رفـض الزوجـة للرجعـة كمبرر للتطليق للشقاق

التطليق للشقاق في القانون المغربي مجموعة مواضيع في قانون الأسرة للإستعانة بها في البحوث التحضير للمباريات القانونية

رفـض الزوجـة  للرجعـة كمبرر للتطليق للشقاق
ينقسم الطلاق شرعا و قانونا إلى رجعي و بائن، و من آثار هذا التقسيم: أن الطلاق البائن ينهي العلاقة الزوجية بمجرد وقوعه، بحيث يمنع على الزوج أن يراجع زوجته خلال فترة العدة إلا بعقد جديد تتوافر فيه كافة الشروط و الأركان المتطلبة في كل عقد زواج صحيح، في حين أن الطلاق الرجعي لا ينهي العلاقة الزوجية حالا وإنما هو إنذار بهذا الإنهاء الذي يتحقق بانقطاع فترة العدة، و هو ما يعطي للزوج خلالها الحق في أن يراجع زوجته المطلقة لاستئناف حياتهما الزوجية دون حاجة إلى عقد جديد.

وهذا الحق المخول للزوج في الطلاق الرجعي هو الذي يصطلح عليه في الشرع والقانون بالرجعة، حيث عرفها الفقيه ابن عرفة بقوله: » الرجعة رفع الزوج أو الحاكم حرمة المتعـة بالزوجة لطلاقهـا « ( )، و هو حق ثابت في قوله تعالـى :  و بعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا  ( ).

ومن المسائل الخلافية حول موضوع الرجعة مسألة الإشهاد عليها، بحيث انقسم الفقهاء بشأنها إلى رأيين: الأول: يرى بأنه يجب على الزوج أن يشهد عدلين على الرجعـة و ذلك لقولـه تعالى:  و أشهدوا ذوي عدل منكم  ( ) لأن الأمـر إذا أطلق انصرف إلى الوجوب، أما الثاني و من أنصاره الإمام مالك رحمه الله فيعتبر أن الإشهاد أمرا مندوبا لا واجبا، و بذلك فلإشهاد على الرجعة أمرا مستحبا مثل الإشهاد على سائر الحقوق ( ).

هذا الخلاف الرائج في الفقه الإسلامي حول الإشهاد على الرجعة نجد تطبيقاته في العمل القضائي المغربي، بحيث إن المجلس الأعلى باعتباره أعلى جهة قضائية ببلادنا لم يستقر على موقف موحد بخصوص هذا الموضوع كما تؤكد ذلك بعض قراراته، حيث نجده تارة يتبنى الرأي القائل بوجوب الإشهاد على الرجعة بقضائـه: » .

.

.

و أن إعلام العدل السيد الفاسي للمطلوبة برجعتها و سكوتها على ذلك، نعم أن ذلك على فرض ثبوته لا يفيـد مادام لم يتـم ذلك بحضور عدلي الإشهاد بالرجعـة، لأن الرجعة كالنكاح لا تثبت إلا بعدلين « ( )، و تارة أخرى يأخذ برأي الإمام مالك القاضي بعدم وجوب ذلك كما جاء في قراره : » بمقتضى المادة 68 من المدونة فإن الزوج من الطلاق الرجعي أن يراجع مطلقته بدون صداق و لا ولي أثناء العـدة، وبذلك فلمحكمة عندما ثبت لديهـا إرجاع الطاعن من خلال الوثائـق و سلطتها التقديرية لزوجته إلى بيت الزوجية، لم تكن في حاجة إلى التأكد من رسم الرجوع، لأنه كما ذهب إليه جمهور المالكية لا تجب الشهادة في الرجعة و إنما تستحب، و لذلك لم تخرق الفصل 5 من مدونة الأحوال الشخصية الذي لا موجب لتطبيقه، لأنه يتعلق بحالة إرجاع الزوج لزوجته المطلقة«( ).

ولتجاوز هذا الخلاف نص المشرع في مدونة الأسرة على وجوب الإشهاد على الرجعة و إخضاعها لرقابة القضاء ، ضمانا لحقوق الزوجين و تفاديا لأي نزاع مستقبلي بينهما، بحيث إن الزوج وفقا للمادة 124 إذا رغب في إرجاع زوجته المطلقة طلاقا رجعيا عليه أن يشهد على ذلك عدلين يقومان بإخطار القاضي بذلك، و قبل خطاب هذا الأخير على وثيقة الرجعة يجب عليه استدعاء الزوجة المطلقة لإخبارها بما ينوي الزوج فعله لمعرفة موقفها، فإذا وافقت على الرجوع إلي بيت الزوجية فلا إشكال يطرح، أما إذا امتنعت و رفضت و أصرت على ذلك فإن القانون خولها حق اللجوء إلى طلب تطبيق مسطرة الشقاق، قصد تسويـة هذا النـزاع و ضمان كافة حقوقها الشرعية و القانونية.

وإخضاع الرجعة لهذه الإجراءات القانونية التي يشرف عليها القضاء، لا يعني إفراغها من غايتها الشرعية بقدر ما يعتبر ذلك استجابـة للحاجة الملحة التي أصبحت تفرض ضبط العلاقات الأسرية بالتوثيق، حماية لحقوق أفراد الأسرة و توخيا للعدل والمساواة و المعاشرة بالمعروف، كضوابط حرص المشرع على ضرورة مراعاتها في كل ما يتعلق بتطبيق مدونة الأسرة.

وهكذا يتضح من خلال دراستنا لهذه المبررات المتعلقة بتطبيق مسطرة الشقـاق، أن المشرع المغربي توخى من خلالها معالجة أوضاع محددة و معقدة تنم عن وجود صعوبات حقيقية تواجهها الأسرة نتيجة النزاع القائم بين الزوجين، و الذي إذا لم يتم سويته قضائيا وفق إجراءات قانونية ستكون له لا محالة نتائج سلبية على أفرادها و على المجتمع برمته.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0