الذمة المالية في القانون
الذمة المالية
ويتضمن العنصر الايجابي، الحقوق المالية التي تكون للشخص، سواء أكانت هذه الحقوق عينية كملكية الأشياء ، أو شخصية كالديون التي تترتب لصاحبها لدى غيره من الأشخاص.
أما العنصر السلبي، فيتضمن الالتزامات المالية التي تترتب على الشخص كالالتزام مثلا بدفع مبلغ من المال أو القيام بعمل ما.
والذمة المالية ليست عبارة عن الرصيد بين عنصري الحقوق والالتزامات، وإنما هي عبارة عن مجموعهما معا، فهذه الحقوق والالتزامات تؤلف وحدة قائمة بذاتها أو مجموعة قانونية يطلق عليها اسم الذمة المالية.
ولا تقتصر الذمة المالية على الحقوق والالتزامات المالية العائدة للشخص في وقت من الأوقات فقط، بل تتضمن أيضا الحقوق والالتزامات المقبلة ، فالذمة أشبه بوعاء تنصب فيه الحقوق والالتزامات التي تتغير باستمرار فيزول بعضها، ويتغير بعضها، لكن من دون أن يؤثر ذلك على مفهوم الذمة المالية نفسها.
أولا- صلة الذمة المالية بالشخصية: ترتبط الذمة المالية بالشخصية ارتباطا وثيقا وتعد خاصة من خصائصها ومن أهم خصائص الذمة المالية ما يلي: - لا توجد الذمة المالية إلا تبعا لوجود الشخصية، وليس هنالك من ذمة مالية من دون شخص تتعلق به، وتعود إليه الحقوق والالتزامات التي تحويها.
- كما أنه لا يمكن وجود ذمة مالية من دون شخصية قانونية ترتبط بها وتعود إليها، فكذلك لا يمكن وجود شخصية قانونية من دون ذمة مالية تضم حقوقها والتزاماتها وتمثل الجانب المالي منها.
وفي الواقع لا بد لكل شخص من أن يتمتع حتما بالذمة المالية ، ولا يمكن انعدام هذه الذمة لدى أحد من الأشخاص.
فمن الناحية العملية نلاحظ أنه مهما قلت موارد الشخص وتناقصت الحقوق التي يتمتع بها أو الالتزامات التي تترتب عليه، لا بد له لاستمرار بقائه و وجوده من أن يكون له أو عليه بعض الحقوق أو الالتزامات.
وأما من الناحية النظرية، فلو فرضنا خلو الذمة المالية من الحقوق والالتزامات في فترة ما من حياة الشخص، فإنها لا تنعدم بانعدام هذه الحقوق والالتزامات لأن الذمة المالية لا تشمل الحقوق والالتزامات الموجودة فقط، بل تشتمل أيضا الحقوق والالتزامات المقبلة.
وإذا كان لا بد لكل شخص من ذمة مالية فإن هذه الذمة لا يجوز التنازل عنها بكاملها أو عن جزء شائع منها، وإن يكن من الممكن التنازل عن بعض أعيانها ومفرداتها أو عن جميع هذه الأعيان والمفردات دفعة واحدة، حيث يستطيع الشخص أن يتخلى عن جزء من الحقوق والالتزامات التي تحويها ذمته، أو عن جميع الحقوق والالتزامات القائمة في وقت من الأوقات من دون أن يكون قد تخلى عن ذمته لأنها تبقى قائمة بالرغم من خلوها من محتوياتها ومفرداتها.
ومن هنا يظهر أن الشخص لا يمكن أن يكون له خلال حياته إلا خلف خاص، أما بعد الوفاة فيمكن أن يكون له خلف خاص ( هو الذي يتلقى عن سلفه ملكية شيء معين مادي أو معنوي أو حقا عينيا على هذا الشيء) وخلف عام (هو الذي يخلف السلف في ذمته المالية أو في جزء شائع منها).
ولما كان لا يجوز التنازل عن الذمة المالية أو عن جزء شائع منها في أثناء حياة صاحبها، فإن الشخص لا يكون له خلال حياته خلف عام وإنما يكون له خلف خاص، كالمشتري الذي يعد خلفا خاصا للبائع في ملكية الشيء المبيع، أما بعد الوفاة فتتحدد الذمة المالية وتنقلب إلى تركة تؤول إلى مستحقيها من الورثة، والموصى لهم، فالوارث والموصى له بجزء شائع من التركة كالموصى له بربع التركة مثلا أو ثلثها، يعدان بمنزلة خلف عام للمورث لأنهما يخلفانه في ذمته المالية التي انقلبت إلى تركة أو في أجزاء شائعة منها، أما الموصى له بأعيان معينة من التركة فيعد خلفا خاصا للمتوفى، لأنه لا يخلفه في ذمته المالية، أو في جزء شائع منها وإنما يخلفه في بعض أعيانها ومفرداتها.
وكما أنه لا يمكن أن يكون الشخص بدون ذمة مالية أو بذمة مالية ناقصة فكذلك لا يمكن أن تكون له أكثر من ذمة مالية واحدة.
ثانيا- فوائد الذمة المالية : للذمة المالية عدة فوائد أهمها: - إن الديون والالتزامات التي تترتب على الشخص لا تتعلق بجزء من أمواله بل هي تتعلق بذمته كلها إذ تعد ضامنة لوفائها.
فديون الشخص أو التزاماته المالية التي تؤلف العنصر السلبي من ذمته إنما تكون مضمونة كلها بجميع أمواله التي تشكل العنصر الإيجابي في هذه الذمة، ولما كانت الذمة المالية للشخص تشمل أمواله جميعها، فإن حق الدائن في استيفاء دينه لا يقتصر على مال معين للمدين، وإنما هو يشمل أمواله جميعها أيا كان تاريخ ترتب ذلك الدين ، أو اكتساب هذه الأموال، كما يشاركه في هذا الحق جميع أصحاب الديون الأخرى.
- لما كانت الديون والالتزامات التي تترتب على الشخص تتعلق بذمته المالية لا بأعيانها ومفرداتها، فإن الشخص يستطيع أن يتصرف بأمواله كما يشاء من دون أن تحد ديونه من حريته في التصرف.
ثالثا- انقضاء الذمة المالية: تنقضي الذمة المالية بوفاة صاحبها التي تؤدي إلى انقضاء شخصيته القانونية، وبذلك تتحدد نهائيا أموال الشخص وديونه فتخصص هذه الأموال لوفاء ديون المتوفى أولا، ثم يوزع الفائض على الموصى لهم والورثة, أما إذا زادت ديون المتوفى على أمواله فتوزع على الدائنين بحسب نسبة ديونهم، ولا يتحمل الورثة بحسب الشريعة الإسلامية أيا من تلك الديون.