حـق الطفـل المحضـون في الرعايـة الأبوية في الطلاق للشقاق
التطليق للشقاق في القانون المغربي مجموعة مواضيع في قانون الأسرة للإستعانة بها في البحوث التحضير للمباريات القانونية
فالطفل في ظل الوضع الأسري الذي يعيشه بعد انفصال أبويه عن بعضهما بسبب التطليق للشقاق، يحتاج إلى العناية و الرعاية الأبوية التي تلبي حاجياته و تجنبه المخاطر التي قد يتعرض لها نتيجة ذلك ، خاصة و أنه لازال في طور النمو و يفتقد للمناعة الذاتية التي تحميه من كل ما من شأنـه أن يؤثـر سلبا على بقائه و نمائـه، لذلك فقد بادر المشرع المغربي إلى تنظيم حقوقه و الحرص على ضمان احترامها، كما يتجلى ذلك من خلال المقتضيات المنظمة للحضانة و تنظيم حق الزيارة في مدونة الأسرة، حيث أحاط ذلك بالعديد من الضمانات يؤطرها مبدأ المصلحة الفضلى للطفل، تماشيا مع تعاليم الإسلام الحنيف التي تعتبر المعيار الأكثر ملاءمة في مجال أحكام الفضيلة المنظمة للعلاقات الأسرية خاصة في شقها المتعلق بعلاقة الأباء مع أبنائهم، وكذلك انفتاحا على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل الصادرة سنة 1989 في إطار ملاءمة القوانين الداخلية مع مقتضياتها ( )، إذ تنص في المادة الثالثة على أنه : » في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال ، سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة، أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية ، يولى الاعتبار الأول لمصلحة الطفل الفضلى «.
إن حضانة الطفل انطلاقا من المبدأ العام المؤطر لحقوقه، تعني في جوهرها رعايته وتربيته و مايته، حيث عرفها الفقيه ابن عرفة بقوله: » .
.
.
حفظ الولد في مبيته ومؤونته و طعامه و لباسه و مضجعه و تنظيف جسمه .
.
.
« ( )، و نفس هذا التعريف تقريبا أورده المشرع في المادة 163 من مدونـة الأسرة بنصهـا على أن :» الحضانة حفظ الولد مما قد يضره و القيام بتربيته و مصالحه «، و الحضانة تسند مبدئيا طبقا للشرع والقانون إلى الأم ( )، باعتبارها أشفق على المحضون و أصبـر وأقدر على القيام بجميع شؤونه الضرورية التي يعجز عنها بسبب صغر سنه، من تغذية و فراش و نظافة وتمريض، إضافة إلى توجيـهه وإعداده للحياة بكل تشعباتهـا، ذلك أنه إذا كان الأصل في الحضانة مصلحة المحضون فإنها بالنسبة للحاضنة يتداخل فيها الحق بالواجب، لذلك يتعين عليها القيام بقدر الإمكان بكل الإجراءات اللازمة لحفظه و سلامته في جسمه ونفسه، إلى حين بلوغه سن الرشد الذي تنتهي فيه الحضانة أو تفضيله الانفصال عنها بعد بلوغ السن الخامسة عشرة من عمره طبقا للمادة 166 من مدونة الأسرة.
وحتى يتأتى للطفل المحضون الاستفادة من حقه الكامـل في الرعايـة الأبويـة، يجب الحفاظ ما أمكن على استمرارية روابطه مع أبويه ومحيطه العائلي، لما في ذلك من إشباع لحاجيات العاطفية و المعنوية التي هو في أمس الحاجة إليها في ظل الوضع الأسري الذي يعيشه، حيث تنص المادة التاسعة من اتفاقية حقوق الطفل في فقرتها الثالثة على أنه: » تحترم الدول الأطراف حق الطفل المنفصل عن والديه أو عن أحدهما في الاحتفاظ بصورة منتظمة بعلاقات شخصيـة و اتصالات مباشرة بكلا والديـه، إلا إذا تعـارض ذلك مع مصالح الطفـل الفضلى «، ذلك أن الطرف الذي حرم بمقتضى القانون من حق الحضانة، يبقى له طبقا لنفس القانون في زيارة ابنه خلال فتـرات تحدد مبدئيا بناء على اتفاق الأبويـن، أو عند الاقتضاء بتدخل من القضاء الذي يبادر في قرار إسناد الحضانة إلى ضبط وقت و مكان إجراء الزيارة، مع إمكانية تضمينه شرط عـدم السفـر بالمحضون خارج المغرب دون موافقة نائبه الشرعي، حيث تتولى النيابة العامة تبليغ مقرر المنع إلى الجهات المختصة لاتخاذ ما تراه مناسـبا من إجراءات لضمان تنفيذه، و كل ذلك تراعي فيه المحكمـة ظـروف الأطراف و الملابسات الخاصة بكل قضية تجنبا لكل تحايل في التنفيذ ( )، ذلك أن من الإشكاليات العملية المرتبطة بحقي الحضانة والزيارة – خاصة في إطار الزواج المختلط - ما يصطلح عليه بالاختطاف أو النقل غير المشروع للأطفال ( )، فبعد الحسم في مسألة الحضانة بإسنادها إلى أحد الأبوين، يعمد الطرف الآخر إلى تحايل الفرص لأجل لانفراد بالطفل أثناء ممارسته لحقه الطبيعي والقانوني في زيارته، لارتكابه فعله المجرم قانونا عن طريق نقله بطريقة غير مشروعة إلى مكان أو بلد آخر غير المكان أو البلد الذي يقيم فيه من له حق حضانته( )، حيث يصبح الطفل في هذه الحالة وسيلة للضغط و الانتقام و تصفية الحسابات بين الأبوين.
ولأجل تعزيز حق الطفل في الرعاية الأبوية تنص المادة 185 من مدونة الأسرة على أن صلة الرحم لا تنقطع بمجرد وفاة أحد والديه ، بل تستمر بحلول جده أو جدته من جهة أبيه أو أمه، لكن رغم أهمية هذا المقتضى فإنه يبدو غير ملائم مع العادات والتقاليد السائدة في المجتمع المغربي بخصوص الروابط العائلية ، حيث كان حريا بالمشرع أن يشمل حق الزيارة جميع أقارب المحضون وفق ما تقضيه مصلحته الفضلى، وذلك انسجاما مع التوجه المعمول به في بعض القوانين المقارنة من تعويض مصطلح السلطــة الأبويــة ( Puissance Paternelle) بولايـة القرابــة ( L'autorité Parentèle )، كمـا فـي القانـون الهولنـدي ( تعديـل 1970 ) والقانون السويسري ( تعديل 1972 و 1976 ) و القانـون الفرنسـي الصادر في 04/06/1974 الذي ينص في مادته السادسة على أنه: » في جميع النصوص التي وردت فيها عبارة السلطة الأبوية تعوض بولاية القرابة «، ذلك أن الهدف من ذلك إخضاع الطفل في كل ما يتعلق بتربيته و حمايته إلى سلطة الأبوين معا رغم التطليق الحاصل بينهما، أو في حالات أخرى إلى سلطة أحد أفراد العائلة إذا كانت مصلحته تقتضي ذلك، إضافة إلى جعل الصلاحيات المرتبطة بولاية القرابة محدودة، حيث إن القانون يتدخل لحماية مصالح الأطفال حتى ضد أبويهم.
عموما فالحماية القضائية لحقوق الزوجة المطلقة و الأطفال طبقا للمقتضيات القانونية المنصوص عليها في مدونة الأسرة، تبقى قاصرة إذا لم يتم تفعيلها.