شرح مدونة المسطرة المدنية في المملكة المغربية
شرح مدونة المسطرة المدنية في المملكة المغربية
رابط تحميل المرجع اسفل التقديم
درس الافتتاح
الحمد لله وحده، الذي لا راد لقضائه، والصلاة والسلام على محمد عبد الله و رسوله، خاتم الأنبياء و المرسلين المبعوث رحمة للعالمين.
و بعده يسعدنا أن نكمل سلسلة الدروس التوجيهية و التطبيقية في القانون القضائي الخاص بهذه المساهمة المتواضعة في المسطرة المدنية مترجمة باللغة الفرنسية، بعد أن قدمنا لأبنائنا الأعزاء من طلبة وطالبات كلية الحقوق بوجدة، درسي التنظيم القضائي والمسطرة الجنائية وندعو الله أن يوفقنا في أقرب وقت لترجمة
الدرسين السابقين حتى تعم الفائدة إن شاء الله. و من دون مقدمات، تذكر القارئ الكريم أنه من مجموع خطوات ارتفاع المتخاصمين إلى مقام القضاة في المحاكم ، مع إجراءات إمساك هؤلاء بالقضايا، وكذلك التدابير المتخذة منهم لتقديم خدمة العدالة العامة، يتكون
ما يسمى مسطرة قضائية في الاصطلاح المغربي، ويسميه المشارقة مرافعات قضائية. و من أحكام المسطرة تلك، مجتمعة مع قواعد التنظيم القضائي، يتكون ما يسمى عند هؤلاء و أولائك قانونا
قضائيا خاصا. أحكام القانون القضائي الخاص هذا، تجعل نوع المسطرة القضائية مرهونا بطبيعة موضوع الدعوى علما أن كل دعوى قضائية ترمي إلى تطبيق القانون بمناسبة مسائلة الغير عن حق يقره القانون فإن كانت المسائلة جنائية أي كان الحق محميا بفصول مدونة القانون الجنائي، كانت المسطرة كذلك و إن كان الحق دستوريا كانت المسطرة دستورية والشأن نفسه بالنسبة لحقوق الدولة المالية والعسكرية كما الإدارية، وكذلك حقوق الخواص المالية و الغير مالية.
بهذه الطريقة يتم التمييز بين المساطر القضائية، إذ يمكن الحديث عن مسطرة مدنية، وأخرى جنائية، و ثالثة دستورية، بجانب رابعة عسكرية، وخامسة إدارية، وسادسة تجارية و نوع سابع من المسطرة، متعلق بالحقوق المالية للدولة أمام محاكم الحسابات.
و حيث أن الأشياء بأضدادها تعرف فإن اعتبار هذا التنوع عند مقاربة المسطرة القضائية يسمح بتحصيل جامع مانع لفقه أحكامها و هو يقتضي تخطي حدود التخصص لتناول قضايا المسطرة المدنية وفق الطريقة الموسوعية في الدراسات الجامعية، والتي مع الأسف الشديد ليست معمولا بها في مختلف مستويات الدراسات الجامعية، إلا بمبادرات حرة لعدد قليل من الأساتذة غير الأضداد المستعملة للمقارنة للتعرف على المسطرة المدنية يجب الا تنحصر في المساطر القضائية الأخرى داخل نفس النظام الحقوقي بل يجب أن تمتد إلى القانون المقارن وحتى لا يكون ذلك مجتزءا يترتب عنه التلقيم النظري، يجب استعمال النماذج المتضادة و ليس المتطابقة من القانون المقارن من أجل ذلك لا يجوز الاكتفاء بنماذج القوانين العربية بالنسبة للقانون المغربي بل يجب مواجهته بالأنظمة الرومية ومعها المسترومة من جهة أولى، ونظام الزنادقة في جمهورية إيران من جهة ثانية.
فكما هو الشأن في كليات الحقوق المشرقية، وعلى خلاف الكليات الرومية، التي نجد أنفسنا خارج التاريخ بالنسبة لها في هذا الموضوع، لما زال نظامنا الجامعي يتخبط في قيود التخصص متخلفا بذلك عن مناهج الدراسات الحديثة.
من حق طلبتنا الأعزاء أن يعلموا بالفعل أن منهج التكوين العلمي الحديث يبدأ في كليات الحقوق عاما، ليرتقي إلى مرحلة التخصص، ليس لينغلق فيه، عكس ما هو عليه الشأن في كلياتنا، بل لينتقل من بعد ذلك إلى مرحلة الموسوعية بل إن التوقف عند مرحلة التخصص في الدراسات الحقوقية بعد في نظر علماء الحقوق من الروم ضربا من الأمية الجامعية في القرن الواحد والعشرين ، و لعلهم صائبون في ذلك بحكم أن النظرة المحدودة لأي نظام للحقوق تحجب عن صاحبها حقيقة ذلك النظام وتجعله يهرف بما لا يعرف.
مع الأسف الشديد ذلك هو منهج الدراسات الجامعية المتبع وفق مقررات الدراسات الحقوقية خلال مراحل الإجازة والماستر و الدكتوراه في بلدان المغرب والمشرق العربية والإفريقية. إذ يتم إعداد الطلبة ليصبحوا في أحسن الأحوال، حسب زعم الإدارة المشرفة على التعليم الجامعي باحثين متخصصين في مواد فرعية من القانون، ليتم استغلالهم في وظائف حكومية و مهن حرة لخدمة أنظمة غير حقوقية، وليس ليصبحوا جزءا من السلطة العلمية للأمة في مجال الحقوق.
يجزم الكثير من الملاحظين أن ذلك هو سر تقدم مناهج التدريس الجامعي الرومية و تخلف مناهجنا. فكليات الحقوق في الجامعات الرومية بانت منذ القرن الثامن عشر ترفد المجتمعات بأفواج من الأطر الحقوقيين الذين
المراجع المستعملة مذكورة في هوامش الدرس باللغة الفرنسية و من أراد الخروج من حالة الأمية الجامعية فعليه استعمال كل مرجع في لغته الأصلية.
7
قانون المسطرة المدنية في المملكة المغربي
كان منتهي تكوينهم هو بلوغ مرحلة الدراسة الموسوعية، والتي مع الأسف الشديد لا عهد الجامعاتنا بها في القرن الواحد والعشرين.
عملا بمبدأ أن ما يدرك كله لا يترك جله ، ستحاول في هذا الدرس من مقرر السداسي السادس الشعبة القانون الخاص تطبيق الطريقة الموسوعية لكن فقط لشرح قانون المسطرة المدنية في وقت يستعد المخزن لإدخال تعديل جذري فيها.
يتعلق الأمر في الواقع بفرع أساسي من فروع القانون الخاص، تكونه مجموع القواعد التشريعية و الفقهية و القضائية ذات الصلة بالمرافعات المدنية أمام المحاكم العادية ويتمحور هذا الفرع من القانون في المملكة المغربية حول نصوص ظهير 11 رمضان 1394 موافق 28 شتنبر 1974 ، و الذي صدر به القانون رقم 1.74.447 المتعلق بمدونة المسطرة المدنية، والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 30 شتنبر 1974
بمناسبة ذكر النشرة في الجريدة الرسمية لا تتمالك للتعبير عن الفرحة مع ذكر الفضل لأهله بخصوص التطور الحاصل على مستوى طريقة نشر القوانين في بلادنا الحبيبة، وخاصة منها التعديلات المدخلة على المدونات رغم تفاهة هذا الأمر في أعين من هم قريبون من مراكز المعلومات في العاصمة، فهو فتح مبين أنعم الله عز و جل به على ضحايا الإقصاء من علماء الحقوق، لحدوثه بعد فترة طويلة من سياسة التعليم
بكل حسرة ومرارة، لا نجد بدا من الجهر بالقول أن الخوف من السلطة العلمية الفعلية، ظل قرابة نصف قرن يدفع المخزن إلى الاكتفاء بسلطته العلمية التي أنشأها بقوته من خلال استعمال علماء شهد لهم بالكفاءة بقرار منه وللتغطية على عدم كفاءة علمانه، مارس المخزن سياسة التعليم على القوانين، سعيا منه لإقصاء الباحثين المستقلين في الجامعات من ساحة السلطة العلمية.
كان هذا التعليم من بين عدة طرق استعملت الإقصاء الباحثين المحايدين الذين يناضلون منفردين داخل الجامعة المغربية وخارجها، من أجل استقلال السلطة العلمية الفعلية، ليس فقط عن إدارة المخزن، بل وكذلك عن وصاية القبائل والنقابات والأحزاب السياسية، مع الزوايا الدينية.
لعله من نافلة القول أن نذكر طلبتنا الأعزاء بأن السلطة العلمية تنشأ حقيقية مستقلة من العلم بالفعل و هو الذي تحاز به الكفاءة من التحصيل والحذاقة مع النزاهة، وليس من العلم بالقوة الذي تحاز فيه الكفاءة مزيفة
بأمر السلطة العمومية.
بحمد الله ومنته و بفضل خدمة سيدي غوغل، كما يقول الشباب الحر عندنا، صار من الممكن التعرف على محتوى المدونات و ما ورد عليها من تعديلات من خلال النسخ المدينة التي تنشرها وزارة العدل مشكورة على موقعها الإلكتروني و نتمنى أن تستمر هذه الوزارة في السهر على تجديد تلك النسخ بين الفينة والأخرى لتفادي الرجوع إلى العمل بسياسة التعليم.
تتناول مدونة المسطرة المدنية أحكام الدعوى المدنية ذاتها كما يقيمها المتخاصمون، و كذلك إجراءات المحاكمة، كما تباشرها المحكمة المدنية للنظر في الخصومة والفصل فيها. و تميز مدونة المرافعات المدنية في هذا الإطار بين مسطرة مشتركة لكل الدعاوى و المحاكمات المدنية، و مساطر أخرى خاصة بأنواع مختلفة من الدعاوى و المحاكمات تتميز باختلاف مواضيعها.
لا بد بالتالي من تمهيد لدراسة قانون المسطرة المدنية تتناول فيه بعضا من حقائق هذه المسطرة، لتتطرق في هذا القسم الأول لأحكام المسطرة المدنية المشتركة، و في القسم الثاني مستقبلا إن شاء الله، الأحكام المساطر
المدنية الخاصة.
مقدمة حول المسطرة المدنية
كما هو الشأن في مختلف البلدان يضع المخزن المحترم في المملكة المغربية محاكمة الموقرة رهن إشارة
كل شخص قانوني يسعى للحصول على حكم قضائي و للعلم، فإن لفظ المخزن هو تاريخيا المصطلح المستعمل رسميا وشعبياً لتسمية الدولة في المملكة المغربية بدل لفظ البايلك الذي يستعمله المشارقة، ولفظ الدولة الذي يستعمله الروم
أما دولة المغرب المسماة بالرومية دولة مراكش اشتقاقا من موروكوس و هي تعني بالرومية الصناع المهرة، والتي يسميها البربر الأطهار دولة فاس اشتقاقا من كلمة إفاسن بالبربرية و هي تعنى الأيادي الماهرة فهي وفق دستورها دولة مسلمة قائمة بشكل مستمر منذ اثني عشر قرنا و قد بانت ذات نظام ملكي برلماني طبقا للنص المؤسس للمملكة المغربية الذي أصدرته الأمة المغربية بثورة 1944
أهم محطة في تاريخ المغرب الحديث في بالفعل تلك ثورة الراشدة التي قام بها الحراثون بقيادة المجاهد محمد الخامس و هو السلطان العلوي الواحد والعشرون للدولة العلوية الشريفة، والذي أصبح الملك المغربي
محمد الأول لدولة المملكة المغربية.
رابط التحميل
https://drive.google.com/file/d/1sap1VG8AklZbm7TV8ZDKmgIamd37IakE/view?usp=drivesdk