معيار الخطأ الطبي في القانون المغربي
مجموعة بحوث وعروض في القانون الجنائي والمسؤولية الجنائية للطبيب
وعلى الرغم من وضوح هذا المعيار، فإنه أخذ عليه صعوبة تطبيقه، حيث يقتضي ذلك دراسة شاملة لشخصية الطبيب مرتكب الخطأ، وظروفه الخاصة وحالته العقلية والاجتماعية والصحية وكذلك الظروف المتصلة بجنسه وسنه، كما أن تطبيقه سوف يؤدي بالمسؤولية الجنائية للطبيب إلى اعتماد على مجموعة من اعتبارات الشخصية، ومن تم عدم قيامها عن الأخطاء الطبية.
أما المعيار الموضوعي، يرى أنصاره أنه يتم مقارنة الواقعة المعروضة بتصرف شخص مجرد يمثل الرجل العاقل المتبصر الذي يفترض أن يكون سلوكه منزها عن الخطأ ، وهو يمثل معيار الطبيب العادي الذي يبذل عناية الطبيب المتوسط الحيطة والحذر، والذي يوجد في الظروف الواقعية نفسها التي وجد فيها الطبيب، فإذا تبين من المقارنة بين ما صدر عن الطبيب مرتكب الخطأ، وبين ما يمكن أن يصدر عن الطبيب العادي في نفس الظروف، وانه لم يراعي الحيطة والحذر اعتبر مخطأ، أما إذا تبث أنه أتى القدر ذاته الذي يتقيد به الطبيب العادي الذي يتصرف في مواجهة الظروف نفسها فإنه يتعذر إسناد الخطأ إليه.
وبذلك، فإن تقدير الخطأ الطبي فإنه يعتمد على سلوك طبيب نموذجي، يكون من أوسط الأطباء خبرة، ومعرفة بالمجال الطبي والجراحي، ويعتبر هذا المعيار هو الراجح على مستوى الفقه والقضاء والتشريع.
في نفس السياق، نصت المادة 25 من قانون اتحادي الإماراتي المتعلق بمزاولة مهنة الطب البشري لسنة 1975 على أنه (لا يكون الطبيب مسؤولا عن النتيجة التي يصل إليها المريض، إذا تبين أنه بذل العناية اللازمة ولجأ إلى جميع الوسائل التي يتبعها الشخص المعتاد من أهل فنه في تشخيص المرض ووصف العلاج)(2) .
وطبقة القضاء في حكم صادر عن المحكمة الاتحادية العليا بأنه (.
.
.
ما كان له أن يتعامل مع الجرح بكثرة فتحه بناء على طلب الشاكي والانصياع إليه ودون أن يكون ذلك في غرفة معقمة، وكان عليه أن يمتنع ويعمل وفق توجهاته هو، وإلا فيكون قد قصر طبيا، وأخفق في مراعاة مستوى السلوك الذي كان الطبيب العادي قادرا على مراعاته فيقع تحت طائلة المسؤولية.
.
.
)(1) .
يستنتج من خلال ما سبق، أن المعيار الموضوعي الذي يطبقه القضاء يأخذ بعين الاعتبار سلوك الطبيب العادي في تقدير المسؤولية الجنائية للطبيب، كما أنه الطبيب يلتزم قانونا ببذل العناية اللازمة مع مراعاة الظروف الخارجية التي تحيط بالعمل، وهو ما ذهبت إليه محكمة الاتحادية في حكم لها حيث جاء فيه على ( أن الطبيب ملتزم قانونا ببذل العناية مع مراعاة الظروف الخارجية التي تحيط به مثل غموض الحالة أو وضوحها، وفي الجملة كافة ظروف الزمان والمكان.
.
.
)(2) .