عرض بعنوان السياسة العقابية و الوقائية للدولة
إن الجريمة ظاهرة اجتماعية ارتبطت بالإنسان وعرفت منذ وجوده، وتطورت وتعقدت أشكالها وتنوعت مناهجها ووسائلها مع تقدم المجتمعات وتطورها، ونظرا لما تخلفه هذه الظاهرة من أضرار على الدول بصفة عامة كانت ولا تزال محل اهتمام العديد من الباحثين والدارسين ورجال القانون سعيا منهم في معالجتها والقضاء عليها.
رابط تحميل العرض اسفل التقديم
___________________________
مقدمة
إن الجريمة ظاهرة اجتماعية ارتبطت بالإنسان وعرفت منذ وجوده، وتطورت وتعقدت أشكالها وتنوعت مناهجها ووسائلها مع تقدم المجتمعات وتطورها، ونظرا لما تخلفه هذه الظاهرة من أضرار على الدول بصفة عامة كانت ولا تزال محل اهتمام العديد من الباحثين والدارسين ورجال القانون سعيا منهم في معالجتها والقضاء عليها.
فوضعت لها في بداية الأمر عقوبات كان هدفها الانتقام للجماعة من المحرم فاختلفت اساليب هذا الانتقام بين القتل والتعذيب والنفي، بل تعدت حتى إلى أهل المذنب وقبيلته فكانت تقام الحروب بين القبائل وتباد عن آخرها بسبب ذنب ارتكبه أحد أفرادها، ومع تطور المجتمعات بدأت تتغير النظرة للحريمة وتحولت إلى الاهتمام بالجاني وطرق المعاملة معه، فظهرت أفكار جديدة لعل أهمها كان تفريد العقوبة وشخصية العقوبة وكذا المسؤولية الجنائية ... مشكلة فيما بينها ما يعرف بالسياسة الجنائية .
بالرغم من أن مدلول السياسة الجنائية ليس من الوضوح الكافي حتى نتيين أبعاده لأول وهلة إلا أنه يمكن القول بأنه لا يكفي لمعالجة مشكلة الجريمة تحديد ماهيتها ورد الفعل المترتب عليها وبيان وسائل منعها ما لم تعرف بادئ الأمر ما هي الخطة التي تعالج على أساسها هذه المشكلة، وبدون معرفة الخطة سوف تتم معالجة مشكلة الجريمة في صورة ارتحانية ووفقا لحلول متنافرة لا ترتبط ببعضها بوثاق متينيوحدها جميعا نحو أصل واحد.
وقد أثار تحديد السياسة الجنائية العديد من المشكلات التي تحيط عادة بكل عمل علمي يهدف إلى البحث عن الحقيقة، حيث ظهر مفهومها لأول مرة في أواخر القرن 17 على يد الفقيه الألماني فيورياح والذي عرفها: " مجموع الوسائل التي يمكن اتخاذها في وقت محدد في بلد معين من أجل مكافحة الإحرام فيه"، في حين اعتبر مارك أنسل أن الهدف من السياسة الجنائية هو الوصول إلى أفضل صياغة القواعد القانون الجنائي الوضعي وتوحيه كل من المشرع الذي يسن القانون والقاضي الذي يقوم بتطبيقة والمؤسسات العقابية المكلفة بتنفيذ ما يقضي به القاضي.
وتعتبر السياسة العقابية بالإضافة إلى السياسة الوقائية فرع من فروع السياسة الجنائية، حيث تحتم الأولى بتنفيذ جزء محدد من السياسة الجنائية والمرتبط أساسا بالقانون الجنائي والمسطرة الجنائية باعتبارهما آليتين محوريتين في تحديد ردود الفعل التجاه الجريمة، وهي أيضا السياسة العقابية التنمة المنطقية الدراسة النظرية العامة للحريمة إذ بدون جريمة لا مجال للحديث عن الجزاء الجنائي، وهي أيضا مجموعة من التصورات والتوجهات العقابية التي تراها الدولة مناسبة في فترة زمنية محددة لمكافحة الجريمة ومعاقبة مرتكبيها، حيث يتم تحديدها وصياغتها في نصوص وقواعد قانونية من طرف السلطة التشريعية على أن يتم تطبيقها وتنفيذها من طرف المؤسسات القضائية والإدارية المختصة بذلك.
وقد مرت السياسة العقابية بالمغرب بمجموعة من الأحداث والوقائع، فالمغرب قبل 1913 لم يكن يعرف تقنينا جنائيا بالمفهوم الوضعي وإنما كانت أحكام الشريعة الإسلامية في الحدود التعازير والقصاص هي القائمة آنذاك. لكن بعد فرض الحماية على المغرب بدأت موجات التغيير تلامس النظام الجنائي القائم حيث صدر ظهير 12 غشت 1913 يأمر بتطبيق القانون الجنائي والمسطرة الجنائية الفرنسيين أمام المحاكم التي أقامتها فرنسا بالمغرب على الأشخاص الخاضعين إلى اختصاص هذه المحاكم، وبعد حصول المغرب على الاستقلال، انطلقت المجهودات لتوحيد التشريع المغربي، قتم إصدار القانون الجنائي في 26 نونبر 1962 والذي تأثر فيه المشرع المغربي بمحتويات النصوص الجنائية المقارنة وخاصة القانون الجنائي الفرنسي، والذي تضمن مجموعة من الآليات العقابية الجديدة، كما استفاد واضعو القانون الجنائي من الدراسات الحديثة في مجال العدالة الجنائية وعلوم الإجرام والعقاب في نهج سياسة عقابية حديثة تتلاءم مع خصوصيات المجتمع المعاصر.
في حين تعتبر السياسة الوقائية مجموعة من الطرق والوسائل والبرامج والاستراتيجيات التي تضعها الدولة للحيلولة دون وقوع الفعل الإحرامي بمشاركة الأفراد والخواص والجمعيات. وقد ظهرت السياسة الوقائية تقريبا في منتصف القرن الثامن عشر مع ظهور أفكار المدرسة التقليدية على يد مؤسسيها بيكاريا وبينتام
وهي أيضا كل إجراء أو تدابير 10 الجنائية 2013، ص يحول دون حدوثها تعريف فيلسون وكلارك).
واللذين طالبا بأن تكون للعقوبة أهداف محددة وصفات معينة حتى تحقق العدل والمساواة، حيث يتضح الفكر الوقائي في أفكارهما في محاولة الإقناع بأهمية الأهداف الوقائية المسبقة المترتبة من العقوبة إذا الصفت بالعدل والمساواة. ثم جاءت المدرسة الوضعية التي تعد بمثابة بداية علم الإجرام الحديث التي اعتمدت المنهج الوضعي في دراسة المحرم دراسة علمية منظمة، حيث توصلت إلى
.......
________________
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1DlhfLRhqQvrtT3xaj6DxJWKBVducoDmP/view?usp=drivesdk