المسؤولية عن فعل الشيء في القانون المغربي
مجموعة دروس وعروض في قانون المسؤولية المدنية في القانون المغربي للتحضير للمباريات القانونية
2 –وأن الضرر يرجع إما لحدث فجائي، أو لقوة قاهرة، أو لخطأ المتضرر".
ومن خلال استقراء مقتضيات هذا الفصل يتبين أنه لقيام مسؤولية حارس الشيء يجب تحقق شرطين، أولهما أن يتولى شخص حراسة الشيء، وثانيهما أن يحدث الشيء ضررا للغير.
ويقصد بالحراسة السلطة الفعلية في الرقابة والتصرف، فحارس الشيء هو من له عليه السلطة الفعلية في رقابته وتوجيهه والتصرف في أمره ، وهذا ما يرتب أن الحراسة لا ترتبط أساس بالحيازة المادية للشيء، فحراسة قارورات الغاز مثلا رغم انتقال الحيازة المادية إلى المستهلك تبقى بيد الصانع الذي يتحمل تبعة ما تحدثه للغير من أضرار باعتبار أن ما تحويه من مواد خطيرة ليس بإمكان المستهلك التأكد من سلامة تلك القارورات ويبقى الصانع الحارس القانوني لها مسؤولا وملزما بالتحقق من سلامة القارورات ومراقبتها لضمان توفير الاستعمال العادي لها من طرف المستهلك دون الإضرار به .
ومالك الشيء هو حارسه ما لم يثبت أنه قد فقد حراسته أو نقلها للغير، إما ببيع الشيء أو رهنه أو أي تصرف ينقل الحيازة للغير وكذا سلطة الرئاسة والتوجيه إذ يعتبر هذا الأخير حائزا بمجرد تسلمه للشيء.
وتنتقل الحراسة لصاحب مرآب إصلاح السيارات وكذا إلى معلم السياقة لأن لهما السيطرة الفعلية عليه.
ويقصد بالشيء هو شيء مادي محسوس غير حي، أي كل شيء جامد لا حياة فيه، يشغل حيزا محددا في عالم المادة مادام لم يرد حكمه في نص خاص .
وبالتالي تخرج من مفهوم الشيء الحيوانات لأنها أشياء مادية حية وتخضع لنص خاص، ورد حكمه في الفصلين 86 و87 من قانون الالتزامات والعقود، وتخرج كذلك المباني بالنسبة للأضرار الناجمة عن تهدمها الكلي أو الجزئي بسبب قدمها أو عدم صيانتها أو لعيب في البناء إضافة إلى ما يعتبر جزء من العقار كالأشجار والعقارات بالتخصيص فيما يتعلق بالأضرار الناجمة عن سقوطها أو تهدمها الجزئي لأن هذا يتعلق بأحكام خاصة وارد عليها النص وخاضعة للفصلين 89 و90 من نفس القانون.
والمراد بالشيء هو الجوامد غير الحية سواء كانت عقارات أو منقولات أو عقارات بالتخصيص كالمصعد أو الحجرات أو أثاث الفندق أو ما شابه ذلك.
ويستوي أن يكون الشيء خطرا أم غير خطر، لأن مجرد أن يحدث الشيء ضررا للغير فهذا دليل على أنه كان شيئا خطرا في الظروف التي حصل فيها الضرر، وأن حراسته تستوجب عناية خاصة، إضافة إلى أن التفرقة بين الأشياء الخطرة والأشياء غير الخطرة أمر صعب ودقيق، فآنية فخارية ليست خطيرة في ذاتها ولكن وضعها في شرفة عالية وسقوطها على رأس أحد المارة يجعلها خطيرة .
ولكي يسأل حارس الشيء في إطار مقتضيات الفصل 88 من قانون الالتزامات والعقود فإنه يتعين أن يكون هذا الشيء قد تدخل بفعله في إحداث الضرر الخطير، ويلزم هذا التدخل أن يتم بمقتضى فعل إيجابي يكون له الدور المباشر في حصول النتيجة الضارة، وإذا كان هذا الفعل سهل التحديد عندما يكون مصدر الضرر شيئا متحركا أثناء وقوع الحادث، كالسيارة والشاحنة التي تصدم الغير في الطريق العام والانفجار الذي تتسبب فيه الأشياء الخطرة بطبيعتها أثناء تشغيلها كقنينات الغاز مثلا، إلا أن الأمر ليس كذلك بالنسبة للأشياء الجامدة التي تساهم في إحداث الضرر هي في وضعية سلبية.
القاعدة العامة التي تحكم هذا الموضوع هي أن الشيء إذا كان في وضعية ساكنة كالسيارة الجاتمة جنب الرصيف مثلا، فإنه لا مجال لمساءلة صاحبها عن الأضرار التي تلحق الغير نتيجة الاصطدام بها، لأن الفعل المنسوب للسيارة في هذه الحالة هو فعل سلبي ليس له أي دور في وقوع الحادث، غير أنه إذا كان الشيء قد خالف في تموضعه الوضع العادي كالسيارة المركونة في المكان الممنوع، والشجرة المغروسة في طريق العام فإن الحارس يكون مسؤولا عن الضرر الذي تتسبب فيه .
ويسأل الحارس عن أي ضرر يصيب الغير بفعل الشيء الذي هو تحت حراسته، فينطبق الحكم متى كان الضرر الذي أحدثه الشيء قد وقع على غير الحارس، يستوي في ذلك أن يكون هذا الغير أجنبيا عن الحارس، أو تابعا له، أو مالك الشيء إذا لم يكن هو الحارس .
وترجع أساسا مسؤولية حارس الشيء إلى افتراض خطأ في حراسته اعتبارا بأنه إذا أحدث الشيء ضررا بالغير، فإن مجرى إحداث هذا الضرر يقيم قرينة قانونية على وقوع خطأ من الحارس في حراسته ، وبالتالي فالمضرور لا يكلف بإثبات الخطأ وإنما عليه أن يثبت أن المدعى عليه هو حارس الشيء وأن الضرر قد وقع بفعل الشيء الذي في حراسته ، وهو قرينة قاطعة لا تقبل إثبات العكس، ولا يعفى حارس الشيء المتسبب في ضرر من المسؤولية الملقاة على عاتقه، إلا إذا أثبت، بالإضافة إلى خطأ المضرور أو حادث فجائي أو قوة قاهرة، أنه فعل ما كان ضروريا لمنع الضرر.