عرض بعنوان الزواج المختلط
عروض في قانون الأسرة

مقدمة:
تعد رابطة الزواج من أسمى الروابط وأقدسها، إذ به تتوطد صالت الرحمة والمودة وصالت السكن والقرار ً ، ورابطة الزوجية هي الاساس التي تستمد منها الاسرة مشروعيتها وهذا ما أقره المشرع المغربي في الفصل 23 من الدستور المغربي أن الاسرة القائمة على عالقة الزواج الشرعي هي الخلية الاساسية للمجتمع.وقد عمل المشرع المغربي على وضع ترسانة قانونية تهدف لتأطير الاسرة عند بنائها وحال انحاللها ومايترتب عن ذلك...
ونظرا لالنفتاح الذي يعرفه المغرب فقد بدت رغبة الاف ارد في إنشاء أسر يكون فيها للطرف الثاني جنسية مختلفة، وهذا الوضع الجديد أثار العديد من الاشكالات خاصة في شأن تنازع القوانين. ويعد الزواج المختلط من أهم مسائل الاحولا الشخصية قاطبة ومن أفسح الروابط العائلية مجالا لتنازع القوانين، وهذا نظر ا العتبارات دينية وخلقية يقوم عليها، ونظرا الختالف نضرة المجتمع إليه ولتدخل القاضي عن طريق التكييف وحكمه فيما يعتبر زواجا وما هو خارج عنه. ويقصد بالزواج المختلط، كل زواج يبرم بالمغرب أو بالخارج بين شخص يحمل الجنسية المغربية وشخص آخر يحمل جنسية دولة أجنبية ومن ذلك زواج مغربي مسلم بفرنسية مسيحية أو زواج مغربية مسلمة من سعودي مسلم .
وقد كان الزواج المختلط إحدى الروافد التي تتالقح فيه الحضارات وتتصادم فيما بينها وباعتباره النموذج الامثل للعالقات الدولية الخاصة والميدان الخصب لتنازع القوانين بين أنظمة قانونية علمانية وأنظمة قانونية إسالمية، وأمام ازدياد التعالم بين الدول وتعذر بقاء المجتمعات الوطنية في معزل عن بعضها البعض من الناحية الاقتصادية والاجتماعية فقد أدى ذلك الى بروز ثقافة من نوع خاص ثقافة مجتمع دولي تعرف العالقات بين عناصره نوعا من الانسجام والتكامل، الذي يؤدي بحكم تداخل المصالح وتصادم الرغبات الى البحث عن نظام يكفل تطبيق مقتضيات القوانين الاجنبية على الافراد بناء على نسق قانوني يعتمد على مجموعة من المفاهيم المرتبطة بقواعد تنازع القوانين بحيث لا يتأتى للقضاء الوطني الوصول للحلول الوضعية المقررة لمعالجة النزاعات الخاصة الدولية الاإذا كان يتوفر على قاعدة إسناد تعين بالنسبة لكل مجموعة من الروابط القانونية المتوفرة على عنصر أجنبي القانون الواجب تطبيقه غير أن الامر ليس بهذه البساطة لأن الانظمة القانونية غير موحدة في جميع الدول.
أمام هذا الوضع راهن المشرع المغربي على قواعد الاسناد المنصوص عليها في قوانين بعض بلدان أوربا الغربية والتي تسن الاختصاص في مجال الاحولا الشخصية للقانون الوطني للشخص انطالقا من المبدأ المعمول به دوليا في هذا الصدد، وهو مبدأ شخصية القوانين، وذلك لضمان تطبيق القانون المغربي للأحولا الشخصية على الجالية المغربية والحفاظ من ثم على النظام القانوني الذي يحكم الاسرة المغربية غير أن صعوبة التوفيق بين نظام إسالمي وآخر الئكي دفعت القضاء الاجنبي إلى استبعاد الكثير من المؤسسات الاسلامية العتبارها مخالفة لنظامه العام الذي يقوم على مبادئ العلمانية والحرية والمساواة كما ان القاضي المغربي بدوره اليتردد في رفض مفاهيم ومؤسسات القانون الاجنبي العتبارها مخافة للنظام العام المغربي وفي خضم هذا التنازع بين القوانين عمل المشرع المغربي على وضع است ارتيجية على المستوى القانوني تأخذ بعين الاعتبار التحوالت التي تعرفها الاسر المغربية وما التزم به في الاتفاقيات الدولية خاصة ما يتعلق بحقوق الانسان،
ووعيا من المشرع المغربي أيضا بتحسين وضعية الجالية المغربية بالخارج فإنه حاول إيجاد تشريع يزاوج بين روح الانفتاح والتسامح وبين التأكيد على التشبت بجذور الاصالة المستمدة روافدها منالاسلام كمصدر تشريعي لا محيد عنه خالفا لما كان عليه الوضع في عهد الحماية والى غاية صدور ظهير 13 أبريل 1913،حيث كانت المحاكم الفرنسية بالمغرب منذ ظهير 13 غشت 1913 بشأن التنظيم القضائي هي المختصة وحدها بالنظر في النزاعات المتصلة بالزواج المختلط احترام القانون الوطني لكل من الزوجين فإن المحاكم الفرنسية آنذاك درجت على إق ارر صحة الزواج الذي يبرم بين مغربية مسلمة وفرنسي مسيحي إذ بالرغم من أن ظهير 13 غشت 1913 ينص على أن الحق في إبرام عقد الزواج يقتضي ثم بعد ذلك صدر ظهير 4 مارس 1960 الذي أعاد الاعتبار للنظام العام 4 الدولي المغربي ، فلتحقيق التوافق بين الانفتاح والتشبث بالمبادئالاسلامية تم إصدار قانون 12.31 الذي يهم تنظيم قانون الاسرة المغربية ، فنظم وضعية الاسرة المغربية بالداخل و الخارج وذلك بمقتضى المادة الثانية من مدونة الاسرة: تسري أحكام هذه المدونة: 9 -جميع المغاربة ولو كانوا حالمين لجنسية أخرى..2-العالقات التي يكون فيها أحد الطرفين مغربيا.
وبذلك يكون المشرع المغربي قد نص على أحكام جديدة تهم الزواج المختلط، لكن رغم ذلك فإن إشكالية تنازع القوانين دفعت بالمشرع المغربي إلى إبرام اتفاقيات ثنائية أو جماعية كوسيلة ناجعة للتخفيف من حجم الن ازعات، المثارة بشأن القانون الواجب التطبيق وتعد الاتفاقية المغربية الفرنسية بشأن حالة الاشخاص والاسرة والتعاون القضائي ل 13 غشت 1913 كنموذج التفاقيات التي عقدها المغرب مع إحدى الدول الغربية.
وتكمن أهمية الموضوع في كون الزواج من أهم الروابط التي تحدد مركز الشخص من أسرته ونظرا أيضا للتزايد المستمر لأفراد الجالية المغربية بالخارج مما دعى المشرع المغربي للتدخل لمعالجة قضاياهم والحد من القصور القانوني
من هنا يمكن طرح التساؤل التالي: الى أي حد استطاعت مدونة الاسرة المغربية في شكلها الحالي من تخطي العقبات والحواجز القانونية والقضائية التي تضعها دول الاستقبال في وجه تطبيق القانون الوطني على افراد الجالية المغربية بالخارج ؟ سيما في ظل التحوالت التي تعرفها الانظمة القانونية الاسرية المغربية ان على مستوى تطور ضابط الاسناد او على مستوى تكريس مفاهيم الحرية والمساواة في صلب القواعد المنظمة للروابط الاسرية التي اضحت تشكل جزءا من النظام العام الاوربي؟ ولالجابة عن هذا التساؤل اعتمدنا التصميم التالي: المبحث الاول: الاحكام المتعلقة بانعقاد الزواج المختلط المبحث الثاني: الاشكاليات المترتبة عن الزواج المختلط