الاستقامة والأمانة كشرط للحضانة

عرفة مدونة الاسرة المغربية الحضانة ووضعت لها شروط وأحكام يجب على الأبوية الإلنزام بها. الحضانة في القانون المغربي، الحضانة في المغرب، شروط الحضانة في المغرب، نفقة الحضانة، السفر بالمحضون، نفقة المحضون، نفقة الحاضن، أجرة المحضون، انتقال الحضانة في المغرب، سقوط الحضانة

الاستقامة والأمانة كشرط للحضانة
الاستقامة تعني السلوك القويم الذي لا اعوجاج فيه، أي الالتزام بقواعد السلوك المأمور بها دينيا والمحمودة أخلاقيا واجتماعيا دون انحراف إلى التصرفات المشينة او الأعمال الساقطة المنبوذة.

ولا تعني الاستقامة التخلق بأخلاق المتصوفة الناسكين والابتعاد عن كل نقيصة أو هفوة، وإنما القصد هو التمسك في السلوك العام بالقيم المحمودة والترفع عن التصرفات المثيرة للنفور الاجتماعي والأخلاقي.

أما بالنسبة للأمانة فوصفها يتحقق في الحاضن بأمرين : -الأول : إن ما يتلقاه من نفقة المحضون يقوم بإنفاقه عليه فعلا، ولا ينقص منه شيئا.

و-الثاني : أداء واجباته كاملة في السهر على مصالح المحضون الموكولة إليه، وتفادي كل التصرفات التي قد تسيء إلى المحضون صحة أو خلقا أو تربية.

فالأمانة تعني الوفاء بكامل الالتزامات التي تفرضها الحضانة على الحاضن، وكل إخلال بأي منها يشكل " خيانة".

وفي مجال الاستقامة، حكم القضاء المصري مرارا بأن محترفة البغاء ليست أهلا للحضانة شرعا وينزع منها الصغير ولو لم يعقل الفسق، كما حكم نفس القضاء بأن احتراف والدة الصغير التمثيل والرقص مسقط لحقها في الحضانة لأنهما – أي الرقص والتمثيل – يخالفان تعاليم الدين الإسلامي السامية وآدابه الحكيمة العالية، ولأن ضم الصغيرة إلى أمها الراقصة يطبع صورا غير لائقة في ذاكرتها ومخيلتها.

وقد جاء في حكم شرعي للعلامة العمارتي : " يحكم بسقوط حضانة الأم إذا ثبت أنها دخالة خراجة لغير حاجة، لعدم صلاحيتها للحضانة بسبب عدم الصيانة للمحضون، وفي البهجة لدى قول الناظم : والصيانة ما نصه: فلا حضانة لغير الصين للحوق المعرة بعدم الصون".

وعمليا، ولإثبات عدم استقامة الحاضن غالبا ما يتم الاستدلال بمجموعة من اللفيفيات المحررة وفق صيغ توثيقية جاهزة، ونماذج معدة سلفا يستند فيه الشاهد إلى إطلاعه على أحوال الحاضنة، لهذه الأسباب دعى بعض الممارسين يؤيدهم جانب من الفقه إلى عدم اقتصار القاضي على ما يدلى له به من موجبات لفيفية إلا بعد البحث مع الأطراف ومساءلة الشهود وتقييم الحجج على ضوء ذلك، تبعا لظروف كل قضية وملابساتها مع إجراء الأبحاث اللازمة في الموضوع.

ولعل هذا ما سار عليه المجلس الأعلى في أحد قراراته، إذ جاء فيها : " .

.

.

وبالرجوع إلى اللفيف المدلى به من طرف الطاعن عدد 516 بتاريخ 25/01/1982 يتبين أن شهوده يشهدون بكون المطلوبة في النقض – دخالة خراجة غير مستقيمة في سيرتها تتعاطى ما يخل بمروءتها – وكلها ألفاظ عامة لا تثبت فعلا معينا منسوبا للحاضنة يمكن معه القول بسقوط حضانتها مما يكون معه ما بالوسيلة غير مبني على أساس .

.

.

".

وغالبا ما يعمل الطاعن في أهلية الحضانة بعدم الاستقامة والأمانة على موجب لفيفي، ويعمل المطعون ضده أيضا على الاستدلال بلفيفيات تفند ادعاءات الطرف الأول، فيهتدي القضاء إلى استعمال قواعد الترجيح بين الحجج.

ولعل هذا ما سارت عليه المحكمة الابتدائية بمراكش، إذ جاء في حيثيات الحكم الصادر عنها ما نصه :" .

.

.

وحيث إن المحكمة وأمام تباين الشهادتين المذكورتين أعلاه حول صلاح المدعى عليها أو فساد أخلاقها فإنها ارتأت ترجيح حجج الطرفين على ضوء المبادئ المقررة قضاء، وهي أن شهادة التعديل تقدم على شهادة التجريح استنادا لقرار المجلس الأعلى بتاريخ 9 فبراير 1982 بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 30 ص 109 وما بعدها، وهذه القاعدة تجد تبريرها ضمن قواعد الفقه المالكي إذ يقول الزرقاني في شرح قول خليل بأن الأصل العدالة".

ومن جهة أخرى يقع الاستشهاد بمجموعة من الأحكام الزجرية التي تدين الحاضنة من أجل أفعال تخل بالشرف والمروءة أو تمس بالأخلاق والآداب العامة، جاء في حكم صادر عن ابتدائية الحي المحمدي عين السبع بالبيضاء : " .

.

.

وحيث يبدو للمحكمة من خلال نتيجة القرار الجنائي أن المدعى عليها معتقلة حاليا بالسجن المدني عكاشة، حيث تقضي عقوبتها الحبسية مدتها أربع سنوات جراء إقدامها على ارتكاب جناية الضرب والجرح بالسلاح المؤدي إلى عاهة المستديمة في حق المسماة .

.

.

وحيث إن إقدام المدعى عليها على ارتكاب مثل هذا الجرم الخطير المقرون باستعمال السلاح والناتج عنه عاهة مستديمة للضحية، التي يدعي المدعي أنها أخته يجعل المدعى عليها غير مؤهلة لحضانة الابنتين فضلا عن أن بقاءها بالسجن لمدة أربع سنوات يعني أن هناك مانع يحول دون قيامها بواجب الحضانة .

.

.

".

وقد كان القضاء المغربي سابقا يعتبر أن الجرائم التي تكون سببا في إسقاط الحاضنة عن الشخص هي تلك التي لها مساس بالأخلاق لا مجرد الإدانة من أجل الضرب والجرح.

وقرر القضاء المغربي أيضا قاعدة أساسية مفادها أن صدور حكم ببراءة الأم الحاضنة من متابعة جنحية متعلقة بالتحريض على الفساد لعدم توافر العناصر التكوينية للفعل لا يعني انتفاء الفعل المنسوب إليها ما دامت أنها صرحت في محضر الضابطة القضائية بأنها تتعاطى الفساد والتحريض عليه مما يجعل شرط الأمانة والاستقامة غير متوفر لديها طبقا للمادة 173 من مدونة الأسرة ويبرر التصريح بسقوط الحضانة.

وهكذا جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بالجديدة ما يلي : " .

.

.

وحيث إنه وبمقتضى المادة 173 من مدونة الأسرة فإن من شروط استحقاق الحضانة الرشد القانوني والاستقامة والأمانة والقدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته دينا وصحة وخلقا وعلى مراقبة تمدرسه.

وحيث إن الثابت من محضر الضابطة القضائية عدد 340/ ج ح ش 19 وتاريخ 02/09/2004 أن المستأنف عليها قد صرحت معترفة بأنها عاهرة وتتعاطى الفساد والتحريض عليه وأنه حين إلقاء القبض عليها كانت تحرض على الفساد ولذلك فشرط الاستقامة والأمانة غير متوفر لديها إعمالا لنص المادة أعلاه.

وحيث إن القول بأن محكمة الاستئناف قد برأتها من المنسوب إليها مردود باعتبار أن القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بتاريخ 02/12/2005 في الملف 2938/2005/ لم يبرئ المستأنف عليها على أساس انتفاء الفعل المنسوب إليها وإنما برأها على أساس عدم توافر العناصر التكوينية للفعل".

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0