الإجراءات المقررة لضمان السكنى في فترة العدة
ولعل الحكمة من اعتبار مكوث الزوجة أو المطلقة في بيت الزوجية لقضاء عدتها حقا من حقوق الله تعالى هي الغاية التي يوفرها من حيث إمكانية استئناف العلاقة الزوجية من جديد، خاصة وأن بقاءهما متقاربين مكانيا، قد يسرع عودة المياه إلى مجاريها عن طريق الرجعة ، مما يساهم في إعادة الدفء إلى الأسرة من جديد.
أوصى الله عز وجل في محكم تنزيله بضرورة تمتيع المطلقة بحق السكنى لمدة العدة وذلك مصداقا لقوله تعالى: يا أيها النبيء إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن ياتين بفاحشة مبينة وقوله تعالى : أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن .
وبناء على ذلك فإن حق السكن الوارد في الآيتين عام يشمل كافة المعتدات لأنه حق لله تعالى لا يجوز للزوجين الاتفاق على خلافه إلا إذا كان هناك مبرر يقبله الشرع لذلك تجب السكنى أثناء العدة للمطلقة رجعيا وللمبانة سواء كانت ملاعنـة أو مختلعة أو مبارأة .
ولعل الحكمة من اعتبار مكوث الزوجة أو المطلقة في بيت الزوجية لقضاء عدتها حقا من حقوق الله تعالى هي الغاية التي يوفرها من حيث إمكانية استئناف العلاقة الزوجية من جديد، خاصة وأن بقاءهما متقاربين مكانيا، قد يسرع عودة المياه إلى مجاريها عن طريق الرجعة ، مما يساهم في إعادة الدفء إلى الأسرة من جديد.
إلا أنه إذا تعذر قضاء الزوجة عدتها في بيت الزوجية لأسباب وظروف استثنائية تبرر ذلك فحينئذ يمكن لها أن تقضيها في مكان آخر خارج البيت الذي كان مقررا للزوجين .
وهذا ما عملت مدونة الأسرة على تكريسه من خلال المادة 84 في فقرتها الثانية: " تسكن الزوجة خلال العدة في بيت الزوجية ، أو للضرورة في مسكن ملائم لها للوضعية المادية للزوج ، وإذا تعذر ذلك حددت المحكمة تكاليف السكن في مبلغ يودع كذلك ضمن المستحقات بكتابة ضبط المحكمة".
إلا أن الإشكال الذي يثور بشأن هذه المادة هو أن المستحقات تودع قبل الإذن بالطلاق فكيف يتم التحقق من تعذر قضاء العدة ببيت الزوجية حتى يتم تقدير تكاليف السكن ضمن المستحقات والحال أن الطلاق لم يتم بعد والعدة لم يمض أجلها؟ كما نصت المادة 131 على أنه " تعتد المطلقة والمتوفى عنها زوجها في منزل الزوجية أو في منزل آخر يخصص لها".
وهكذا يتجلى من نص هاتين المادتين أن مسألة السكنى بالنسبة للمطلقة تطبق بشأنها أربعة حلول تستوجب الترتيب لا التخيير وهي على التوالي: - الحالة الأولى : السكنى في بيت الزوجية الذي كانت تقيم به قبل الطلاق.
- الحالة الثانية : السكنى في محل آخر غير بيت الزوجية عند الضرورة أي عند ما يتعذر قضاء العدة في بيت الزوجية لظروف قاهرة تحول دون ذلك، وتقدير هذه الظروف يخضع لسلطة القضاء المعروض عليه الأمر.
وقد نصت المادة 84 على مقتضيات إضافية ترمي إلى صيانة حق المطلقة في هذه الحالة وذلك بضرورة أن يكون المسكن الجديد ملائما لها، ومناسبا للإمكانيات المادية للزوج .
- الحالة الثالثة : إيداع مبلغ مالي مسبقا بكتابة الضبط من طرف الزوج ، لتغطية تكاليف هذه السكنى التي تحددها المحكمة ضمن المستحقات التي ستحكم بها في إطار المادة 88 ، وذلك عند تعذر تطبيق أحد الحلين المشار إليهما في الفقرتين السابقتين ، بمعنى أن هذه الحلول الثلاثة يجب أن تطبق على وجه الترتيب ، لا علـى وجه التخيير ، ولا يخضع اختيار أحدها لا لإرادة الزوج ولا للإرادة الزوجة المطلقة.
- الحالة الرابعة : نصت عليها الفقرة الأولى من المادة 196 وتتعلق بالحالة التي يسقط فيها حق المطلقة في السكنى خلال العدة وذلك إذا انتقلت من بيت عدتها دون توفر أحد الشرطين التاليين : - موافقة زوجها على هذا الانتقال.
- وجود عذر مقبول لدى المطلقة يبرر هذا الانتقال .
إلا أنه من الناحية العملية يصعب ، إثبات واقعة الخروج من بيت العدة بدون عذر وذلك نظرا لقصر فترة العدة وتكاليف دعوى استرجاع النفقة بعد أدائها التي يمكن للزوج أن يرفعها ضد زوجته تفوق المبلغ المؤمل استرجاعه .
هكذا إذن تستفيد المطلقة بصفتها معتدة من حقها في السكنى، كما تستفيد من نفس الحق بصفتها حاضنة.