عرض بعنوان انحلال ميثاق الزوجية
عروض في قانون الأسرة

مقدمة :
لقد اھتم الشارع الحكیم بالزواج اھتماما كبیرا، وحفھ بمقاصد وأحكام شرعیة حكیمة تكریما للإنسان وتحصینا للأسرة التي تعتبر اللبنة الأولى للمجتمع، واعتبره میثاقا غلیظا ورباطا متینا بین الزوجین على وجھ الدوام، بحیث لا ینبغي اللجوء إلى حلھ بالطلاق أو التطلیق إلا استثناءا، وفي حدود الأخذ بقاعدة أخف الضررین، لما في ذلك من تفكیك الأسرة وإضرار الأطفال طبقا للمادة 70 من مدونة الأسرة. ویقصد بانحلال میثاق الزوجیة، حل عقد الزواج بالوفاة أو الفسخ أو الطلاق أو التطلیق أو الخلع، أما المساطر فیقصد بھا عموما كافة القواعد القانونیة التي تھم تنظیم الدعوى عبر كافة المراحل التي تقطعھا، حیث تعنى ھذه القواعد بتحدید الشروط الضروریة لممارسة الدعوى وكیفیة رفعھا والإطار العام للمراحل التي تقطعھا إلى غایة إصدار المحكمة لحكم قضائي في النزاع. وقد عرفت مسطرة انحلال الزوجیة عدة تغییرات وتعدیلات منذ صدور مدونة الأحولا الشخصیة بتاریخ 22 نونبر 1957 ،لما عرفتھ الدعاوى المقدمة في إطار مدونة الأحولا الشخصیة من مشاكل لعقود عدة، كان یزید من حدتھا غیاب قواعد إجرائیة خاصة بھذه القضایا وإسناد مھمة الفصل فیھا إلى القضاء الفردي الذي كان یؤثر في بعض الأحیان سلبا على استقرار كیان الأسرة وعدم تحقیق النجاعة والسرعة في البت والتسھیل على المتقاضین.
وفي إطار مراجعة التنظیم القضائي من خلال ظھیر 15 یولیوز 1974 ،تم تخویل المحكمة الابتدائیة، مھمة النظر والبت في قضایا الأحولا الشخصیة والمیراث وفق نظام الغرف. ولما لم یحقق ھذا المستجد غایتھ، تم إجراء مجموعة من التعدیلات على مدونة الأحولا الشخصیة بتاریخ 10/09/1993 ،لكنھا لم تأتي بأي جدید على المستوى المسطري والشكلي ما عدا تقیید الطلاق بضرورة الحصول على الإذن من قاضي التوثیق. وقبل صدور في مدونة الأسرة سنة 2004 عرف المغرب تجاذبات اجتماعیة وسیاسیة جعلت مجموعة من الأحزاب السیاسیة وكذا جمعیات ومنظمات نسائیة تمارس ضغوطات على الدولة من أجل الالتزام بالاتفاقیات الدولیة وإعادة النظر في مدونة الأحولا الشخصیة بسبب عدم تحقیق المساواة بین الرجل والمرأة، والحیف الذي طال المرأة حسب زعمھا. وتضمنت مدونة الأسرة مجموعة من المقتضیات خصوصا الإجرائیة والمسطریة منھا التي أطرت دعاوى انحلال میثاق الزوجیة، تلتھا بعد ذلك تعدیلات مواكبة في بعض فصول المسطرة المدنیة المتعلقة بقضایا الطلاق والتطلیق.
وتتمیز الإجراءات والمساطر الخاصة بانحلال میثاق الزوجیة بعدة خصوصیات تشریعیة في القضایا الأسریة، تتجلى في جعل دعاوى الطلاق والتطلیق تحت رقابة القضاء، وكون مسطرة الصلح من النظام العام، ناھیك عن خصوصیات أخرى كإجراءات التبلیغ. وفي ھذا الإطار یأتي ھذا البحث المتواضع لإبراز ھذه الخصوصیات المسطریة الخاصة بدعاوى الطلاق والتطلیق.
وتتجلى أھمیة ھذا الموضوع في خصوصیات المساطر المتعلقة بانحلال میثاق الزوجیة على مستوى المقتضیات القانونیة ومدى تفعیلھا من الناحیة العملیة والقضائیة وكدا من خلال الممارسة الفعلیة من طرف المتقاضین. ومن خلال ما تقدم وللإحاطة بالموضوع قدر المستطاع، سنحاول الإجابة على التساؤلات التالیة: ما ھي الخصوصیات التي تمیز مسطرة الطلاق والتطلیق؟ وإلى أي حد یتفاعل القضاء الأسري مع ھذه الخصوصیات المسطریة المتعلقة بدعاوى الطلاق والتطلیق قصد تنزیلھا تنزیلا سلیما؟ للإجابة عن ھذه التساؤلات ارتأینا تقسیم الموضوع الى مبحثین:
المبحث الأول: قواعد الاختصاص وشروط إقامة دعوى الطلاق والتطليق
المبحث الثاني: الإجراءات المسطرية أثناء سير الدعوى إلى حين إصدار الحكم