مسؤولية الشخص عن فعل غيره من ناقصي أو عديمي الأهلية في القانون المغربي
مجموعة دروس وعروض في قانون المسؤولية المدنية في القانون المغربي للتحضير للمباريات القانونية
وقد أورد المشرع المغربي عدة حالات في هذا الشأن أهمها مسؤولية الأبوين عن أبنائهما القاصرين ومسؤولية من يوجد في عهدته مختل عقليا، فالأب والأم بعد موته يسألان عن الضرر الذي يحدثه أبناؤهما القاصرون الساكنون معهما ولا يسأل غيرهما عن هذه الأضرار حتى ولو كان القاصر يسكن معه، إذ حصر المشرع المغربي المسؤولية عليهما فقط بشرط أن يكون ساكنا معهما وهو ما يخولهما فرض الرقابة على أفعاله وبالتالي تحمل مسؤولية التقصير في هاته الرقابة ، غير أن مسؤوليتهم هاته تنتفي متى زال شرط المساكنة بانتقال الرقابة على القاصر إلى جهة أخرى كرب الحرفة أو المعلم.
كذلك الشأن بالنسبة للمجانين وغيرهم من مختلي العقل، فالأب والأم وغيرهما من الأقارب والأزواج يسألون عن الأضرار التي يحدثها هؤلاء إذا كانوا يسكنون معهم، ولو كانوا بالغين سن الرشد، ويطبق نفس الحكم على من يتحمل بمقتضى عقد رعاية هؤلاء الأشخاص أو رقابتهم .
ومسؤولية المكلفين برقابة القصر والمجانين وغيرهم من مختلي العقل تقوم على أساس خطأ مفترض في جانبهم بمقتضى قرينة قانونية، وقوام هذا الخطأ المفترض هو التقصير في الرقابة، فالشخص الذي ألحق به القاصر أو المجنون ضررا ليس عليه أن يثبت خطأ المكلفين لرقابة من أحدث الضرر، لأن هؤلاء يعتبرون مسؤولين حكما عن الأفعال الضارة التي يرتكبها من هم تحت رقابتهم وإشرافهم .
ويستطيع المسؤول عن القاصر أن يدفع المسؤولية عن الضرر الذي يرتكبه القاصر بأن ينفي الخطأ المفترض وذلك بأن يثبت أنه قام بواجب الرقابة كما ينبغي أن يثبت أنه اتخذ الاحتياطات اللازمة ليمنع القاصر في الإضرار بالغير،كما يستطيع أن يدفع هذه المسؤولية أيضا إذا تمكن في نفي العلاقة السببية بين الفعل الذي ارتكبه القاصر وبين الخطأ المفترض في الرقابة.
فنفي علاقة السببية بين الخطأ المفترض وبين الضرر يقع على الأب أو الأم، والمقصود بنفي هذه الرابطة إثبات أن الحادث سبب الضرر لم يكن متوقعا ولم يكن بإمكانهما الحيلولة دون وقوعه، والهدف من ذلك ليس نفي مسؤولية القاصر بل دفع مسؤوليتهما في التقصير في الرقابة .
كما يمكن لمتولي الرقابة على المجانين وغيرهم من مختلي العقل أن ينفوا مسؤوليتهم بإثباتهم : -أنهم باشروا كل الرقابة الضرورية على هؤلاء الأشخاص؛ -أنهم كانوا يجهلون خطورة مرض الجنون؛ -أو أن الحادثة وقعت بخطأ المتضرر.
ويمكن الحكم على المسؤول من الأبوين بأداء التعويض تضامنا مع القاصر أو مع الغير، ويمكن الحكم على القاصر بالتضامن معهم ما لم يكن عديم التمييز، فإن أدى الأب أو الأم كل التعويض المستحق للمضرور كان لهما كأي مسؤول عن فعل غيره، الرجوع على ابنهما القاصر بكل دين التعويض بشرط أن يكون مميزا إذ ينص الفصل 96 من قانون الالتزامات والعقود على أن:" القاصر عديم التمييز لا يسأل مدنيا عن الضرر الحاصل بفعله .
.
.
وبالعكس من ذلك يسأل مدنيا عن الضرر الحاصل بفعله، إذا كان له من التمييز الدرجة اللازمة لتقدير نتائج أفعاله".
لكن من يتحمل مسؤولية الضرر الذي يحدثه القاصر عديم التمييز متى استطاعه من يتولى رقابته نفي مسؤوليته وفق الحالات أعلاه أو لم يكن هناك مراقب له أصلا؟ إن الأخذ بنظرية المسؤولية الموضوعية التي نادى بها العديد من فقهاء القانون واعتمدها جمهور فقهاء الشريعة الإسلامية يستبعد طرح مثل هذا السؤال لأن الضرر يجبر من طرف مرتكبه في جميع الحالات، مع إحلال راعيه محله في الأداء متى كان الفاعل غير المميز غير قادر على ذلك مع إمكانية رجوعه عليه عندما يصير موسرا.