الفضالة كمصدر للالتزام في القانون المغربي
مجموعة مواضيع في النظرية العامة للالتزام في القانون المغربي لإنجازالبحوث والتحضير للمباريات القانونية
المطلب الأول: أركان الفضالة.
ينص الفصل 943 من قانون الالتزامات والعقود المغربي، الذي تقابله المادة 882 من نظيره الموريتاني أنه " اذا باشر شخص باختيار أو بحكم الضرورة شؤون احد من الغير في غيابه أو بدون علمه، وبدون ترخيص منه او من القاضي قامت هناك علاقة قانونية مماثلة للعلاقة الناشئة عن الوكالة، وخضعت لاحكام الفضالة" ولقيام الفضالة يتعين أن تتحقق ثلاثة أركان: 1) الركن القانوني، وهو قيام الفضولي بشان مستعجل لفائدة الغير مالم يكن ملتزما به ، وسنتحدث عنه في ( الفقرة الأولى) 2) الركن المادين وهو إتيانه شانا مستعجلا لفائدة الغير( الفقرة الثانية) 3) الركن المعنوي، وهو قصده العمل لفائدة الغير (الفقرة الثالثة) .
الفقرة الأولى: الركن القانوني.
بالنسبة للركن القانوني يشترط لقيامه أن يتم ذالك العمل في غياب رب العمل، او بدون علمه، أو بدون أن يرخص له في ذالك منه أو من القاضي.
وعلى هذا الأساس لا يعتبر فضوليا من يكون ملتزما بتولي شؤون الغير بمقتضى عقد كالوكيل أو بمقتضى أمر من المحكمة او بمقتض ى نص كالقانون كالوصي ، ويلاحظ في الكثرة أنه في الكثرة الغالبة من الأحوال يكون رب العمل غير عالم بان الفضولي قد تولى شأنا عاجلا من شؤونه لأنه يكون بعيدا عن هذا الشأن فلا يتمكن من أن يتولاه بنفسه، فيتولاه الفضولي عنه ولكن قد يقع أن رب العمل يكون عالما بان الغير يتولى شأنا من شؤونه العاجلة، فاذا كان هو الذي دعاه الى ذالك، كان الغير وكيلا لا فضوليا، فيجوز أن رب العمل لا يدعو الفضولي الى تولي شؤونه، ولكنه يجيز عمله بعد ذالك، فيصبح الفضولي بهذه الاجازة وكيلا.
أما اذا كان رب العمل لم يدع الغير لتولي العمل الذي قام به، بل بالعكس من ذالك نهاه عن التدخل في شؤونه فلا يكون الغير فضوليا كذالك، ويجب الامتناع عن التدخل، والا ارتكب خطأ قد يستوجب المسئولية التقصيرية اذا عاد تدخله بالضرر على رب العمل واذا عاد بالمنفعة فانه لا يرجع بدعوى الفضالة ن بل بدعوى الاثراء بلا سبب .
وند بانه ليس من الضروري أن يكون الفضولي ذا أهلية كاملة التصرف القانوني الذي تولاه باسم رب العمل شانه في ذالك شان الوكيل، ويكفي أن يكون من اهل التمييز، وعلى عكس هذا يجب ان يكون رب العمل أهلا للتصرف القانوني الذي تولاه الفضولي عنه، لأنه يقع نافذا مباشرة في حقه .
الفقرة الثانية: الركن المادي.
يتوفر الركن المادي اذا ما تولى الفضولي شانا من شؤون غيره باختياره، وان يكون هذا الشأن ضروريا، فليس يكفي لتبرير الفضالة أن يكون ما تصدى له الفضولي نافعا أو مفيدا، بل لا بد أن يكون أمرا لازما ضروريا، ومعنى الضرورة هنا، ان يكون العمل الذي قام به الفضولي من الشؤون التي ما كان رب العمل ليتوانى في القيام بها، فقام به الفضولي ناظرا الى مصلحة رب العمل ونرى ذالك في الأمثلة التالية: قبول الهبة عن رب العمل، إيجار عين شائعة لرب العمل ما كانت تستغل بغير هذا الإيجار، بين محصولان يسرع إليها التلف، دفع ضريبة توقيا الحجز الإداري، قطع التقادم في حق مهدد بالسقوط، اطفاء حريق، جني محصول يخشى عليه من التلف، تنقية الزراعة من دودة القطن.
ويتبين من استعراض هذه الأمثلة ان هذه الاعمال قد تكون قانونية أو مادية وكلها من الشؤون العاجلة لرب العمل، وما كان هو ليتوانى في القيام بها الفقرة الثالثة: الركن المعنوي.
نجد أن هذا الركن أي الركن المعنوي يتوفر ، بان تتصرف نية الفضولي الى القيام بما تصدى له لمصلحة رب العمل ونفعه، فاذا لم تتوفر هذه النية بان اعتقد الفضولي وهو تولى شان الغير أنه يقوم بشؤون نفسه حزم الأمر من نطاق الفضالة، حتى لو عاد ذالك على الغير بالنفع ولا يرجع في هذه الحالات بدعوى الفضالة وإنما يرجع بدعوى الاثراء اذا توفرت شروطها، مثل ذالك أن يقوم المستأجر بإصلاحات ضرورية في العين المؤجرة حتى يستوفى منفعة العين لنفسه فهو بالنسبة الى المالك لا يعتبر فضوليا لانه يعمل لمصلحة لنفسه ويرجع على المالك بدعوى الاثراء بلا سبب، هذا وقد تنصرف نية المتدخل الى العمل لمصلحة نفسه فاذا به يعمل لمصلحة غيره، فلا يكون فضوليا في هذه الحالة لان العبرة بالنية، فمتى انصرفت نيته الى العمل لمصلحته الشخصية ارتفعت عنه صفة الفضولي حتى لو كشف بعد ذالك انه يعمل لمصلحة غيره او لمصلحة نفسه ومصلحة غيره في وقت واحد، فلو ان منزلا كان في حيازة شخص واعتقد الحائز انه يملك المنزل، فأجرى فيه اصطلاحات ضرورية لمصلحته هو، ثم تبين بعد ذالك أن المنزل ملك لغيره أو أنه شائع بينه وبين غيره، فلا يعتبر فضوليا بالنسبة لهذا الغير، ولا يرجع عليه بدعوى الفضالة بل بدعوى الاثراء اذا توفرت شروطها .
اذن يجب أن يعمل الفضولي لمصلحة رب العمل، ولا تكون هنا فضالة اذا لم توجد هذه النية، حتى لو عاد العمل بالدفع على الغير لارتباط شؤون هذا الغير بشؤون من تم العمل لمصلحته .
المطلب الثاني: أحكام الفضالة انطلاقا مما ذكرناه نجد أنه متى توفرت أركان الفضالة ثبت للفضولي قوة القانون النيابة القانونية عن رب العمل وهذا ما نصت عليه المادة 301 من القانون المدني الأردني وتسري عليه قواعد الوكالة وذالك اذا أقر رب العمل فقام به الفضولي " المادة 303" مدني أردني من خلال هذا المطلب سنقوم بدراسة التزامات الفضولي والتزامات رب العمل وكذا المسائل المشتركة بينهما وذالك من خلال فقرتين( الفقرة الاولى) سنخصصها لالتزامات الفضولي، اما ( الفقرة الثانية) فسندرس فيها التزامات رب العمل .
الفقرة الاولى: التزامات الفضولي.
التزامات الفضولي هو ما نص عليه الفصل 944 موضوع الشرح ،بقوله: على الفضولي أن يمضي في العمل الذي بدأه الى أن يتمكن رب العمل الاستمرار فيه بنفسه، اذا كان من شان انقطاع العمل أن يضر برب العمل "بمعنى يجب على الفضول ي أن يسير في العمل الذي بداه لصالح رب العمل، الى أن يتمكن هذا الأخير من مباشرته بنفسه، سيما اذا كان من شان انقطاع العمل ان يلحق ضرر برب العمل وبهذا الغير الذي بدأ الفضولي العمل لصالحه.
وقد أراد المشرع بهذا الالتزام أن يمنع التدخل في شؤون الغير عن خفة واستهتار، فمن تدخل في شان لغيره من غير أن يدعى لذالك ، واجب عليه الا يتخلى عن العمل متى بدا له ان يتخلى، بل يلتزم بالمضي فيما بداه رعاية لمصلحة رب العمل، خصوصا اذا كان الانقطاع عن العمل سيؤدي لا محالة الى الاضرار برب العمل ومصلحته.
ونجد انه اذا كان العمل الذي تولاه الفضولي عملا ماديا، كتنقية زراعة من دودة القطن أو اطفاء حريق، واجب على الفضولي المضي في تنقية الزراعة أو في إطفاء الحريق حتى يأتي رب العمل ويباشر العمل بنفسه أما اذا كان العمل الذي تولاه تصرفا قانونيا سواء عقد باسم رب العمل وباسمه الشخصي فواجبه أن يمضي في عمله فيتم ابرام التصرف القانوني ويقوم بالإجراءات التي يوجبها القانون كتسجيل التصرف أو قيده ثم يباشر تنفيذ التصرف اذا اقتضى الأمر .
البند الأول: التزامات الفضولي الأربعة انطلاقا مما سبق نجد ان الفضولي يلتزم بعدة التزامات وهي كالتالي: 1-المضي في العمل الذي بداه حتى يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه: وعلة هذا الالتزام هي أن المشرع قد أجاز التدخل في شؤون الغير تحقيقا لمصلحته، وتلك المصلحة لا تتحقق الا باستمرار الفضولي في القيام بالعمل الذي بدأه حتى يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه ويترتب على ذالك أن الفضولي اذا توقف عن العمل قبل أن يتم او قبل ان يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه، عد ذالك خطا يستوجب مساءلة عن الاضرار التي تلحق برب العمل، ما لم يكن هذا التوقف راجعا الى سبب أجنبي، أو يكون الاستمرار في العمل من شانه أن يلحق به ضررا جسيما .
-التزام الفضولي ببذل غاية الشخص العادي: نجد من خلال هذا الالتزام أنه اذا اقتصر الفضولي في قيامه بالعمل عن بذل غاية الشخص العادي، كلن مخطئا ومسئولا عن تعويض الضرر الذي يترتب على هذا الخطا على انه " يجوز للقاضي أن ينقص التعويض المترتب على هذا الخطا اذا كانت الظروف تبرر ذالك".
واذا عهد الفضولي الى غيره بكل العمل أو ببعضه كان مسئولا عن تصرفات نائبه بحيث سيستطيع رب العمل ان يرجع على الفضولي بتعويض الاضرار المترتبة على أعمال نائبه ولو لم يترتب الفضولي أي خطا شخصي.
ولرب العمل الى رجع مباشرة على نائب الفضولي بتعويض هذه الاضرار، وفي حالة تعدد الفضوليين في القيام بعمل واحد، ووقع خطأ بالمعنى السابق كانوا متضامنين في المسئولية .
-التزام الفضولي بإخطار رب العمل عن تدخله.
ويعني أنه من واجب الفضولي اخطار رب العمل بتدخله متى استطاع ذالك، هذا لان العمل الذي يقوم به الفضولي هو لمصلحته رب العمل فيجب إخطاره حتى يقرر ما يراه من اتمام العمل لنفسه أو عدم اتمامه .
حيث لا يكفي ان يمضي الفضولي في العمل الذي بدأ به حتى يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه بل يجب بذالك أن يبادر الى اخطار رب العمل بتدخله بمجرد أن يتمكن من ذالك، فيستطيع رب العمل بعد هذا الاخطار من مباشرة العمل بنفسه، وقد راينا ان هذه المباشرة اذاكانت واجبة عليه فهي أيضا حق له، وغني عن البنيان أن الفضولي ليس مطالبا بأن يبذل جهدا غير معتاد لاخطار رب العمل بتدخله، وانما هو مطالب بانتهاز اول فرصة معقولة تتاح له حسيب الظروف التي تحيط به للقيام بهذا الاخطار .
-تقديم رب العمل حسابا لرب العمل ورد ما استولى عليه بسبب الفضالة: نجد أن الفضولي يلتزم بما يلتزم به الوكيل من رد ما استولى عليه بسبب الفضالة وتقديم حساب عما قام به ، حيث أنه اذا أقام الفضولي بتصرف قانوني عقده نيابة عن رب العمل، فان هذا التصرف ينفذ مباشرة في حق رب العمل كما سبق القول، واذا مضى الفضولي في تنفيذ هذا التصرف باسم رب العمل كما اذا استوفى حقا ، فانه يقبض الحق كالوكيل ولا يجوز له ان يستعمل المال لصالح نفسه وان فعل فعليه فوائد المبالغ التي استخدمها لصالحه بالسعر القانوني (4%) من وقت استخدامها ، لا من وقت المطالبة القضائية ولا من وقت الاعذار أما اذا لم يستعمل المال لصالح نفسه فان فوائده بالسعر القانوني تجب عليه من وقت اعذاره برد المال.
واذا قام الفضولي بتصرف قانوني عقده باسمه الشخصي لصالح رب العمل فان هذا التصرف ينفذ في حقه لا في حق رب العمل كما سبق القول، ويجب عليه ، ويجب عليه أن يمضي في العمل وينفذ التصرف عند الاقتضاء ، فاذا باع محصولات يسرع اليها التلف ن وقبض الثمن فلا يجوز له أن يستعمله لصالح نفسه ، ولا وجبت عليه فوائده بالسعر القانوني من وقت استخدامه وعليه ان يرد لرب العمل .
واذا لم يستخدمه لنفسه وجبت عليه فوائده القانونية من وقت الاعذار.
واذا قام الفضولي بعمل مادي ن كما اذا جنى محصولا لرب العمل فعليه أن يسلمه اياه بمجرد التمكن من ذالك ولا يجوز له أن يستولي عليه لصالح نفسه وإلا لزم التعويض.
البند الثاني: ما تشترك فيه التزامات الفضولي من أحكام.
سنتحدث في هذا البند عن أهلية الفضولي بالنسبة الى التصرف القانوني الذي يتولاه وحتى يتبين بوضوح الأهلية اللازمة للفضولي يجب التمييز بين أهليته بالنسبة الى ما عسى أن يتولاه من تصرف قانوني وأهليته بالنسبة الى أعمال الفضولي باعتبارها أعمالا مادية كما سبق القول .
فاذا كان العمل الذي يتولاه الفضولي تصرفا قانونيا عقده باسم رب العمل نيابة عنه، فقد قدمنا ان اهلية الفضولي بالنسبة الى التصرف هي أهلية الوكيل فيكفي فيه التمييز ولا تشترط فيه الاهلية الكاملة للتصرف الذي يتولاه، وانما تشترط هذه الاهلية الكاملة في رب العمل الذي ينصرف اليه مباشرة أثر التصرف .
واما اذا كان العمل الذي يتولاه الفضولي تصرفات قانونيا عقده باسمه الشخصي ، فلا بد أن تتوفر فيه الاهلية الكاملة لهذا التصرف لانه هو الذي يلتزم به كما راينا ولا يشترط في رب العمل أية أهلية بالنسبة الى هذا التصرف لذا يعتبر من غير فيه.
أما فيما يخص أهلية الفضولي بالنسبة الى أعمال الفضالة باعتبارها جميعا اعمالا مادية فنجد بان أعمال الفضالة باعتبارها أعمالا مادية بالنسبة لرب العمل وقد راينا منها تقدم أن جميع الأعمال التي يقوم بها الفضولي حتى التصرفات القانونية التي يعقدها باسمه أو باسم رب العمل، تعتبر بالنسبة الى رب العمل أعمال مادية – فان اهلية الفضولي للالتزام بهذه الاعمال تقتضي دائما أن يكون من اهل التمييز لذا يشترط فيه كما قدمنا القصد في أن يعمل لمصلحة رب العمل ثم هي بعد ذالك تختلف باختلاف ما يلتزم به ود علمنا ان التزامات الفضولي أربعة اثنان منها، المضي في العمل وإخطار رب العمل وهما لا يقتضيان أكثر من أهلية التمييز فيجب على الفضولي ولو لم يكف بالغا سن الرشد ما دام مميزا أن يمضي في العمل الذي بدأ فيه وأن يخطر رب العمل متى استطاع ذالك واذا هو اخل بأخذ هذين الالتزامين كان هذا إظلال بالتزام قانوني واعتبر خطأ تقصيريا يوجب المسئولية التقصيرية كاملة والالتزامان الاخران هما بذل العناية الواجبة في ادارة المحل وتقديم الحساب وهما التزامان يتعلقان بحسن ادراة مال الغي، ويشترط فيمن يطلب منه حسن إدارة مال الغير ان يكون كامل الاهلية، أما اذا لم تكن الاهلية الكاملة متوفرة فيه فلا يكون الرجوع عليه الا بدعوى الاثراء بلا سبب وهذا مالم يرتكب خطا تقصيريا فتكون المسئولية التقصيرية كاملة .
وفيما يتعلق بموت الفضولي فنجد ان الفضالة تنقضي بموت الفضولي كما تنقضي الوكالة بموت الوكيل ، وبذالك تنقضي كل من التزامات الفضولي والوكيل أما ورثة الفضولي فيلتزمون التزاما شخصيا مباشرا بما يلتزم به ورثة الوكيل وهؤلاء اذا توافرت منهم الاهلية وكانوا على علم بالوكالة يلتزمون بالمبادرة في اخطار الموكل بموت الوكيل وباتخاذ التدبيرات المناسبة لصالح الموكل تبعا لما تقتضيه الحال، وبذالك يلتزم ورثة الفضولي اذا كانوا كاملي الاهلية وعلى علم بالفضالة، فعليهم ان يخطروا رب العمل بموت مورثهم وعليهم أيضا ان يحافظوا على ما تم من عمل بان يصلوا به الى حالة لا يتعرض للتلف حتى يتمكن رب العمل من انت يباشر العمل بنفسه.
أما من ناحية موت رب العمل: نجد بان هنا تختلف الفضالة عن الوكالة، فالوكالة تنقضي بموت الموكل ومتى انقضت وجب على الوكيل ان يصل بالاعمال التي بداها الى حالة لا تتعرض معها للتلف.
اما الفضالة فلا تنقضي بموت رب العمل بل يبقى الفضولي قائما بالتزامه نحو الورثة كما كان قائما بها نحو ر العمل ولا تكفي ان يصل الفضولي بالاعمالالتي بداها الى حالة لا تتعرض معها للتلف، كما يفعل ورثة الوكيل وكما يفعل ورثته اذا مات هو بل يحب عليه ان يستهل في العمل لصالح ورثة رب العمل الذين حلوا محل مورثهم.
اما ناحية تقادم التزامات الفضولي فنجد ان المادة 197 تنص على انه " تسقط الدعوى الناشئة عن الفضالة بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه كل طرف بحقه، وتسقط كذالك في جميع الاحوال بانقضاء خمسة عشر سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق".
ويستخلص من هذا النص ان الفضولي اذا لم يقم بالتزاماته، فلم يمضي في العمل او لم يخطر رب العمل بتدخله، ولم يبذل العناية الواجبة، ولم يقدم حسابا عن العمل فان العمل يستطيع مقاضاته ليلزمه بتنفيذ التزاماته هذه عينا او بطرق التعويض.
وتسقط هذه الدعوى الناشئة عن الفضالة باقصر المدتين : ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم رب العمل فيه بحقه ، أو بخمسة عشر سنة من نشوء هذا الحق، ومدة التقادم هذه هي عينها مدة التقادم في دعوى الاثراء بلا سبب وفي دعوى غير المستحق.
ونشير هنا الى ان ما ذكرناه في الدعوتين، أن التقادم بثلاث سنوات يتم غالبا قبل التقادم بخمسة عشر سنة ولكن قد يقع ان رب العمل لا يعلم بحقه الا بعد مدة طويلة اذا فرضناها اكثر من اثني عشر سنة .
فان الدعوى تتقادم في هذه الحالة بخمس عشر سنة من وقت قيام الالتزام قبل تقادمهما بثلاث سنوات من وقت علم ب العمل بحقه فبالرجوع على الفضولي .
الفقرة الثانية: التزامات رب العمل.
اذا تحدثنا عن التزمات ر ب العمل، سنجد أن الفصل949 من قانون الالتزامات والعقود المغربي الذي تقابله المادة 888 من نظيره الموريتاني تنص على أنه " اذا باشر الفضولي في مصلحة صاحبه وعلى وجه ينفعه، كسب هذا الاخير كل الحقوق، وتحمل مباشرة كل الالتزامات التي تعاقد الفضولي عليها لحسابه، ويجب عليه أن يبرئ الفضولي من كل العواقب المترتبة على مباشرة العمل وان يعوضه عن المبالغ والمصروفات التي انفقها والخسائر التي تحملها، وانطلاقا مما ذكرنا تتضح لنا التزوامات ر العمل التي سنتحدث عنها في البند الاول، ، اما فيما يخص ما تشترك فيه التزامات رب العمل من احكام فسنقوم بدراسته في البند الثاني .
البند الاول: التزامات رب العمل الاربعة.
ان كل ما ذكرناه سابقا يجعلنا أو بمعنى أصح تتشح لنا التزامات رب العمل وهي كالتالي: 1-الالتزام بتحمل الالتزامات التي تعاقد عليها الفضولي: وفي هذا الصدد نجد أن ر العمل يلتزم بتحمل الالتزامات التي عقدها الفضولي بالنيابة عنه، وهذا الالتزام مصدره القانوني في بعض.
التشريعات، كالتشريع المصري، الذي نصت فيه المادة 195 من القانون المدني: " يعتبر الفضولي نائبا عن رب العمل متى كان قد بذل في ادارته عناية الشخص العادي، ولو لم تتحقق النتيجة المرجوة".
وعليه فان ما يبرمه الفضولي من عقود وما يتحمله من التزامات، يسري أثره مباشرة في حق رب العمل، فيعتبر رب العمل ملتزما، كما لو كان هو الذي اقدم على هذا العقد ان تحمل ذالك الالتزام.
.
-الالتزام بتبرئة الفضولي من كل العواقب المترتبة عن مباشرة العمل: العمل بالاضافة الى الالتزام السابق، تبرئ ذمة الفضولي من كل ما يمكن أن يعود به الغير نتيجة العمل الذي أقدم عليه لفائدة رب العمل، فاذا تعاقد الفضولي مع مهندس بخصوص عقار يعود لرب العمل وترتيب أي مطالبة عن هذا العقد، فان رب العمل يتحملها واذا التزم الفضولي باداء معين، رجع على رب العمل .
وقد يحدث ان يتعاقد الفضولي لمصلحة رب العمل ولكن باسمه و شخصيا كان يتفق مع مقاول على اصلاح العمل فطالما ان الفضولي قد تعاقد باسمه، فان أثر التصرف ينصرف اليه، ويصبح هو دائنا بالحقوق ومدينا بالالتزامات اللازمة عن هذا العقد.
فاذا وفى هذه الالتزامات للمقاول مثلا، كان له ان يرجع بها على رب العمل .
3- النفقات الضرورية والنافعة ودفع اجر الفضولي: ومعنى هذا ان يرد النفقات الضرورية والنافعة يقع على رب العمل شريطة الا يكون مبالغا فيها من قبل الفضولي، فعلى رب العمل أن يؤدي الى الفضولي جميع ما اقتضت الضرورة من نفقات ضرورة أو نافعة.
والاصل ان الفضولي لا يستحق اجرا على عمله.
اذا الفروض فيه أنه متبرع بتفضله لان هذه القرينة تسقط اذا كان ماقام به الفضولي من قبل وجوه الانفاق الحقيقية بالنسبة اليه.
ويحصل أن هذا العمل الذي اداه وتدخل في نطاق مهنته كما هو الشان في طبيب يقوم بمعالجة مريض، فعندئذ يصبح من حقه يؤجر على عمله .
4- تعويض الفضولي عن الضرر الذي لحقه بسبب قيامه بالعمل: يلتزم رب العمل بتعويض الفضولي عن ما لحقه من ضرر بسبب قيامه بالعمل، ومثال ذالك من يصاب اثناء محاولة اطفاء حريق.
اما اذاكان الضرر راجعا الى خطا الفضولي فلا يلتزم رب العمل بتعويضه، ويعتبر الضرر راجعا الى خطأ الفضولي اذا كان يمكنه أن يتوقاه ببذل جهد معقول.
او بمعنى آخر رب العمل يلزم " بتعويض الفضولي تعويضا عادلا عن ما لحقه من ضرر بسبب قيامه بالعمل.
ويتحقق معنى العدالة في التعويض متى كان مناسبا مالا يستطيع الفضولي انقاذه مع بذل المألوف من أسباب العناية ويقوم حق الفضولي في اقتضاء التعويض على ما يتمثل في الضرر الحادث له من الافتقار " وعلى ذالك اذا اصاب الفضولي ضرر اثناء قيامه بالعمل العاجل بغير خطا منه وبحيث ما كان يستطيع تلافيه ببذل العناية المألوفة، كان من حقه أن يعوض عنه، باعتباره يدخل ضمن ما تجسمه الفضولي من نفقات في سبيل القيام بالعمل النافع لمصلحة رب العمل ، مثل ذالك ان يتلف بعض أمتعته اثناء قيامه باطفاء حريق شب في منزل جاره أو ينقذ شخصا موشكا على الغرق فيصا بضرر وهو ينقذه، ففي هذه الحالة يدخل ما أصاب الفضولي ضمن التكاليف التي تكبدها في سبيل القيام بالعمل، ويكون له ان يطالب رب العمل بتعويضه عنه بشرط ان يكون الضرر الذي أصابه ما كان يستطيع أن يتوقاه ببذل المألوف من العناية.
ويلاحظ بان هذا الالتزام بدوره يعدل التزام الموكل قبل الوكيل بتعويضه عما يصيب الاخير من ضرر بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذا معتادا دون خطأ منه .
البند الثاني: ما تشترك فيه التزامات رب العمل من احكام .
وفي هذا البند أي ما تشترك فيه التزامات رب العمل من أحكام ، سنتحدث أو بمعنى أصح سنحدد هذه الاحكام في ثلاث أحكام، هي كالتالي: 1- أثر موت رب العمل أو موت الفضولي على هذه الالتزامات 2- مبدأ أثر أهلية رب العمل على التزاماته 3- تقادم التزامات رب العمل 4- اثر موت رب العمل او موت الفضولي على هذه الالتزامات: ونقول في هذا الصدد بأن القواعد العامة تطبق في شان موت رب العمل أو موت الفضولي على التزامات رب العمل، ذالك أن المادة 194 من القانون المدني المصري اقتصرت على بيان هذا الاثر في التزامات الفضولي، ولم يرد نص خاص ينظم أثر هذا الموت على التزامات رب العمل.
وتطبيق القواعد العامة يرتب في حالة موت رب العمل أن تبقى التزاماته في تركته التي تتحمل بما يستحق للفضولي.
اما اذا مات الفضولي، فان رب العمل يظل ملزما نحو ورثته بحيث تعد هذه الالتزامات عناصر ايجابية بأن يرد اليه المصروفات الضرورية والنافعة وأجر الفضولي ان استحق اجرا، وتعويضهم عن الالتزامات الشخصية التي عقدها الفضولي باسمه عن ما لحق به من ضرر .
1-مدى اثر أهلية رب العمل على التزاماته: نجد ان مسئولية رب العمل تبقى كاملة ولو لم تتوافر أهلية التعاقد، ومعنى ان الالتزامات لا تتاثر بنقص أهليته، فاذا قام الفضولي بعمل لمصلحة من لم يبلغ سن الرشد والمحجور عليه بل وغير المميز، التزموا نحو الفضولي رغم عدم توفر الاهلية لديهم، فالاصل يلزم باداء ما تحمله الفضولي من نفقات وتعويض ما أصابه من ضرر بمقتضى قواعد الاثراء بلا سبب، وتطيقا لقواعد الاثراء بلا سبب ، يلتزم المثري برد ما اثرى به حتى لو كان غير مميز ونلفت النظر أن الفضولي اذا ابرم تصرفا باسم رب العمل ونيابة عنه، فانه يجب ان تتوافر لدى رب العمل الواجبة بالنسبة لهذا التصرف حتى ينصرف اليه مباشرة أثر التصرف 2-تقادم التزامات رب العمل: ان الدعوى الناشئة عن الفضالة تسقط بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه كل طرف – الفضولي او رب العمل- بحقه وتسقط كذالك في كل الاحوال بانقضاء خمسة عشر سنة من اليوم الذي ينشا فسه هذا الحق .
– معنى ذلالك ان التزامات رب العمل تسقط بمرور ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه الفضولي بحقه، وبانقضاء خمسة عشر سنة من اليوم الذي ينشا فيه حقه، واذا انقضت هذه المدد لا تقبل الدعوى التي يرفعها الفضولي لمطالبة رب العمل بحقوقه .
وفي ذالك يختلف تقادم الالتزامات في الفضالة، ومصدرها عمل مادي – عنها في تقادم التزامات كل من الوكيل والموكل وهي خمسة عشر سنة من وقت نفاذ هذه الالتزاماتـ،لانها التزامات تكون على ارادة المتعاقدين، وهذا ما جرى عليه القانون المدني المصري الجديد في انشاء تقادم قصير للالتزامات التي ليست الارادة مصدرها كما في العمل غير المشروع وفي القاعدة العامة في لاثراء بلا سبب وفي تطبيقها في دفع غير المستحق والفضالة.
وذالك خلافا للالتزام الارادي الذي يخضع كالقاعدة العامة في تقادم مدته خمسة عشر سنة.