نجـاح محـاولات الصلـح بين الزوجيـــن في الطلاق للشقاق
التطليق للشقاق في القانون المغربي مجموعة مواضيع في قانون الأسرة للإستعانة بها في البحوث التحضير للمباريات القانونية
إن الصلح بين الزوجين كما أكدنا ذلك سلفا يحبذه ديننا الحنيف، وخصص له الفقه الإسلامي جانبا كبيرا من اهتمامه، وحث عليه المشرع المغربي في قضايا الطلاق والتطليق طبقا لمدونة الأسرة، لما في تحقيقه من آثار إيجابية تجنب الأسرة كافة المخاطر التي ترتب عن تفككها، كما أن حسمه للنزاع القائم بينهما أدعى إلى تحقيق العدل والإنصاف الذي قد لا يحققه الحكم القضائي الصادر بالطلاق أو التطليق فقد يكون أحدهما ألحن بحجته من خصمه و أقدر على التحايل في الخصومة و هو في الحقيقة غير محق فيما يدعيه، حيث روى أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: » إنما أنا بشر مثلكم و أنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضى له بنحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخـذ منه شيئـا فإنما أقطـع له قطعـة من نـار « ( )، و الله تعالى يحث الزوجين على حل خلافاتهما وديا بطريقة تحافظ على وحدة الأسرة وتحفظ لهما كرامتهما، حيث قال :( فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا و الصلح خير وقال أيضا : إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما)، ذلك أن المنهج الإسلامي بخصوص معالجة النشوز و الشقاق بين الزوجين يقوم على أساسا مبدأ الصلح بينهما، ولأنه كما يقال في المأثور الصلح السيء خير من الخصومة الجيدة ".
من هذا المنطلق فالهاجس الأساسي الذي يؤطر عمل المحكمة وهي بصدد تسوية النزاعات الزوجية في دعاوي الشقاق، محاولة تحقيق الصلح بين الزوجين من خلال قيامها بكل المساعي الرامية إلى ذلك، حيث إذا توفقت فيها في جلسة التسوية الودية التي تعقدها بغرفة المشورة فإنها تصدر أمرا تضمنه في محضر تنتهي به إجراءات الدعـوى على اعتبار أن الغايـة من الصلح إنهاء النزاع و قطـع الخصومة، كما تنص على ذلك المادة 82 من مدونة الأسرة المحال عليها في المادة 94 منها حيث جاء فيها: » إذا تم الإصلاح بين الزوجين حرر به محضر وتم الإشهاد به من طرف المحكمة «، ونفس هذا المقتضى كان منصوص عليه بكيفية أكثر دقة في الفصل 212 من ق.
م.
م في فقرته الملغاة بقتضي قانون 72-03 الصادر موازاة للمدونة الجديدة للأسرة، و ذلك كما يلي: » يستدعي القاضي بعد تقييد المقال الزوجين قصد محاولة التصالح بينهما، إذا تم التوفيق بينهما أثبت القاضي ذلك بأمر تنتهي به إجراءات الدعوى «.
أما في حالة انتداب الحكمين و هذا هو المعمول به في الغالب بعد فشل الوساطة القضائية و تمكنهما من إصلاح ذات البين بين الزوجين، فإنهما طبقا للمواد 95 من مدونة الأسرة يحرران مضمون الصلح في تقرير من ثلاث نسـخ يوقعهـا الحكمان والزوجـان، ويرفعانها إلى المحكمة التي تسلم لكل واحد من الزوجين نسخـة منه وتحفظ الثالثة بالملف حيث يتم الإشهاد على ذلك من طرفها.
وإشهاد المحكمة على محضر الصلح طبقا للمادتين 82 و 95 من مدونة الأسرة، الغاية منه إضفاء الحجية عليه حيث تحل في ذلك محل الموثق، مما يخضع الصلح المصادق عليه من طرفها لكافة القواعد الموضوعية لعقد الصلح، و هذا المحضر لا يعد حكما و إنما ورقة رسمية أي بمثابة سند تنفيذي لتصديـق المحكمـة عليه، حيث تطبق عليه قواعد تفسير العقود وليس قواعد تفسير الأحكام ( )، لذلك لا يجوز نقض الصلح بعد إجرائه و إشهاد المحكمة عليه، لأن العودة إلى الخصومة بعد ذلك يفقده أهميته في مجال تسوية النزاعات الزوجية ويؤثر سلبا على مصداقية عمل المحكمة بهذا الخصوص، فلا يحق للزوجين الإقدام على ذلك إلا إذا قام أحدهما بتصرف يناقض ما وقع الصلح من أجله، حيث يمكنه والحالة هذه اللجوء إلى القضاء من جديد لطلب الحكم له بالتطليق.
ورغم أهمية نجاح محاولات الصلح بين الزوجيـن للاعتبارات المشار إليها سلفا، فإن واقع عمل قضاء الأسرة بخصوص تطبيق مسطرة الشقاق، يؤكد أن النتيجة التي يخلص إليها بخصوص دعاوي الشقاق تكون عادة هي فشل تلك المحاولات وما يترتب عن ذلك من آثار.