ورش الحماية الاجتماعية بالمغرب واقع و أفاق
معيقات تنزيل ورش الحماية الاجتماعية بالمغرب و افق هذا التنزيل
رابط التحميل اسفل المقال :
_______________________
تحولا مهما عندما بدا واضحا أن مفاهيم كالديمقراطية وحقوق الإنسان والطبقة الاجتماعية قد عوضت نظريا مفاهيم أخرى كانت أساس الهوية القومية للدولة المركزية الملكية، وتزايد منسوب هذا التحول بفعل الدفعة النظرية القوية التي ساهم بها التحليل الماركسي للنموذج البرجوازي لشكل و مضمون الدولة الحديثة".
وتسمي الدولة بصفة الدولة الاجتماعية " عندما تقوم بتأمين وتقديم مجموعة من الخدمات الاجتماعية في شكل مساعدات أو مد يد العون للفئات الضعيفة داخل المجتمع، هذا ويقوم مبدأ "الدولة الاجتماعية "على كفالة الحقوق الاجتماعية للأفراد مؤطرة ببنود العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمعاهدات الأخرى، بحيث يقابل كل حق من تلك الحقوق التزامات معينة من جانب الدولة، ولو أن هذا المطمح حقيقة سبق وأن سعت إليه مجموعة من الفعاليات والقوى الوطنية خلال السنوات التي أعقبت مباشرة رفع الحماية على المملكة المغربية".
ومما لا شك فيه أن المغرب على غرار باقي الدول النامية المقارنة، بدأ يفكر في التأسيس لبناء صرح الدولة الاجتماعية التي تضطلع أساسا بالعناية بمجموعة من الحقوق التي لم يعد مقبولا عدم توفيرها للمواطنين في الوقت الراهن، ومن هذه الحقوق أساسا ما يتعلق بالصحة العمومية والتأمين بشتى أنواعه والتقاعد ودعم الفئات الهشة ... وغيرها من المجالات التي تبقى على صلة مباشرة بالمواطن.
وفي ظل الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي يعيشها المجتمع المغربي، خاصة ما خلفته الجائحة، وما قد يترتب من تداعيات عن الأحداث والتطورات التي يعيشها العالم اليوم؛ خاصة الحرب الروسية الأوكرانية، تبقى الحكومة المغربية مطالبة بترجمة ما تعهدت به بخصوص إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية، من خلال بناء منظومة أكثر فعالية مندمجة ومنسجمة ومتسمة بالنجاعة والفعالية؛ فجميع مؤسسات الدولة، وكل الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين والسياسيين مطالبون بتحمل مسؤولياتهم والقيام بأدوارهم عبر الاهتمام والبحث عن حلول استعجالية"، يتم من خلالها تنفيذ مخططات اجتماعية وفق مقاربة تشاركية توافقية لنجاح هذا الورش الوطني للحماية الاجتماعية. وهكذا تعتبر الحماية الاجتماعية حقا أساسيا من حقوق الإنسان تؤكدها الشرعة الدولية وباقي المواثيق الرسمية والإعلانات العالمية حول حقوق الإنسان، والتي تتمحور في مجملها على ضمان "كرامة الإنسان والحرية".
ويحيل مفهوم الحماية الاجتماعية في الوثائق الرسمية على مجموعة من التدابير، القائمة على التأمين والتضامن الهادفة إلى تحقيق الضمان الاجتماعي وتقديم المساعدة، ارتكازاً على المساهمات أو دون الارتكاز عليه، من أجل ضمان القدرة على توفير الرعاية والدخل لجميع الأشخاص وعلى مدى جميع مراحل حياتهم . كما ينظر إليها بوصفها حق من حقوق الإنسان، باعتبارها مجموعة من السياسات والبرامج التي تهدف إلى الحد من الفقر والهشاشة طوال دورة الحياة، وتشمل الإعانة للأطفال والأسر ، حماية الأمومة، مساعدة العاطلين عن العمل، الإعانات في حالة وقوع حادث في العمل والأمراض المهنية، الإعانة في حال المرض الحماية الصحية، إعانات الشيخوخة، الإعانات في حالة العجز ...
ويؤرخ لهذا الموضوع مع بداية الألفية، حيث سلكت الدولة المغربية مسارا جديدا يسعى إلى تحقيق نوع من التكامل بين الضمان الاجتماعي والمساعدة الاجتماعية، فبالنسبة للضمان الاجتماعي تم وضع مدونة الشغل في 2003، ومدونة التغطية الصحية الأساسية التي أحدث بموجبها نظام المساعدة الطبية الفائدة المعوزين والذي تم تجربته بجهة تادلة أزيلال في 2008، تم تعميمه سنة 2012 على باقي الجهات هذا المسار تم تعزيزه في دستور 2011 الذي أكد على دور الدولة في تيسير استفادة جميع المواطنين من الحق في الحماية الاجتماعية. وكذلك توقيع المغرب على أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2015 كالتزام مشترك بين الدول لتعميم الحماية الاجتماعية الفائدة الجميع في أفق 2030، أما بخصوص المساعدة الاجتماعية تم إحداث وكالة التنمية الاجتماعية ومؤسسة محمد الخامس للتضامن سنة 1999، وإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2005 التحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للفئات الهشة بالمغرب. ونظام المساعدة الطبية، وبرنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، وبرامج دعم تمدرس الأطفال مثل برنامج تیسیر» و «برنامج دعم الأرامل». وقد مكنت هذه البرامج، على اختلاف أشكالها، من التقليص من نسبة الفقر والهشاشة والهدر المدرسي، ومن ولوج فئة واسعة من المواطنات والمواطنين إلى الخدمات الأساسية.
ومن أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية، وترسيخ دعائم الدولة الاجتماعية، شكل القانون الإطار رقم 09.21 الصادر في 22 شعبان 1442 (5) أبريل (2021 المتعلق بالحماية الاجتماعية، مرحلة أساسية في تنفيذ توجهات الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان في أكتوبر 2020
التي تنص على تعميم التغطية الاجتماعية لقائدة جميع المواطنات والمواطنين المغاربة بحلول عام 2025. وبالتالي تنزيل مختلف مكونات الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية. وعلى هذا الأساس فإن منظومة الحماية الاجتماعية تستوجب قناعات رسمية ومؤسسية، تعكسها
سياسات اجتماعية واقتصادية واضحة، المحاربة الفقر وآثاره النفسية والاجتماعية، وضمان تغطية صحية شاملة، وتوفير فرص العمل وشروطه العادلة، وهو السياق الذي بإمكانه أن يساهم في تحقيق نمو اقتصادي مهم، ويعزز لحمة المجتمع وقوة أنساقه، وغير هذه الأرضية فإن الدولة تفتح مصراعيها على اختيارات وخيمة العواقب، لأن الحماية الاجتماعية التي نعنيها هي الركيزة الأساس لأي عقد اجتماعي يروم إنصاف المواطنين وضمان حقوقهم و احترام كرامتهم ، وبالتالي تحقيق البعد الاجتماعي للدولة الرامي إلى خلق البيئة المناسبة لعيش حياة سليمة يتمتع فيها كافة الأفراد بحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية وغيرها على حد سواء.
بناء على ما سبق، فتحقيق الحماية الاجتماعية يتطلب فعلا مقاربة شمولية مركبة تستحضر الأبعاد السياسية والاجتماعية والمجالية والثقافية والحقوقية والاقتصادية لبلورة تصور واضح يحمي تماسك المجتمع ويعزز فرص الاندماج الاجتماعي لمكوناته، ويؤسس حقيقة لنموذج تنموي ناجع، يجعل المواطن أحد أهم مرتكزاتها لخلق الاستقرار.
--------------------
رابط التحميل :
https://drive.google.com/file/d/1AsrdRPU3BP0clInvzjVOm1eTQiWpAdlQ/view?usp=drivesdk