تاثير أحكام مدونة الاسرة على القانون الدولي الخاص المغربي

مجموعة مواضيع في قانون الأسرة للإستعانة بها في البجوث التحضير للمباريات القانونية

تاثير أحكام مدونة الاسرة على القانون الدولي الخاص المغربي

القانون الدولي الخاص هو مجموعة من القوانين التي تتولى تنظيم العلاقات القانونية ذات عنصر أجنبي وما يلاحظ على القانون الدولي الخاص المغربي انه لا يتوفر على تشريع موحد فالنصوص التشريعية الخاصة بالقانون الدولي الخاص المغربي موزعة بين ظهير 12 غشت 1913 الخاص بالوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب بالمغرب وبين قانون الجنسية 1958 وبعض نصوص المسطرة المدنية 1974 ومن أهم هده النصوص تلك التي تضمنتها هي مدونة الأسرة والصادرة 2004 والتي اعتبرت نقلة نوعية في مجال الأحوال الشخصية عموما وفي مجال القانون الدولي الخاص المغربي على الخصوص فقد جاءت المدونة لتلافي النقص والفراغ الذي أحدثته مدونة الأحوال الشخصية الصادرة 1957 ولحل كل المشاكل وتجاوز كل العراقيل والصعوبات التي كانت تثيرها تطبيق بعض نصوص المدونة القديمة خاصة الأحكام المتعلقة بمجال القانون الدولي الخاص فوعي المشرع بصعوبة تطبيق بعض أحكام مدونة الأحوال الشخصية على المغاربة بالخارج وصعوبة تذييل و تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحاكم المغربية بسبب مخالفتها للمبادئ المتعارف عليها في دول الاستقبال قام المشرع بإضافة عدد من النصوص وتعديل أخرى لتبسيط المساطر وتحقيق المرونة والانسجام بين المدونة الأسرة المغربية ذات المرجعية الدينية و النظم الغربية ذات المرجعية العلمانية وهذا يتأتى منا طرح إشكاليات تتمحور حول:

*هل ساهمت أحكام مدونة الأسرة المغربية في تطوير قواعد القانون الخاص المغربي أم عرقلة تطبيقه؟

*وما مدى تأثير هذه الأحكام على الاختصاص القضائي الدولي؟

للإجابة على الإشكاليتين سنركز على المساهمة الايجابية لأحكام مدونة الأسرة على قواعد القانون الدولي الخاص المغربي وذلك من خلال التحدث عن التأثير الايجابي لأحكام مدونة الأسرة على نظام تنازع القوانين – المبحث الأول- ثم الوقوف على مدى التأثير الايجابي لأحكام مدونة الأسرة على تنازع الاختصاص القضائي الدولي ونظام تنفيذ الأحكام الأجنبية في المغرب- المبحث الثاني-

 

المبحث الأول: التأثير الايجابي لأحكام مدونة الأسرة على نظام تنازع القوانين

جاءت مدونة الأسرة لسنة 2004 بالعديد من المفاهيم الجديدة والمساهمة بطريقة ايجابية في إيجاد حلول بخصوص العلاقات الأسرية ذات الطابع الدولي وسنقوم أول الأمر بتحديد دائرة المخاطبين بالأحكام الواردة في هذه المدونة ثم الأحكام التي جاءت بها المدونة من اجل تسهيل زواج المغاربة المقيمين بالخارج

المطلب الأول: توسيع نطاق تطبيق مدونة الأسرة في مجال تنازع القوانين

لقد تضمنت مدونة الأسرة عددا من الأحكام التي تخص بصورة مباشرة القانون الدولي الخاص المغربي ومن أهم هده المواد المادة 2 التي وسعت من نطاق تطبيق مدونة الأسرة في مجال تنازع القوانين

فقد نصت هده المادة على أن أحكام مدونة الأسرة تسري على جميع المغاربة ولو كانوا حاملين لجنسية أخرى الشيء الذي يؤكد على أن كل من كان يحمل الجنسية المغربية فهو يخضع بصورة تلقائية لأحكام مدونة الأسرة فيما يخص أحواله الشخصية وهو يثير العديد من الإشكالات من ناحية التطبيق خاصة بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج حيث أن معظم الدول الغربية ذات المرجعية العلمانية ترفض تطبيق مدونة الأسرة ذات المرجعية الدينية الإسلامية كما نصت كذلك على أن أحكام المدونة تسري على اللاجئين وعديمي الجنسية وهو ما يطرح عددا من الإشكاليات فقد ساوت هده الفقرة من المادة الثانية بين عديم الجنسية الذي لا يعرف أصله ولا بلده واللاجئ الذي تعرف جنسيته حيث يتم معاملة هدا الأخير كما عديم الجنسية وكان الأولى أن يخضع لقانونه الشخصي فيما يخص أحواله الشخصية وهو ما يعتبر أكثر عدلا وانسجاما مع المبادئ العامة لقانون الدولي الخاص كما أنه من غير المقبول كذلك إخضاع عديم الجنسية و اللاجئ لأحكام مدونة الأسرة ذات المرجعية الدينية الإسلامية إذا كانوا ينتمون إلى ديانة أخرى

ومن جهة ثانية إذا كانت المادة 2 م.أ قد أخضعت المغاربة اليهود لأحوالهم الشخصية العبرية إلا أنها غضت النظر على المغاربة المسحيين الدين سيخضعون إلى أحكام مدونة الأسرة ذات المرجعية الإسلامية[1] ويضاف إلى ذلك فقد درج المجلس الأعلى على تطبيق مدونة الاسرة على كل من يعتنق الديانة الاسلامية بغض النظر عن جنسيته 

ومن بين الإشكاليات المطروحة بالنسبة لسمو الامتياز الديني على ضابط الجنسية التأثير على استقرار المعاملات وقد يسبب في ظهور بعض حالات التحايل علي القانون كما أن ترجيح الامتياز الديني فيه إجحاف وتمييز في حق الطرف غير المسلم فهو ضرب لكل مبادئ العدالة والمساواة

ونجد هنا كذلك مسألة غاية في الأهمية من خلال المادة 39 من م.أ التي تمنع زواج طرف غير مسلم من زوجة مسلمة واعتبار ذلك من النظام العام وهو ما يناقض مبادئ العدالة والمساواة والحرية التي يقوم عليها القانون الدولي الخاص المقارن والذي تعتبره الدول الأوروبية من النظام العام

إن توسيع نطاق تطبيق المدونة بالاعتماد على اعتبار الجنسية والديانة وان كان[2] سيسمح بتطبيق أحكامها على كل مغربي أو أجنبي مسلم إلا انه سيخلق نوع من عدم الاستقرار والتضارب بين مصالح الأطراف

المطلب الثاني: تسهيل زواج المغاربة المقيمين بالخارج:

وذلك في ظل المواد 14و 15 م.أ :

فقد سمحت المادة 14 للمغاربة المقيمين بالخارج بإبرام عقودهم وفق الإجراءات الإدارية المحلية لبلد إقامتهم بشرط توفر الإيجاب/ القبول/الأهلية وهو اعتراف من المشرع المغربي بالزواج المدني الذي كان مخالفا للنظام العام في إطار مدونة الأحوال الشخصية

أما المادة 15 فقد نصت على الإجراءات اللاحقة لإبرام عقد الزواج أمام ضابط الحالة المدنية هذه الإجراءات المتمثلة بإيداع نسخة من عقد الزواج داخل ثلاثة أشهر من إبرامه لدى المصالح القنصلية المغربية.

إلا أنه وبالرغم من اعتراف المشرع بالزواج المدني وتقديمه لعدة تسهيلات في إطار المواد 14 و15 إلا أن تطبيق هذه النصوص على المستوى العملي يطرح العديد من المشاكل: كرفض ضابط الحالة المدنية الأجنبي لبعض من شروط عقد الزواج على اعتبار أنها تتنافى ومبادئ الحرية والمساواة أو قانونه الداخلي : كالمانع الديني / شكلية الحضور/ شكلية حضور شاهدان مسلمان إلى جانب أنه غير ملزم بالتأكد من ديانة الشاهدين كما أن مصطلح "إيداع" تستوجب انتقال الشخص إلى مقر القنصلية الشئ الذي سيدفعه إلى التقاعس عن القيام بهذا الإجراء

أما بالنسبة للمادة 16 فقد ساهمت في إعطاء فرصة للمغاربة الذين ابرموا عقود زواج لا تحترم شروط الزواج المقررة بمقتضى مدونة الأسرة حيث أصبح بإمكانهم رفع دعوى ثبوت الزوجية لتصحيح زواجهم وإثباته حتى يكون منتجا لأثاره داخل المغرب.

المبحث الثاني:  التأثير الايجابي لأحكام مدونة الأسرة على تنازع الاختصاص القضائي الدولي ونظام تنفيذ الأحكام الأجنبية في المغرب:

نجد أن تأثير الأحكام التي تضمنتها مدونة الأسرة الجديدة لسنة 2004 خلاف ما كانت مدونة الأحوال الشخصية القديمة  تتضمن العديد من الأحكام القانونية ذات البعد الايجابي أثرت من جانب التعديلات على تنازع الاختصاص القضائي الدولي كما أن المادة 128 من مدونة الأسرة قد أتت بالجديد بشأن تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية وهذا ما سنراه تباعا في عرضنا

المطلب الأول: تمديد الاختصاص القضائي الدولي بشأن الطلاق الى قضايا ذات العنصر الأجنبي:

إن تحديد اختصاص المحاكم المغربية في الروابط الأسرية الدولية لم تنل اهتمام المشرع المغربي، ذلك أن قانون المسطرة المدنية لم يتضمن قواعد الاختصاص القضائي الدولي  للمحاكم

المغربية.

  والنص الوحيد الذي يمكن الإشارة إليه في هذا الصدد هو ما تضمنته الفقرة الأخيرة من الفصل 27 الذي يشير إلى أنه في حالة عدم توفر المدعى عليه لا على موطن ولا على محل إقامة بالمغرب فإن الدعوى ترفع ضده أمام محكمة المدعي أو واحد من المدعين إذا تعددوا شريطة توفرهم على موطن أو محل إقامة بالمغرب.

  إن سكوت المشرع المغربي عن تحديد الاختصاص الدولي للمحاكم المغربية يقتضي من القضاء المغربي القيام بنقل قواعد الاختصاص المحلي المنصوص عليها في الفصل 27 وما يليه من قانون المسطرة المدنية إلى الصعيد الدولي ويطبقها على النزاعات الدولية الخاصة وكذلك الدعاوي الخاصة بالطلاق

ذلك أن تمديد قواعد الاختصاص الترابي إلى الصعيد الدولي من المبادئ المتعارف عليها في القانون الدولي الخاص المقارن كما أن القانون المغربي لا يتضمن إلا بعض المقتضيات المتعلقة بالاختصاص الدولي للمحاكم المغربية، وهذا ما حتم كما هو الأمر في الأنظمة الأخرى الرجوع بصفة عامة للقواعد الداخلية للاختصاص الإقليمي  للنظر في اختصاص المحاكم الوطنية بدعاوى الطلاق[3]

وبهذا نجد أن المادة 79 من قانون الأسرة المغربي تقضي أنه يجب على من يريد الطلاق أن يطلب الإذن من المحكمة بالأشهاد به لدى عدلين منتصبين لذلك بدائرة نفوذ المحكمة التي يوجد بها بيت الزوجية أو موطن الزوجة، أو محل إقامتها التي أبرم فيها عقد الزواج حسب الترتيب.

و وبالرجوع إلى الفصل 212 من قانون المسطرة المدنية نجد أن هذا الفصل ينص على أنه "يقدم وفقا للإجراءات العادية مقال التطليق إلى المحكمة الابتدائية التي يوجد بدائرة نفوذها بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو التي أبرم بها عقد الزواج"[4] مما يوضح أن المشرع المغربي قام بوضع ضوابط جديدة, لإسناد الاختصاص للقضاء الوطني في دعاوى الطلاق. وتتجلى هذه الضوابط في:

فكما نعلم أن بيت الزوجية الوارد في مدونة الأسرة لا نجد له تعريف من خلال هذا القانون وإنما يتم دائما الرجوع في تعريفه إلى المذهب المالكي الذي تحيلنا إليه المادة 400 من القانون وذلك باختلاف الضابط المعتمد في قضايا القانون الدولي الخاص المغربي والذي هو الموطن المشترك للزوجين في إطار القضايا الأسرية ذات العنصر الأجنبي

- كما أن ما تضمنته المادة 212 من قانون المسطرة المدنية يؤكد إمكانية إسناد الاختصاص لغير المحاكم المغربية وهذا ما سعى منشور وزير العدل إلى السادة القضاة الإشادة به و الذي ورد فيه "يجب تنبيه المعنيين بالطلاق الاتفاقي، إلى أن بعض الدول الأوربية تفرض لقبول الأحكام الصادرة بالتطليق في الدول الأجنبية، مراعاتها لقواعد الاختصاص ذي الصلة بالسكن الاعتيادي الفعلي للزوجين".  

ونجد أن قانون الأسرة الجديد فعل مسطرة الصلح التي اعتبرها المشرع المغربي إجراء جوهري يجب على المحكمة قبل الإذن بالطلاق القيام به, حيث أنه إجراء مفروض في دعاوي الطلاق والتطليق وفي كل الدعاوي الأخرى الرامية إلى إنهاء الرابطة الزوجية ويجرى كذلك في دعوى الطلاق الإتفاقي.

كما أن مسطرة الصلح قد تم إخراجها من نصوص المسطرة المدنية بحيث تم إلغاء المادتين 178و121 منه وتم استبدالها بمقتضيات واضحة في مدونة الأسرة في إطار (المادة 81)   فقد حرص القانون الجديد للأسرة على تفعيل مسطرة الصلح في دعاوى انحلال الرابطة الزوجية حيث تستدعي المحكمة الزوجين لمحاولة الصلح بينهما وتجري المناقشات في غرفة المشورة بما في ذلك الاستماع إلى الشهود وكل ما تراه المحكمة فائدة في الاستماع إليه لإنهاء النزاع بالصلح، وتقوم المحكمة من أجل الوصول إلى هذه الغاية بكل الإجراءات بما فيها انتداب حكمين أو مجلس العائلة أو من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين.  

وفي حالة وجود الأطفال تقوم المحكمة بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لا تقل عن 30 يوما (المادة 82).

ولأن الصلح إجراء جوهري فإنه لا يمكن إنجازه في غياب الزوجين المعنيين، حيث أوجب المشرع المغربي حضورهما الشخصي، في جلسة المصالحة وبالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج فإن الإجراءات تقام أمام القنصل في القنصلية المغربية بالخارج.

ويعتبر هذا المقتضى مجحفا بالنسبة للزوجين  ويشكل عائق بالنسبة للمغاربة المقيمين في الخارج ذلك انه لم يراعي وضعية هذه الأخيرة، خاصة في حالة اختلاف موطن الزوجين المشترك

فمن قبل كانت المسطرة شفوية، عدم المصالحة تثبت من قبل السلطات القنصلية المغربية في الخارج، حيث كان يسمع لهما بالقيام بمحاولات الصلح أمام قاضي التوثيق بالقنصلية بناء على الفصل 179 من قانون المسطرة المدنية، وتعتبر مستند يمكن الزوجين بتأكيد طلبهما بالطلاق.

كما أن بعض الأزواج لا يرغبون في العودة إلى المغرب ويلجئون إلى إعطاء توكيل لأحد الأقارب من أجل القيام بشكليات الطلاق.

والوكالة في الطلاق من أهم المواضيع التي تثير الكثير من الإشكاليات العملية بالنسبة لأفراد الجالية المغربية بالخارج، فإذا كانت المدونة قد نصت صراحة على الوكالة في الزواج، فإنها لم تتضمن مقتضيات صريحة في خصوص الوكالة عند انحلال  ميثاق الزواج.

ومن بين الإشكالات المطروحة أنه إذا كان التطليق ينفذ بمجرد صدور الحكم دون الحاجة إلى توثيقه لدى عدلين فإن الطلاق يطرح إشكالية تتعلق بتهاون العديد من الأزواج في تنفيد الطلاق وذلك بعدم توثيق الطلاق لدى عدلين مما يجعل الزواج لازال قائما وبالتالي يعطل مفعول م 77و87 م.أ وهذا الأمر يقتضي من المشرع إعادة النظر في هذه المقتضيات وذلك بإسناد مهام مسطرة توثيق الإذن بالطلاق للمحكمة بدلا من إسنادها للزوج  [5]

ويمكن للطرفين حسب ما ورد في المنشور طلب الإعفاء من مسطرة الصلح والإشارة فيه إلى عنوان أقرب قنصلية لإمكانية انتدابها لإجراء محاولة الصلح بينهما إذا ارتأت المحكمة ذلك.

ولما كانت السلطات القضائية ببلد المهجر لا تقبل إلا بالطلاق الصادر عن المحكمة وبحضور الطرفين تدخل المشرع ونص في المادة 88 من م.ا على ضرورة الطلاق على شكل قرار معلل يتضمن البيانات اللازمة لاسيما ما يتعلق بهوية الزوجين وملخص ادعائهما ودفوعهما

وبحسب الأسباب المقررة في الطلاق نجد أن القانون الوطني هو الذي ينظم الحق في الطلاق وهو الذي يقرر أسبابه أيضا بمقتضى القانون الوطني للزوج المدعي وتختلف أسباب الطلاق بحسب التشريعات فهناك من تضيقها وهناك من توسعها.

الطلاق الذي يوقعه الزوج باعتباره يؤدي إلى إنهاء العلاقة الزوجية عن طريق إرادته المنفردة يبقى مؤسسة تمييزية وتتعارض بالتالي مع مبدأ المساواة في انحلال العلاقة الزوجية

وبذلك فمن خلال  طرق انحلال العلاقة الزوجية التي استحدثها مشرع المدونة، وباعتبار أن الطلاق أصبح يتم تحت مراقبة القضاء  يمكن القول أن شرط تحقق المساواة الذي يتذرع الاجتهاد القضائي الأوروبي بعدم توفره، قد تمت الاستجابة له، مما يعطي إعطاء فرصة لنفاذ هذه الأحكام داخل تراب الدول المستقبلة وتتجسد هذه الطرق تباعا في : التطليق بطلب من احد الزوجين بسبب الشقاق والطلاق الإتفاقي تم التمليك

تجدر الإشارة إلى المنشور الصادر عن وزير العدل بتاريخ 12 ابريل 2004، والمتعلق بتطبيق مقتضيات مدونة الأسرة على أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج، من ضمن ما جاء به التشجيع على الطلاق الإتفاقي لسهولة ويسر إجراءاته مقارنة مع باقي أنواع الطلاق الأخرى

وقد جاء في هذا المنشور: نظرا لكون الطلاق أصبح يتم تحت مراقبة القضاء، ورعيا لما يتسم به الطلاق الإتفاقي من سهولة ويسر في الإجراءات فيمكن إرشاد المعنيين بالأمر إلى سلوك مسطرة الطلاق بالاتفاق وفي هذه الحالة يسلم لهما المطبوع المعد لذلك، لملأه والمصادقة عليه، عند اتفاقهما ويمكن أن يتم هذا الاتفاق بإشهاد عدلي يتم التأكيد فيه على انه لابد  من سلوك المسطرة القضائية للإذن بتوثيق الطلاق، مع العلم على انه يمكن للزوجين ان يضمنا في طلبهما الإذن لهما بتوثيق هذا الطلاق الإعفاء من مسطرة الصلح... ويجب تنبيه المعنيين به، إلى أن بعض الدول الأوروبية تفرض لقبول الأحكام الصادرة بالتطليق في الدول الأجنبية مراعاتها لقواعد الاختصاص ذي الصلة بالسكن الاعتيادي الفعلي للزوجين" منشور رقم13 

المطلب الثاني: تسهيل تنفيذ الأحكام الأجنبية بالمغرب:

خلافا لمدونة الأحوال الشخصية السابقة والتي لم تكن تتضمن أي مقتضى يتعلق بمعالجة مسألة الحصول على الصيغة التنفيذية، تضمنت مدونة الأسرة في سابقة من نوعها مجموعة من المقتضيات القانونية التي من شأنها تبسيط مسطرة الحصول على الصيغة التنفيذية للأحكام الصادرة في حق الجالية المغربية بالخارج.

إذ بالإضافة إلى معالجتها للعديد من الإشكالات القانونية والاجتماعية التي يطرحها عدم تذييل الأحكام الصادرة عن القضاء المغربي لاسيما المتعلقة بالطلاق من طرف المحاكم الأجنبية بالصيغة التنفيذية من خلال تجاوزها للعديد من المبررات والدفوعات التي تبني عليها هذه المحاكم أحكامها وقراراتها لاستبعاد القانون المغربي، تضمنت مدونة الأسرة كذلك بعض المقتضيات المتعلقة بتسوية وضعية الجالية المغربية أمام القضاء المغربي ويتعلق الأمر أساسا بالمادة 128 التي تنص على ما يلي:

" الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ تكون قابلة للتنفيذ إذا صدرت عن محكمة مختصة وأسست على أسباب لا تتنافى مع التي قررتها هذه المدونة لإنهاء العلاقة الزوجية، وكذا العقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين العموميين المختصين بعد استيفاء الإجراءات القانونية بالتذييل بالصيغة التنفيذية طبقا لأحكام المواد 430 و 431 و 432 من قانون المسطرة المدنية".

 فمن خلال هذه المادة يتضح أن القضاء المغربي لم يعد في إمكانه رفض طلب تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية إلا إذا خرق في مقتضياته النظام العام المغربي كحرمان أحد الطرفين من حقوق الدفاع مثلا... الخ.

ومعلوم أن مفهوم النظام العام قد عرف تطورا ملموسا على إثر التعديلات التي أدخلت على مدونة الأسرة؛ فما كان يعتبر مخالفا للنظام العام طبقا لمدونة الأحوال الشخصية لم يعد يعتبر كذلك في ظل هذه المدونة؛ الأمر الذي من شأنه أن يضع حدا للعديد من طلبات التذييل بالصيغة التنفيذية والتي غالبا ما كانت تحكم بالرفض لأسباب واهية تستند إلى كون تلك الأحكام تتعارض مع النظام العام الذي كان يفهم فهما خاطئا لا يتماشى مع مصالح الجالية المغربية بالخارج؛ بل إن هذا المقتضى من شأنه أن يفسح المجال أمام الجالية المغربية بالمهجر لاختيار تطبيق القانون المغربي عليهم مادام أنهم يعرفون مسبقا أن الأحكام الصادرة بالخارج طبقا له ستحصل على الصيغة التنفيذية بالمغرب.

كذلك من حسنات المادة 128 أنها نصت على أن جميع الأحكام المتعلقة بإنهاء العلاقة الزوجية تكون قابلة للتنفيذ بالمغرب إذا أسست على أسباب لا تتنافى مع التي قررتها هذه المدونة لإنهاء العلاقة الزوجية.[6]

فإضافة إلى أن هذه العبارة من شانها الحفاظ على الهوية والخصوصية الوطنية للجالية المغربية من خلال إعطائها فرصة التمسك بتطبيق قانونها الوطني مادام أن معظم الأسباب التي يمكن أن يعتمدها الحكم الأجنبي للحكم بإنهاء العلاقة الزوجية هي نفسها المنصوص عليها في القانون الجديد سيما ما يتعلق منها بالطلاق بالاتفاق، والطلاق للإخلال بأحد شروط العقد، أو للهجر وعدم المعاشرة الزوجية؛ فإنها ستفتح المجال أمام القضاء المغربي للاعتراف وتنفيذ الأحكام الأجنبية الصادرة في حق الجالية المغربية حتى ولو لم تذكر السبب المؤسس عليه التطليق بنفس المصطلح الوارد في القانون المغربي، وإنما يكفي أن تكون غير متنافية مع الأسباب المقررة في مدونة الأسرة لإنهاء العلاقة الزوجية؛ وهي مسألة إيجابية من شأنها تجاوز ما كانت تطرحه مدونة الأحوال الشخصية السابقة والتي كانت تعتبر الحكم الأجنبي الذي لا يتضمن أحد الأسباب المحددة على سبيل الحصر لإنهاء العلاقة الزوجية [7]مخالفا للنظام العام ولا يمكن أن يذيل بالصيغة التنفيذية.

كذلك ومن أجل تبسيط مسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية على الجالية المغربية أشار منشور وزير العدل الصادر بتاريخ 13 أبريل 2004 إلى السماح لهم بتكليف من يقوم بهذا الإجراء بالمغرب؛ بل ويمكن للقضاة الملحقين بسفارات المملكة المغربية بالخارج دائما حسب المنشور السابق الذكر مساعدتهم على تحرير ملتمس إلى النيابة العامة قصد تقديم طلب من أجل التذييل بالصيغة التنفيذية؛ وفي هذا أكبر دليل على عدم إرهاق كاهل الجالية المغربية بالخارج للتنقل إلى المغرب من أجل طلب تذييل حكم صادر في حقها في دولة الإقامة بالصيغة التنفيذية؛ بل إن هذا الإجراء من شأنه أن يحفز الجالية المغربية على المطالبة بتذييل الأحكام الصادرة في حقها بمجرد صدورها بالخارج وبالتالي القضاء على الوضعية السابقة حيث كان الحكم يصدر في تاريخ معين ولا يقدم طلب تذييله بالصيغة التنفيذية إلا بعد مدة من الزمن

لكن رغم أهمية هذا التعديل وما يحمله من إيجابيات، فإنه لا يخلو مع ذلك من إثارة بعض الملاحظات؛ أهمها أن مدونة الأسرة اقتصرت في مادتها 128 على الإشارة فقط إلى الأحكام الصادرة في قضايا الطلاق أو التطليق أو الخلع أو الفسخ دون غيرها من القضايا، ومن ثم يثار التساؤل حول ما إذا كان القضاء المغربي سيتعامل مع الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم الأجنبية في جل القضايا الأسرية للجالية المغربية بالمهجر بنفس المرونة التي تنص عليها المادة 128 أم لا؟.

قد يقول البعض أن هذا التساؤل لا أساس له على اعتبار أن المادة 128 قد تداركت الموقف ونصت في فقرتها الأخيرة على منح الصيغة التنفيذية كذلك لكل العقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين العموميين المختصين.

لكن للأسف فإن هذا القول سرعان ما تلاشى بعد تأكيد وزارة العدل في تفسيرها لهذه العبارة: " وكذا العقود المبرمة أمام..." بعقود إنهاء العلاقة الزوجية لا غير[8].

عموما إذا كان هذا التفسير من شأنه أن يفسح المجال أمام القضاء المغربي لمنح الصيغة التنفيذية لعقود انحلال العلاقة الزوجية المبرمة ليس أمام القضاء فقط؛ وإنما أيضا أمام الموظفين والضباط المختصين وهي مسألة إيجابية من شانها أن تحل بعض المشاكل التي تعاني منها الجالية المغربية المقيمة في بعض الدول التي لا تأخذ بالطلاق القضائي كما هو الشأن بالنسبة للدانمارك والنرويج التي يتم فيها الطلاق أمام هيئة إدارية أو ما يسمى بالطلاق الإداري، فإن حصر هذا التفسير مع ذلك في عقود إنهاء العلاقة الزوجية من شأنه أن يقصي العديد من العقود التي لها علاقة بالروابط الأسرية للجالية المغربية بالمهجر من الحصول على الصيغة التنفيذية طبقا للمادة 128؛ لذلك نأمل ألا يتقيد القضاء بحرفية هذا التفسير المعطى من طرف وزارة العدل ويعمل على تفسير هذا النص – وكذا العقود ... –حسب ظروف كل قضية على حدة وبما يخدم مصالح الجالية المغربية المقيمة خارج أرض الوطن.

كذلك من الملاحظات التي يمكن توجيهها للمادة 128 هو إبقاءها على نفس شروط التذييل بالصيغة التنفيذية كما هي واردة في قانون المسطرة المدنية، الأمر الذي قد يثير بعض الإشكالات بالنسبة للجالية المغربية. 

 فمثلا بالرجوع إلى المادة 431 من قانون المسطرة المدنية نجدها تجعل من ضمن المستندات الواجب إرفاقها بطلب الحصول على الصيغة التنفيذية شهادة من كتابة ضبط المحكمة المختصة تشهد بعدم التعرض والاستئناف والطعن بالنقض، فإذا كانت هذه الشهادة لا تثير إشكالا عندما يتعلق الأمر بالطلاق أو بالتطليق فإن الأمر يزداد حدة بالنسبة للطلاق الاتفاقي حيث ترفض بعض المحاكم الأجنبية منح هذه الشهادة للجالية المغربية على أساس أن الطلاق الاتفاقي هو طلاق تم بإرادة الطرفين ومن ثم فهو يكتسب الصيغة النهائية بمجرد المصادقة عليه من طرف الجهة المختصة ولا يبقى هناك أي مجال للطعن فيه، وهو الأمر الذي قد يتخذه القاضي المغربي ذريعة لعدم قبول دعوى الصيغة التنفيذية نظرا لعدم استيفاءها للشروط المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية كما هو الشأن بالنسبة للحكم الصادر عن ابتدائية الناظور بتاريخ 2004.03.15 والذي قضى بعدم قبول الدعوى وتحميل الصائر لرافعها بعلة أن المدعية لم تقدم نسخة رسمية من الحكم الأجنبي وما يفيد كونه أصبح نهائيا  .

إذ ثبت ذلك واعتبارا للدور المهم الذي يمكن أن يقوم به القضاء في تفعيل نفاذ الأحكام الأجنبية أو العكس استنادا لتقنية الدفع بالنظام العام نتساءل عن الموقف المتخذ من طرف القضاء المغربي إزاء المستجدات التي جاءت بها المادة 128 من مدونة الأسرة.

** موقف القضاء من نفاذ الأحكام الأجنبية:

إذا كانت التعديلات التي حملتها المادة 128 من مدونة الأسرة تتضمن إشارة واضحة للقضاء المغربي للتعامل بمرونة مع مفهوم النظام العام في الحالة التي يطلب فيها منه تذييل حكم أجنبي بالصيغة التنفيذية يتعلق برابطة أسرية لمغاربة بالخارج، فإنه بالنظر إلى بعض الأحكام القضائية الحديثة الصادرة عن القضاء المغربي بعد دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق نجده لازال يتخذ من النظام العام ذريعة لاستبعاد الحكم الأجنبي مستغلا في ذلك تارة السلطة التقديرية المخولة له لتقدير النظام العام، وتارة أخرى استنادا إلى التفسير السلبي لبعض العبارات الواردة في المادة 128 نفسها، الأمر الذي يمكن معه التمييز في العمل القضائي المغربي بين اتجاهين أساسين:

- اتجاه رئيسي يسير في اتجاه التعامل بمرونة مع تنفيذ الأحكام الأجنبية وهو ما يتضح من خلال العديد من الأحكام القضائية نذكر منها:

* الحكم الصادر عن قسم قضاء الأسرة التابع للمحكمة الابتدائية بفاس بتاريخ 9 يناير 2006 والذي أعطى الصيغة التنفيذية لحكم صادر عن محكمة هيرنة الابتدائية الألمانية القاضي بالطلاق بين زوجين مغربيين استنادا إلى كون الحياة الزوجية بينهما قد انتهت منذ أكثر من سنة وليس من المنتظر إعادة الحياة الزوجية بينهما.

فرغم أن هذا الحكم لم يتضمن أحد الأسباب الواردة في مدونة الأسرة لإنهاء العلاقة الزوجية بل تم تأسيسه استنادا إلى الفصول 1564 و 1566 من القانون المدني الألماني والذي يمكن أن يجد تبريره فيما يسمى بالانفصال البدني بين الزوجين، فقد كيفت المحكمة السبب الوارد في هذا الحكم بأنه يدخل ضمن التطليق للشقاق ومن تم منحه الصيغة التنفيذية .

* الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بالناظور بتاريخ 13 – 09 – 2004 والذي أعطى الصيغة التنفيذية لحكم أجنبي صادر عن محكمة رويرموند بهولندا بتاريخ 17 – 01 – 2002 والذي قضى بالتطليق بين زوجين مغربيين تأسيسا على سبب انهيار العلاقة الزوجية بين الزوجين ، فقبل تعديل مدونة الأسرة لم يكن هذا الحكم ليحصل على الصيغة التنفيذية بالمغرب باعتباره مخالف للنظام العام.

بعد التفسير الذي عرضناه للمادة 128 يكون من الضروري الإشارة لمفهوم منح الصيغة التنفيذية للأحكام الأجنبية بالمغرب وشروط تذييلها

إذن فما المقصود بمنح الصيغة التنفيذية للحكم الأجنبي؟ ومتى يتم معارضتها؟ وماهي شروط  إعطاء هذه الصيغة التنفيذية؟

أولا: مفهوم منح الصيغة التنفيذية : يقصد بمنح الصيغة التنفيذية المسطرة القضائية التي تخول للأحكام وكذلك العقود الأجنبية القوة التنفيذية داخل المغرب وذلك عن طريق صدور حكم قضائي عن محكمة مغربية تأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي نفس القواعد التي تطبق على تنفيذ حكم صادر عن محكمة مغربية ولايمكن للقاضي المغربي الذي يصدر الأمر بالتنفيذ ان يضيف على منطوق الحكم الأجنبي مقتضيات جديدة.

ثانيا: الأحكام التي يمكن أن تطلب لها الصيغة التنفيذية

يجب ان يكون الحكم المطلوب له الصيغة التنفيذية صادرا عن محكمة تابعة لسيادة دولة معينة ومعترف لها بهذه الصفة في المجتمع الدولي وخاصة من طرف المغرب

ويجب ان يكون موضوع الحكم داخلا في إطار القانون الخاص أما الأحكام الإدارية او الزجرية فلا تمنح له الصيغة التنفيذية

ثالثا: الشروط الواجب توفرها لمنح الأمر بالتنفيذ:

1* أن يكون الحكم صادرا عن هيئة قضائية مختصة ويجري تقدير اختصاص المحكمة الأجنبية وفقا لقواعد الاختصاص المنصوص عليها في القانون المغربي، غير ان اتفاقيات التعاون القضائي المبرمة بين المغرب والجزائر وليبيا، تقضي بان اختصاص المحكمة الأجنبية يجري فحصه وفقا لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم.

2* أن يكون الحكم الأجنبي قد صدر وفقا لإجراءات صحيحة، ومن أهم هذه الإجراءات احترام حقوق الدفاع.. تعيين هوية الخصوم، تكليفهم بالحضور..

رغم أن المادة 430 من قانون المسطرة المدنية لا تشترط أن يكون الحكم حائز لقوة الشئ المحكوم به، فان نص المادة 431 من نفس القانون على وجوب إرفاق طلب التنفيذ بشهادة من كتابة الضبط المختصة تشهد بعدم التعرض والاستحقاق والطعن بالنقض..

3* الا يتضمن الحكم الأجنبي ما يخالف النظام العام المغربي

إلا أنه يجب إضافة شرط آخر تقضي به كل الاتفاقيات القضائية المبرمة من جانب المغرب، وهو أن يكون الحكم الأجنبي غير متعارض مع حكم سبق صدوره من محكمة مغربية واكتسب قوة الشيء المحكوم به، وهذا الشرط مسلم به في أكثر الدول بغير نص، ويتعين العمل به كأثر من أثار شرط عدم مخالفة الحكم الأجنبي للنظام العام المغربي.

ونجد من بين الإشكاليات المثارة بخصوص دور النيابة العامة  الذي نجدها في إطار المواد 430 و431 من قانون المسطرة المدنية والتي اعترفت لها بإمكانية الطعن في الصيغة التنفيذية للحكم الأجنبي على أساس حصري وبذلك اعتبرتها طرفا منضما وليس طرفا أصليا عكس ما هو مقرر في مدونة الأسرة والتي اعتبرت النيابة العامة طرفا أصليا حسب المادة 3 منه في جميع القضايا التي جاءت بها مدونة الأسرة هذا التناقض الذي قد يخلق إشكالات على مستوى القضاء.

بعد التطرق لشروط تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية سوف نعرج للإشارة بصورة مختصرة لمفهوم "نظام المراقبة" و"نظام المراقبة" في المغرب

هناك بعض الدول تتمسك بمبدأ السيادة إلى ابعد حدوده،[9] فتمنع الاعتراف بالحكم الأجنبي وتنفيذه، وتوجب على من يتمسك بالحكم الأجنبي أمام محاكمها أن يرفع بموضوع الحكم دعوى جديدة، بحيث يصبح الحكم الوطني الذي يصدر في الدعوى هو القابل للتنفيذ وليس الحكم الأجنبي الذي يعتبر في هذه الحالة مجرد دليل في الدعوى لا يقبل إثبات العكس وهو الاتجاه السائد في الدول الأنجلوسكسونية يكاد يعترف بآثار الحكم الأجنبي كاملة رغم إقراره بمبدأ سيادة الدولة من حيث الشكل، أما بقية الدول الأخرى فإنها لاتسمح بتنفيذ الحكم الأجنبي إلا بعد أن يعرض على أجهزتها القضائية لتفحصه، فالحكم يكتسب بذلك قوته التنفيذية عن طريق الأمر بالتنفيذ الذي تصدره المحكمة الوطنية في إطار دعوى خاصة يطلق عليها اسم دعوى طلب الأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي ولكن هذه الدول تختلف فيما بينها حول ما مدى ما تتمتع به المحكمة التي يطلب منها الأمر بالتنفيذ من سلطة لفحص الحكم الأجنبي فبعض الدول تفرض شروطا قاسية للحصول على الأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي، حيث يجوز لمحكمة أن تفحص موضوع النزاع الذي صدر فيه الحكم، وتتأكد من صحة الحل الذي حكم به القاضي الأجنبي سواء من حيث استخلاص الوقائع أو من حيث تطبيق القانون وان تعدل فيما قضى به الحكم وهو ما يعرف "بنظام المراجعة" ولكن هذا الأسلوب في معاملة الأحكام الأجنبية لايوفر حماية كافية لعلاقات الأفراد الدولية وفيه مساس بالحقوق المكتسبة في الخارج وسيادة الدول الأجنبية فضلا عن تقييده للمبادلات الاقتصادية الدولية أما في دول أخرى فإن المحكمة التي يطلي منها إعطاء الصيغة التنفيذية للحكم الأجنبي ليست ملزمة إلا بالتحقيق من توفر شروط معينة تعرف بالشروط الخارجية او الشكلية للحكم، مثل صدور حكم من محكمة مختصة دوليا واحترام حقوق الدفاع في الدعوى التي صدر فيها الحكم، وان لا يكون الحكم محصلة غش أو تدليس، وعدم مخالفته للنظام العام المتعلق بالدولة التي يراد تنفيذه فيها، ولايشترط أن يكون الحل الذي قرره القاضي الأجنبي مطابقا للحل الذي كان سيصل إليه القاضي الوطني لو عرض عليه النزاع ابتداءا وقد اهتدت محكمة النقض الفرنسية بهذا الأسلوب الذي يعرف ب "نظام المراقبة" في القرار الصادر عنها في 7 يناير 1964 وهذا النظام المخفف لتنفيذ الأحكام الأجنبية المعمول به في أكثر الدول بما فيها المغرب 

 مجلة القضاء والقانون  العدد 157[1]

 ذ. جميلة اوحيدة "اليات تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص المغربي"[2]

 3 /حول "ا شكالات المغاربة المقيمين بالخارج في مجال قضاء الأسرة" بتاريخ 15/02/2012 

باب المساطر المتعلقة بالأحوال الشخصية في,4/ الفرع السادس "التطليق" من القانون رقم 03 – 72 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 23 – 04 – 01 بتاريخ 12 من ذي الحجة 1424 (3 فبراير 2004) ج.ر عدد 5184 بتاريخ 05/02/2004 ص 453. ولقد صدر بالموازاة مع القانون رقم 03 – 70 المتعلق بمدونة الأسرة.[4]

 المجلة القانونية للمحكمة الابتدائية بمكناس "المحور الأول: أبحاث ودراسات"[5]

6 بحث تحت عنوان "قانون الأسرة المغربي اما القضاء الأوروبي أية إمكانية للتطبيق "بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص للطالب منيـــر شعـيـبــي  بجامعة ظهر المهراز -  فاس -                                            

                         

 [7] - وهي التطليق للضرر، للغيبة؛ لعدم الإنفاق، للعيب ثم للإيلاء والهجر.

[7]

 جاء هذا التفسير في الصفحة 58 من الدليل العملي لمدونة الأسرة الذي أصدرته وزارة العدل عقب دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق.

-      [8]

 محاضرات في مادة "القانون الدولي الخاص المغربي" ألقاها أستاذ محمد الوكيلي على طلبة الإجازة :القانون الخاص برسم موسم2009/2008[9]

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0