية هذا الشرط أو الضابط الخاص بالتنفيذ الجبري للقرار الآثار الخطيرة التي تترتب على استخدامها مثل هذه الوسيلة والمتمثلة في : الاعتداء على حقوق الأفراد وحرياتهم، كقرار نزع الملكية الذي يمس حق الملكية، وقرار تفتيش المنازل الذي يمس حرمة المساكن، وقرار منع مواطن من السفر الذي يمس حريته الشخصية، أو أن يترك القرار آثارا يتعذر تداركها بعد التنفيذ كقرار هدم منزل آيل للسقوط.

أن يوجد نص قانوني صريح يخول الإدارة حق اللجوء الجبري المباشر ذلك لأن التنفيذ الجبري المباشر هو في الأصل وسيلة استثنائية يتم اللجوء إليها في حالات محددة، الأمر الذي يقتضي استناد الإدارة في استخدام هذه الوسيلة إلى نص قانوني يجيز استخدامها .

ونظرا لما قد يطرحه التنفيذ القهري المباشر للقرارات الإدارية من مشاكل فإن الإدارة قد تلجأ إليه في حالة استثنائية وهي كالتالي :  إذا أجاز المشرع هذا التنفيذ، مثلا نجد المادة 52 من قانون 00-78 المتعلق بالتنظيم الجماعي والتي تنص على : "يمكن أن يتولى رئيس المجلس تلقائيا وعلى نفقة المعنيين بالأمر العمل طبقا للشروط المحددة بالمرسوم الجاري به العمل على تنفيذ جميع التدابير الرامية إلى ضمان سلامة المرور والسكينة والمحافظة على الصحة العمومية كما تنص المادة 53 من نفس الميثاق على : "يجوز للرئيس أن يطلب عند الاقتضاء من السلطة الإدارية المحلية المختصة العمل على استخدام القوة العمومية طبقا للتشريع المعمول به قصد ضمان احترام قراراته ومقرراته".

 في حالة الاستعجال مثلا في حالة حريق منزل لا يمكن انتظار إذن من النيابة العامة لأجل الدخول للمنزل وإنقاذ الأشخاص المحاصرين بالنار.

 في الحالات التي لا يمكن معها احترام الآجال والإجراءات العادية مثلا كالفصل 69 من الظهير الشريف رقم 31-92-1 الصادر 17 يونيو 1992 بتنفيذ القانون رقم 90-12 المتعلق بالتعمير ، يبلغ الأمر بالهدم إلى المخالف ويحدد فيه الأجل المضروب له لإنجاز أشغال الهدم، ولا يجوز أن يتعدى هذا الأجل ثلاثين يوما.

وإذا لم ينجز الهدم في الأجل المضروب لذلك تولت السلطة المحلية القيام بذلك على نفقة المخالف.

 في حالة مقاومة ومعارضة صارخة من طرف الأشخاص الذين يعاكسون عن إرادة وسابق إسرار تنفيذ القرار الإداري تعتزم الإدارة تنفيذه وكذا عدم وجود أية طريقة قانونية كالجزاءات الجنائية أو الإدارية (الغرامة) من ذلك مثلا ما تنص عليه الفقرة 11 من الفصل 609 من القانون الجنائي المغربي "من خالف مرسوما أو قرارا صدر من السلطة الإدارية بصورة قانونية، إذا كان هذا المرسوم القرار لم ينص على عقوبة خاصة لمن يخالف أحكامه" .

 ثالثا : تنفيذ القرارات الإدارية عن طريق القضاء يفترض أن تلجأ الإدارة أصلا إلى القضاء المختص للحصول على حقوقها في تنفيذ القرار الإداري ويتم تنفيذ القرار الإداري بواسطة القضاء عن طريق توقيع الجزاءات الجنائية والمدنية والتأديبية : أ‌- الجزاءات الجنائية : قد تلجأ الإدارة للقضاء الجنائي لتنفيذ قراراتها وحمل الأفراد قسرا على تنفيذها من خلال توقيع عقوبات لحمل الأفراد على تنفيذ القرارات الإدارية بل إن وسيلة الدعوى الجنائية من الأساليب التي يعتبرها الفقه والقضاء الأسلوب الأمثل الواجب إتباعه في الحالات التي يمتنع فيها الأفراد عن تنفيذ القرارات طواعية حملهم جبرا على التنفيذ .

ب‌- الجزاءات المدنية : تستطيع الإدارة أن تلجأ إلى القضاء المدني لإلزام الأفراد باحترام قراراتها وتنفيذها جبرا ويرى بعض الفقهاء أن أتباع الإدارة لطريق القضاء العادي وإن كان قليل الحدوث عملا وعدم استخدامها لامتيازات السلطة العامة التي تتمتع بها، فيه ضمانة أكبر لاحترام حقوق وحريات الأفراد .

ج‌- الجزاءات التأديبية : تستخدم الإدارة أحيانا الجزاءات التأديبية التي تملك توقيعها قانونا في مواجهة من يرفض الانصياع لقراراتها أو أوامرها، ومن أمثلة ذلك : العقوبات التأديبية التي توقع على الموظفين المخالفين لأوامرها والعقوبات التي توقع على المنتفعين بخدمات المرافق العمومية من مخالفات إزاء القرارات المنظمة لهذا الانتفاع، والجزاءات الجنائية والمالية الواردة في أنظمة الضبط الإداري هي خبرات سالبة للحرية كالغرامات والمصادرة والحبس وإغلاق المحلات المقلقة للراحة أو المضرة بالصحة العامة الخطرة، فضلا عن سحب التراخيص الخاصة بمزاولة المهن الحرة والتجارية .

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0