بحث بعنوان الخوارج والجماعات المعاصرة أوجه التشابه والاختلاف

فقد مرت الأمة الإسلامية في عصرها الحاضر وخصوصا في العقدين الأخيرين - بجملة من الأحداث والفتن أثرت على مسارها، وأعاقت حركتها، وعرضتها لفتن عديدة، كان من الممكن أن تتجنب الأمة ذلك كله بأن تتبع مسار تاريخها الفكري لأن فتن العصر الحاضر هي صورة متكررة لفتن العهد الأول، والقرآن الكريم حين يعرض آراء مخالفة ويرد عليها فإنما يتوجه الحديث إلى المسلمين جميعا عبر امتداد الزمان، وكما يقول ولي الله الدهلوي: "لا ينبغي أن يظن عند تلاوة القرآن الكريم أن جداله ومحاجته كانا مع أناس قد انتهوا وانقضوا، كلا بل إنه بحكم ما جاء في الحديث التتبعن سنن من كان قبلكم ليست هناك من فتنة في عهد الرسالة صلى الله على

بحث بعنوان الخوارج والجماعات المعاصرة أوجه التشابه والاختلاف

رابط التحميل بعد التقديم

_____________________

تقديم

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد

فقد مرت الأمة الإسلامية في عصرها الحاضر وخصوصا في العقدين الأخيرين - بجملة من الأحداث والفتن أثرت على مسارها، وأعاقت حركتها، وعرضتها لفتن عديدة، كان من الممكن أن تتجنب الأمة ذلك كله بأن تتبع مسار تاريخها الفكري لأن فتن العصر الحاضر هي صورة متكررة لفتن العهد الأول، والقرآن الكريم حين يعرض آراء مخالفة ويرد عليها فإنما يتوجه الحديث إلى المسلمين جميعا عبر امتداد الزمان، وكما يقول ولي الله الدهلوي: "لا ينبغي أن يظن عند تلاوة القرآن الكريم أن جداله ومحاجته كانا مع أناس قد انتهوا وانقضوا، كلا بل إنه بحكم ما جاء في الحديث التتبعن سنن من كان قبلكم ليست هناك من فتنة في عهد الرسالة صلى الله على

صاحبها وسلم إلا ولها نماذج وأمثلة في عصرنا هذا ). وعن سفيان الثوري قال: بلغني عن عمر أنه كتب إلى بعض عماله فقال: أوصيك بتقوى الله والاقتصاد في أمره، واتباع سنة رسوله، وترك ما أحدث المحدثون

بعده مما قد جرت سنته وكفو مؤنته، واعلم أنه لم يبتدع إنسان قط بدعة إلا قد مضى

قبلها ما هو دليل عليها وعبرة فيها (٢).

فإذا نظرنا في فتن العصر الحاضر التي ظهرت مع ظهور عدد من الجماعات

الإسلامية في المجتمع الإسلامي وجدنا أن بعض آراء هذه الجماعات إنما هي امتداد

الآراء سبقت ، وبعث الأفكار مضت ، واحياء التراث فرق بعينها .

وكثيرا ما ينسب بعض الكتاب والباحثين آراء الجماعات المعاصرة إلى فرقة الخوارج، ويرون أن هذه الجماعات ما هي إلا امتداد لهم، وبعث لأفكارهم من جديد، وأنهم صورة متكررة في التاريخ الإسلامي عبر العصور، في حين أن بعض الكتاب ينفى ذلك تماما.

والحق أنه لكي نحكم على الجماعات الإسلامية بأن آراءهم امتداد لآراء الخوارج فإن ذلك يتطلب منا أن ننظر في تلك الآراء، وأسباب نشأتها عند الفريقين، وما ترتب عليها من آثار، حتى يكون الحكم على بينة وبصيرة. ومن هنا كانت الحاجة ماسة إلى بيان مدى التوافق والاختلاف بين الخوارج والجماعات الإسلامية المعاصرة فكان هذا البحث بعنوان [ أوجه التشابه والاختلاف بين الخوارج وجماعات العنف المعاصرة، وقد قسمته إلى المباحث التالية:

. مدى صحة إطلاق لفظ الخوارج على جماعات العنف المعاصرة.

. أوجه التشابه والاختلاف في عوامل النشأة والبداية.

. أوجه التشابه والاختلاف في الآراء.

. أوجه التشابه والاختلاف في الآثار والنتائج.

. هل الجماعات المعاصرة امتداد لفرقة الخوارج

مع ملاحظة اعتناء البحث بالجماعات الإسلامية الموجودة في مصر أكثر من

غيرها نظرا لارتباط الباحث ومعايشته للواقع المصري.

والمأمول أن يصل البحث إلى نتيجة تبين مدى الارتباط بين الفرقة التاريخية المعروفة وبين عدد من الجماعات الإسلامية المعاصرة، ومحاولة أن يؤدى هذا الفهم

إلى بيان أفضل الطرق في التعامل مع هذه الجماعات.

أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وصل اللهم على محمد

وعلى آله وصحبه.

عبد التواب محمد محمد أحمد عثمان

__________________________

المبحث الأول

مدى صحة إطلاق لفظ الخوارج على جماعات العنف المعاصرة تتفاوت أنظار الباحثين ف المراد من إطلاق لفظ الخوارج، ويمكن حصر اتجاهين في المراد بالخوارج عند كتاب الفرق والمقالات:

فريق يحصر لفظ الخوارج في الإطلاق التاريخي على الفرقة المعروفة التي خرجت على الإمام على ، فيرون أن الخوارج الذين خرجوا على الإمام علي في حروراء ومن نشأ منهم بعد ذلك (١).

ویری فريق آخر أن إطلاق لفظ الخوارج يشمل كل من خرج على الإمام الحق في أي عصر من العصور، ويشمل هذا الإطلاق الفرقة التاريخية المعروفة من باب أولى. قال الشهرستاني: كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجيا سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين أو كان بعدهم على التابعين بإحسان والأئمة في كل زمان (۲).

ويرى أصحاب هذا الرأي أن كل من وافق الخوارج في آرائهم ومبادئهم الأساسية في أي عصر من العصور يسمى خارجيا ويصح إطلاق لفظ الخوارج عليه.

قال ابن حزم ومن وافق الخوارج في إنكار التحكيم، وتكفير أصحاب الكبائر والقول بالخروج على أئمة الجور، وأن أصحاب الكبائر مخلدون في النار، وأن الإمامة جائزة في غير قريش فهو خارجي، وإن خالفهم فيما عدا ذلك مما اختلف فيه المسلمون وخالفهم فيما ذكرنا فليس خارجيا (۳).

ويرى البعض أن لفظ الخوارج إذا أطلق إطلاقا تاريخيا فإنه يراد به الفرقة المعروفة التي خرجت على الإمام على .. واذا أطلق إطلاقا لغويا فإنه يشمل كل من خرج على الإمام قديما وحديثا.

قال ابن حجر: وهم قسمان: الأول: من تقدموا من أهل النهروان، الثاني: من خرج في طلب الملك لا للدعاء إلى معتقده، وهم على قسمين أيضا : قسم خرجوا غضبا

للدين من أجل جور الولاة وترك عملهم بالسنة النبوية فهؤلاء أهل الحق ومنهم الحسين بن على وأهل المدينة في الحرة والقراء الذين خرجوا على الحجاج، وقسم خرجوا لطلب الملك فقط سواء كانت فيهم شبهة أم لا وهم البغاة (1).

ولكن ينبغي الأخذ في الاعتبار أنه لا انفكاك بين النظرة التاريخية والنظرة اللغوية لأن كل من يطلق عليه لفظ الخوارج باعتبار المعنى اللغوي إنما ينظر إليه باعتبار أنه يحمل أفكار الفرقة المعروفة تاريخيا دون أن يكون امتدادا لها.

وبناء على ذلك فإنه لا يمتنع إطلاق لفظ الخوارج على الجماعات الإسلامية المعاصرة التي خرجت على الإمام من باب الإطلاق اللغوي، سواء كان اللاحقون امتدادا للسابقين في الآراء والمعتقدات أم أن الاتفاق بينهم كان في مجرد الخروج على الإمام دون اعتناق لباقي أفكار الخوارج من تكفير مرتكب الكبيرة وتجويز الإمامة في غير قريش إلى غير ذلك من آراء الخوارج المعروفة.

والمقصود أن إطلاق لفظ الخوارج على الجماعات المعاصرة لا يترتب عليه إدراج هذه الجماعات تحت الفرقة المعروفة تاريخيا دون نظر في الآراء والأفكار وبيان مدى مشابهتها للسابقين أو مخالفتها لهم.

.......

________________________________

تتمة البحث في الملف للتحميل في الرابط :

https://drive.google.com/file/d/1NlNN8kVHFJaGS3un1kmqgMXteDIpUxb8/view?usp=drivesdk

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0