الخلف الخاص في القانون المغربي
مجموعة مواضيع في النظرية العامة للالتزام في القانون المغربي لإنجازالبحوث والتحضير للمباريات القانونية
فالخلفية هنا خلفية خاصة تثبت على حق محدد وليس على عنصر مشاع في الذمة المالية.
وسيرا على نهج المشرع الفرنسي فالمشرع المغربي لم ينظم العلاقة بين السلف والخلف الخاص بشكل صريح خلافا لجل التشريعات العربي وبحكم هذا الفراغ التشريعي يمكن بيان آثر العقد بالنسبة للخلف الخاص على ضوء المبادئ القانونية العامة ، وما اهتدت إليه التشريعات المقارنة.
وانطلاقا من تلك المصادر يمكن الوقوف عند مبدأين نبرز على ضوءهما ضوابط انتقال الحقوق والالتزامات من السلف إلى الخلف الخاص ، نوردهما كالآتي : الفقرة الأولى : لا يمكن للشخص أن ينقل لغيره أكثر مما يملك.
يقضي هذا المبدأ بانتقال الشيء أو الحق إلى الخلف الخاص وفقا للحالة التي كان عليها في ذمة سلفه ، فالحقوق والالتزامات التي يحصل فيها الاستخلاف الخاص يلزم أن تكون قد تقررت للسلف بمقتضى العقد.
وجلي أن هذا المبدأ لا يعدو أن يكون إلا تكريسا لمبدأ آخر معروف هو : " فاقد الشيء لا يعطيه " ؛حيث لا يستطيع السلف أن ينقل لخلفه الخاص أكثر مما يملك من حقوق وما عليه من التزامات تتصل بالشيء محل الاستخلاف .
وعليه ، فانتقال الشيء محل الاستخلاف إلى الخلف الخاص يستتبع انتقال كافة الالتزامات والحقوق المتصلة به شريطة أن تكون من مستلزماته.
وتعد الحقوق من مستلزمات الشيء إذا كانت تابعة ومكملة له، ونمثل لذلك بالحقوق التي يكون الغرض منها درء الضرر عن الشيء كحالة ضمان العيوب الخفية ؛ فالبائع الذي باع شيئا معينا إلى مشتر قام ببيع نفس الشيء إلى مشتر ثاني ، فإنه من حق هذا الأخير أن يرجع على البائع الأول إذا ظهر في المبيع عيب خفي .
وتعتبر الالتزامات أيضا من مستلزمات الشيء إذا كانت محددة له ومقيدة لاستعمالاته ، وكمثال عن ذلك تلك الالتزامات التي تقيد من استعمال حق الملكية ؛ كالتزام بائع المنزل ، محل الاستخلاف بعدم استعماله كمقهى أو متجر ، و التزام مالك الأرض بمراعاة قيود معينة عند البناء في أرضه ، فعند بيع المنزل أو الأرض ينتقل نفس الالتزام إلى المشتري.
وغني عن التذكير أن هذا المبدأ المقرر سواء على مستوى الحقوق أو الالتزامات يعد تكريسا للقاعدة الفقهية المعروفة ب: "الفرع يتبع الأصل "؛ أي متى كانت الحقوق والالتزامات من توابع الشيء المستخلف انتقلت معه إلى الخلف الخاص.
الفقرة الثانية : يجب أن يكون الخلف الخاص عالما بما أنشأه العقد الذي أبرمه سلفه.
في هذا الإطار درج الفقهاء على التمييز بين الحقوق والالتزامات من حيث علم الخلف الخاص بها، فعلى مستوى الحقوق لا يلزم أن يتوفر عند تلقي الخلف الخاص للشيء محل الاستخلاف علمه الحقيقي بها ، وإنما يكتفي بمجرد العلم الافتراضي به باعتبارها عناصر إيجابية من شأنها الزيادة من ما تحتويه ذمته المالية من أصول.
وإذا كان المطلوب بالنسبة للحقوق هو مجرد العلم الافتراضي ، فإن الالتزامات وبالعكس من ذلك يجب العلم بها علميا يقينيا أي ليس فقط العلم بمعناه البسيط باعتبارها قيودا من شأنها التأثير بالزيادة في خصوم ذمته إذ لما كانت هذه الالتزامات قيودا على حق الخلف الخاص كان من السائغ اشتراط علم ذلك الخلف بوجود هذه القيود.
فمثلا المشتري لعقار كان بائعه المالك قد التزم بعدم تحويله إلى فندق بمقتضى عقد سابق ، لا يفترض تقييده بهذا الالتزام إلا إذا كان عالما به وقت شرائه له.