الوفاء في القانون المغربي

مجموعة مواضيع في النظرية العامة للالتزام في القانون المغربي لإنجازالبحوث والتحضير للمباريات القانونية

الوفاء في القانون المغربي
يعتبر الوفاء السبب الطبيعي والطريق المألوف للانقضاء الالتزام، ذلك أن نشوء الالتزام صحيحا ينطوي بالضرورة على تعهد المدين بتنفيذ ما التزم به.

وكما أن الوفاء قد يتم تلقائيا من طرف المدين، فإنه قد يتم رغما عن إرادته بسلوك مساطر الوفاء الجبري.

وقد نظم المشرع المغربي الوفاء بالالتزامات في قسمين مختلفين حيث تطرق له من جهة أولى في القسم الرابع الخاص بآثار الالتزامات، كما نظمه في جهة ثانية في القسم السادس المتعلق بانقضاء الالتزامات، ولا غرابة في ذلك حيث أن الوفاء هو انقضاء الالتزام عن طريق تنفيذه، إلا أن هذا التنفيذ قد يكون بما التزم به المدين عند نشأة الالتزام وهو ما يحقق الإشباع المباشر للدائن، كما قد يتم من خلال الوفاء بمقابل آخر غير الذي تم الاتفاق عليه فيحقق الدائن من خلاله إشباعا غير مباشر.

المطلب الأول: شروط الوفاء الإرادي بالالتزام لقيام الوفاء كأبرز مؤسسة لانقضاء الالتزامات، لابد وأن تتوفر في هذا الوفاء مجموعة من الشروط التي لا يقوم بدونها وإلا كان معيب يترتب على ذلك عدم وجوده ويبقى الالتزام قائما في ذمة المدين.

ولعل أبرز هذه الشروط أن يحصل الوفاء بين الموفي والموفى له بمعناهما الواسع (الفقرة الأولى)، كما يجب أن ينصب على محل الالتزام(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: أطراف الوفاء الأصل أن أطراف الوفاء هم الموفى ويغلب أن يكون هو المدين نفسه، وقد يكون غير المدين، إضافة للموفى له والذي يغلب أن يكون هو الدائن، وقد يكون غير الدائن في بعض الحالات.

أولا: الموفي مادام الالتزام قد نشأ بين طرفين اثنين هما الدائن والمدين، فإن تنفيذه يجب أن يتم من هذين الطرفين، حيث أن الموفى والذي يتخذ صفة المدين يجب عليه أن ينفذه شخصيا، إذ القاعدة العامة أن يتم الوفاء من طرف المدين نفسه، فمتى نفذه شخصيا فلا يمكن للدائن أن يرفضه، غير أن الوفاء ليس من الضروري أن يتم من طرف المدين.

وفي هذا الصدد ينص الفصل 236 من ق.

ل.

ع على أنه: "يجوز للمدين أن ينفذ الالتزام إما بنفسه وإما بواسطة شخص آخر".

وبالتالي يصلح أن يكون الموفي إما المدين أو نائبه، أو كل شخص له مصلحة في الوفاء بالالتزام أو أي شخص أجنبي حتى ولو لم تكن له مصلحة في الوفاء إذ أن شخصية الموفي غالبا لا تكون محط اهتمام من طرف الدائن، على اعتبار إن الوفاء بالدين من طرف أي شخص يغطي حقوقه، وبالتالي فإن الدائن لا يحق له رفض الوفاء الحاصل من الغير، إلا أن هذا الحكم ليس مطلقا، بل ترد عليه بعض الاستثناءات التي تلزم المدين بأداء الدين بنفسه، وهو ما نص عليه الفصل 236 وتتجلى في الحالة التي يشترط فيها المدين أن يقوم شخصيا بأداء الالتزام، في هذه الحالة لا يسوغ له أن يجعل شخصا آخر مكانه ولو كان هذا الشخص أفضل منه في أدائه؛ إضافة إلى الحالة التي ينتج فيها هذا الاستثناء ضمنيا من طبيعة الالتزام أو من الظروف؛ ومثال ذلك أن يتمتع المدين بمهارة شخصية تكون أحد البواعث الدافعة لإبرام العقد.

وفي غيرها من الحالات يجوز أن يتم الوفاء من غير المدين شخصيا ولو من غير إرادة الدائن بشرط أن يكون هذا الغير قد عمل لحساب المدين وإبراء لذمته ، كما في الحالة التي يتم فيها الوفاء ممن ينوب عن المدين كالوكيل أو الممثل الشرعي من ولي ووصي أو مقدم أو الحارس القضائي.

ويمكن أن يتم الوفاء من شخص آخر غير المدين تكون له مصلحة في الوفاء، ويقوم حقه في الوفاء على هذه المصلحة ، من مثيل المدين المتضامن مع غيره في التزام تضامني أو في التزام غير قابل للانقسام وكذا الكفيل الشخصي أو العيني والحائز للعقار المرهون.

فكل واحد من هؤلاء مسؤول عن وفاء الالتزام ومجبر عليه تجاه الدائن إما لأنه ملتزم بالدين مع المدين كما في التضامن وإما لأنه ملتزم بالدين عن المدين كما في الكفالة.

كما أنه من الممكن أن يتم الوفاء من شخص أجنبي لا مصلحة له في الوفاء، كأحد أقرباء المدين أو صديق له تقدم للوفاء عنه خوفا عليه من إجراءات التنفيذ وما تهدده به من خسائر، وقد يكون شريكا للمدين في التجارة ويخشى ما يحدثه التنفيذ الجبري على المدين من آثار في تجارتهما المشتركة .

وإذا كان المدين يتحرر من الدين تجاه الدائن بفضل الوفاء التي قام به الغير، فإن الأمر قد لا يكون كذلك في مواجهة الموفي سواء كان لهذا الغير مصلحة أم لا؛ ما لم يكن متبرعا بالوفاء بالدين، حيث يمكن الرجوع عليه بطرق مختلفة وبحسب سبب الوفاء؛ إما عن طريق دعوى شخصية مبنية على الوكالة أو الفضالة او الإثراء بلا سبب، أو عن طريق دعوى الحلول متى شروطها .

وتجدر الإشارة إلى أن الوفاء من طرف الغير يتم بالرغم عن إرادة الدائن، إلا أنه لا يمكن أن يتم بدون إرادة الدائن والمدين معا، حيث لابد من موافقة المدين على هذا الوفاء، وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 237 .

ثانیا: الموفى لھ ينص الفصل 238 من ق.

ل.

ع على أن الوفاء يجب أن يقع للدائن نفسه أو لممثله المأذون له على وجه صحيح أو للشخص الذي يعينه الدائن لقبض الدين.

والفاء لمن ليست له صلاحية استيفاء الدين لا يبرئ ذمة المدين إلا إذا: 1 -أقره الدائن ولو ضمنيا، أو استفاد منه؛ 2 -أو أذنت به المحكمة.

فالأصل أن يكون الوفاء للدائن لأنه هو الذي به حق استيفاء الدين وإبراء ذمة المـدين، وليس من الضروري أن يكون الدائن هو الذي كان دائنا وقت نشوء الدين، بل المهم أن يكونهو الدائن وقت استيفاء الدين، كأن يموت الدائن الأصلي فيكون الوفاء لورثته إذ هم الـدائنون وقت الاستيفاء .

كما أن الوفاء قد لا يتم للدائن نفسه، إذ من الممكن أن يكون لغير الـداائن فـي بعـض الحالات التي تربط بينه وبين الموفى له علاقة قانونية معينة؛ كحالة الوفاء للوكيـل بمقتضـى وكالة اتفاقية أو قانونية أو قضائية حيث تبرئ ذمة المدين بمجرد الوفاء لهذا الوكيل.

إضافة إلى أن الوفاء قد يتم في بعض الحالات لبعض الأشخاص الذين لا تربطهم علاقة بالدائن، غير أن هذا الوفاء لا يتم صحيحا إلا إذا أقره الدائن ولو ضمنيا؛ كحالة الوكيل الـذي انتهت وكالته أو تجاوز حدودها أو عزل عن الوكالة ففي هذه الحالة يكون الوفاء بـاطلا ولا .

ويعتبر كـذلك يبرئ ذمة المدين ومع ذلك فإن إقرار الدائن يصبح معه هذا الوفاء صحيحا الوفاء للغير صحيحا إذا استفاد الدائن من الوفاء، أو أذنت به المحكمة بناء على قـرار مـن القضاء يصدر إثر إجراءات الحجز لدى الغير، فكل دائن يستطيع أن يحجز ما لمدينـه لـدى الغير إما بناء على سند تنفيذي أو إذن من القاضي.

كما أن الوفاء قد يتم للوارث الظـاهر إذا تم بحسن نية طبقا للمادة 240 من قانون الالتزامات والعقود.

وتجدر الإشارة إلى أنه في بعض الحالات قد يمتنع الدائن عن استيفاء الدين رغم حلول أجله وعرضه عليه من قبل المدين أو من ينوب عنه الأمر الذي يجعـل الـدائن فـي حالـة ، غير أن مطل الدائن لا يكفي لإبراء ذمة المدين، إذ يتعـين عليـه سـلوك مسـطرة مطل العرض العيني لمحل الالتزام استنادا للفصلين 275 و276 الفقرة الثانیة: محل الوفاء قد يكون محل الالتزام مبلغا من النقود أو شيء معينا بذاته أو بنوعه وقد يكـون القيـام بعمل أو الامتناع عن عمل، وحتى يكون الوفاء مبرئا للذمة وجب أن يكون هذا الوفـاء بمـا التزم به المدين دون غيره، وأن يتناول هذا الشيء كاملا دون تجزئـة، مـع و جـود بعـض الحالات التي يمكن أن يكون فيها الوفاء جزئيا.

وبالتالي فإن الحديث عن محل الوفاء يفـرض علينا الحديث عن ضرورة أن يكون الوفاء بذات الشيء المستحق، وكذا لضرورة أن يكـون الوفاء كاملا دون تجزئة،مع التطرق للحالات التي يمكن أن يتم فيها الوفاء الجزئي.

فبخصوص النقطة الأولى فقد ذهبت معظم التشريعات إلى أن المبدأ والقاعدة تقتضي أن يكون الوفاء بعين ما التزم به المدين، وهذا ما نص عليه المشرع المغربي في الفصـل 320 من ق.

ل.

ع الذي يؤكد "ينقضي الالتزام بأداء محله للدائن وفق للشروط التي يحددها القانون أو الاتفاق"، وبالتالي فمتى كان محل الالتزام إعطاء شيء معين كمبلغ من النقـود فإنـه يتعـين كقاعدة عامة على المدين أن يقوم بالوفاء به أن بمقداره المحدد في العقد، أما إذا كـان محـل الالتزام القيام بعمل معين أو امتناع عن عمل معين فيتوجب على المدين القيام بـذات العمـل المتفق عليه، كما يكون للدائن أن يرفض أي عمل آخر.

غير أنه بالرجوع للمادة 321 فإنه يمكن للدائن أن يستفي حقه شيئا آخر غير الذي تـم الالتزام به إذا رضي بذلك صراحة أو ضمنيا في حالة ما إذا أخذ شيئا آخر غير الـذي كـانمحل الالتزام دون تحفظ، ولكن عندها نخرج من إطار الوفاء العادي للوفاء بمقابل.

أما النقطة الثانية فتؤكد على أن الأصل أن يتم الوفاء بالدين المستحق كاملا دون تجزئة، ولا يجبر الدائن على استيفاء جزء من الدين حتى لو كان قابلا للتجزئة، ما لم يتفق على خلافه طبقا للفصل 243 من ق.

ل.

ع.

إلا أن لهذا الأصل بعض الاستثناءات يمكن فيها تجزئة الوفاء، كحالة اتفاق الأطراف على ذلك، وكذا الحالات التي ينص فيها القانون على هذه الإمكانية كمافي المقاصة التي يترتب في حالة توافر شروطها انقضاء الدينين المتقابلين فـي حـد الأقـل منهما، فيكون صاحب الدين الأكبر قد استوفى جزءا من دينه.

إضافة لحالة الكمبيالة والسـند لأمر الذي يلزم حاملهما على قبول الوفاء الجزئي ومنع عليـه رفـض مثـل هـذا الوفـاء الجزئي(المادة 185 والمادة 234 من مدونة التجارة).

هذا إضافة لإمكانيـة تجزئـة الوفـاء بمقتضى حكم قضائي.

بقي أن نشير في هذا الإطار إلى المكان والزمان الذي يجب أن يتم فيهما الوفاء بـالنظر لأهميتهما في تحديد التزامات الطرفين.

فبخصوص مكان الوفاء فقد أشارت له المادة 248 من ق.

ل.

ع والتي داء فيها: "على أنه يجب تنفيذ الالتزام في المكان التي تقتضيه طبيعة الشيء أو يحدده الاتفاق، فـإذا لـم يحـدد الاتفاق مكانا للتنفيذ، وجب أن يقع في مكان إبرام العقد إذا قام على أشياء يكون نقلهـا كثيـر الكلفة أو صعبا.

وإذا كان من الممكن نقل محل الالتزام دون صعوبة ساغ للمـدين أن يقـوم بالوفاء أينما وجد الدائن ما لم يكن للدائن مبرر معقول في عدم قبول الوفاء المعروض عليـه .

وفي الالتزامات الناشئة عن الجريمة يحصل التنفيذ في مقر المحكمة التي باشرت القضية.

أما بالنسبة لزمن الوفاء فإن المادة 127 قد نصت على أنه إذا لم يحدد للوفاء بـالالتزام أجل معين وجب تنفيذه حالا ما لم ينتج الأجل من طبيعة الالتزام، أو من طريقة تنفيذه، أو من المكان المعين لهذا التنفيذ.

وفي هذه الحالة يعين الأجل القاضي.

وهو ما أحالتنا عليـه المـادة 249 .

وقد أكدت المادة 135 على أن الأجل يفترض أنه مشترط لصـالح المـدين، ويجـوز للمدين أن ينفذ الالتزام ولو قبل حلول أجله بشرط أن يكون محله نقودا ولم يكن في هذا الوفاء المبكر مضرة للدائن، وإذا لم يكن محل الالتزام نقودا لم يجبر الدائن على استيفائه قبل حلـول الأجل ما لم يرتضيه، وكل هذا مالم ينص القانون والاتفاق على خلاف ذلك.

ويجوز للقاضيفي بعض الحالات أن يمنح المدين مهلة إضافية للوفاء بما عليه إذا كان القـانون أو الاتفـاق يخوله هذا الحق طبقا للمادة 128 .

وھذا بخلاف المادة التجاریة التي وضع لھا المشرع قواعد خاصة في حالة عدم تحدید أجل للوفاء، وذلك بمقتضى التعدیل الذي لحق مدونة التجارة بالقانون 10.

32، وذلك في المادة 78 -2 التي تؤكد على أنھ "یحدد أجل أداء المبالغ المستحقة في ستین یوما ابتداء من تاریخ التوصل بالسلع أو تنفیذ الخدمة المطلوبة إذا لم یتفق الأطراف على تحدید أجل للأداء.

عندما یتفق الأطراف على أجل لأداء المبالغ المستحقة، فإن ھذا الأجل لا یمكن أن یتجاوز تسعین یوما ابتداء من تاریخ التوصل بالسلع أو تنفیذ الخدمة المطلوبة.

" وتجدر الإشارة إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالالتزامات التخييرية فإن الالتزام تكون لـه عدة محال، فتبرأ ذمة المدين بمجرد أداء أحد المحال، كما تبرأ ذمته في الالتزام البدلي بمجرد أدائه لشيء آخر كبديل لما التزم به.

وقد نصت المادة 250 على أن مصروفات الوفاء تقع على عاتق المدين وذلك مـا لم يشترط عكس ذلك أو تجري العادة بخلافه، ومع استثناء الحالات التي يقضي فيهـا القـانون بحكم مخالف.

المطلب الثاني : الوفاء النقدي وإثباتھ.

الفقرة الأولى: الوفاء بواسطة النقود وخصوصیاتھ.

يعتبر الوفاء النقدي من أهم الوسائل التي يتم بها الوفاء بالالتزامات، وذلك بالنظر لقيمته الإبرائية ولسهولة وسرعة التعامل به.

إلا أنه لم تصبح له هذه القيمة إلا بعد التطـور الـذي لحقه، حيث كان الإنسان القديم يعتمد في معاملاته المالية على المقايضة، فيعمل على مقايضة ما ينتجه بما يحتاجه من سلع، إلا أن هذه العملية كانت في الكثير من الحالات عـاجزة عـن توفير كل ما يحتاجه الفرد بالنظر للعيوب التي تكتنفها، ولعل أبرزها عدم توافق الرغبات في بعض الأحيان بين الأطراف، إضافة عدم الاتفاق على المقدار والقيمة بين الأشياء المقـايض بها.

وهكذا بدأ الناس يبحثون عن الحلول البديلة لتسهيل المبادلات، فظهرت المعـادن حيـث أصبح الذهب والفضة هما الوسيط المناسب لعملية البيع والشراء بجانب المقايضـة، بـالنظر لإمكانية تقسيمهما إلى قطع صغيرة وأجزاء يسهل التعامل بها وحملها ونقلها دون عناء.

غير أنه بالنظر للتلاعبات التي صاحبت هذه الوسيلة لاسـيما عـن طريـق التلاعـب بأوزانها، وأيضا التغيرات الحادة التي كانت تطرأ على الذهب بالخصوص؛ كل ذلك أدى إلى بروز النقود الورقية كوسيلة للوفاء، وإن كانت الممارسة هي الأخرى أظهرت العديـد مـن العيوب التي تعتريها لاسيما تعرضها لمخاطر السرقة والضياع، مما دفع في البدايـة التجـار للبحث عن وسائل بديلة للتعامل، فظهرت الوسائل الحديث في التعامل من كمبيالة والشيك .

ومع الثورة المعلوماتية تم استحداث أفكار حديثة للوفاء كالنقـل الالكترونـي للأمـوال واستخدام البطائق البنكية أو ما يسمى بالبطاقة المغناطيسية وذلك تعزيزا لعامل السرعة ومـا يرتبه من توفير في الوقت والجهد، وهما عماد العمل التجاري بوجه عام والعمل البنكي بوجه خاص .

لكن بالرغم من التطور الذي عرفته وسائل الوفاء فإنه يبقى الوفاء النقدي الوسيلة الأبرز والمستعملة من قبل العامة، خاصة وأن أي ورقة أو قطعة نقدية لا تكون لها أي قيمة إبرائيـة إلا حينما تقرر الدولة ذلك، كما أنه يكفي أن تقوم السلطات العامة باتخاذ قرار مفاده تحييد أي أداة مالية حتى تفقد القيمة الإبرائية في المعاملات، إذ لا يمكن لأي شخص أن يلزم شخصـا.

ومن أمثلة ذلك عمل مكتـب الصـرف التـابع لـوزارة آخر بقبول عملة تم التخلي عنها الإقتصاد والمالية في بلاغ له صادر بتاريخ 20 نونبر 2017 علـى منـع التعامـل بـالنقود الإفتراضية "BITCOIN "وحذر المتعاملين بها بتطبيق العقوبات والغرامات المنصوص عليهـا في القوانين ذات الصلة لما في ذلك من مخالفة لقانون الصرف الجاري به العمل .

ويتميز الوفاء النقدي بمجموعة من الخصوصيات المستمدة من طبيعة النقود وتغير قيمتها هبوطا وارتفاعا الأمر الذي جعلها محلا للمضاربة من طرف الاشخاص.

الامر الذي يقتضي منا التطرق لآثار هذه التقلبات على تنفيذ الالتزامات خاصة إذا كان تاريخ ابرام العقد ليس هو تاريخ تنفيذه، إذ القاعدة هنا هي مبدأ القيمة الإسمية للنقود، حيث أن قيمة النقود تبقى واحـدة رغم مرور الزمن إذ أن درهم واحد يساوي درهم واحد في كل وقـت دون أن يخضـع لأي تغير حتى لو انخفضت القيمة النقدية، أو هو الثبات القانوني للعملة في الزمن بالرغم من عدم .

فانخفاظ القيمة النقدية للنقود يحصل نتيجة فقـدان قوتهـا الاستقرار الفعلي لقيمتها الحقيقية الشرائية الشيء الذي يترتب عنه فقدان التوازن.

فالقاعدة العامة كما قلنا هو مبدأ الإسمية حيث يلزم المدين بأداء ما التزم به في تـاريخ إبرام العقد بغض النظر عن تغير قيمة النقود من عدمه.

إلا أن لهذه القاعدة استثناءات يمكـن فيها للأطراف الإنفاق على مخالفتها وذلك باشتراط الأداء وفق القيمة السوقية للنقود وهو مـا يسمى بنظام المقايسة، ويجب أن يتم ذلك بشكل صريح على اعتبار أن الأصـل هـو مبـدأ الإسمية.

ويمكن تعريف المقايسة بأنها آلية تسمح بتصحيح النتائج المترتبة عن الالتزامـات التـي تتعرض لانخفاض نقدي مع مرور الوقت، وهي اشتراط يتوقع من خلاله وبوجه عـام أثنـاء إبرام العقد بأن هنا دين نقدي ينبغي أن يتغير تلقائيا وبشكل متناسب مع عنصر متفق عليه.

فمثلا إذا تم إبرام عقد بيع عقار محفظ بمبلغ 400 ألف درهم على أساس قيمة الدرهم في وقت إبرام العقد وتم الاتفاق على ربط الثمن بالتغييرات التي تطرأ على قيمة الدرهم، وكانـت القيمة السوقية للدرهم وقت تنفيذ العقد منخفضة فإن المبلغ الذي يؤديه المشتري يكون منخفضا مع نسبة الإنخفاظ الذي لحق العملة.

الفقرة الثانیة: إثبات الوفاء.

القاعدة العامة في هذا الإطار هو أن عبء إثبات الوفاء ملقى على عاتق المدين، بعد أن يثبت الدائن قيام التزام صحيح يجمع بينه وبين المـدين، وذلـك اسـتنادا للمـادة 400 مـن ق.

ل.

ع.

وهذا ما أكدت عليه محكمة النقض في قرار 25 بتـاريخ صادر لها2012/10/30 والذي جاء في إحدى حيثياته: "حيث إن المقرر في الفصل 400 مـن ق .

ل.

ع أن الـدائن إذا أثبت وجود الالتزام كان على من يدعي انقضاءه أو عدم نفاذه تجاهه أن يثبت ادعاءه.

" وتجدر الإشارة إلى أن إثبات الوفاء يخضع للقواعد العامة للإثبات والتـي تقـر حريـة إلا إذا أقر القانون شكلا معينا، وفي هذا الصدد تؤكد المـادة 443 27 الإثبات طبقا للمادة 401 على أن مبلغ الدين يتجاوز 10 ألاف درهم فإن إثباته لا يتم إلا بتحريرها كتابة بحجة رسـمية أو عرفية، وإذا اقتضى الحال ذلك أن تعد بشكل إلكتروني أ, توجه بطريقة إلكترونية.

ويستفاد من هذا الفصل أن مبلغ الدين كلما تجاوز 10 ألاف درهم إلا ويلزم لإثباته تقديم دليل كتابي، فلا يمكن كمبدإ إثباته بالشهادة أو القرائن رغم أنه يثبت بالإقرار كما يثبت باليمين بأنه: "حيث إن مـا أثيـر 28 الحاسمة حيث جاء في هذا السياق عن محكمة الاستئناف بالرباط بوجه الاستئناف وجيه، ذلك أنه بموجب المادة 443 من ق.

ل.

ع يتعين إثبات الاتفاق وغيـره من الأفعال القانونية التي من شأنها أن تنشأ التزامات تفوق 10 ألاف درهم كما هو الحال في النازلة بحجة موثقة.

.

.

".

أما إذا لم يكن محل الوفاء مبلغا من النقود كتقديم خدمة أو القيام بعمل أو الامتناع عـن عمل فإنه يمكن إثباتها بكافة الوسائل، ما لم يؤكد القانون على خلافه.

وهو الأمر نفسه في المادة التجارية حيث تؤكد المادة 334 من مدونة التجارة على أنه: "تخضع المادة التجارية لحرية الإثبات غير أنه يتعين الإثبات بالكتابـة إذا نـص القـانون أو الإتفاق على ذلك.

" وبالتالي فإن الوفاء بالالتزامات التجارية يمكن أن يـتم بمختلـف وسـائل الإثبات المتعارف عليها، إلا أنه إذا تجاوز مبلغ المعاملة بين التجار 10 ألاف درهم فيجب أن يتم ذلك بشيك مسطر أو بتحويل طبقا ل 306 من مدونة التجارة.

What's Your Reaction?

like
0
dislike
0
love
1
funny
0
angry
0
sad
0
wow
0