إلزامية القيام بالصلح من طرف المحكمــة

التطليق للشقاق في القانون المغربي مجموعة مواضيع في قانون الأسرة للإستعانة بها في البحوث التحضير للمباريات القانونية

إلزامية القيام بالصلح من طرف المحكمــة
إن أهمية الصلح النظرية والعملية في تسوية النزاعات الزوجية من حيث مساهمته في تخفيف العبء عن القضاء و الخصوم، و تحقيق العدل و نشر السلم الاجتماعي بالمحافظة على استقرار الأسرة، دفعت المشرع من خلال المدونة الجديدة إلى إضفاء الطابع الإلزامي عليه، بحيث إن المحكمة ملزمة باللجوء إلى تفعيل إجراءاته بمجرد عرض النزاع عليها من طرف الزوجين أو أحدهما طبقا للمادة 94 التي تنص على أنه: » إذا طلب الزوجان أو أحدهما من المحكمة حل نزاع بينهما يخاف منه الشقاق وجب عليها أن تقوم بكل المحاولات لاصلاح ذات البين طبقا لأحكام المادة 82 أعلاه «.

وبذلك فإجراءات الصلح في دعاوي الشقاق مهمة وضرورية لكونها من متعلقات النظام العام، التي لا يجوز للمحكمة مخالفتها أو التغاضي عنها تحت طائلة بطلان الحكم الصادر في موضوع النزاع، لما في ذلك من مس بحق من حقوق الدفاع التي حرص المشرع على أن يمارس من طرف القضاء لمصلحة طرفـي النزاع، وهو ما أكده المجلس الأعلى في العديد من قراراته التي أصدرها في الموضوع، منها قراره الصادر بتاريخ 19 أبريل 1980 الذي جاء فيه: ».

.

.

أن إجراء التصالح من النظام العام.

.

.

«( ).

وإذا كان المشرع المغربي قد حسم في المرحلة التي يجب أن يجرى فيها الصلح بين الزوجين في دعاوي الشقاق، بعد إلغائه للطعن بالاستئناف في الأحكام الصادرة عن قضاء الأسرة، في جانبها القاضي بإنـهاء العلاقة الزوجية طبقـا للمادة 128 من المدونـة ( )، فإن تلك المرحلة أثارت خلافا فقهيا وقضائيا في ظل التطبيق القضائي لمدونة الأحوال الشخصية، حول مدى اقتصار إجراء الصلح بين الزوجين على المرحلة الابتدائية بعد إثارة دعوى التطليق، أم يجب القيام به حتى بعد الطعن في الحكم الصادر فيها بالاستئناف، حيث اقتضى حسمه تدخل المجلس الأعلى الذي قضى في بعض القرارات التي أصدرها بهذا الخصوص، أن الصلح باعتباره إجراء أوليا وجوهريا إضافة لتعلقه بالنظام العام، يجب تفعيل إجراءاته في جميع المراحل التي تمر منها الدعوى ابتدائيا و استئنافيا، كما يستفاد من القرار الصادر بتاريخ 12 غشت 1983 الذي جاء فيه: » حيث تبين صدق ما نعته الوسيلة على القرار المطعون فيه، ذلك أن الطاعن تمسك بهذا الدفع أما المحكمة الدرجة الثانية، فأجابت عنه بأن هذا الإجراء لا يكون ضروريا إلا عند عدم قيام الحجة على الضرر في حين أنه سواء في ذلك مدونة الأحوال الشخصية أو قانون المسطرة المدنية في فصله الثاني عشر بعد المائتين جعلا من محاولة الإصلاح بين الزوجين إجراء جوهريا تفتح به دعوى التطليق « ( ).

وفي معرض رده على هذا التوجه الذي نحاه المجلس الأعلى بشأن إجراء الصلح من طرف محكمة الاستئناف أشار الأستاذ أحمد الخمليشي أن الصلح مأمور به قبل المرافعات القضائية، لذلك إذا فشلت محاولاته في البداية و واصل الطرفإن إجراءات التقاضي إلى أن صدر الحكم في الدعوى، فلا تبقى فائدة في فرض الصلح من جهة على محكمة الاستئناف ( ).

ولأجل رقابة مدى احترام المحكمة المختصة لإجراءات الصلح، فإنها ملزمة قانونا بالإشارة إلى نتيجته في الأحكام التي صدرها بخصوص دعاوي الشقاق، لأن القضاة يعلنون معرفتهم للواقع و القانون في ورقة الحكم، ومن خلال هذا الإعلان تتحدد المبررات و الأسباب التي تحمل نتيجة أحكامهم، ذلك أن تسبيب الأحكام يعتبـر من القيود الأساسية المفروضة على سلطة المحكمة في تفعيلها لمسطرة الشقاق، خاصة فيما يتعلق بقيامها بمحاولة الصلح بين الزوجين بناء على إرادتهـم و رضاهم.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0