التقادم الجنائي فكرة قانونية نجد تطبيقاتيا في معظم القوانين، فقد وجد ىذا النظام منذ القدم في تشريعات الدول بمختمف أنظمتيا القانونية و السياسية، ونظام الحكم فييا، ومنيا التشريع الجزائري. يعرف التقادم الجنائي بأنو تمك الوسيمة لمتخمص من أثار الجريمة أو من الادانة الجنائية بتأثير مر ور الزمن، وىو يمثل وسيمة انقضاء الحق في تنفيذ الحكم الجنائي الصادر بالادانة، فالتقادم يؤدي إلى سقوط حق الدولة في مالحقة الجاني إما بانقضاء حقيا في محاكمتو، واما بسقوط حقيا في توقيع العقاب عميو .
فالتقادم الجنائي ىو سبب من أسباب سقوط الدعوى العمومية، وسقوط الحق في تنفيذ العقوبة بمضي المدة . وتقادم الدعوى العمومية يختمف عن تقادم العقوبة، فمن حيث النطاق يتحدد نطاق التقادم بالنسبة لمدعوى في الفترة السابقة عمى صدور الحكم النيائي في موضوعيا، أما بالنسبة لتقادم العقوبة فال يكونالافي الفترة الالحقة عمى صدور الحكم ، كما يختمفان كذلك من حيث المدة فالعادة أن يجعل المشرع مدة تقادم العقوبة أطول من مدة تقادم الدعوى العمومية، وما يبر ر ىذا ىو أن الحكم الصادر بالعقوبة يفترض فيو أن حق الدولة في العقاب قد تأكد وثبت عمى نحو لا يثور فيو أي شك، أما الدعو ى ففييا لم يتأكد بعد يقينا حق الدولة في العقاب، إذ يمكن أن تسفر المحاكمة عن براءة المتيم .
إن معالجتنا لموضوع التقادم يرجع لأىميتو وتأثيره عمى سير الدعوى العمومية وتنفيذ العقوبة، إذ يمكن أن يؤدي عدم التمكن أو عدم فيم أحكام التقادم إلى الحكم بتقادم الدعوى تأسيسا عمى مرور المدة دون التطبيق السميم لمقانون، كما أنو قد يؤدي ذلك إلى الحكم بعقوبة لمن تقرر التقادم لمصمحتو. كما قد ينجر عن إطالة أمد النزاعات إحداث اضطرابات في المجتمع، و ىذا مالا تقتضيو مصمحة الدولة، لذلك تم تقرير نظام التقادم بيدف تحقيق الاستقرار القانوني. إن اليدف من دراستنا لموضوع التقادم الجنائي ىو معرفة أحكامو التي نظميا المشرع الجزائري في عدة نصوص قانونية، بالاضافة إلى تمك الاحكام التي لم ينص عمييا، كون موضوع التقادم الجنائي موضوع جديد بكر في الدراسات والبحوث خاصة منيا العربية.
وبما أن المشرع الجزائري نص عمى التقادم الجنائي بشقيو) تقادم الدعوى العمومية، وتقادم العقوبة( و كون ىذا الاخير تعمق الامر بأساسو ً يطرح عدة إشكالات و استفسا ارت سواء المحل الذي يرد عميو، وكيفية حساب مواعيده، و الاسباب القاطعة والواقفة لو، واآلثار المترتبة عميو وىذا ما يجعمنا نتساءل: ما مدى نجاعة السياسة الجنائية لممشرع الجزائري في تأطيره لنظام التقادم الجنائي؟ ولمعالجة موضوع التقادم الجنائي في القانون الجزائري، ارتأينا استعمال المنيج الاستقرائي في أداة من أدواتو وىو التحميل، من خلال البحث فيما استقر عميو القانون و القضاء من مبادئ و أحكام، وذلك من خلال تحميل المواد القانونية، والقرارات القضائية، كما استعنا بمنيج المقارنة لنبين النقاط التي كانت محل خالف بين الانظمة القانونية، و لتطرق كذلك لبعض أحكام التقادم التي لم ينص عمييا المشرع الجزائري عمى خالف التشريعات الاخرى، وىذا وفق خطة ثنائية، نتناول في الفصل الاول تقادم الدعوى العمومية وذلك بدراسة نطاق تقادميا أي العقوبات الخاضعة لمتقادم و المستثناة من التقادم ) المبحث 3 الاول(، كما سنتناول فيو أجال تقادم الدعوى العمومية وذلك بتحديدىا وتبيان كيفية سريانيا بالاضافة إلى اآلثار المترتبة عمى انتياءىا والعوارض التي يمكن أن تصيب سريانيا) المبحث الثاني(؛ أما الفصل الثاني فقد خصصناه لمعالجة تقادم العقوبة وذلك من خلال التطرق إلى العقوبات الخاضعة لمتقادم و الاستثناءات الواردة عمى تقادم العقوبة) المبحث الاول(، بالاضافة إلى تحديد أجال تقادم العقوبة وبداية سريانيا واآلثار المترتبة عمى انتياءىا، مع ذكر العوارض التي تصيب سريان ىذه اآلجال) المبحث الثاني(.